حَوادثُ دَهرٍ كُلَّما أَصبَحَت تُمسي | |
|
| وَلا أَمل يرجَّى إِلى باعثِ الأُنسِ |
|
دَفَعنا بِجَبرِ النَفس لِلكَوكَب النَحسِ | |
|
| فَما أَسِفَت يَوماً عَلى فائتٍ نَفسي |
|
وَلكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
أُفكِّرُ في جُنحِ الظَلام إِذا دَجَى | |
|
| عَلى أَمة قَد طالَ عَن برئها الرَجا |
|
أَريدُ لَها حُسنَ السَعادةِ وَالنَجا | |
|
| فَلَستُ حَزيناً مِن غَرامٍ تَأَجَّجا |
|
وَلكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
تَقَطَعتِ الأَسبابُ في الخَيرِ بَينَنا | |
|
| وَلَم نَسلكِ النَهجَ الموصِّلَ لِلهَنا |
|
فَزيغٌ وَالحادٌ وَهَدمٌ إِلى البَنا | |
|
| فَإِن فاضَ دَمعي لَيسَ عَن زَخرَف الدُنا |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
فَرُكبانُ علمٍ قَد تسيرُ إِلى العُلا | |
|
| بِحَزمٍ بِه فَجرٌ وَمَجدٌ تَأَصَّلا |
|
فَمُختَرعٌ نَحو السَحابِ تَوَصَّلا | |
|
| فَلَم يَكُ دائي مِن حَبيبٍ تَنَقَّلا |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
أَرى كَبراءَ القَومِ لَيسَ لَهُم سِوى | |
|
| جُمودٌ وَلَذاتٌ وَمَيلٌ مَعَ الهَوى |
|
وَقَد بَلَغَ الساري إِلى العلمِ ما نَوى | |
|
| فَلا أَنا مِن ضَعفي أَحاطَ بيَ الجَوى |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
فَفِكرُ غَنِيِّ القَومِ في القطرِ كاسفُ | |
|
| وَفي بابِ حُبِّ المالِ بِالذُل واقفُ |
|
يَنامُ وَلا يَدري أَذاهبٌ عاصفُ | |
|
| فَلا أَنا وَاللَه عَلى المال آسفُ |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
يَشحُّ بِما يَفنى عَلى نَفعِ جنسِهِ | |
|
| وَلَم يَدرِ إِن البُخلَ في ذُلِّ نَفسِهِ |
|
أَلَم يَكفِهِ وَعظ الزَمانِ بِدَرسِهِ | |
|
| فَما ضَرَّني فَقرٌ يمرُّ بِنَحسهِ |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
فَكَم عالم فينا إِلى الخَير ما اِهتَدى | |
|
| مُصاب بِحُب الذات في كُل ما بَدا |
|
جُسور على مال اليَتيم قَد اِعتَدى | |
|
| فَما اِضطَرَبت نَفي اِضطِراباً مِن الرَدى |
|
وَلَكِنَني شَخص حَزين عَلى جنسي
|
فَكَم بدع فينا تَفَشَت سُمومها | |
|
| وَفي أَربَع الإِسلام بانَت غُيومَها |
|
وَقَد نعقت بِالجَهل وَالشَر بومها | |
|
| فَلا النَفس بِالأَسقام فاضت هُمومها |
|
وَلَكِنَني شَخص حَزين عَلى جنسي
|
فَكم خائنٍ تَحت الخَفا يَتَسَتَّرُ | |
|
| وَفي صحُفِ الأَعداءِ دَوماً يُحرِّرُ |
|
فَخُسرانُ هَذا النَوعِ لا يُتَصوَّرُ | |
|
| فَلا أَنا عَن ماضي الشَبابِ مكدَّرُ |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
أَرى كَوكبَ الدُنيا يَموجُ بِأَهلِهِ | |
|
| فَقسمٌ لَهُ علمٌ غَزيرٌ بِفَضلِهِ |
|
وَقسمٌ ذَليلٌ النَفسِ ماتَ بِجَهلِهِ | |
|
| فَلا أُنكرُ الحُكمَ الإِلَهيَّ وَعَدلِهِ |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
ضَعفنا وَقَد دارَت عَلَينا الدَوائرُ | |
|
| وَضاقَت بِنا الدُنيا وَشُقَّت مرائرُ |
|
وَلم ننتبه يَوماً لِما هُوَ صائرُ | |
|
| فَلا أَنا مِن حُكم المُقَدَّرِ حائرُ |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
فَمَن لَم تنبهه حَوادثَ دَهرِهِ | |
|
| وَيَسعى لَما فيهِ صَلاحُ أُمورهِ |
|
يَعيش رَهينَ الذُلِّ في قَيدِ أَسرِهِ | |
|
| فَما ساءَني عُسرُ الزَمان وَمُرِّهِ |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
فَشَبابُنا ساروا لِأَعظَمِ وَجهةِ | |
|
| وَفي كُليات العلمِ حَلّوا بعزمةِ |
|
فَلم تسعفوهم كَي يَعودوا بِعزةِ | |
|
| فَلَست كَئيبَ الحالِ مِن فَقَد نعمةِ |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
أَفيقوا فَقَد طالَ المَنامُ عَلى الجَمرِ | |
|
| وَلا تَبخَلوا بِالمالِ عَن نَشأةِ القطرِ |
|
لَقَد سَئِمَتُ نَفسي مِن النظمِ وَالنَثرِ | |
|
| وَلَم يكُ مِني ذاكَ بُغضاً إِلى الشِعرِ |
|
وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي
|
فَيا أُمَةَ الإِسلامِ كَيفَ لَكِ الهَنا | |
|
| وَفي دينِنا الطليانُ قَد قوَّضَ البُنا |
|
وَساقَ نِساءَ المُسلِمينَ إِلى الخَنا | |
|
| فَلم يَجرِ دَمعي مِن ملازمةِ العَنا |
|
وَلَكن عَلى الشَعبِ الأَسيفِ الطرابلسي
|
فَكم مَسجدٍ قَد صارَ بِالقَهرِ حانة | |
|
| وَمِحرابُهُ فيهِ الخُمورُ مُراقة |
|
وَقَد ذَبَحوا الأَطفالَ ظُلماً قَساوة | |
|
| فَما بِتُ حَيراناً لِأبلغَ غاية |
|
وَلَكِن عَلى الشَعب الكَريمِ الطَرابُلسي
|
فَعيشوا كَما شئتم بِأَرفَهِ عيشةِ | |
|
| وَسيروا إِلى أُنسِ الشطوط لِنزهةِ |
|
وَاِخوانَكُم في الدينِ في سوءِ شِدةِ | |
|
| تَقطَّع قَلبي لا عَلى فَقد خُلَّةِ |
|
وَلكن عَلى الشَعب العَظيم الطَرابُلسي
|
فَعشرون حَولاً في الجِهادِ وَاَنتُمُ | |
|
| عَلى سُررِ الراحاتِ وَالانسِ نِمتُمُ |
|
أَعنتم وَلَكن بَعدَ ذاكَ فَشِلتُمُ | |
|
| فَما قَولَكُم يَوم القَضا إِن سُئِلتُمُ |
|
بِحَقٍّ عَلى الشَعب الكَريم الطرابلسي
|
فَكَم طفلةٍ بكرٍ تَصيحُ بِأَرضِها | |
|
| مروعةً تَدعو إِلى صَونِ عِرضِها |
|
فَلا تونسٌ أَو مصرُ هَبَت لحفظِها | |
|
| فَنَفسي لَم تحزن لِنُقصانِ حَظِها |
|
وَلَكن عَلى الشَعب الأَسيف الطرابُلسي
|
لَقَد أَشرَقَ الشَرقُ العَظيمُ بِنورِهِ | |
|
| بِتدبيرِ مَن راموا صَلاحَ أُمورِهِ |
|
فَذا بارقٌ يَبدو بِحُسنِ ظُهورِهِ | |
|
| وَحَلَّ الرَجا في النَفسِ بَعد نفورِهِ |
|
وَهَبَت رِياحٌ مُنعِشاتٌ عَلى جِنسي
|
فَلا يُعدمُ الإِسلامُ قَوماً بِحزمِهِم | |
|
| يهبُّونَ لاسترجاعِ ماضيَ مَجدهِم |
|
فَيَعتَزُّ دينُ اللَهِ مِن صَدقِ عَزمِهِم | |
|
| فَيَرجِعُ مَجدُ المُسلِمينَ وَعزِّهِم |
|
فَلا أَمل عِندي سِوى رِفعةِ الجنسِ
|