تِلكَ الطَبيعَةُ قِف بِنا يا ساري | |
|
| حَتّى أُريكَ بَديعَ صُنعِ الباري |
|
الأَرضُ حَولَكَ وَالسَماءُ اِهتَزَّتا | |
|
| لِرَوائِعِ الآياتِ وَالآثارِ |
|
مِن كُلِّ ناطِقَةِ الجَلالِ كَأَنَّها | |
|
| أُمُّ الكِتابِ عَلى لِسانِ القاري |
|
دَلَّت عَلى مَلِكِ المُلوكِ فَلَم تَدَع | |
|
| لِأَدِلَّةِ الفُقَهاءِ وَالأَحبارِ |
|
مَن شَكَّ فيهِ فَنَظرَةٌ في صُنعِهِ | |
|
| تَمحو أَثيمَ الشَكِّ وَالإِنكارِ |
|
كَشَفَ الغَطاءُ عَنِ الطُرولِ وَأَشرَقَت | |
|
| مِنهُ الطَبيعَةُ غَيرَ ذاتِ سِتارِ |
|
شَبَّهتُها بَلقيسَ فَوقَ سَريرِها | |
|
| في نَضرَةٍ وَمَواكِبٍ وَجَواري |
|
أَو بِاِبنِ داوُدٍ وَواسِعِ مُلكِهِ | |
|
| وَمَعالِمٍ لِلعِزِّ فيهِ كِبارِ |
|
هوجُ الرِياحِ خَواشِعٌ في بابِهِ | |
|
| وَالطَيرُ فيهِ نَواكِسُ المِنقارِ |
|
قامَت عَلى ضاحي الجِنانِ كَأَنَّها | |
|
| رَضوانُ يُزجي الخُلدُ لِلأَبرارِ |
|
كَم في الخَمائِلِ وَهيَ بَعضُ إِمائِها | |
|
| مِن ذاتِ خِلخالٍ وَذاتِ سِوارِ |
|
وَحَسيرَةٍ عَنها الثِيابُ وَبَضَّةٍ | |
|
| في الناعِماتِ تَجُرُّ فَضلَ إِزارِ |
|
وَضَحوكِ سِنٍّ تَملَأُ الدُنيا سَنىً | |
|
| وَغَريقَةٍ في دَمعِها المِدرارِ |
|
وَوَحيدَةٍ بِالنَجدِ تَشكو وَحشَةً | |
|
| وَكَثيرَةِ الأَترابِ بِالأَغوارِ |
|
وَلَقَد تَمُرُّ عَلى الغَديرِ تَخالُهُ | |
|
| وَالنَبتُ مِرآةً زَهَت بِإِطارِ |
|
حُلوُ التَسَلسُلِ مَوجُهُ وَجَريرُهُ | |
|
| كَأَنامِلٍ مَرَّت عَلى أَوتارِ |
|
مَدَّت سَواعِدُ مائِهِ وَتَأَلَّقَت | |
|
| فيها الجَواهِرُ مِن حَصىً وَجِمارِ |
|
يَنسابُ في مُخضَلَّةٍ مُبتَلَّةٍ | |
|
| مَنسوجَةٍ مِن سُندُسٍ وَنُضارِ |
|
زَهراءَ عَونِ العاشِقينَ عَلى الهَوى | |
|
| مُختارَةِ الشُعَراءِ في آذارِ |
|
قامَ الجَليدُ بِها وَسالَ كَأَنَّهُ | |
|
| دَمعُ الصَبابَةِ بَلَّ غُضنَ عَذارِ |
|
وَتَرى السَماءَ ضُحىً وَفي جُنحِ الدُجى | |
|
| مُنشَقَّةً مِن أَنهُرٍ وَبِحارِ |
|
في كُلِّ ناحِيَةٍ سَلَكتَ وَمَذهَبٍ | |
|
| جَبَلانِ مِن صَخرٍ وَماءٍ جاري |
|
مِن كُلِّ مُنهَمِرِ الجَوانِبِ وَالذُرى | |
|
| غَمرِ الحَضيضِ مُحَلَّلٍ بِوَقارِ |
|
عَقَدَ الضَريبُ لَهُ عَمامَةَ فارِعٍ | |
|
| جَمِّ المَهابَةِ مِن شُيوخِ نِزارِ |
|
وَمُكَذِّبٍ بِالجِنِّ ريعَ لِصَوتِها | |
|
| في الماءِ مُنحَدِراً وَفي التَيّارِ |
|
مَلَأَ الفَضاءَ عَلى المَسامِعِ ضَجَّةً | |
|
| فَكَأَنَّما مَلَأَ الجِهاتِ ضَواري |
|
وَكَأَنَّما طوفانُ نوحٍ ما نَرى | |
|
| وَالفُلكُ قَد مُسِخَت حَثيثَ قِطارِ |
|
يَجري عَلى مَثَلِ الصِراطِ وَتارَةً | |
|
| ما بَينَ هاوِيَةٍ وَجُرفٍ هاري |
|
جابَ المَمالِكَ حَزنَها وَسُهولَها | |
|
| وَطَوى شِعابَ الصِربِ وَالبُلغارِ |
|
حَتّى رَمى بِرِحالِنا وَرَجائِنا | |
|
| في ساحِ مَأمولٍ عَزيزِ الجارِ |
|
مَلِكٌ بِمَفرَقِهِ إِذا اِستَقبَلتَهُ | |
|
| تاجانِ تاجُ هُدىً وَتاجُ فَخارِ |
|
سَكَنَ الثُرَيّا مُستَقَرَّ جَلالِهِ | |
|
| وَمَشَت مَكارِمُهُ إِلى الأَمصارِ |
|
فَالشَرقُ يُسقى ديمَةً بِيَمينِهِ | |
|
| وَالغَربُ تُمطِرُهُ غُيوثُ يَسارِ |
|
وَمَدائِنُ البَرَّينِ في إِعظامِهِ | |
|
| وَعَوالِمُ البَحرَينِ في الإِكبارِ |
|
اللَهُ أَيَّدَهُ بِآسادِ الشَرى | |
|
| في صورَةِ المُتَدَجِّجِ الجَرّارِ |
|
الصاعِدينَ إِلى العَدُوِّ عَلى الظُبى | |
|
| النازِلينَ عَلى القَنا الخَطّارِ |
|
المُشتَرينَ اللَهَ بِالأَبناءِ وَال | |
|
| أَزواجِ وَالأَموالِ وَالأَعمارِ |
|
القائِمينَ عَلى لِواءِ نَبِيِّهِ | |
|
| المُنزَلينَ مَنازِلَ الأَنصارِ |
|
يا عَرشَ قُسطَنطينَ نِلتَ مَكانَةً | |
|
| لَم تُعطَها في سالِفِ الأَعصارِ |
|
شُرِّفتَ بِالصَديقِ وَالفاروقِ بَل | |
|
| بِالأَقرَبِ الأَدنى مِنَ المُختارِ |
|
حامي الخِلافَةِ مَجدِها وَكِيانِها | |
|
| بِالرَأيِ آوِنَةً وَبِالبَتّارِ |
|
تاهَت فُروقُ عَلى العَواصِمِ وَاِزدَهَت | |
|
| بِجُلوسِ أَصيَدَ باذِخِ المِقدارِ |
|
جَمِّ الجَلالِ كَأَنَّما كُرسِيُّهُ | |
|
| جُزءٌ مِنَ الكُرسِيِّ ذي الأَنوارِ |
|
أَخَذَت عَلى البوسفورِ زُخرُفَها دُجىً | |
|
| وَتَلَألَأَت كَمَنازِلِ الأَقمارِ |
|
فَالبَدرُ يَنظُرُ مِن نَوافِذِ مَنزِلٍ | |
|
| وَالشَمسُ ثَمَّ مُطِلَّةٌ مِن دارِ |
|
وَكَواكِبُ الجَوزاءِ تَخطُرُ في الرُبى | |
|
| وَالنَسرُ مَطلَعُهُ مِنَ الأَشجارِ |
|
وَاِسمُ الخَليفَةِ في الجِهاتِ مُنَوِّرٌ | |
|
| تَبدو السَبيلُ بِهِ وَيَهدي الساري |
|
كَتَبوهُ في شُرَفِ القُصورِ وَطالَما | |
|
| كَتَبوهُ في الأَسماعِ وَالأَبصارِ |
|
يا واحِدَ الإِسلامِ غَيرَ مُدافِعٍ | |
|
| أَنا في زَمانِكَ واحِدُ الأَشعارِ |
|
لي في ثَنائِكَ وَهوَ باقٍ خالِدٌ | |
|
| شَعرٌ عَلى الشِعرى المَنيعَةِ زاري |
|
أَخلَصتُ حُبّي في الإِمامِ دِيانَةً | |
|
| وَجَعَلتُهُ حَتّى المَماتِ شِعاري |
|
لَم أَلتَمِس عَرضَ الحَياةِ وَإِنَّما | |
|
| أَقرَضتُهُ في اللَهِ وَالمُختارِ |
|
إِنَّ الصَنيعَةَ لا تَكونُ كَريمَةً | |
|
| حَتّى تُقَلِّدُها كَريمَ نِجارِ |
|
وَالحُبُّ لَيسَ بِصادِقٍ ما لَم تَكُن | |
|
| حَسَنَ التَكَرُّمِ فيهِ وَالإيثارِ |
|
وَالشِعرُ إِنجيلٌ إِذا اِستَعمَلتَهُ | |
|
| في نَشرِ مَكرُمَةٍ وَسَترِ عَوارِ |
|
وَثَنَيتَ عَن كَدَرِ الحِياضِ عِنانَهُ | |
|
| إِنَّ الأَديبَ مُسامِحٌ وَمُداري |
|
عِندَ العَواهِلِ مِن سِياسَةِ دَهرِهِم | |
|
| سِرٌّ وَعِندَكَ سائِرُ الأَسرارِ |
|
هَذا مُقامٌ أَنتَ فيهِ مُحَمَّدٌ | |
|
| أَعداءُ ذاتِكَ فِرقَةٌ في النارِ |
|
إِنَّ الهِلالَ وَأَنتَ وَحدَكَ كَهفُهُ | |
|
| بَينَ المَعاقِلِ مِنكَ وَالأَسوارِ |
|
لَم يَبقَ غَيرُكَ مَن يَقولُ أَصونُهُ | |
|
| صُنهُ بِحَولِ الواحِدِ القَهّارِ |
|