قالَ الفَقيرُ المُذنِبُ الجاني الأَقَلّْ | |
|
| عَبدَ الجَليلِ ذو الخَطايا وَالزلَل |
|
هُوَ اِبنُ ياسينَ سَليلَ الهادي | |
|
| مُستَمنِحا مَواهِبَ الجَوادِ |
|
الحَمدُ لِلّهِ الكَريمِ المُنعِم | |
|
| مِن ذِكرِهِ أَنس الحَنيفَ المُسلِم |
|
ثُمَّ الصَلاةُ مَع سَلامٍ دائِم | |
|
| عَلى النَبِيِّ المُصطَفى مِن هاشِم |
|
وَالآلُ وَالأَصحابُ وَالأَتباعُ | |
|
| ما لَذَّت النُزهَةُ في الطِباع |
|
وَبَعدَهُ فَخَيرٌ لِذاتِ الدِنا | |
|
| طَيِّبُ اِجتِماعٍ بِالكِرامِ الفَطنا |
|
لا سيما في مُنتَزَهٍ رَضي | |
|
| يُفصِحُ كُلٌّ فيهِ ما قَد يَقتَضي |
|
مِن كُلِّ مَعنى في الحَديثِ مُبتَكَر | |
|
| كَأَنَّهُ زَهرُ الرِياضِ في البكر |
|
تَجني ثِمارُ الجِدِّ في فُنونِ | |
|
| طوراً وَطوراً مِلح المَجون |
|
فَذاكَ لا رَيبَ أَهنى مُكتَسَب | |
|
| لا يَرتَوي مِنهُ الظَريفُ ذو الأَدَب |
|
كَذا أَبو الوَليدُ عَبدِ المَلِك | |
|
| قَد صَحَّ عَنهُ أَن ذا عَنهُ حَكي |
|
مِن قَولِهِ شَبِعَتُ مِمّا أَشتَهي | |
|
| إِلّا أَحاديثُ الرِجالِ النبه |
|
وَكانَ مِمّا يَسُرُّ الرَبُّ الحَفى | |
|
| أَنّا خَرَجنا نَقصِدُ النُزهَةَ في |
|
صُبحِ الخَميسِ النِصفِ مِن شَهرِ رَجَب | |
|
| في خامِسِ الحوتِ وَذا فَصل يُحِب |
|
مِن سنة في ضَبطِها أَرخنا | |
|
| عَني لِلنُزهَةِ قُل خَرَجنا |
|
في رِفقَة غر الوُجوهِ كَمل | |
|
| ما مِنهُم إِلّا فَصيحَ المَقول |
|
قَومٌ كِرامُ مِن كِرامٍ تُنمى | |
|
| مِمَّن زَكى خالاً وَطابَ عَمّا |
|
قَد مَلَكوا مَحاسِنَ الأَخلاقِ | |
|
| مِن كُلِّ قُرم لِلعَلى سَبّاق |
|
باعوا الخِلافَ وَاِشتَروا وِفاقا | |
|
| فَالكُلُّ في حُسنِ الطِباعِ فاقا |
|
قَد أَوثَقوا العَهدَ عَلى صِدقِ الإِخا | |
|
| في حالَةِ الشِدَّةِ أَو حالِ الرَخا |
|
مِن طَبعِهِم إِيثارُ ما تَشاءُ | |
|
| لَهُم بِذلِكَ اليَد البَيضاء |
|
أَنعَم بِهِم مِن مَعشِرَ أَكارِم | |
|
| قَد اِرتَقوا إِلى ذَرى المَكارِم |
|
جَزاهُم اللّهُ بِخَير ما جَزى | |
|
| لِصالِحِ الإِخوانِ في يَومِ الجَزا |
|
وَقَد أَزاحَ اللّهُ عَنّا الثِقَلا | |
|
| فَلا تَرى إِلّا ظِرافا نُبَلا |
|
غِلمانُنا كُل خَفيف الروحِ لا | |
|
| يَنفَكُّ في بَشر وَطبع سَهلا |
|
لا يَعبِسونَ في صُعوبات الخَدم | |
|
| يَخشونَ أَن يُقالَ فيهِم ما يُذَم |
|
مِن كُلِّ سِباقٍ إِلى المُرادِ بِهِ | |
|
| كُلٌّ أَبى سِبقاً يَرى لِصاحِبِهِ |
|
سِلاحَنا الأَسيافُ وَالبَنادِقُ | |
|
| وَبِالرِمايَةِ الجَميعُ حاذِق |
|
وَقَد صَحِبنا مَعَنا أَسفارا | |
|
| نَقطِفُ مِن أَسطارِها أَزهارا |
|
مِن نُكتَةٍ نادِرَةٍ لَطيفَه | |
|
| تَختارُ لِلسَّمعِ بِها تَشنيفَه |
|
أَو بَيتِ شِعرٍ ذي مَعانٍ حالِيَه | |
|
| أَو قِصَّةٍ عَنِ القُرونِ الخالِيَه |
|
كَذلِكَ الفِقهُ لَدَينا مِنهُ | |
|
| ما لَم يَكُن لَنا غِناءً عَنهُ |
|
كَذا مِنَ الحَديثِ سِفر كافي | |
|
| وَهُوَ لِداءِ الجَهلِ خَيرُ شافي |
|
قَد اِمتَطَينا قارِبَينِ حَفا | |
|
| بِحُسنِ تَيسيرِ الإِلهِ لُطفا |
|
قَد أَحكَما صِناعَةَ وَعِدَّه | |
|
| أَسرَعُ مِن طَرف تَطيلُ مَدَّه |
|
أَرفَه مَركوب وَفي خَير مَقَر | |
|
| تَضَمنا ضَم الصَناديقِ البَدر |
|
لا كَالجَوارِ المُنشَآتِ في العَظمِ | |
|
| إِذا رَأَيتَها حَسِبتَها عَلم |
|
بَل إِنَّما هُما لَطيفاً جَرم | |
|
| لَيَجرِيا في البَحرِ إِذ لَم يَطُم |
|
لَمّا رَكِبنا كانَتِ الريحُ لَها | |
|
| تَحَرُّكَ مُطابِق لِلمُشتَهى |
|
سِرنا عَلى اِسمِ اللّهِ في مَجراهُما | |
|
| كَذاكَ بِاِسمِهِ لَدى مَرساهُما |
|
حَتّى قَدَّمنا بِاِعتِجالُ سَترِهِ | |
|
| وَاللّهِ مُسبِل عَلَينا سَترَهُ |
|
تَرى بِها النَخيلُ باسِقاتٍ | |
|
| مِن كُلِّ نَوعٍ لَذَّ لِلجِنات |
|
فيها يَنابيعُ المِياهِ قَد جَرَت | |
|
| في بَرِّها وَبَحرِها تَفَجَّرَت |
|
فَمَد نَزلناها ضَحى النَهارُ | |
|
| في دارِ بَخاخ بِلا اِستِقرار |
|
أَقبَلَ دَعبَل بِما نَحتاجُ لَهُ | |
|
| مِن حَطَب النَخلِ وَذاكَ ناقِلَه |
|
مِن ذلِكَ الأَكّارُ أَكارِ السَري | |
|
| مُبارك الاِسمُ كَريمُ العُنصُر |
|
نَجلُ الهِمامِ الباسِلِ المِغوارِ | |
|
| إِذا عَلَت غَياهِبُ الغُبار |
|
وَخَفَّ قَلبُ البَطَلِ الكرار | |
|
| تَلقاهُ عِندَ الرَوعِ مِثلُ الضاري |
|
يَخضِبُ مِتنَ الصارِمِ البَتار | |
|
| مِن هامَّةِ القَرم الجَرِيِّ الواري |
|
عَنَيتُ عَبدَ اللّهِ نَجلُ أَحمَد | |
|
| سامي الذَرى رَبُّ العُلى وَالسودد |
|
الماجِدُ النَدبُ الجَوابُ العَبقَرِي | |
|
| كَهفُ العُفاةِ غَيثُ مَحل مَغبَر |
|
أَمَّ الوَفودُ نَحوَهُ أَفواجا | |
|
| لِرَفدِهِ قَد قَطَعوا الفِجاجا |
|
يُعرَفُ كُلُّ باغِض حَسود | |
|
| بِأَنَّهُ الوَفِيُّ بِالعُهود |
|
عاشَ بِهِ الجارُ عَلى الوِقار | |
|
| في مَنعَة وَعِزَّة الجِوار |
|
مِن مَعشَرٍ شَمَّ تَعاقَدوا عَلى | |
|
| حُسنِ السَجايا وَاِكتِسابٍ لِلعُلى |
|
آلَ خَليفَة عِظامُ المَفخَرِ | |
|
| مِن كُلِّ قَرم ماجِد غَضَنفَر |
|
وَمُذ غَنِمنا نُزهَةَ الجَزيرَه | |
|
| سِرنا إِلى جَوٍّ بِحُسنِ سيرَه |
|
المَنزِلُ الَّذي عِفتُ رُسومَهُ | |
|
| مُذ أَفلَتَ مِن أُفُقِهِ نُجومَه |
|
مِن بَعدِ ما كانَ مَحَطَّ الرحل | |
|
| يَلقى بِه االطارِقُ خَيرَ أَهل |
|
وَمَعقَلُ الوُفودِ وَالضُيوفِ | |
|
| وَمَأمَنُ الطَريدِ وَالمَخوف |
|
يُزَيِّنُهُ غُرٌّ بِهِ سكان | |
|
| هُم الحُماة الصَيدِ وَالشُجعانُ |
|
مِن كُلِّ فاضِل نَقِيِّ العَرضِ | |
|
|
دار لِرَبّاتِ الحِجالِ الخُرَّد | |
|
| مِن كُلِّ هَيفاءَ بِقَد أَميد |
|
ذاتُ اللُمى المَعسولِ وَالثَغرِ الشَنَب | |
|
| وَعَقرَبُ الصَدغِ إِضناها تَدب |
|
تُرسِلُ مِن شُعورِها أَفاعِيا | |
|
| تَنهَشُ قَلبَ الصَب وَهيَ ماهِيا |
|
فَأَصبَحَت أَطلالُها تُسائِلُ | |
|
| أَينَ الدُمى وَهاتِكَ الخَلاخِل |
|
قَضى عَلَيها الدَهرُ بِالخَرابِ | |
|
| حَتّى غَدَت مَساكِنُ الضَباب |
|
وَذاكَ أَمرُ اللّهِ حَيثُ أَحكَمَهُ | |
|
| بَدا بِأَهلِها اِختِلافُ الكَلِمَة |
|
وَاِحتَوشَت أَرجاءُ أَهلَيها العِدى | |
|
| جُندُ سُعود وَالَّذي بِهِ اِعتَدى |
|
ظُلماً فَجاءَها بِكُلِّ مَصلَت | |
|
| وَقَد أَمَدَّهُم إِمامُ مَسكَت |
|
وَبَعضُ أَهلَيها نَحى الخِيانَةِ | |
|
| بَغياً بِلا جُرمٍ وَلا اِمتِهانَه |
|
بَل قادَهُم لِذلِكَ الرَجيمُ | |
|
| وَمَن يَخونُ غادِرَ ذَميم |
|
فَاِختارَت الأَشياخَ مِنها الرِحلَة | |
|
| مِن قَبلُ أَن تَلحَقَهُم مَذَلَّة |
|
فَعادَت الدارُ طُلولا خاوِيَة | |
|
| فَلا يُجيبُ الرُبعُ مِنها داعِيَة |
|
سَوى فَريقٌ حَلَّ مِنها ناحِيَة | |
|
| وَكُلُّهُم في الصَيدِ هادَ داهِيَة |
|
مُمَيَّز الأَجناسُ وَالأَنواعُ | |
|
| في سَردٍ أَسماها طَيلَ الباع |
|
لا يَجهَلُ الحيتانُ فَرداً فَرداً | |
|
| يُعرَفُ بدء صَيدُها وَالحدا |
|
مَن حاذق في صَيدِها مَنعوت | |
|
|
يَقولُ هذا النَوعُ فَصلُهُ دَخل | |
|
| يَرى غَداً وُسطَ الشِباكِ قَد حَصَل |
|
وَفَصلُ ذا قَد اِنتَهى مِن أَمسِ | |
|
| فَلَم يَرُد بَعدَ غَد في حَدسي |
|
فَبادَرونا مِنهُ بِالغَضِّ الطَري | |
|
| مِن خَيرٍ مَوجودٍ بِزُعمِ المَخبَر |
|
وَكُل جَرجور طَويلِ السَيفِ | |
|
| فَأَكثِروا مِنهُ بَغَيرِ حَيفِ |
|
وَقَد وَرَدنا مَنهَلا مُستَصفى | |
|
| فيها مَريئاً سُكَّرِيّاً أَصفى |
|
بِتنا ثَلاثاً فيهِ بِالتَوالي | |
|
| لِعِبرَةٍ بِهالِكِ الأَطلالِ |
|
ثُمَّ اِرتَحَلنا الصُبحَ لَلجَنوبِ | |
|
| فَزادَ فينا الريحُ بِالهُبوبِ |
|
حَتّى تَجاوَزنا ضُحى حَدِّ الجَمَل | |
|
| هُناكَ أَرسَينا بِمَنزِلٍ يُمَل |
|
في قِفرَة لَيسَ بِها أَنيسُ | |
|
| إِلّا اليَعافيرُ وَإِلّا العيسُ |
|
ثُمَّ قَطَعنا مُنتهَى البَحرَينِ | |
|
| صُبحاً وَجَريُ الريحِ بِالهَوينُ |
|
حَتّى نَزَلنا الرَأسَ لِلعياشِ | |
|
| مِن غَيرِ إِزعاجٍ وَلا اِنكِماشِ |
|
بِتنا بِأَرضِ خَيرٍ ما فيها الحَطبِ | |
|
| لكِنَّ مِنَ الشَمسِ أَتى بَعضُ التَعَبِ |
|
ما شَأنُها إِلّا مخاض طالا | |
|
| لِبُعدِهِ قَد أَتعَبُ الرِجالا |
|
وَأَصبَحَ الضَبابُ كَالنِساجِ | |
|
| بَرداً يَمُدُّهُ عَلى الفِجاجِ |
|
وَقَد تَرَكنا ذلِكَ المَكانا | |
|
| وَغَيرِهِ نَحَتهُ قارِبانا |
|
وَذلِكَ اليَومُ الهَوى عنا ركد | |
|
| بِقَدرِ ما يَنسِجُ في البَحرِ زَرَد |
|
حَتّى تَجاوَزنا إِلى دوباس | |
|
| في رَبوَةِ بِتنا شَمالَ الراس |
|
يا حَسنُهُ مِن بَندَر مَقارِب | |
|
| حَبلُ الخِباء عِندَ حَبلَ القارِب |
|
أَرضٌ بِها تَنشَرِحُ الصُدورِ | |
|
| عَنها تَقولُ الصحب لا نَسير |
|
في رَملَةٍ كَأَنَّها الدَهناءُ | |
|
| طِيَّة لَذَّ بِها الثَواءُ |
|
رِياضَها تَحَفُّها كِثبانُ | |
|
| يَنبِتُ فيها الشَيحُ وَالحوذانُ |
|
كَذلِكَ الطُرَفاءُ وَالثِمام | |
|
| وَالمَرخ وَالأَرطاة وَالرِمرام |
|
فيها كَثيبُ زانٍ بِاِرتِفاع | |
|
| تَنظُرُ مِنهُ غالِبُ البِقاع |
|
يا طيبُ لَيلَتَينِ قَد بِتناها | |
|
| في هاتِكَ الرَبوَةُ ما أَهناها |
|
فيها أَتانا اِبنُ هِلالٍ جُمعَه | |
|
| إِذ مازَجَ اللُؤمُ عِياناً طَبعَه |
|
لا يُحسِنُ القَولَ وَلا اِستِماعَهُ | |
|
| يَحسَبُنا نَغصِبُهُ مَتاعَه |
|
نَقولُ بِعنا بَعضَ ذي الحيتانِ | |
|
| بِها تَرى مِن أَحسَنَ الأَثمانِ |
|
بِحُكمِكَ الجائِرُ نَحنُ نَرضى | |
|
| فَاِحكُم وَخُذ وَأَدِّ هذا البَعضا |
|
وَهُوَ يَصيحُ إِنَّكُم نهابَة | |
|
| وَلَم يَزَل بِهذِهِ المَثابَة |
|
قُلتُ دَعوَه وَدَعوا جَرابَه | |
|
| هذا مِنَ القُبحِ حَشا إِهابَه |
|
لا خَيرَ في غالِبٍ جَلابي السمك | |
|
| طِباعَهُم لِلُّؤمِ تُغني عَن شِركِ |
|
ثُمَّ اِرتَحَلنا الصُبحَ لَلشَمالِ | |
|
| نَطوي قُرى الساحِلِ بِالتَوالي |
|
نَقولُ ذي الزَلاقِ قَلعَةٌ صَدَد | |
|
| نَنطُرُها مِن سبد وَمِن لَبَد |
|
لَم يَكُن الساحِلُ ذا اِبتِعاد | |
|
| مَلاحِنا يُجيبُ نَجوى الحادي |
|
وَذلِكَ النَهارُ قُلنا في العَقا | |
|
| رِيَة المُقيلِ فيها لَم يَطق |
|
فيها البَعوضُ صائِلُ وَالساحِلُ | |
|
| في النُتنِ ذاكَ مُستَراحُ سائِل |
|
تُظِلُّنا عَرشُ بِها وَخَيمَة | |
|
| يا قُبحِها منازِلا ذَميمَة |
|
|
| بِخَير مَوضِع لَطيفٌ سَلِس |
|
|
| في قُربِ جَدوَلِ زَلالٍ جاري |
|
فيها بَشير جاءَ بِالمَطعوم | |
|
| كُل لَذيذ ساغٍ في الحَلقوم |
|
وَأَم نَعسان نَحوِها عِبرُنا | |
|
| وَمُذ رَأَينا وَضَعها اِعتَبَرنا |
|
شاطِئُها غَرباً بِهِ كَهف جَبَل | |
|
| بِطولِهِ يَقطُرُ ماءً لِلنَهلِ |
|
يَجري إِلى البَحرِ وَيَنبِتُ القَصب | |
|
| بَينَهُما وَذاكَ مِن أَوفى العَجَب |
|
فَالمَوجُ يُرقى لا يُميتُ الوَجمَه | |
|
| وَكُلُّ صُنعُ اللّهِ جَل أَحكُمُه |
|
في الكَهفِ حَوضٌ فيهِ صَبُّ البارِدا | |
|
| مِنهُ اِرتَواءُ مِن يَمُرُّ وارِدا |
|
وَإِن في أَثنائِها أَوفى جَبَل | |
|
| دَكدَكَ بَعضُهُ وَباقيهِ قَلَل |
|
وَفيهِ كَم مَغارَة مُظِلَّة | |
|
| لَيسَت عَلى الداخِلِ بِالمَضَلَّة |
|
وَبَعضُها يُشبِهُ نَحتَ العَمَل | |
|
| وَمَوضِعُ البابِ مَعَ القِفل جَلي |
|
حَوضٌ مَريع أَتى في ذَروَتِهِ | |
|
| مَجرى السُيولِ قاصِد لِوَجهَتِهِ |
|
وَبَعضُ عِشبِ مَزهر في سَفحِهِ | |
|
| تَستَنشِقُ الطيبَ بِشم نَفحِهِ |
|
فيها مَراعي شَمِلَت أَكنافَها | |
|
| تُغني وَلَو لَم تُبلِغَن أَطرافَها |
|
وَقَد أَتانا العَصرُ إِبراهيمُ | |
|
| فيها هُوَ اِبنُ أَحمَد النَديم |
|
يُغَنّيكَ عَن سُمَيِّهِ وَنَجلِهِ | |
|
| الموصَلِيَّينِ بِحُسنِ فَضلِهِ |
|
فَن المويسيقى غَدا أُستادُهُ | |
|
| مَع حِفظِ ما نَطلُبُهُ إِنشادُه |
|
مِن آلِ بَرمِكَ نَشا في البَصرَةِ | |
|
| لَهُ بِها قَبيلَةٌ وَأُسرَ |
|
وَقَد رَأى الصَحبُ بِها كَم حَية | |
|
| مَيِّتَة فيها وَكَم مِن حَيَّة |
|
لِما تَرَكناها أَتى المَسيرُ | |
|
| بَينَ جَزائِر بِها الطُيور |
|
ما بَينَ واقِع بِها أَو طائِر | |
|
| قاطِنَة بِهاتِكَ الجَزائِر |
|
تَرتاعُ مِن شِدَّةِ جَري الماءِ | |
|
| لِضيقِ مَجرى هاتِكَ الأَرجاءُ |
|
حَتّى نَزَلنا في فَناءِ القَلعَه | |
|
| وَالنَخلِ حَولَها أَبان طَلعَه |
|
فَجاءَنا ريحانُ فيها عازِما | |
|
| وَاِبنُ رَضِيٍّ عازِماً مُنادِماً |
|
مُر بِنا في عامِر النَخيلِ | |
|
| راقَت وَلَو بِظِلِّها الظَليل |
|
أَشجارُها تَنَوَّعَت أَزهارُها | |
|
| غَنى عَلى أَفانِها هَزارُها |
|
كَأَنَّما الأَترَجُ في الأَوراقِ شَب | |
|
| في خَيمَةٍ خَضرا قَناديلُ ذَهَب |
|
وَزَهرُهُ في قُمعِهِ كَأَنمَلَه | |
|
| مِن فِضَّةٍ زُمرداً مُكَلَّلَه |
|
وَالوَردُ فيها قَد زَها اِحمِرارُهُ | |
|
| كَم سَكَرتَ بِظِلِّهِ أَطيارُه |
|
وَخَوخها مُعَطَّر الأَفياء | |
|
| وَزَهرَهُ كَالقُبَّة الحَمراءِ |
|
وَالماءُ جارٍ قَد صَفَت جَداوِلُهُ | |
|
| وَاِستَعذَبَت لِوارِدِ مَناهِلُه |
|
مَنظَرُ هذي القَلعَةِ العَظيمَةِ | |
|
| تَعرِفُ مِنها أَنَّها قَديمَة |
|
أَركانُها مُحكَمَة البِناء | |
|
| بِطُرفِها تُشيرُ لِلسَّماء |
|
صُخورُها مَنحوتَة مُرَبَّعَة | |
|
| عَظيمَة السُمكِ بِطولِ وُسعَة |
|
|
| يَقصُرُ عَنها الوَصفُ بِالتَطويل |
|
حاطَ بِها سوران ثُمَّ الخَندَقُ | |
|
| يُعجَبُ راءٍ عَرضُهُ وَالعُمقُ |
|
قُصورُها ناءَت عَنِ التَقصير | |
|
| وَقَد زَهَت بِزُخرُفِ التَعمير |
|
تَرى بِها عَجائِبُ المَباني | |
|
| دَلَّت عَلى عُلُوٍّ شَأنٍ الباني |
|
مَن شادَها مُرادَهُ التَخليدُ | |
|
| إِذا ما عَلى أَحكامِها مَزيدُ |
|
وَقَد قَضى اللّهُ بِنَفي الخُلدِ | |
|
| وَطالِبُ الخِلافِ غَيرُ مَهدي |
|
فَاِنكَشَفَتُ لِذاكَ خَيبَةُ الأَمَلِ | |
|
| إِذ رَجِعَت تِلكَ المَقاصيرُ طَلَل |
|
بِها اِعتِبارٌ لِذَوي الأَبصارِ | |
|
| دَلَّ عَلى نَفاذِ حُكمِ الباري |
|
فيها أَتانا ناصِر اِبنُ زين | |
|
| فَنِعمَ صاحِبٌ وَخَير خَدن |
|
أَفادَنا بِسائِرِ الأَسعارِ | |
|
| وَما طَرا مِن حادِثِ الأَخبار |
|
وَبَعدَما مِلنا إِلى الرُجوعِ | |
|
| لِلأَهلِ قَبلَ آخِرِ الأُسبوعِ |
|
هَبَّ عَلَينا عاصِفُ الشَمالِ | |
|
| فَلَم نَجِد وَجهاً لِلاِرتِحالِ |
|
ثُمَّ تَوَجَّهنا إِلى البِلادِ | |
|
| بِخَيرِ حالٍ مُقتَضى المُراد |
|
في ضَحوَةِ الخَميسِ مُنتَهى رَجَب | |
|
| جِئنا إِلى المَكانِ إِذ نِلنا الأَرَب |
|
بِهِ اِنتَهَت رِحلَتَنا المَيمونَة | |
|
| بِطالِعِ السَعدِ أَتَت مَقرونَة |
|
سَمِّيتُها بِنُزهَةِ الجَليسِ | |
|
| حَيثُ بَدَت بَديعَة التَأسيس |
|
وَبَعدَ ذا أَستَغفِرُ اللّهَ الَّذي | |
|
| لَم نَرَ غَيرِ عَفوِهِ مِن مُنقِذ |
|
يا مالِكِ المُلكِ وَيا رَبّاهُ | |
|
| يا سامِعِ العَبدِ إِذا دَعاهُ |
|
يا واجِبِ الوُجودِ يا أَللّه | |
|
| يا مَوئِلِ العاني وَمُلتَجاه |
|
يا راحِماً لَيسَ لَنا سِواهُ | |
|
| اِدعوكَ يا غَوثاهُ يا غَوثاه |
|
أَغث عُبَيداً خافَ ما جَناهُ | |
|
| إِذ لَم يُخالِفُ لَحظَة هَواه |
|
فَاِرحَم مَقَرّاً بِالذُنوبِ تائِباً | |
|
| باكَ ذَليلاً ذا اِفقِتارِ شائِباً |
|
وَاِمحِ إِلهي صُحُفَ الخَطايا | |
|
| فَضلاً فَأَنتَ مَوجِدُ العَطايا |
|
وُجودُكَ الواسِعُ لَن يَضقِيا | |
|
| بِنا فَقُل يا عَبدُ كُن عَتيقا |
|
مِنَ العَذابُ وَالحِساب المُتعَب | |
|
| إِذا جَثا الخَلقُ غَداً لِلرُكب |
|
وَالطُف بِنا في كُلِّ ما تُقَدِّر | |
|
| وَعافِنا مِن كُلِّ أَمر يُحذر |
|
وَاِعفُ عَنِ الآباءِ وَالجيرانِ | |
|
| وَعَم بِالعَفوِ ذَوي الإيمانِ |
|
وَاِغفِر لِأَهلي وَكَذا أَولادي | |
|
| كَذاكَ أَصحابي مَعَ الأُستاذِ |
|
وَاِبعَث إِلهي نَفحَة ذَكِيَّة | |
|
| مِن عاطِر الصَلاةِ وَالتَحِيَّة |
|
عَلى الحَبيبِ الهاشِمِيِّ الهادي | |
|
| لِمَهيَع النَجاة وَالرَشاد |
|
سَيِّدِنا مُحَمَّد وَآلِهِ | |
|
| وَصَحبِهِ وَمَن عَلى مِنوالِهِ |
|
ما أَضحَكَ الرَوضُ بُكاء المَزن | |
|
| أَو كَشَّفَ البَدرُ خِمارَ الدجَن |
|