إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
لما رمى سهمُ الحقيقة كل بارقة تلوحْ |
خلق الخيال لنفسه روحاً تُرى و أنا تبوحْ |
وملامحا بشذى أمانيها تفوحْ |
أغرتْ يدي فرسمْتُها صوراً لوعدٍ هائمِ |
فتغافلتني واستقلت بالقرار الحاسمِ |
وتمرد الرسم الغضوب على بنان الراسمِ |
فكأنه روح تناضل في الخفاء إزاء روحْ |
شد الخيال بكل أوتاد الشقاء حبالَهُ |
قاومته فاهتاج واستعدى عليّ خيالَهُ |
حتى تخلل نسج روحي ناصباً منوالَهُ |
فمضيت أبحر حيث مالْ |
روحاً تغني للمحالْ |
من مقعد أوحى إليه البدء آيات الزوالْ |
وظللت أرسو حيثما غنى المدى مواله |
شيدت قصري ذا القباب السبع من ركن التمني في أراجيح الخدارْ |
مما تعتق في سنيني من دوارْ |
زينْتُه وارتحتُ فيه على أريكة شهرزاد |
علقتُ فيه حدائقي وملأتُه بنفائسٍ قد كان أهداها إليّ السندباد |
وعجائبٍ تبعتْ ظلال أليسَ من تلك البلادْ |
فعزفتُ عن ركني الأسيفْ |
وتماوجتْ في كل ما حولي تراتيل الخريف |
ترعى هشيم حدائقي وتدك عرشي المستعار |
هاجرت من قيظي وطرتُ إلى ربيع سرمدي |
وسكبت قَطْري حيث أينع مقعدي |
طفتُ المدائن فوق أجنحة الترفْ |
ولبستُ تيجان الجمال وذقت فاكهة الشغفْ |
ومددتُ ساحاتي فصلّى النور فيها واعتكفْ |
هومتُ فيها ثم عدت أهش أسراب الوسنْ |
فوجدتها قيد انتظاري منذ غادرْتُ الزمنْ |
وإذا تماثيلي تذوب على يدي |
ومدائني تهوي سكارى في حنايا موقدي |
وأنا أذر رماد تيجاني بوجه الريح ثم ألمه في مرقدي |
ورسمتُ مزجاً من مجانين الهيامْ |
وجمعتهم في فارس أججتُ بين ضلوعه حمم الغرامْ |
وسكبت في عينيه لحناً من أغانيّ الأوَلْ |
وزرعت في أهدابه أشواق آماد الأملْ |
وسألت ليلى عطرها وغمست فيه جدائلي |
وبنيت شرفة جولييتَ لكي أدسَّ رسائلي |
وغفوت أنصت بين أنفاسي لهمس سنابلي |
حتى إذا أفل المدى |
وتوقف النبض المزوّرُ فيّ وانكسر الصدى |
أطفأتْ جمرة وحدتي حتى يعانقها الظلامْ |
ولربما أيقظتُ عرسا من حدادْ |
وزففته عند الأصيل على أناشيد الحصادْ |
ومضيت بالصمت المقيت إلى احتفال مترفِ |
ولربما أشعلت من فوضاه حمّى أحرفي |
ودسست وهج الأمسيات وصخبها في معطفي |
ولربما أنبتُّ زهرة أقحوان وسط منفضة الرمادْ |
ثم انتهيت لكوكبي |
وبعثتُ أحزاني تنادي في مداه المجدب |
غب يا خيال فقد أتاني منذرٌ من واقعي |
ما زال مذ غادرته متعلقاً بأصابعي |
دعني أكفر عنده غدري بسفح مدامعي |
وارحل فقد غررت بي |
وجعلتني أضحوكة الصحو المرير المرعب |
واطمس مراياك التي تعبتْ تناشد يقظتي وتقول لي: لا تكذبي |