أَجَل إِنَّها الأَيّامُ تُرضِي وَتُغضِبُ | |
|
| وَآوِنَةً تُقصي وَحِيناً تُقَرِّبُ |
|
ويوماً لها ثَغرٌ مِنَ الأُنسِ باسِمٌ | |
|
| ويوماً لها بالبُؤسِ وَجهٌ مُقَطِّبُ |
|
وآوِنَةً بالوَصلِ تَزهُو رِياضُها | |
|
| وأُخرى بشَحطِ البَينِ تَلوي وَتُجذِبُ |
|
وما المَرءُ إِلا مَن يُوَطِّنُ نَفسَهُ | |
|
| علَى حالَتَيها حينَ تُعطِي وتَسلُبُ |
|
فَلا يَزدَهِيهِ طِيبُ عَيشٍ لعِلمِهِ | |
|
| بأَنَّ الصَّفا فيها وَإِن راقَ يَذهَبُ |
|
ولا يُعظِمُ الخَطبَ المُلِمَّ لِهَولِهِ | |
|
| وُثُوقاً بِلُطفِ اللَّهِ واللُّطفُ أَقرَبُ |
|
فيا غالِبَ الأَمجادِ في كلِّ مَشهَدٍ | |
|
| إِذا حشَدُوا لِلمَكرُماتِ وأَلَّبوا |
|
ويا سابِقَ الأَقرانِ عَفواً إِلى العُلا | |
|
| إِذا استَبَقُوا والكلُّ بِالجَهدِ مُتعَبُ |
|
وَيا رِيفَ رَكبٍ مُمحِلينَ فجُودُهُ | |
|
| يَسِحُّ بِلا مَنٍّ كَما سَحَّ هَيدَبُ |
|
ويا أَيُّها المِقدامُ في حَومَةِ الوَغى | |
|
| إِذا احتَدَمَت فَهوَ الكَمِيُّ المُجَرِّبُ |
|
وَيا مَن يُحامِي دُونَ مَن في جِوارِهِ | |
|
| فَمعرُوفُهُ مِنهم يَفِيضُ ويَسكُبُ |
|
وَيا مَن لهُ في الأَقرَبِينَ تَعَطُّفٌ | |
|
| كَما عِندَهُ لِلصالِحِينَ تَحَبُّبُ |
|
وَيا مالِكاً رِقِّي بِحُسنِ إِخائِهِ | |
|
| فَمالِي براحٌ عن هَواهُ ومَذهَبُ |
|
أَتانِي كِتابٌ مِنكَ بِالفَضلِ شاهِدٌ | |
|
| كَما أَنَّهُ عَن حُرقَةِ البَينِ مُعرِبُ |
|
لَقَد زادَ قَدرِي أَنَّ مِثلَكَ لِي أَخٌ | |
|
| يَحِنُّ إِلى قُربِي إِليهِ ويَرغَبُ |
|
لئِن جَرَتِ الأَقدارُ بالبُعدِ عنكُمُ | |
|
| ومِن بَينِنا حالَت قِفارٌ وَسَبسَبُ |
|
وظلَّت بِحَيثُ الكُتبُ مِنكُم عَزيزَةٌ | |
|
| ولا مُخبِرٌ عنكُم يُفيدُ ويُعرِبُ |
|
فَعِندِي لكَ الشَّوقُ الشَّديدُ ولَوعَةٌ | |
|
| تُؤَوِّبُني ما لاحَ في الأُفقِ كَوكَبُ |
|
وذِكرُكَ بِالأَنفاسِ يُقرَنُ مِثلَما | |
|
| خَيالُكَ لا عَن ناظِرِ القَلبِ يُحجَبُ |
|
فَيا آلَ سَعدُونٍ بَقِيتُم لذِي الدُنا | |
|
| جَمالاً بِكُم أَسنَى المَكارِمِ تُنسَبُ |
|
تُبارِيكُمُ في الفَضلِ مِن آلِ مانعٍ | |
|
| وآلِ شَبيبٍ فِتيَةٌ لَم يُخَيّبُوا |
|
وَرِثتُم مِنَ الآلِ البَسالَةَ والنَّدى | |
|
| فَما مِنكمُ إِلا جوادٌ وأَغلَبُ |
|
رَسَى لَكمُ في العِزِّ أَرعَنُ باذِخٌ | |
|
| وَطابَ لكُم في آلِ ياسِينَ مَنسَبُ |
|
وقامَ لكُم في الملكِ صَرحٌ مُمَنَّعٌ | |
|
| وفي المجدِ بَيتٌ بالمَعالي مُطَنَّبُ |
|
وفيكُم لِهذا العَهد غُرُّ خَلائِقٍ | |
|
| لأَمثالِها تَسعى الكِرامُ وَتَطلُبُ |
|
كِبارُ العَطايا عِندكُم كَصِغارِها | |
|
| بِجوُدِكُم الأمثالُ في الناسِ تُضرَبُ |
|
وَلا عَيبَ فيكُم غيرَ أَنَّ نَزِيلَكُم | |
|
| عَنِ الأَهلِ والأَوطانِ يَسلُو وَيَرغَبُ |
|
ولا تَحسَبوا أَنِّي سأَطلبُ غَيرَكُم | |
|
| بَديلاً ولا في غَيرِكم أَتَغَرَّبُ |
|
غَرامِي بِكُم ذاكَ الغَرامُ وَحُبُّكُم | |
|
| يَزِيدُ عَلى مَرِّ الليالي ويَعذُبُ |
|
فَما شاقَنِي بعدَ الجَزيرَةِ مَنزِلٌ | |
|
| وَلا لَذَّ لِي مِن بعدِ دِجلَةَ مَشرَبُ |
|
بَلَى غُربَةُ الإِسلامِ يا صاحِ إِنَّها | |
|
| تَحُثُّ عَلى بُعدِ المَزارِ وَتُطنِبُ |
|
وتَدعُو إِلى هَجرِ العِراقِ وأَهلِهِ | |
|
| وإِن حَلَّ فِيهِ الأَنجَبُ المُتَحَبِّبُ |
|
أَلا تَرَنِي أَصبحتُ حَيرانَ وَاجِماً | |
|
| أُفَكِّرُ في أَيِّ الطَّريقَينِ أَركَبُ |
|
عُلاكُم وَما عَوَّدتُمُ مِن جَمِيلِكُم | |
|
| ووُدِّكُمُ تَدعُو إِليهِ وتَجذِبُ |
|
وَما قَد فَشى مِن منُكَرٍ وَضَلالَةٍ | |
|
| وَمن فِتَنٍ عنكُم تَصُدُّ وَتَحجُبُ |
|
وَلا مَلجأٌ كلا ولا وَزَرٌ سِوى | |
|
| رَجاءِ كَرِيمٍ عطفُهُ مُتَرَقَّبُ |
|
عَسى نَظرَةٌ مِن جُودِهِ وَالتِفاتَةٌ | |
|
| تُدَنِّي إِلى رِضوانِهِ وتُقَرِّبُ |
|
عَسى نَفحَةٌ تُحيِي القُلوبَ برَوحِها | |
|
| ويُكشَفُ عن وَجهِ البَصائِرِ غَيهَبُ |
|
فَنَلتَزِمَ الشَّرعَ الشَّريفَ بجَمعِنا | |
|
| وعن سُنَنِ التَّنزِيلِ لا نَتَنَكَّبُ |
|
وذلكَ أَسنَى ما نَوَدُّ وَنَبتَغي | |
|
| ولَيسَ عَلى اللَّهِ المَطالِبُ تَصعُبُ |
|
وَأَزكى صَلاةِ اللَّهِ ثُمَّ سَلامُهُ | |
|
| عَلى مَن بِهِ طابَ الحِجازُ وَيَثرِبُ |
|
كَذا الآلُ والأَصحابُ ما قامَ مِصقَعٌ | |
|
| بِأَمداحِهم فوقَ المنابِرِ يَخطُبُ |
|