سَلامٌ كَما انشَقَّ الكمامُ عَنِ الزَّهرِ | |
|
| وَإِلا كَمَا انجَابَ الغمامُ عَنِ البَدرِ |
|
سَلامٌ كعِقدٍ لاحَ في نَحرِ كَاعِبٍ | |
|
| وَحَسبُكَ حُسنَاً بَهجَةُ العِقدِ في النَّحرِ |
|
سَلامٌ إِذا ما اجتازَ بِالمِسكِ عَرفُهُ | |
|
| دَعَاهُ أَعِرنِي الطِّيبَ يا طَيِّبَ النَّشرِ |
|
سَلامٌ لَهُ لُطفُ النَّسائِم باشَرَت | |
|
| نَدِيَّ النَدى واستَبضَعَت نَفحَةَ الشَّجرِ |
|
سَلامٌ هُوَ الحُرُّ الحَلالُ وَإِنَّهُ | |
|
| لأَحلَى مِنَ السَّلوى وَأَشهَى مِنَ الخَمرِ |
|
وَوَجدٌ لَو أَنَّ النارَ مِنهُ اقتِباسُها | |
|
| لَمَا طُفِئَت مِن بارِدِ المَاءِ بالغَمرِ |
|
يَزُفُّ مِنَ الأَشوَاقِ فوقَ نَجَائِبٍ | |
|
| تَسِيرُ مَعَ الأَرواحِ ما سِرنَ أَو تَسرِي |
|
نَجائِبُ لَم تَدرِ الحَفَاءَ خِفافُها | |
|
| وَلَم تَشكُ يَوماً مِن كَلالٍ وَلا ضُرِّ |
|
مَتَى عَبرَت مِن جَانِبِ السّيفِ لَم تُبل | |
|
| أَتَسبَحُ بَحراً أَم تَخُبُّ عَلى بَرِّ |
|
أُرَحِّلُها والليلُ يَندُبُ نَفسَهُ | |
|
| وَقَد شابَ وافتَرَّ النَهَارُ عَنِ الفَجرِ |
|
إِلَى بَلَدٍ تُغنِيكَ عَن كُلِّ بَلدَةٍ | |
|
| سِواها وَما عَنها غَناءٌ لِذِي حِجر |
|
بِلادِي هِيَ الدُنيا وَمَن حَلَّ سُوحَها | |
|
| هُمُ الناسُ كُلُّ الناسِ في البَدوِ وَالحَضرِ |
|
بِلادٌ كَما شاءَت نُفُوسُ ذَوِي العُلا | |
|
| أَتَت وَحَوَت ما لَم يَكُن قَطُّ فِي مِصرِ |
|
فَتُربتُها مِسكٌ وَسَلسَلُ مائِها | |
|
| نَمِيرٌ ومُعتَلُّ النَّسِيمِ بِها يُبرِي |
|
وَأَيسَرُ ما فِيها جِنانٌ تَنَظَّمَت | |
|
| مِنَ النَّخلِ وَالأَشجارِ والنَّبتِ والزَّهرِ |
|
فَمِن باسِقاتٍ راسِياتٍ ضَوَامِنٍ | |
|
| لَنا الخِصبَ إِن ضَنَّ السَّحابُ بِمَا القَطرِ |
|
وَخَوخٍ وَتُفَّاحٍ وَكَرمٍ مُنَضَّدٍ | |
|
| وَتِينٍ وَرُمّانٍ يَشِفُّ مِنَ القِشرِ |
|
وَبَينَ تُرُنجٍ كالقَنادِيلِ ناضِرٍ | |
|
| كَمَا أَنَّهُ يَحكِي النَّوافِجَ في النَّشرِ |
|
ووَردٍ وَرَيحانٍ وَجَنيٍ جَناؤُهُ | |
|
| إِلى غَيرِ ذا مِمّا يَجِلُّ عَنِ الحَصرِ |
|
يُعَلِّلُ مَسقُومُ الهَوى نَفسَهُ بِهَا | |
|
| لِمَا أَشبَهَتهُ مِن حُلى رَبَّةِ الخِدرِ |
|
وَقَد خَلَّلتها لِلعُيونِ جَدَاوِلٌ | |
|
| يُجَعِّدُها مَرُّ النَّسِيمِ الَّذي يَسري |
|
تَوَهَّمَها النُّظّارُ بِيضاً صَوَارِماً | |
|
| تَعَاهَدَ قِدماً صَقلَها القَينُ ذُو الخُبرِ |
|
تَعَانَقَتِ الأَغصَانُ في جَنَباتِها | |
|
| مُعَانَقَةَ العُشّاقِ خَصراً إِلى خَصرِ |
|
عَلَى ضَفَّتَيها الكَرمُ مَرجٌ سِجَافُهُ | |
|
| فَهَا هِيَ عَن شَمسِ الظَّهيرَةِ في سِترِ |
|
كَأَنَّ خَيالات الغُصُونِ بِسَطحِها | |
|
| فِرِندٌ جَرى فَوقَ السُّرَيجِيَّةِ البُترِ |
|
أَلا حَبَّذا تِلكَ الجِنانُ فَكَم زَها | |
|
| لَنا الأُنسُ يَوماً في حَدائِقِها الخُضرِ |
|
وَيَا حَبَّذا تِلكَ المَغَانِي فَإِنَّها | |
|
| بِأَهلِ الثَّنا وَالمَجدِ باسِمَةُ الثَّغرِ |
|
مَطَالِعُ أَقمارٍ مَرابِعُ سادَةٍ | |
|
| مَراتِعُ غِزلانٍ بِشَمسِ الضُّحى تُزرِي |
|
فَفيها لِطُلابِ العلُومِ مَناهِلٌ | |
|
| تَمُدُّ ولَكن لَيسَ تُعرَفُ بِالجَزرِ |
|
رِجَالٌ رَعَوا حَقَّ الشَّرِيعَةِ مُذ وَعَوا | |
|
| عَنِ اللَّهِ وَالهَادِي وَسارُوا عَلَى الإِثرِ |
|
فَبِابنِ عُمَيرِ الحَبرِ فلتَفخَرِ الحِسا | |
|
| وشَيخِي أَبي بَكرٍ وَمَن كَأَبِي بَكرِ |
|
وَكَابنَي أَخِيه أَو فَمَن كابنِ عَمِّهِ | |
|
| وَمَن كَعَلِيٍّ وابنهِ بَهجَةِ القُطرِ |
|
وَفِيها رِجالٌ لَيسَ باهِرُ فَضلِهِم | |
|
| بِأَيسَرَ مِمَّن خُصَّ في النَّظمِ بِالذِّكرِ |
|
وَفيها مِنَ الأَعيانِ شُمٌّ مَقَاوِلٌ | |
|
| تُطيفُ حِباهُم بِالجِبالِ مِنَ التِّبرِ |
|
وَفيهِم لِمُنتابٍ رِحابٌ فَسِيحَةٌ | |
|
| وَبَسطَةُ فَضلٍ لِلمُقِلِّ الَّذي يَعرِي |
|
وحَسبُكَ مِن آلِ المُبارَكِ مَعشَرٌ | |
|
| كُهُولٌ وَفِتيانٌ تَسامَى إِلى الفَخرِ |
|
ذَوِي النَّسَبِ الوَضّاحِ وَالحَسَبِ الَّذي | |
|
| جَمِيعُ المَعَالي أُدرِجَت مِنهُ فِي سَطرِ |
|
فَلِلعِلمِ ما تُحنَى عَلَيهِ ضُلُوعُهُم | |
|
| وَلِلنَّهيِ ما تَحوي الشِّفَاهُ وَلِلأَمرِ |
|
وَلِلدينِ ما قامُوا وَما قَعَدُوا ولِل | |
|
| مَعَالِي إِذا باعَ السِّوى سَعيُهُم يَشرِي |
|
وَلِلرَّوضِ غِبَّ القَطرِ أَخلاقُهُم فَما | |
|
| يُلاقونَ إِلا بِالطَّلاقَةِ وَالبِشرِ |
|
مَساجِدُهُم مَعمُورَةٌ زُيِّنَت بِهم | |
|
| وَلا بَرِحُوا فيها الأَئِمَّةَ لِلحَشرِ |
|
مَدَارِسُهُم لِلعِلمِ نَشرٌ لِدَارِسٍ | |
|
| بِها نِعمَ من يَقرا بِهنَّ وَمَن يُقرِي |
|
مَنَاقِبُهُم تَأتِي عَلَى كُلِّ خَلَّةٍ | |
|
| مِنَ الفَضلِ وَالأَفضالِ سامِيَةِ القَدرِ |
|
وَأَكرِم بِقومٍ مِنهُمُ حَمَدُ النَّدِي | |
|
| حَمِيدُ المَساعِي ذُو العُلا غُرَّةُ العَصرِ |
|
لعَبدِ اللطيفِ يَنتَمِي ومُبارَكٌ | |
|
| لَهُ يَنتَمي عَبدُ اللطيفِ بِلا نُكرِ |
|
ثَلاثَةُ ساداتٍ أَشادُوا لِقَومِهِم | |
|
| جِسامُ المَعَالي لا كَغُمدان وَالحفرِ |
|
فَإِن كُنتَ لَم تَدرِ الَّذَينِ تقدَّما | |
|
| عَلَى أَنَّ مَن فَوقَ الثَّرى بِهِما يَدرِي |
|
فَدَع مَن مَضى وَانظُر لأَبلَجَ ماجِدٍ | |
|
| أَشَمَّ خَصِيبِ الكَفِّ يُسفِرُ عَن بَدرِ |
|
أَغَرٌّ طَوِيلُ الباعِ رَحبٌ فناؤُهُ | |
|
| كَفِيلٌ لِمُرتادِيهِ بِالرَّوضَةِ البِكرِ |
|
لَنا كُل حينٍ لا عَدِمنَاهُ أَنهُرٌ | |
|
| تَفِيضُ عَلَينا مِن أَصابِعِهِ العَشرِ |
|
هُوَ العالِمُ الحَبرُ الَّذي نالَ رُتبَةً | |
|
| مِنَ العِلمِ لم تُعرَف لزيدٍ ولا عَمرِو |
|
فَلِلَّهِ ذاكَ الصَّدرُ مِنهُ فَقَد حَوى | |
|
| بحَارَ علُومٍ وَهوَ في سَعَةِ الفِترِ |
|
وَلِلَّهِ ذاكَ القَلبُ مِنهُ فَإِنَّهُ | |
|
| تُقَدِّسُهُ الأَنوارُ مِن عالَمِ السِّرِّ |
|
وَلِلَّهِ تِلكَ النَّفسُ مِنهُ فَإِنَّها | |
|
| لترضَى مِن الأَقدارِ بِالحُلوِ وَالمُرِّ |
|
وَلِلَّهِ مِنهُ فَيصَلٌ لَم يَزَل بِهِ | |
|
| يُحَذِّرُ عَن غَيٍّ وَيَهدِي إِلَى بِرِّ |
|
هُوَ العابِدُ الأَوّاهُ وَالقَانِتُ الَّذِي | |
|
| يَبيتُ سميراً لِلتَّهَجُّدِ وَالذِّكرِ |
|
هُوَ الزاهِدُ المُبتاعُ خُلدَاً بِزائِلٍ | |
|
| فيا رِبحَها مِن صَفقَةٍ ساعَةَ الحَشرِ |
|
وَكائِن لَهُ بَينَ النَّدامَى خَلائِقٌ | |
|
| رِقاقٌ حَواشِيها تُحاكِي الهَوى العُذرِي |
|
لَهُ هِمَّةٌ دانَ ابنُ ذِي يَزَنٍ لَها | |
|
| وَعزمٌ كَحدِّ الهِندُوانِيَّةِ البُترِ |
|
وَإِقدامُ مَن لَم يُرهِب الحَتفُ قَلبَهُ | |
|
| خَبيرٌ لدَى الهَيجاءِ بِالكَرِّ والفَرِّ |
|
يَغُضُّ عَن العَوراء طَرفَ تَجَاهُلٍ | |
|
| أَلا إِنَّهُ بِالحِلمِ وَالصَّفحِ ذُو خُبرِ |
|
لَهُ بِذَوِي الأَرحامِ وَصلٌ وَرَحمةٌ | |
|
| وعَطفٌ عَلى مَولى القَرابَةِ وَالصِّهرِ |
|
يَميناً لِهَذا الكَنز طُوبَى لِمُدرِكٍ | |
|
| رِضاهُ وَلَو فَدّاهُ بِالمالِ وَالعُمرِ |
|
عَلَى أَنَّنِي لَم أُوفِ يَوماً بِحَقِّهِ | |
|
| لأَنِّي فَتىً مِن خَمرَةِ الجَهلِ فِي سُكرِ |
|
وَلكنَّني في كلِّ حالٍ أَنا ابنُهُ | |
|
| وَحاشاهُ يرضَى لابنِهِ مَوقِفاً يَزرِي |
|
فَيا أَبَتي خُذهَا عَقِيلَةَ حيِّها | |
|
| فَما ظَبيَةُ الوَادِي وَما دُميَةُ القَصرِ |
|
وكيفَ ومُملِيها لِسَاني في أبي | |
|
| وَباعِثُها وَجدِي وَقانِصُها فِكري |
|
فَأَنعِم عَلَيها بِالقُبُولِ وإِن تَجِد | |
|
| بِها خَلَلاً فَامدُد لَها وَارِفَ السِّترِ |
|
تَقَبَّل يَسِيراً مِن حَقِيرٍ فَإِنّما | |
|
| أَتيتُ لَعَمري مِن ثَنائِكَ بِالنَّزرِ |
|
وَلو أَنَّني أَصبَحتُ قسّاً بَلاغَةً | |
|
| وَعَمرواً بَياناً والحُطَيئَةَ في الشِّعرِ |
|
لَما اسطَعتُ أَن أُحصِي مَناقِبَكَ الَّتِي | |
|
| قَرَنتَ إِلى ما حُزتَ مِن شَرَفِ النَّجرِ |
|
وَكيفَ ومِن دُونِي ودُونَ أَحِبَّتِي | |
|
| رُكامٌ وآكامٌ مِنَ البَحرِ والبَرِّ |
|
فَمَن مُبلغٍ أَبناءَ عَمِّيَ عِيشَةً | |
|
| تعُوقُ وأَشواقاً تعالَجنَ في صَدرِي |
|
أَأَبناء عَمِّي لا بَرِحتُم بِنِعمَةٍ | |
|
| ولا زِلتُمُ في أُلفَةٍ آخِرَ الدَّهرِ |
|
أَلا لَيتَ شِعري هَل لَدَيكُم فإِنَّني | |
|
| أُساجِلُ في وَجدِي بِكم ساجِعَ القُمري |
|
تَرحَّلتُ عَنكُم لِي أَمامِي نَظرَةٌ | |
|
| وعِزٌّ وعزٌّ نحوَكُم لِي عَلى إِثري |
|
ترحَّلتُ عنكُم غيرَ مُستَبدِلٍ بِكُم | |
|
| وَلو أَنَّني خُيِّرتُ في الأَنجُمِ الزُّهرِ |
|
وَلكنَّ نَفسِي تَقتَضِيني لِلعُلا | |
|
| حقُوقاً ثِقالاً لا يقُومُ بِها وَفرِي |
|
إِفادَةَ أَجرٍ أَو نُهُوضاً لِخُطَّةٍ | |
|
| مِنَ المَجدِ أَو إِعداءَ عافٍ عَلى الفَقرِ |
|
وَما بِيَ عَنها مِن نُكُولٍ وَإِنَّما | |
|
| تُصادُ بأَشراكِ اللجَينِ أَو التِّبرِ |
|
وأَتعَبُ نفسٍ نَفسُ حُرٍّ تَعَشَّقَت | |
|
| جِسامَ المَعالي وَهي ذاتُ يَدٍ صُفرِ |
|
وَقُلنا عَسى الأَسفارُ يُسفِرُ وَجهُها | |
|
| بِأَمر لَنا نَرضاهُ يَجمُلُ بِالحُرِّ |
|
وَسافَرتُ أَستَقري الدِّيارَ وخَفَّفَت | |
|
| لَدَيَّ المَعالي كلَّ مُستَصعَبٍ وَعرِ |
|
لَدى لُجَجٍ لو حاوَل النَّسرُ قَطعَها | |
|
| لكلَّت جَناحاهُ مِن القَبضِ والنَّشرِ |
|
بِحارٌ وَأَمواجٌ تَرامَى كأنَّها | |
|
| شَماريخُ سَلمى جادَها وابِلُ القَطرِ |
|
وفيحُ فِجاجٍ دارِساتٌ رُسُومُها | |
|
| مُعَطَّلَةُ الأعلامِ مَجهُولَةُ القَفرِ |
|
لوِ اجتازَ جَفرانٌ بِها ظَلَّ حائِراً | |
|
| يَعَضُّ عَلى كَفَّيهِ مِن ضَيعَةِ الفِكرِ |
|
وَلو حَلَّها ذُعرُ الفَوارِسِ عَنتَرٌ | |
|
| لَخَرَّ ولمّا يَستَقِلَّ مِنَ الذُّعرِ |
|
وَظَنِّيَ في المَولى جَميلٌ وَإِنَّما | |
|
| تَأخَّرَ حَظِّي والأُمُورُ إِلَى قَدرِ |
|
عَلى أَنَّ عِندِي مِن لَطائِفِ صُنعِهِ | |
|
| أَيادٍ عِظامٌ لا يَقومُ بِها شُكري |
|
وَأَحسَنُ أَمرِي أَنَّنِي لَم أَبِع بِما | |
|
| أُحاوِلُ ماء الوَجهِ في العُسرِ واليُسرِ |
|
وَمَن كانَ لِلعَلياءِ والمَجدِ سَعيُهُ | |
|
| سَيَرغَبُ عَمّا شانَ في السِّرِّ وَالجَهرِ |
|
وَأختمُ هذا العِقدَ بِالحَمدِ لِلَّذي | |
|
| هَدانا إِلى الإِيمانِ مِن ظُلمَةِ الكُفرِ |
|
وأَزكَى صلاةٍ مِنهُ يعبَقُ نَشرُها | |
|
| عَلى المُصطَفى من خُصَّ بِالمدحِ في الذِّكرِ |
|
وآلٍ وَصَحبٍ لَيسَ يَحصُرُ فَضلَهُم | |
|
| بَليغٌ وَلو أَوفَى علَى النَّظمِ والنَّثرِ |
|