كُفَّ النُواحَ فَقَد أَثَرتَ تَوَجُّعي | |
|
| إِنَّ الَّذي أَشجاكَ مَزَّقَ أَضلُعي |
|
يا نائِحاً في الدَوحٍ يَندُبُ حَظَّهُ | |
|
| دَع عَنكَ لَحنَ اليَأسِ وَاِهجُرهُ مَعي |
|
قَلبي كَقَلبِكَ موجَعٌ مُتَأَلِّمٌ | |
|
| أَعجِب بِقَلبي الضاحِكِ المُتَوَجِّعِ |
|
لَكَ يا هَزارُ بِما أُكَتِّمُ أُسوَةٌ | |
|
| فَاِصدَح عَلى فَنَنِ الأَراكَةِ وَاِسجَعِ |
|
كُفَّ البُكاءَ وَدَع أَناشيدَ الأَسى | |
|
| لا أَنتَ في قَفَصٍ وَلا في بَلقَعِ |
|
وَاِرقُص عَلى الغُصنِ النَضيرِ مُرَجِّعاً | |
|
| في كُلِّ مُؤنِقَةٍ وَرَوضٍ مُمرَعِ |
|
فَعَلامَ تَبكي فَوقَ أَشواكِ الرُبى | |
|
| بَينَ الطُلولِ وَدارِساتِ الأَربُعِ |
|
وَأَمامَكَ المَرجُ الخَصيبُ وَدونَكَ الر | |
|
| رَوضُ القَشيبُ وَصافِياتُ الأَنبُعِ |
|
وَحِيالَكَ الآمالُ مَلأى بِالمُنى | |
|
| وَتِجاهَكَ الأُفقُ الرَحيبُ المَرتَعِ |
|
لَكَ مَنزِلٌ في الدَوحِ لَو أُنزِلتُهُ | |
|
| لِأُديلَ مِن حُزني وَزالَ تَفَجُّعي |
|
ناءٍ عَنِ الظُلمِ المهينِ مَكانَةً | |
|
| مُخضَوضَرُ الشُرُفاتِ حُلوُ المَوقِعِ |
|
بَسَمَت لَكَ الدُنيا فَما لَكَ عابِساً | |
|
| وَتَجَهَّمَت لي فَاِبتَسَمتُ لِمَصرَعي |
|
أَشجاكَ أَنَّكَ قَد شُغِفتَ بَوَردَةٍ | |
|
| غَذَّيتَها بِفُؤادِكَ المُتَقَطِّعِ |
|
وَسَقَيتَها ماءَ الشُؤونِ فَأَينَعَت | |
|
| بَينَ الوُرودِ وَلَيتَها لَم تَينَعِ |
|
وَتَفَتَّحَت أَكمامُها وَتَرَعرَعَت | |
|
| في الرَوضَةِ الغَنّاءِ أَيَّ تَرَعرُعِ |
|
وَكَأَنَّما اِغتَرَّت بِفاتِنِ حُسنِها | |
|
| فَمَضَت تَتيهُ بِهِ بِغَيرِ تَوَرُّعِ |
|
وَالحُسنُ كانَ وَلا يَزالُ وَسيمُهُ | |
|
| شَرَكَ القُلوبِ وَقِبلَةَ المُتَطَلِّعِ |
|
وَتَلاعَبَت فيها الأَكُفُّ وَدُنِّسَت | |
|
| بِأَصابِعٍ شَتّى وَأَيدٍ قُطَّعِ |
|
وَاِستَنفَرَت لَمّا رَأَتكَ وَقَد أَتى | |
|
| زَمَنُ الحَصادِ وَآذَنَت بِتَمَنُّعِ |
|
فَاِقلِب لَها ظَهرَ المِجَنِّ فَلَيسَ في | |
|
| أَكمامِها لِلحُرِّ أَدنى مَطمَعِ |
|
وَاِربَأ بِنَفسِكَ أَن تَكونَ ذَليلَةً | |
|
| فَالوردُ مِلءُ الرَوضِ فَاِختَر وَاِقطَعِ |
|
وَاِملَأ سَماءَ الشِعرِ أَلحاناً وَلا | |
|
| تَكُ في وُجومِكَ كَالغُرابِ الأَسفَعِ |
|
يَكفيكَ أَنَّكَ كُنتَ أَوَّلَ ناشِقٍ | |
|
| دونَ الطُيورِ لِعَرفِها المُتَضَوِّعِ |
|
يَكفيكَ أَنَّكَ قَد رَشَفتَ رُضابَها | |
|
| فَاِترُك بَقاياها لِغَيرِكَ وَاِقنَعِ |
|
دَعها لِسافِلَةِ الطُيورِ غَنيمَةً | |
|
| وَاِنشُد سِواها في مَكانٍ أرفَعِ |
|
في مَوضِعٍ أَقوى الفَسادُ عِراصَهُ | |
|
| وا رَوعَتاهُ لِطُهرِ ذاكَ المَوضِعِ |
|
وَإِذا ظَمِئتَ وَلَم تَجِد لَكَ مَنهَلاً | |
|
| عَذبَ المِياهِ كَصافِياتِ الأَدمُعِ |
|
فَاِطوِ الضُلوعَ عَلى الصَدى أَو مُت بِهِ | |
|
| حُرّاً أَبِيَّ النَفسِ غَيرَ مُرَوَّعِ |
|
لَلمَوتُ خَيرٌ مِن ورودِكَ مَورِداً | |
|
| وَلَغَ الكِلابُ بِمائِهِ المُتَجَمِّعِ |
|
مَن كانَ لا يَرضى المَجَرَّةَ مَشرَباً | |
|
| هَيهاتَ يَغشى كدرَةَ المُستَنقَعِ |
|
وَمَغيظَةٍ أَنحَت عَلَيَّ بِلَومِها | |
|
| راحَت تَصُبُّ عِتابَها في مَسمَعي |
|
قالَت وَما كَذَبَت أَراكَ سَلَوتَنا | |
|
| وَدَنَت تُعانِقُني فَقُلتُ لَها اِرجعي |
|
فَتَحَيَّرَت مِمّا رَأَتهُ وَهالَها | |
|
| أَلّا أُطاوِعَها عَلى ما تَدَّعي |
|
قالَت أَتَذكُرُ حينَ كُنتَ مُتَيَّماً | |
|
| تَشكو لَهيبَ فُؤادِكَ المُتَصَدِّعِ |
|
وَتَروحُ تُقسِمُ أَن تَصونَ عُهودَنا | |
|
| فَعَلامَ خُنتَ إِذَن أَجِب أَفَلا تَعي |
|
فَأَجَبتُها قَد كانَ ذَلِكَ وَالهَوى | |
|
| عَفٌّ وَثَوبُ الطهرِ غَيرُ مُرَقَّعِ |
|
أَغراكِ أَنّي شاعِرٌ مُتَعَبِّدٌ | |
|
| لِلحُسنِ أَرعاهُ بِقَلبٍ موجَعِ |
|
أَهوى نَعَم أَهوى الجَمالَ مُبَرقَعاً | |
|
| بِالطُهرِ لا أَهواهُ غَيرَ مُبَرقَعِ |
|
أَهوى الجَمالَ عَفيفَهُ وَبَعيدَهُ | |
|
| عَن كُلِّ شائِنَةٍ وَفُحشٍ مُقذِعِ |
|
وَلَقَد أَعافُ الشَيءَ مَعَ أَنّي بِهِ | |
|
| كَلِفٌ شَديدُ الوَجدِ صَعبُ المَنزَعِ |
|
وَأَعودُ عَنهُ وَمِلءُ نَفسي شَهوَةٌ | |
|
| وَكَما عَلِمتِ تَعَفُّفي وَتَرَفُّعي |
|
كَم مَنهَلٍ يَمَّمتُهُ مُتَجَرِّعاً | |
|
| سَقَطَ الذُبابُ بِهِ فَلَم أَتَجَرَّعِ |
|
قَد كانَ حُسنُكِ قَبل ذَلِكَ مُلهِمي | |
|
| وَاليَومَ باتَ وَقَد تَدَنَّسَ مفزِعي |
|
عودي إِلى ما كُنتِهِ مِن عِفَّةٍ | |
|
| أَو فَاِترُكيني لا تُقِضّي مَضجَعي |
|
وَدَعي التَصَنُّعَ بِالغَرامِ فَما أَنا | |
|
| مِمَّن يُبالي بِالهَوى المُتَصَنَّعِ |
|
إِن تَبتَغي وَصلاً فَلَستُ بِمُبتَغٍ | |
|
| أَو تُزمِعي صُلحاً فَلَستُ بِمُزمعِ |
|
أَو كُنتِ مولَعَةً وَأَنتِ كَما أرى | |
|
| تَبغينَ تَضليلي فَلَستُ بِمولَعِ |
|