مُنىً كُنَّ لي أَنَّ البَياضَ خِضابُ | |
|
| فَيَخفى بِتَبيِيضِ القُرونِ شَبابُ |
|
لَيالِيَ عِندَ البيضِ فَودايَ فِتنَةٌ | |
|
| وَفَخرٌ وَذاكَ الفَخرُ عِندِيَ عابُ |
|
فَكَيفَ أَذُمُّ اليَومَ ما كُنتُ أَشتَهي | |
|
| وَأَدعو بِما أَشكوهُ حينَ أُجابُ |
|
جَلا اللَونُ عَن لَونٍ هَدى كُلَّ مَسلَكٍ | |
|
| كَما انجابَ عَن ضَوءِ النَهارِ ضَبابُ |
|
وَفي الجِسمِ نَفسٌ لا تَشيبُ بِشَيبِهِ | |
|
| وَلَو أَنَّ ما في الوَجهِ مِنهُ حِرابُ |
|
لَها ظُفُرٌ إِنْ كَلَّ ظُفرٌ أُعِدُّهُ | |
|
| وَنابٌ إِذا لَم يَبقَ في الفَمِ نابُ |
|
يُغَيِّرُ مِنّي الدَهرُ ما شاءَ غَيرَها | |
|
| وَأَبلُغُ أَقصى العُمرِ وَهِيَ كَعابُ |
|
وَإِنّي لَنَجمٌ تَهتَدي بِيَ صُحبَتي | |
|
| إِذا حالَ مِن دونِ النُجومِ سَحابُ |
|
غَنِيٌّ عَنِ الأَوطانِ لا يَستَفِزُّني | |
|
| إِلى بَلَدٍ سافَرتُ عَنهُ إِيابُ |
|
وَعَن ذَمَلانِ العيسِ إِنْ سامَحَتْ بِهِ | |
|
| وَإِلّا فَفي أَكوارِهِنَّ عُقابُ |
|
وَأَصدى فَلا أُبدي إِلى الماءِ حاجَةً | |
|
| وَلِلشَمسِ فَوقَ اليَعمُلاتِ لُعابُ |
|
وَلِلسِرِّ مِنّي مَوضِعٌ لا يَنالُهُ | |
|
| نَديمٌ وَلا يُفضي إِلَيهِ شَرابُ |
|
وَلِلخَودِ مِنّي ساعَةٌ ثُمَّ بَينَنا | |
|
| فَلاةٌ إِلى غَيرِ اللِقاءِ تُجابُ |
|
وَما العِشقُ إِلّا غِرَّةٌ وَطَماعَةٌ | |
|
| يُعَرِّضُ قَلبٌ نَفسَهُ فَيُصابُ |
|
وَغَيرُ فُؤادي لِلغَواني رَمِيَّةٌ | |
|
| وَغَيرُ بَناني لِلزُجاجِ رِكابُ |
|
تَرَكنا لِأَطرافِ القَنا كُلَّ شَهوَةٍ | |
|
| فَلَيسَ لَنا إِلّا بِهِنَّ لِعابُ |
|
نُصَرِّفُهُ لِلطَعنِ فَوقَ حَواذرٍ | |
|
| قَدِ انقَصَفَت فيهِنَّ مِنهُ كِعابُ |
|
أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنى سَرجُ سابِحٍ | |
|
| وَخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كِتابُ |
|
وَبَحرٌ أَبو المِسكِ الخِضَمُّ الَّذي لَهُ | |
|
| عَلى كُلِّ بَحرٍ زَخرَةٌ وَعُبابُ |
|
تَجاوَزَ قَدرَ المَدحِ حَتّى كَأَنَّهُ | |
|
| بِأَحسَنِ ما يُثنى عَلَيهِ يُعابُ |
|
وَغالَبَهُ الأَعداءُ ثُمَّ عَنَوا لَهُ | |
|
| كَما غالَبَت بيضَ السُيوفِ رِقابُ |
|
وَأَكثَرُ ما تَلقى أَبا المِسكِ بِذلَةً | |
|
| إِذا لَم تَصُن إِلّا الحَديدَ ثِيابُ |
|
وَأَوسَعُ ما تَلقاهُ صَدرًا وَخَلفَهُ | |
|
| رِماءٌ وَطَعنٌ وَالأَمامَ ضِرابُ |
|
وَأَنفَذُ ما تَلقاهُ حُكمًا إِذا قَضى | |
|
| قَضاءً مُلوكُ الأَرضِ مِنهُ غِضابُ |
|
يَقودُ إِلَيهِ طاعَةَ الناسِ فَضلُهُ | |
|
| وَلَو لَم يَقُدها نائِلٌ وَعِقابُ |
|
أَيا أَسَدًا في جِسمِهِ روحُ ضَيغَمٍ | |
|
| وَكَم أُسُدٍ أَرواحُهُنَّ كِلابُ |
|
وَيا آخِذًا مِن دَهرِهِ حَقَّ نَفسِهِ | |
|
| وَمِثلُكَ يُعطى حَقَّهُ وَيُهابُ |
|
لَنا عِندَ هَذا الدَهرِ حَقٌّ يَلُطُّهُ | |
|
| وَقَد قَلَّ إِعتابٌ وَطالَ عِتابُ |
|
وَقَد تُحدِثُ الأَيّامُ عِندَكَ شيمَةً | |
|
| وَتَنعَمِرُ الأَوقاتُ وَهِيَ يَبابُ |
|
وَلا مُلكَ إِلّا أَنتَ وَالمُلكُ فَضلَةٌ | |
|
| كَأَنَّكَ نَصْلٌ فيهِ وَهُوَ قِرابُ |
|
أَرى لي بِقُربي مِنكَ عَينًا قَريرَةً | |
|
| وَإِن كانَ قُربًا بِالبِعادِ يُشابُ |
|
وَهَل نافِعي أَن تُرفَعَ الحُجبُ بَينَنا | |
|
| وَدونَ الَّذي أَمَّلتُ مِنكَ حِجابُ |
|
أُقِلُّ سَلامي حُبَّ ما خَفَّ عَنكُمُ | |
|
| وَأَسكُتُ كَيما لا يَكونَ جَوابُ |
|
وَفي النَفسِ حاجاتٌ وَفيكَ فَطانَةٌ | |
|
| سُكوتي بَيانٌ عِندَها وَخِطابُ |
|
وَما أَنا بِالباغي عَلى الحُبِّ رِشوَةً | |
|
| ضَعيفٌ هَوىً يُبغى عَلَيهِ ثَوابُ |
|
وَما شِئتُ إِلّا أَن أَدُلَّ عَواذِلي | |
|
| عَلى أَنَّ رَأيِي في هَواكَ صَوابُ |
|
وَأُعلِمَ قَومًا خالَفوني فَشَرَّقوا | |
|
| وَغَرَّبتُ أَنّي قَد ظَفِرتُ وَخابوا |
|
جَرى الخُلفُ إِلّا فيكَ أَنَّكَ واحِدٌ | |
|
| وَأَنَّكَ لَيثٌ وَالمُلوكُ ذِئابُ |
|
وَأَنَّكَ إِن قُويِستَ صَحَّفَ قارِئٌ | |
|
| ذِئابًا وَلَم يُخطِئ فَقالَ ذُبابُ |
|
وَإِنَّ مَديحَ الناسِ حَقٌّ وَباطِلٌ | |
|
| وَمَدحُكَ حَقٌّ لَيسَ فيهِ كِذابُ |
|
إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالمالُ هَيِّنٌ | |
|
| وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابُ |
|
وَما كُنتُ لَولا أَنتَ إِلّا مُهاجِرًا | |
|
| لَهُ كُلَّ يَومٍ بَلدَةٌ وَصِحابُ |
|
وَلَكِنَّكَ الدُنيا إِلَيَّ حَبيبَةً | |
|
| فَما عَنكَ لي إِلّا إِلَيكَ ذَهابُ |
|