قِف بالطُّلولِ ورَوِّها بالأَدمُعِ | |
|
| وقُلِ العَفا بعدَ العَفا للأَربُعِ |
|
واترُك فُؤادَك يَلتظي حَيثُ الأسى | |
|
| بَينَ الجَوانِحِ في حَشاً متصدعِ |
|
فالخَطبُ عَمّ وهذه أرزَاؤُه | |
|
| غَشَتِ البلادَ بما بها من موجعِ |
|
أوَمَا مَرَرتَ من العلوم وخِلتَها | |
|
| لِفراقِ مَن تَهوى بأمرٍ مفظعِ |
|
أو ما رأيتَ لَدُن دَرَيتَ لِحَالِها | |
|
| حي الفؤاد بهيئةِ المُتَفَجِّعِ |
|
إذ بَانَ من تَهوى وأوهى رُكنَها | |
|
| بينٌ يقولُ لِطَرفِها لا تَهجَعِ |
|
قد مَات حَبرُ العِلمِ إِنسانُ العُلا | |
|
| بَحرُ المعارِفِ خَيرُ شَيخٍ أورَعِ |
|
بَحرُ العُلومِ أخو الديانةِ والتُّقى | |
|
| كَهفُ الأَرامِلِ واليَتَامى الرُّضعِ |
|
الشَّيخُ إِبراهيم يَنبُوعُ الهُدى | |
|
| ذو المَكرُمَات وذُو المَقام الأَرفعِ |
|
هو ابنُ جَاسرٍ الهُمامُ المُرتَضى | |
|
| طَودُ الشَّريعةِ ذو العلوم النُّفَّعِ |
|
العابدُ الأوّاهُ مصباحُ الدُّجا | |
|
| بَدرُ الدُّجُنّةِ قُدوةُ المُتَخَشِّعِ |
|
لم تَلقَه الأسحَارُ إِلاَّ قائِماً | |
|
| في السَّاجدين وفي الهُداة الرُّكَّعِ |
|
ومواسِمُ الأيّامِ تَشهَدُ صَومَه | |
|
| كمَجَامعٍ للعِلمِ ذاتِ تَنَوُّع |
|
يًملي على الطُّلاَب جَمَّ فَوائدٍ | |
|
| عن غيرِ هذا الحَبرِ ذاتُ تَمَنُّعِ |
|
ولقد سَمَا بالعلمِ مِن فَوقِ السُّهى | |
|
| ومضى لحقِّ العِلم غيرَ مُضَيِّعِ |
|
إنَّ الفضائلُ شَقّقَت لجُيُوبِها | |
|
| أسَفاً عليه بأنّةٍ وتَوَجُّعِ |
|
والعِلمُ باتَ بعَبرةٍ مُهراقةٍ | |
|
| حيثُ ابنُ جاسِرٍ المحدِّثُ قد نُعي |
|
هذا كتابُ اللهِ يَبكي فَقدَه | |
|
| والسُّنَّةُ الغَرَّاءُ ذاتُ تَفَجُّعِ |
|
والفِقهُ ذاقَ لِمَوتِه مُرَّ الأسى | |
|
| مَن ذا سِواهُ لُمغنِيٍ ولمُقنِعِ |
|
من ذا يُفِسِّرُ أو يُحَدِّثُ بَعدَهُ | |
|
| في كُتبِه والأُمهاتِ اللُّمَّعِ |
|
من ذا يُدَرِّسُ فِقهَنا ويُنِيرُه | |
|
| بأَدِلّةٍ تهدي لذاك المِهيَعِ |
|
ووَسائِلٌ للعِلمِ يجري دَمعُها | |
|
| كمقاصدٍ من غيرهِ لم تُسمَعِ |
|
لا غَروَ أن يكبي وَيندُبُه التُّقَى | |
|
| فَرُبُوعُه مِن بَعدِه كالبَلقَعِ |
|
إِن يَجهَلِ الأَقوامُ يوماً قَدرَه | |
|
| فالكَنزُ يَجهَلُه سِوى المُتَطلِّع |
|
يا عَينُ فابك مثلَ ما بكَتِ العُلى | |
|
| كَنزَ الفضائِلِ والهَمامَ الألمَعي |
|
خَلَتِ المنازٍلُ والمَدَارِجُ بَعدَهُ | |
|
| للسَّائرِين إِلى الجَنَابِ الأرفَعِ |
|
وخَبَا بنا العِلمُ الصحيح وأظلَمت | |
|
| تِلكَ المَشَاهِدُ بَعدَ ذاكَ الأنفعِ |
|
خَفَيَت على النُّسَّاكِ أعلامُ الهُدى | |
|
| بَعدَ ابنِ جاسرِ حَبرِنا المُتَضَلِّعِ |
|
بعد ابن جَاسِرٍ الذي مِن هَديهِ | |
|
| نَفعُ الوَرى ونصيحةٌ لم تُقطَعِ |
|
في الدِّين فِقدُ الشَّيخ أعَظَمُ ثلمَةٍ | |
|
| ما إن تُسَد وخَرقُها لم يُرقَع |
|
لَهفي عليهِ وَلَهفَ كُلِّ فَضيلةٍ | |
|
| تبكي عليه ورُبتَةٍ لم تُرقَعِ |
|
لهفي عليه ولَهفَ كُلِّ مَزِيَّةٍ | |
|
| غَراءَ بَعدُ من الجَوى لم تَهجَعِ |
|
لهفي عليه وفَقدُه أصلَى الحشا | |
|
| ناراً تُذيبُ وغُلَّةً لم تُنقَعِ |
|
لهفي عليه وما حَوى من مَفخرٍ | |
|
| في العِلم والتَّقوى وحِفظٍ أَوسَعِ |
|
لهفي على رَكبِ العبادةِ قَد وَهى | |
|
| وكذا الزَّهادةِ بعد ذاك الأورعِ |
|
يا قلبً صَبراُ فالنَّوائبُ جَمَّةٌ | |
|
| مَن ذا رأيتَ من الوَرَى لم يُفجَعِ |
|
يا قلبُ صَبراً قد جَرى حُكمُ القضَا | |
|
| ما إِن يرد جَزعتَ أو لَم تَجزَعِ |
|
هَجَمُ المنونُ ومات أُستاذُ الوَرى | |
|
| ومَضَى النَّصيحُ بِنصحِهِ المُتَضَوِّعِ |
|
واستبشرت بالشيخ سُكانُ الثَّرى | |
|
| ومَضى حميداً نَحوَ قَبرٍ أوسَعِ |
|
فَلَكَ الهَنَا والجُودُ قبراً ضَمّهُ | |
|
| فلَقَد ضَمَمتَ لِكلِّ خَيرٍ أجمَع |
|
لِلَّهِ أنتَ فَقَد ثَوَى فِيكَ العُلا | |
|
| والعِلمُ والتَّقوى وأبهى مُوَدعِ |
|
دامَت عليك على المَدى سُحُبُ الرِّضى | |
|
| أبَداً تَجُودُ وصَوبُها لم يُقلِع |
|
يَسقي ثَراكَ مِنَ المَراحشمِ وَبلُها | |
|
| كَسَحَائبٍ مِن عَفوِ رَبي هُمّعِ |
|
يا راحلاً عَنّا إِلى دار البَقَا | |
|
| لِلَّهِ دَرُّكَ مِن حَبيبٍ مُزمِعِ |
|
بَعدَ التَّفَرُقِ هَل لنا مِنكَ التِقَا | |
|
| فلَنَا الهَنَا بالمُلتَقَى بالطيِّعِ |
|
نرجو لِقَاك مع اللّقاءِ بِصَحبِنَا | |
|
| وَسطَ الجِنانِ بِمَحضِ جُودِ المُبدعِ |
|
يا مَعشَرِ الإِخوَانِ مِن أَهلِ الصَّفَا | |
|
| طُلابَ هذا الحَبرِ عذبِ المَشرَعِ |
|
وصِحابَه الأخيار مِن أَهلِ الوَفَا | |
|
| ادعو لشَيخِكُم الجَليلِ الأخشَعِ |
|
وتذاكروا ما قد عِلمتُم تَحمَدوا | |
|
| أَمرَ العَواقبِ يا بُدورَ المَجمَعِ |
|
فالشَّيخُ مَاتَ وكُلُّنا رَهنُ الفَنَا | |
|
| قُضيَ القَضاءُ فَمَا لَهُ مِن مَدفَعِ |
|
يا رَبُّ فَارحَم كُلَّ آنٍ شيخَنا | |
|
| أبَداً وآنس شيخَنا في المَضجَعِ |
|
وَبِمَقعَدٍ للصِدقِ حَقق أَرخَه | |
|
| يُرجى لَه الحُسنى بِطيب موضع |
|