ألا قَد وَفَى بِالوَعدِ مَن شأنُهُ الغَدرُ | |
|
| وزارَ مُحِبّاً بعد ما ضامَهُ الهَجرُ |
|
وَوَفّى يَجُرُّ الذَيلَ وَهناً فأَسفَرَت | |
|
| لطلعتهِ الظَلماءُ واحتَجَبَ البَدرُ |
|
يَميلُ بِقَدٍّ يُشبِهُ الغُصنَ أَهيفٍ | |
|
| ويَرنو بطرفٍ دونَهُ السَيفُ والسِحرُ |
|
ويسحَبُ ذيلَ الفَخرِ بالحُسنِ تائِهاً | |
|
| ومَن مثلُهُ فيهِ يَحِقُّ لَهُ الفَخرُ |
|
ويَهتزُّ من سُكرِ الشَبيبةِ إِذ مَشى | |
|
| عَلَيه مِنَ الدِيباجِ أَقمِصةٌ خُضرُ |
|
ويفترُّ عَن مثلِ الجُمانِ بثغرِهِ | |
|
| نضيداً فما زَهرُ الأَقاحِ وما الدُرُّ |
|
مَليحٌ لَهُ خَدٌّ حَكى الوَردَ لَونُهُ | |
|
| ورِدفٌ ثقيلٌ قَد شَكى ثِقلَهُ الخَصرُ |
|
وشَعرٌ أَثِيثٌ وَارِدٌ مُتَعَثكِلٌ | |
|
| أَدِيمٌ مَتى يَنشُرهُ يَنسَتِرُ الفَجرُ |
|
فَتَفديهِ نَفسي مِن رَشاً حينَ زارَني | |
|
| وأَيدي اللقا مِن كلِّ واشٍ لَنا صِفرُ |
|
فَبِتنا نُديرُ الأُنسَ في أكؤُسِ الهَوى | |
|
| يُرَنِّحُنا من خَمرةٍ لِلهَوى سُكرُ |
|
وَنشربُ راحَ اللهوِ من حانةِ الصِّبا | |
|
| كِلانا كَما شِئناهُ قَد حفَّنا البِشرُ |
|
ونقطفُ زَهرَ الوَصلِ من رَوضةِ الهَنا | |
|
| ورَبعُ الهَنا مِما نُحاذِرُهُ قَفرُ |
|
فَيا لائِمي كُفَّ الملام فإِنَّهُ | |
|
| وَحقِّ الهَوى في شَرعِ أَربابِهِ نُكرُ |
|
فَلم يُصغِ للعُذّالِ في الحُبِّ ذو هوىً | |
|
| ولَم يعذِلِ المُشتاقَ إِلا فتىً غُمرُ |
|
فَما العشقُ إِلا خَلَّةٌ أَيُّ خَلَّةٍ | |
|
| بِها تُدرَكُ العَليا ويُكتَسَبُ الفَخرُ |
|
وَلَيسَ التَصابي غَيرَ فضلٍ لمن غَدا | |
|
| تَقِيّاً عَفيفاً ليسَ من شَأنِهِ الغَدرُ |
|
وَقَد كُنتُ مَن زانَ الهَوى بِعَفافِهِ | |
|
| وأَضحَى عَلَيه مِن صِيانتِهِ سِترُ |
|
وإِنِّيَ من قومٍ كِرامٍ أَماجدٍ | |
|
| لَهم بيتُ مَجدٍ باذِخٍ دونَهُ النَسرُ |
|
هُمُ الشُهبُ قدراً والبحورُ سَماحةً | |
|
| وأخلاقُهُم كالرَوضِ باكَرَهُ القَطرُ |
|
فمِنهم فتَى الفِتيانِ عمِّيَ راشِدٌ | |
|
| كَريمٌ لَه في كلِّ حالاتِهِ الصَدرُ |
|
كَريمٌ زكا فِعلاً وقَولاً ومَنشَأً | |
|
| وَحازَ عُلاً ما حازَهُ في الوَرى حُرُّ |
|
كَريمٌ مَتَى استَودَعته السِرَّ صانَهُ | |
|
| وَحاشا عُلاهُ أن يُذاعَ له سِرُّ |
|
مُنِيبٌ مَتى استَنصرتَهُ لِمُلِمَّةٍ | |
|
| دَهَتكَ أَتاكَ الغَوثُ يَقدُمُهُ النَصرُ |
|
إمامٌ هُمامٌ زاهِدٌ مُتورِّعٌ | |
|
| أَدِيبٌ مُنِيبٌ ليسَ شِيمتُهُ الخَترُ |
|
هُوَ العلَمُ الهادي إلى سُبُلِ الهُدى | |
|
| تنَزَّهَ قدراً أن يُقالَ بهِ كِبرُ |
|
تردَّى بأثوابِ المكارِمِ مُذ نَشا | |
|
| وسادَ بني الدُنيا جَميعاً ولا فَخرُ |
|
له هِمَّةٌ تعلو على كل همةٍ | |
|
| كذا شرفٌ ما إن يُطاوِلُهُ الغفرُ |
|
يجودُ بما في كفِّهِ وهوَ باسِمٌ | |
|
| فبحرُ النَدى من فيضِهِ ما لَهُ جَزرُ |
|
أيا سيِّدي جارَ الزمانُ كَما تَرى | |
|
| عَلَينا وما ينفكُّ شِيمَتُهُ المكرُ |
|
وَفرَّقَ منّا الشَملَ بعدَ اجتِماعِهِ | |
|
| وهيَّج أشجاناً يَضيقُ بِها الصَدرُ |
|
فَأضحَى لذيذُ العَيشِ بعد فراقِكُم | |
|
| مَريراً وثوبُ الأُنسِ ليسَ له نَشرُ |
|
فجُد وتَفضَّل بالوِصالِ تعطُّفاً | |
|
| عَلينا فَطعمُ البَينِ يا سيِّدي مُرُّ |
|
وعجِّل بهِ منك امتِناناً فإِنَّني | |
|
| أَرى أنَّ داراً لستَ من أهلِها قَفرُ |
|
وأبلغ سَلامي سيِّدي خيرَ سيِّدٍ | |
|
| نَمتهُ إِلى العليا جَهابذَةٌ زُهرُ |
|
فَذاكَ سليمانُ الهِزَبرُ لدَى الوَغى | |
|
| متَى صالَ في الأَبطالِ جلَّلها الذُعرُ |
|
فَلا زِلتَ يا ابنَ الأكرَمينَ موفَّقاً | |
|
| وقدرُكَ بَين الناسِ ما فوقَهُ قَدرُ |
|