لِيَهن بَنِي الإِسلامِ فَجرٌ مِنَ الهُدى | |
|
| مَحا نُورُهُ لَيلَ المَكارِهِ مُذ بَدا |
|
وَيَهنِيهُمُ حِفظُ الثُغورِ وَطيبَةٍ | |
|
| وَأُمِّ القُرى لا عانَقَتها يَدُ الرَّدى |
|
بعَزمِ إِمامٍ ثَبَّتَ اللَّه أمرَهُ | |
|
| وَأَورَثَهُ حِلماً وَرَأياً مُسَدَّدا |
|
وَقَلَّدَهُ المَولى رِعايَةَ خَلقِهِ | |
|
| فَأَعطاهُ عِلماً كافِياً ما تَقَلَّدا |
|
فَكانَت مُلُوكُ الأَرضِ شاهِدَةً لهُ | |
|
| بأَن كانَ في فَنِّ السِّياسَةِ أَوحَدا |
|
إِذا رَاعَتِ الأَعداءَ هَيبَةُ جُندِهِ | |
|
| عَلاهُم بِرَأيٍ كانَ أَمضَى وَأَجوَدا |
|
يكادُ لِحُسنِ الرَّأيِ يُدرِكُ يَومَهُ | |
|
| بِظَنٍّ صدُوقٍ مُنتَهى أَمرِهِ غَدا |
|
حكيمٌ بِأطرافِ الأمورِ إِذا التَوَت | |
|
| يَفُكُّ بِحلمٍ ما التَوَى وَتَعَقَّدا |
|
فأَعداهُمُ طاشَت وَحارَت عُقُولُهُم | |
|
| فكُلُّ جِهاتٍ مِنهُ تُهدِي لَها الرَّدى |
|
عَلَى أَنَّهُ أَحلَى المُلُوكِ لَطافَةً | |
|
| وَأَحسَنُهُم بِشراً وَأَجزَلُهُم نَدى |
|
وَأَوصَلُهُم رَحماً وَأَشرَفُهُم سَناً | |
|
| وَأَوسَعُهُم عَفواً وَأَقدَرُهُم يَدا |
|
وَأَعظَمُهُم عِندَ الحِفاظِ حَفِيظَةً | |
|
| وَأَكثَرُهُم عِندَ الإِلهِ تَعَبُّدا |
|
وَأَنصَرُهُم لِلشَّرعِ مِن غَيرِ مِريَةٍ | |
|
| وَأَقوَمُهُم سَيراً عَلَى سُنَنِ الهُدى |
|
وَأَعلاهُمُ هَمّاً وَقَدراً وَهَيبةً | |
|
| وَأَقوَاهُمُ دَفعاً لِقارِعَةِ العِدا |
|
مآثِرُ عن آبائِهِ الصيِّدِ نالَها | |
|
| وقَد زادَهُ الرَّحمنُ فَضلاً وَسُؤدَدا |
|
بهِ حَرَسَ اللَّه الجَزِيرَةَ فاغتَدَت | |
|
| أَعَزَّ عَلَى الأَعداءِ نَيلاً وَأَبعدا |
|
وَكانَت يَدُ الإِفرنجِ مَدَّت لأَهلِها | |
|
| مِنَ البَغيِ كَيداً يُشبِهُ اللَّيلَ أَسوَدا |
|
فأَشرَقَ كالبَدرِ المُنيرِ بأُفقِهِ | |
|
| فأَصبَحَ ليلُ البَغيِ عنها مُشَرَّدا |
|
فقُل لبَنِي الإِسلامِ يَهنِيكُمُ بِهِ | |
|
| مَساعِي إِمامٍ أَثبَتَت فوقكُم يَدا |
|
فأَدُّوا لَهُ شُكراً وَقُومُوا بِنَصرِهِ | |
|
| بكُلِّ سَبيلٍ وَارتَضُوه المُقَلَّدا |
|
وَقُولُوا لَهُ أَنتَ المُسَوَّدُ وَالَّذي | |
|
| يكُونُ لَهُ التَّقديمُ وَصفاً مُخَلَّدا |
|
وَقولُوا لِعُبّادِ الصَّليبِ تَقَهقَرُوا | |
|
| وَكُفُّوا عَنِ الإِسلامِ كَفّاً مُؤَبَّدا |
|
فَذِي أُمَّةٌ رَبُّ البَرِيَّةِ لَم يَزَل | |
|
| يُقيمُ لها مِنها إِماماً مُجَدِّدا |
|
وَلَيسَت خُرافاتُ التَّمَدُّنِ بينَكُم | |
|
| خَدَعتُم بِهَا الحَمقى غَبِيّاً وَأَنكَدا |
|
وَلَكِنَّها آياتُ حَقٍّ بِأَمرِها | |
|
| نُعِيدُ عَلَيكُم بأسَ قَتلٍ مُجَدَّدا |
|
بأَيدي كِرامٍ مُخلِصينَ لِرَبِّهم | |
|
| يَبيعُونَ دُنياهُم بأَعلَى وَأَبعَدا |
|
وَأَنتُم عَلِمتُم ما لكُم في مِثالِنا | |
|
| مُصابَرَةٌ إِذ يُجعَلُ الشَّرعُ مَقصِدا |
|
وَأُنهِي سَلاماً للأمامِ مُبَتَّلا | |
|
| أَلَذَّ مِنَ الشّهدِ الصَّريحِ وَأَجوَدا |
|
نُهَنِّيكَ شُكراً بَل نُهَنِّي نُفُوسَنا | |
|
| بِحِفظِ بِلادِ اللَّهِ مُستَنزِلِ الهُدى |
|
وَعَالَجتَها عَن حِكمَةٍ وَسِياسَةٍ | |
|
| فَنَحَّيتَ عَنَها داءَها المُتَجَسِّدا |
|
فلا زِلتَ تُهدِي كُلَّ يَومٍ مُؤَثِّراً | |
|
| وَدَولَتُكَ العُظمى تَزِيدُ عَلَى المَدى |
|
فيَا أَيُّها الشَّهمُ الكَريمُ تَعَطُّفاً | |
|
| عَلَى أَهلِ بَيتِ اللَّهِ شُكراً لِمَن هَدى |
|
كَذَلِكَ سُكَّانُ المَدِينَةِ إِنَّهُم | |
|
| لَهُم حَرَمٌ يَرعَاهُ كلُّ مَن اهتَدى |
|
تَعَهَّد بإِحسانٍ فَقِيراً وَعالِماً | |
|
| فأَكرَمُ جَذبِ الناسِ ما كانَ عَن نَدى |
|
وَإِنَّا لَكُم دَاعُونَ بالغَيبِ خِفيَةً | |
|
| مَحَبَّةَ دِينٍ لا لِنَحظَى وَنُحسَدا |
|
وَنَهوى بأَنَّ الأَرضَ تُعطِيكَ حُكمَها | |
|
| وَيُجمَعُ شَملُ المُسلِمين كَما بَدا |
|
وَإِنَّكَ ذُو عَطفٍ عَلَيهِم وَرَأفَةٍ | |
|
| تُرَبِّيهِمُ بالبَأسِ وَالعَطفِ والنَّدى |
|
وَتَهجُرُ غَمضَ النَّومِ والناسُ نُوَّمٌ | |
|
| لِتَدفَعَ عَنهُم وارِدَ الخَوفِ وَالرَّدى |
|
وَتَأبى لَذيذاً مِن طَعامٍ وَمَشرَبٍ | |
|
| لِتَضرِبَ بالغاراتِ في أَوجُهِ العِدا |
|
حَبيبيَ هَل أَبقَيتَ لِلنَّاسِ مَشغَلاً | |
|
| سِوى دَعَواتٍ قائِمينَ وَسُجَّدا |
|
وَإِنَّكَ قَد وُلِّيتَ فِينا مُوَفَّقاً | |
|
| مُهاباً جَليلاً ذا وَقارٍ مُسَدَّدا |
|
فتىً عَمَّ كلَّ النَّاسِ إِنصافُهُ بِهِم | |
|
| فَما أَحَدٌ إِلا عَنِ البَغيِ أَخلَدا |
|
فَأَدناهُمُ أَعلاهُمُ عِندَ حَقِّهِ | |
|
| وَأَعلاهُمُ أَدناهُمُ إِن تَمَرَّدَا |
|
جَرى جَريُكَ العَالِي بوافِي سِياسَةٍ | |
|
| وَحِكمَةِ ذِي عِلمٍ وَهَيبَةِ أَمجَدا |
|
وَلَم نَكُ نَدرِي قبلَهُ أَنَّ وَقتَنا | |
|
| حَوَى مِثلَ هَذا السَّيدِ الشَّهمِ سَيِّدا |
|
وَثَمَّ لَنا شَكوى مِنَ الوَقتِ فارعَهَا | |
|
| تكُن بِدُعاءِ المُسلمينَ مُؤَيَّدا |
|
خَدائِعُ أَعداءٍ تُسَمّى تَمَدُّنا | |
|
| تَبُثُّ عَلَى الإِسلامِ شَرّاً مُفَنَّدا |
|
مَدارِسُ قامَت فِتنَةً وَخَديعَةً | |
|
| فَتَعلِيمُها زُورٌ وَتَهذيبُها رَدى |
|
فَغَرُّوا بها الحَمقَى إِلى أَن تَجاذَبَت | |
|
| وَعَمَّت عُمُوماً لا يُقاسُ لَهُ مَدى |
|
فَنأملُ بَسطَ السَّيفِ حَتّى تُزِيلَها | |
|
| وَتَقطَعَ مِنها أَصلَها المُتمَدِّدا |
|
وَتَحرقَ تَأليفاتها فَهيَ قَد سَرَت | |
|
| وَتَزجُرَ عَن تَقويمِها وَتُهَدِّدا |
|
أَنالَكُمُ النَّصرَ المُبينَ إِلهُكُم | |
|
| وَأَلزَمَكُم ما دُمتُمُ سُبُلَ الهُدى |
|