إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
نَاشِيدٌ تَقتَرِحُ الوَطَنَ |
المدخل: |
صرخةٌ بين بغدادَ وغَزّةَ |
وَجْهُ الحَنِينِ شِراعٌ تَائِهٌ أفَلا |
وَقَلْبيَ الطِّفْلُ فِي أكمامِهِ ذَبُلا |
وَجْهُ الحَنِينِ بِلادي.. دَمْعُ قَافِيَتِي |
وَصَوْتُ نَهْرٍ يَتِيْمٍ خَلْفِيَ اشْتَعَلا |
كَانَ الصَّباحُ صَدِيْقِي وَالنَّدى رِئَتِي |
كَم خَبَّأَ الغَيْمُ في أحداقِهِ المقَلا |
وَكُنْتُ أنْثُرُ شَدوَ الأرضِ أَخْيِلَةً |
بِذارُ حُبٍّ علَى آفاقِهَا غُزِلا |
وَكُنْتُ عِيْداً سَمَاويَّاً وَأغْنِيَةً |
لِلعاشِقينَ وَنايَاً دَافِئَاً ثَمِلاُ |
كُنْتُ البلادَ الَّتِي تَاهَتْ مُحلّقَةً |
بِالأمْنِيَاتِ وَكُنْتُ العاشِقَ البَطَلا |
وَالآنَ لا عِيْدَ في عُمْرِي يُهَدْهِدُني |
تَحَالَفَ الموتُ ضِدَّ الوَردِ وَاحْتَفَلا |
قُولُوالِغَزّةَ دَمعُ اللهِ في حَدَقي |
وإنْ بَكَيْتُ سَمَائِي أمْطَرَتْ شُعَلا |
لا نَخْلَةَ الدارِ لا بَغْدادُ زَائِلَةٌ |
وَلا العِرَاقُ الَّذي في نَزْفِهِ اغْتَسَلا |
وَالخَائِنُونَ نَدامَى المكْرِ قَد خَسِرُوا |
وَظَلَّ صَوْتيَ فَجراً مِنْ دَمِي اكْتَحَلا |
القصيدة |
لِلوقْتِ أسئلةٌ تَلَعْثَمَ في أقاصِيْها النَّشِيدْ |
وَالدَّارُ وَالأشْجَارُ وَالجارُ البَعيدْ |
حتَّى المدِينَةُ كَالغُيُومِ شَريْدةٌ |
وَأنتَ وَجهُ مَدِينَةٍ تَعِبٌ شريدْ |
فَالكُلُّ مُشْتَاقٌ إلَيكْ |
وَقُلُوبُنا تَخْتَالُ راجفَةً لَدَيْكْ |
وَالرُّوحُ يَخذِلُها الطَّريقْ |
كَحَمامَةٍ نَاحَتْ عَلَيكَ تُسلِّمُ |
لمّا بَسَمْتَ إلى العِراقِ.. بَسَمَتْ بِوَجهي الأنْجُمُ |
الشّارعُ المكتَضُّ بِالألحانْ |
كَفَرحةِ الأطفَالِ بِالألْوانْ |
يَا بَلْسَمَ الأشواقِ قَلبُكَ كَعْبَةٌ |
سَنَطُوفُ بِاسْمِ الحُبِّ أفْواجاً عَلَيكْ |
لِنُلَبِّيَنَّ هِيامَنا.. وَنُعانِقُ الوَجْدَ الطَّهُورْ |
وَنُوزّعُ الحَلْوى علَى كُلِّ الحُضُورْ |
وَنُعيدُ أجملَ آيتينِ علَى مَسامِعِ حَاسِدِيْكْ |
فَالآيةُ الأولى: عِراقْ |
والآيةُ الأُخْرى: عِراقْ |
حَصَّنْتُ إسمَكَ بالعراقْ |
وَبَالوُرُوْدِ تَدورُ حَولَكَ مِثْلَما دارَ النِّطاقْ |
قُولُوالِبُهُرِزَ إنَّ قلبيَ |
مُشْرَعٌ لِلمَوتِ |
مَطْعُونٌ بالآفِ الخَنَاجِرْ |
فَأدِيبُ عنّا قدْ رَحَلْ |
وَجَدّتي رَحَلَتْ علَى كَتِفِ الملائِكِ وَالأزاهِرْ |
وَأنا رَحَلْتُ عَنِ المدِينَةِ عِنْدما ذَبُلَ الوَفَاءْ |
فَالكُلُّ مَصْلُوبٌ بِخَيْطِ الصَّبرِ يَجْلِدُهُ البُكاءْ |
سَلِّمْ علَى بَغدادَ كَرْخاً وَالرّصَافَةْ |
سَلِّمْ علَى الجِسْر الَّذِي يَشْكُو ارْتِجَافَهْ |
سَلِّمْ علَى النَّهرِ الحَزينْ |
وَعَلَى النِّساءِ نَزَفْنَ دَمْعاَ فَوقَ خَدَّ الياسَمِينْ |
سَلِّمْ علَى شَمسِ الصَّباحْ |
فَالشَّمسُ فِي بَعْقُوبَتِي أحْلى مِنَ الشَّمسِ الغَرِيْبَةْ |
سَلِّمْ عَلى أُمِّي الَّتي جَفّتْ مَآقِيْها السَّكِيْبَةْ |
سَلِّمْ علَى العُشّاقِ وَالفُقَراءِ وَالأُدَباءِ وَالذِّكْرى الحَبِيْبَةْ |
سَلِّمْ علَى صَوتِ الأَذانِ بِجامِعِ الفَارُوقِ يَحْتَضِنُ السَّماءْ |
سَلِّمْ علَى عَبدِ الكَريمِ.. مَنارةِ العُلَماءِ.. ظلِّ الأنْبِيَاءْ |
وَمَآذنِ المدَنِي ال تَوَضّاَ مِن تَلألُئِها الضِّياءْ |
سَلِّمْ علَى بَيْتِ الصِّبَا |
وَعَلَى خُطَى أُمِّي الَّتي صَارَتْ أبا |
سَلِّمْ علَى مَحْبُوبَتِي وَشَرائِطِ الحُبِّ الملَوَّنْ |
وَعَلَى زَمَانٍ حَالِمٍ بِالشَّوكِ وَالبَلْوى تَكَفّنْ |
سَلِّمْ علَى كُلِّيَّتِي الأحْلَى |
وَقَبِّلْ كَفَّ أُستَاذِي الحَصِيْفْ |
وَعَلَى خريسَانٍ تَدَفَّقَ مِلءَ جُرفَيهِ النَّزيفْ |
سَلِّمْ علَى كُلّ البَسَاتِينِ السَّجينَةِ خَلفَ أسلاكِ الذُّهُولْ |
وَعَلَى المسَاجِدِ وَالكَنَائِسِ وَالمدَارِسِ وَالحَدائِقِ وَالحُقُولْ |
سَلِّمْ علَى السُّوقِ القَدِيمِ عَلَى السَّراي |
وَعَلَى عَصافِيرٍ الهَوَى حَيْرى وَيَخْنُقُها الذُّبُولْ |
سَلِّمْ علَى عَبَقِ الضِّفافِ وَقُلْ لها: |
أنا لَم أخَفْ يَوماً مِنَ الموتِ الرَّهِيْبْ |
أ رأيْتِ مَجْنُوناً يَخَافْ |
أدري بِأنَّ الصَّوتَ مُلتَفٌ بِأسرارِ الحَناجِرْ |
أدري بِأنّ الشِّعرَ مِفْتَاحُ الأماني حِينَ تَشْكُمُها المخَاطِرْ |
أدري بِأنَّ حِبيْبتي سَقَطَتْ شَهِيْدةْ |
وَأنا بِحُضْنِ الغُرْبةِ الصَّمّاءِ وَالجُزُرِ البَعِيدَةْ |
أدري بِأنَّ أمِيرَتِي بَغْدادُ مَا زَالَتْ عَنِيْدَةْ |
وَأنا أمِيرٌ هَارِبٌ بِالحُبّ قَد قَطَعُوا وَرِيْدَهْ |
جَاءَ الغُزاةُ وَظِلُّهُمُ مَوتٌ مُعَلّبْ |
وَاخْتَرْتُ دَرباً لِلْهَوى فَالأرْضُ وَاسِعَةٌ وَهذا القَلبُ كَوْكَبْ |
أمْضِي وَتَحرسُني الحُرُوفُ وَحضنُها الألِقِ المُذَهَّبْ |
أمْضي علَى حَدِّ السُّيُوفِ وَصَوتِ قَافِيَتي المعُذَّبْ |
كَم خِفْتُ يَوماً أنْ أرى عُصْفُورَتِي مَذْبُوحَةً فِيْها السَّعادةْ |
وَمَواسِمِي زَرعٌ تَآكَلَهُ الجَرادْ |
وَالعُمرُ مَا يَدري حَصادَه |
فَتَغُورُ صَامِتَةً حُرُوفي في فَمِي |
وَعَلَى الجِراحِ صَدى نَشِيْجٍ أرتَمِي |
فَالأهلُ فِيْما بَيْنَهُمْ يَتَنَاحَرُونْ |
وَالفِتْنةُ الرَّعْناءُ تَركُضُ في الشَّوارعِ وَالْتِفَاتَاتِ العُيُونْ |
وَالدمُّ سَالَ |
علَى الشَّواهِدِ وَالسَّواقِي وَالغُصُونْ |
أنَّى يُكابِرُ عاشِقٌ ؟ |
وَالحَربُ تَقتُلُ لَهفَةً خَضْراءَ سَاكِنَةً فُؤادَه |
مَاذا وَكُلُّ الحاقِدِينْ..؟ |
جَاؤوا لِيغْتالوا بِلادَه |
رَكبُوا علَى ظَهْرِ الغَمَامْ |
ذَبَحُوا علَى صَدرِ الصَّباحَاتِ اليَمامْ |
لا شَيء يا مَحبُوبَتي غَيرُ الظَّلامْ |
لا شَيءَ غَيرُ الخَوفِ يَفْتَضُّ الوِئامْ |
سَلِّمْ علَى وَطَني الغَرِيبِ |
مِنَ الشّمالِ إلى الجَنُوبِ |
وَفي الشُّروقِ وَفي الغُرُوبِ |
سَلِّمْ على كُلِّ العِراقْ: |
إنّ العِراقَ هُوَ السَّلامْ |