دَنا المَوتُ مِنّي أَبا جَعفَرٍ | |
|
| وَغاضَ الجَمالُ وَزاغَ البَصَرْ |
|
سَأَقضي غَداً فَالوَداعَ الوَداع | |
|
| وَداع الفِراقِ وَداع العُمُرْ |
|
وَاِعبُرُ بَرزَخَ هذي الحَياةْ | |
|
| وَكُلُّ عَناءٍ لَهُ مُستَقَرْ |
|
لَكَ اللَهُ سَعَّرتَ نارَ الجَوى | |
|
| بِقَلبي وَجانَبتَ لَمّا اِستَعَر |
|
فَكُنتُ أُنادي الحَريقَ الحَريقْ | |
|
| وَنادَيتُ يا نارُ كوني أَحَرْ |
|
وَما كُنتَ تَعطِفُ عَطفَ العَشيق | |
|
| وَتَخنو حُنُوَّ الحَبيبِ الأَبَرْ |
|
تَعَذَّبتُ في الحُبِّ مَن في الهَوى | |
|
| تَذَوَّقَ ما ذُقتُ مَن في البَشَرْ |
|
أَهَنتُ عَزيزي وَأَسلَمتُ نَفسي | |
|
| إِلَيكَ لِتَرضى أَلا تَذَّكِرْ |
|
وَخالَفتُ أَهلي وَعادَيتُهُم | |
|
| وَهُم مِثلَما قَد عُلِمَت الغُسُرْ |
|
وَحاذَرتُ مِنكَ النَوى وَالصُدود | |
|
| وَلَم يُغنِ عَنّي شَديدُ الحَذَرْ |
|
وَها أَنَت قَد بِنتَ وَاِحَسرَتاه | |
|
| وَغادَرَتني لِعَذاري أُخَرْ |
|
وَلَم يَبقَ مِنكَ سِوى ذِكرَيات | |
|
| وَلَم يَبقَ لي مِنكَ إِلّا صُوَرْ |
|
فَها أَنتَ في الدَيرِ تَشكو الهَوى | |
|
| وَمِن أَلَمِ البُعدِ لا تَختَصِرْ |
|
وَها أَنتَ تَبكي بُكاءَ الرَضيع | |
|
| فَأَمتَصُّ مِن مُقلَتَيكَ العِبَرْ |
|
وَأَرمي بِنَفسي عَلى ساعِدَيك | |
|
| فَتَرفُقَ بِالخَصَر لا يَنكَسِرْ |
|
تُدَغدِغُ نَهدِيَ يا لَلغَرام | |
|
| وَيا لِزَمانٍ تَقَضّى وَمَرْ |
|
وَها أَنَذا في فِراشِ المَمات | |
|
| أَتَسمَعُ نَجوى الَّتي تَحتَضِرْ |
|
عَجِبتُ لِقَلبي يَصونُ العُهود | |
|
| وَيُوفي الوُعودَ لِمَن قَد غَدَرْ |
|
فَلَيتَكَ يا قَلبُ لَمّا عَلِقت | |
|
| بِهِ صَرَعَتكَ أَيادي القَدَرْ |
|
لَقَد قُدتَني لِسَبيلِ الفَناء | |
|
| وَمَن كانَ هاديهِ أَعمى عَثَرْ |
|
لِمَ الذُلَّ يا رَبَّةَ الكِبرِياء | |
|
| لِإِذلالُكَ النَفسَ إِحدى الكُبَرْ |
|
سَتَقضينَ عَمّا قَريبٍ فَما | |
|
| يَهُمُّكِ هَجر الَّذي قَد هَجَر |
|
تُناسيهِ لا يَزدَهيهِ الغُرور | |
|
| فَيَشمَتُ قَلبٌ لَهُ كَالحَجَرْ |
|
أَموتُ وَتَهوى مِنَ الغيدِ غَيري | |
|
| لِهذا مِنَ المَوتِ عِندي أَمَرْ |
|
أَبَعدي تَهونُ عَلى مَن تُحِب | |
|
| لِيَ اللَهُ غائِرَة تَستَعِرْ |
|
وَدَدتُ لَوَ اَنَّكَ بَينَ اليَدَين | |
|
| أَضُمُّكَ لِلصَّدرِ ضَمّاً عَسِرْ |
|
وَأَلتَفُّ لَفَّ الأَفاعي عَلَيك | |
|
| وَأَنظُرُ سُمِّيَ فيكَ اِنتَشَرْ |
|
وَيَجمَعُنا مَيِّتينَ السَريرُ | |
|
| وَيا طالَما جَمَعَتنا السُرُرْ |
|
وَتَقضي وَيَقضَينَ حُزناً عَلَيك | |
|
| وَما نالَ مِنكَ سِوايَ الوَطَرْ |
|
وَلكِن لِماذا بَل اِبقَ اَبراهيم | |
|
| وَخُذ في هَوى الغيدِ بَعدي وَذَرْ |
|
سَأَصبِرُ باقيَ هذي الحَياة | |
|
| وَأَيُّ الأَحِبَّةِ مِثلي صَبَرْ |
|
وَلكِن تَعالَ وَقِف فَوقَ رَأسي | |
|
| وَقَبِّل مَعينَ الّلمى وَالحَوَرْ |
|
وَبَلِل مُصَوّحَ وَردِ الخُدود | |
|
| بِمَدمَعِكَ الساجِم المُنهَمِرْ |
|
أَموتُ أَبا جَعفَرٍ فَالوَداع | |
|
| وَداعَ الفِراقِ وَداعَ العُمُرْ |
|