تَبَدَّت لنا يا حُسنَها غادَةً عَذرا | |
|
| وأَبدَت مُحَيّا يَفضَحُ الشَمسَ والبَدرا |
|
وَوَافَت فأَوفَت حينَ أوفَت بِوَعدِها | |
|
| فأَلفَت حَزِيناً ساهِراً يَرقُبُ النَسرا |
|
فَتاةٌ عَرُوبٌ ذاتُ قَدٍّ مُهَفهَفٍ | |
|
| وَطَرفٍ كَحِيلٍ أَبطَلَ السَيفَ والسِحرا |
|
وَشَعرٍ أَثِيثٍ يُشبِهُ اللَيلَ وارِدٍ | |
|
| إِذا نَشرَتهُ كادَ أَن يَستُرَ الفَجرا |
|
كَعابٌ تُعِيرُ الشَمسَ من نورِ وَجهِها | |
|
| غدا الصَونُ مِن دونِ السُتُورِ لَها سِترا |
|
فَدَتها الغَواني إِذ أَتَتنِيَ مَوهِناً | |
|
| كَشَمسِ الضُحَى تَختَالُ في حُلَّةٍ خَضرا |
|
فَما راعَني إِلّا رَقيقُ كَلامِها | |
|
| تَقُولُ لَكَ البُشرى بِوَصلي لَكَ البُشرى |
|
فَقلتُ لها أَهلاً لِمَن لم أَكُن له | |
|
| بأهلٍ فَشكراً للذي زارَني شُكرا |
|
فَبِتُّ أُدِيرُ الكأسَ بَيني وَبينَها | |
|
| حَديثاً فَما أَحلاهُ عِندِي وَما أَمرا |
|
وَظَلَّيتُ أَجني وَردَ وَجنَةِ خَدِّها | |
|
| وَأَرشُفُ ثَغراً قَد حَكى رِيقُهُ خَمرا |
|
فَلِلَّهِ خَدٌّ شابَهُ الوَردَ لَونُهُ | |
|
| وَلِلَّهِ ثَغرٌ قَد حَوى الخَمرَ والدُرّا |
|
فلمّا رأيتُ الليلَ قُوِّضَ وانطَوى | |
|
| وَأَقبَلَ ضَوءُ الصُبحِ حَتَّى بِنا أَغرَى |
|
نَهَضتُ وَوَدَّعتُ الحَبيبَ بِأَنَّةٍ | |
|
| فَظَلَّ يَفِيضُ الدَمعُ مِن مُقلَتي العَبرَى |
|
فَراحَت بِرُوحِي وَانثَنَيتُ بِحَسرَةٍ | |
|
| عَلَيها فَذابَت مِن أَسىً كبِدِي الحَرّى |
|
وَقَد زَعَمَ الواشُونَ بَيني وبَينَها | |
|
| بِشَيءٍ يَشِينُ العِرضَ بَل يَزدَرِي الحُرّا |
|
فَلا وَهَواها وَهوَ حَقُّ أَلِيَّتي | |
|
| لَما عَبَرَت بي فَرحَةٌ تُوجِبُ الوِزرا |
|
وَلا حَدَّثَتني بِالذي يَزعُمُونَهُ | |
|
| سِماتِي وَتَأبَى وَالذي أَنزلَ القَطرا |
|
سَلُوا الخِدرَ عَنّا إِن جَهِلتُم فإِنَّهُ | |
|
| يُخَبِّركُمُ عَنّا سَلُوا الشُهبَ والبَدرا |
|
سَلُوا وَجهَها الوَضّاحَ يُخبركُمُ بِما | |
|
| جَرى بَيننا عَنه سَلوا النَهدَ والخَصرا |
|
فَإِنّي بِلا فَخرٍ عَفِيفُ زَمانِهِ | |
|
| وَفائِقُ أَربابِ الهَوى بِالتُقى طُرّا |
|
كَما فاقَ أَربابَ المَعالي ماجِدٌ | |
|
| فَصارَ لَهُم إذ فاقَهُم بالعُلا فَخرا |
|
وَشَيَّدَ بَيتَ المَجدِ حَتَّى سَما بِهِ | |
|
| فأَضحَى لُه دونَ الوَرى باسِماً ثَغرا |
|
خَليلِيَ ذا عَبدُ العَزيزِ وَسَيِّدي | |
|
| وَشَيخِيَ مَن حازَ النَدى وَزَكا ذِكرا |
|
وَنَالَ بِحَمدِ اللَهِ في العِلمِ رُتبَةً | |
|
| بِها صارَ شَمساً لِلهُدى وَعَلا قَدرا |
|
كَريمٌ تَرَدّى بِالمَكارِمِ مُذ نَشا | |
|
| وَسادَ بِسَيفِ الفَخرِ البَدوَ وَالحَضرا |
|
كَريمٌ مَتى داعٍ دَعاهُ لِشِدَّةٍ | |
|
| أجابَ وَلَبّاهُ وَوَاسَعَهُ البِشرا |
|
مَهِيبٌ إِذا ما خالَهُ الصِيدُ في الوَغى | |
|
| تَذَلُّ لَه من عِظمِ هَيبَتِهِ ذُعرا |
|
أَيا سَيِّدي قَد جارَ ذا الدَهرُ واعتَدَى | |
|
| وَفَرَّقَ مِنّا الشَملَ تَبّاً لهُ دَهرا |
|
فَغَادَرَنِي إِلفَ السُهادِ مُوَلَّعاً | |
|
| وَأَودَعَ قَلبي بعدَ فُرقَتِكُم جَمرا |
|
وَصِرتُ بهِ صَبَّ الفُؤادِ مُتَيَّماً | |
|
| وَأَضحَى لَذِيذُ العَيشِ من بَعدكم مُرّا |
|
فَمُذ غِبتُمُ لَم أَنسَ واللَهِ ذِكرَكم | |
|
| وَلَم أعرِفِ السُلوانَ عَنكم وَلا الصَبرا |
|
فَأهلاً بِأَيامِ الوِصالِ لَعلَّها | |
|
| تعودُ وَوَاهاً لَيتَها بَقِيَت عَشرا |
|
فَأَرجو إِلهَ العَرشِ يَجمَعُ شَملَنا | |
|
| سَريعاً وَيطوي فَضلُ إِحسانِهِ الهَجرا |
|
فَيا سَيِّدي خُذ هاكَ مِنِّي قَصيدَةً | |
|
| وَأَسبِل عَلَيها مِن مَكارِمِكَ السِترا |
|
فلا زلت نَجماً لِلهُدى يُهتَدى بهِ | |
|
| ولا زِلتَ للعافِينَ تُولِيهُمُ بِرّا |
|
عَليكَ سَلامي ما تَغَنَّت حَمامةٌ | |
|
| مَدى الدَهرِ لا يَنفَكُّ عَن سَاعةٍ يَترَى |
|
يَحُفُّكَ مَصحوباً بِأَلفَي تَحِيَّةٍ | |
|
| رَوائِحُهُ لِلمِسكِ تَهدي له نَشرا |
|
وأَزكَى صَلاةِ اللَهِ ثمَّ سلامُهُ | |
|
| عَلى سَيِّدِ الكَونَينَ مَن دَمَّرَ الكُفرا |
|
وَأَصحابه وَالتَابِعينَ جَميعِهِم | |
|
| وَمَن قَد غَدا في الدينِ يَقفُو لَهم أَثرا |
|