يا ليلُ مَا تصنعُ النَّفْسُ التي سَكَنتْ | |
|
| هذا الوجودَ ومن أعدائها القَدَرُ |
|
ترضى وتَسْكُتُ هذا غيرُ محتَمَلٍ | |
|
| إِذاً فهل ترفُضُ الدُّنيا وتنتحرُ |
|
وذا جنونٌ لَعَمْري كُلُّهُ جَزَعٌ | |
|
| باكٍ ورأيٌ مريضٌ كُلُّه خَوَرُ |
|
فإنّما الموت ضَرْبُ من حبائِلِهِ | |
|
| لا يُفلتُ الخلقُ مَا عاشوا فما النَّظرُ |
|
هذا هو اللغْزُ عَمَّاهُ وعَقَّدَهُ | |
|
| على الخليقةِ وَحْشٌ فاتكٌ حَذِرُ |
|
قَدْ كبَّلَ القَدَرُ الضَّاري فرائِسَهْ | |
|
| فما استطاعوا له دفعاً ولا حزَروا |
|
وخاطَ أعينَهم كي لا تُشاهِدَهُ | |
|
| عينٌ فتعلمَ مَا يأتي وما يَذَرُ |
|
وحاطَهُمْ بفنونٍ من حَبائِلِهِ | |
|
| فما لَهُمْ أبداً من بطشِه وَزرُ |
|
لا الموت يُنْقِذُهُمْ من هولِ صولَتِهِ | |
|
| ولا الحياةُ تَساوى النّاسُ والحَجَرُ |
|
حارَ المساكينُ وارتاعوا وأعْجَزَهم | |
|
| أن يحذَروه وهلْ يُجديهمُ الحَذَرُ |
|
وهُمْ يعيشونَ في دنيا مشيَّدةٍ | |
|
| منَ الخطوب وكونٍ كلَّه خَطرُ |
|
وكيف يحذرُ أعمَى مُدْلِجٌ تَعِبٌ | |
|
| هولَ الظَّلامِ ولا عَزمٌ ولا بَصَرُ |
|
قَدْ أيقنوا أنَّهُ لا شيءَ يُنقِذُهُمْ | |
|
| فاستسلموا لِسُكونِ الرُّعْبِ وانتظروا |
|
ولو رأوه لسارتْ كي تحارِبَه | |
|
| من الوَرَى زُمَرٌ في إثرِها زُمَرُ |
|
وثارتِ الجنّ والأملاكَ ناقمةً | |
|
| والبحرُ والبَرُّ والأفلاكُ والعُصرُ |
|
لكنّهُ قوّةٌ تُملي إرادتَها | |
|
| سِرًّا فَنَعْنو لها قهراً ونأتمرُ |
|
حقيقةٌ مرّةٌ يا ليلُ مُبْغَضَةٌ | |
|
| كالموتِ لكنْ إليها الوِرْدُ والصَّدَرُ |
|
تَنَهَّدَ اللَّيْلُ حتَّى قلتُ قَدْ نُثِرَتْ | |
|
| تِلكَ النُّجومُ وماتَ الجنُّ والبَشَرُ |
|
وعادَ للصَّمتِ يُصغي في كآبته | |
|
| كالفيلسوف إلى الدنيا ويفتكرُ |
|
وقَهْقَهَ القَدَرُ الجبَّارُ سُخْريةً | |
|
| بالكائناتِ تَضاحَكْ أَيُّها القَدَرُ |
|
تمشي إلى العَدَمِ المحتومِ باكيةً | |
|
| طوائفُ الخَلْقِ والأشكالُ والصُّوَرُ |
|
وأنت فوقَ الأسى والموت مبتسمٌ | |
|
| ترنو إلى الكون يُبْنَى ثمَّ يندَثِرُ |
|