إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
في شهر أذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الارض |
أسرارها الدمويّة . في شهر أذار مرّت أمام |
البنفسج والبندقيّة خمس بنات . وقفن على باب |
مدرسة ابتدائيّة، واشتعلن مع الورد والزعتر |
البلديّ . افتتحن نشيد التراب . دخلن العناق |
النهائيّ اذار يأتي الى الارض من باطن الارض |
يأتي، ومن رقصة الفتياتالبنفسج مال قليلا |
ليعبر صوت البنات . العصافير مدّت مناقيرها |
في اتجاة النشيد وقلبي . |
أنا الارض |
والارض أنت |
خديجة! لا تغلقي الباب |
لا تدخلي في الغياب |
سنطردهم من اناء الزهور وحبل الغسيل |
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل |
سنطردهم من هواء الجليل . |
وفي شهر أذار، مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس |
بنات . سقطن على باب مدرسة ابتدائيّة . للطباشير |
فوق الاصابع لون العصافير . في شهر أذار قالت |
لنل الارض أسرارها . |
أسمّي التراب امتدادا لروحي |
أسمّي يديّ رصيف الجروح |
أسمّي الحصى أجبحة |
أسمّي العصافير لوزا وتين |
أسمّي ضلوعي شجر |
وأستلّ من تينة الصدر غصنا |
وأقذفة كالحجر |
وأنسف دبّابة الفاتحين . |
وفي شهر أذار، قبل ثلاثين عاما وخمس حروب، |
ولدت على كومة من حشيش القبور المضئ . |
أبي كان في قبضة الانجليز . أمّي تربّي جديلتها |
وامتدادي على العشب . كنت أحبّ جراح |
الحبيب وأجمعها في جيوبي، فتذبل عند الظهيرة، |
مرّ الرصاص على قمري الليلكيّ فلم ينكسر |
غير أن الز مان يمرّ على قمري الليلكيّ فيسقط في |
القلب سهوا ... |
وفي شهر أذار نمتدّ في الارض |
في شهر أذار تنتشر الارض فينا |
مواعيد غامضة |
واحتفالا بسيطا |
ونكتشف البحر تحت النوافذ |
والقمر الليلكيّ على السرو |
في شهر أذار ندخل أول سجن وندخل أول حبّ . |
وتنهمر الذكريات على قرية في السياج |
وادنا هناك ولم نتجاوز ظلال السفرجل |
كيف تفرّين من سبلي يا ظلال السفرجل؟ |
في شهر أذار ندخل أةل حبّ |
وندخل أول سجن |
وتنبلج الذكريات عشاء من اللغة العربية |
قال لي الحبّ يوما: دخلت الى الحلم وحدي فضعت |
وضاع بي الحلم . قلت: تكاثر! تر النهر يمشي |
اليك . |
وفي شهر أذار تكتشف الارض أنهارها |
بلادي البعيدة عني ... كقلبي! |
بلادي القريبة مني ... كسجني! |
لملذا أغنّي |
مكانا، ووجهي مكان؟ |
لماذا أغنّي |
لطفل ينام على الزعفران |
وفي طرف النوم خنجر |
وأمّي تناولني |
صدرها |
وتموت أمامي |
بنسمة عنبر؟ |
وفي شهر أذار تستيقظ الخيل |
سيّدتي الارض! |
أيّ نشيد سيمشي على بطنك المتموّج، بعدي؟ |
وأيّ نشيد يلالئم هذا الندى والبخور |
كأنّ الهياكل تستفسر الان عن أنبياء فلسطينفي بدئها |
المتواصل |
هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة |
هذا نشيدي |
وهذا خروج المسيح من الجرح والريح |
أخضر مثل البنات يغطي مساميرة وقيودي |
وهذا نشيدي |
وهذا صعود الفتى العربيّ الى الحلم والقدس ... |
في شهرأذار تستيقظ الخيل . |
سيّدتي الارض! |
والقمم اللولبيّة تبسطها الخيل سجّادة للصلاة السريعة |
بين الرماح وبين دمي . |
نصف دائرة ترجع الخيل قوسا |
ويلمع وجهي ووجهك حيفا وعرسا |
وفي شهر آذار ينخفض البحر عن أرضنا المستطيلة مثل |
حصان على وتر الجنس . |
في شهر آذار ينتفض الجنس في شجر الساحل العربيّ |
وللموج أن يحبس الموج ... أن يتموّج ... أن |
يتزوّج ... أو يتضرّج بالقطن |
أرجوك سيّدتي الأرض أن تسكنيني وأن تسكنيني |
صهيلك |
أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج |
والبندقية |
أرجوك سيّدتي الأرض أن تخصبي عمري المتمايل |
بين سؤالين: كيف؟ وأين؟ |
وهذا ربيعي الطليعيّ |
هذا ربيعي النهائيّ |
في شهر آذار زوجت الأرض أشجارها . |
كأنّي أعود إلى ما مضى |
كأنّي أسير أمامي |
وبين البلاط وبين الرضا |
أعيد انسجامي . |
أنا ولد الكلمات البسيطه |
وشهيد الخريطه |
أنا زهرة المشمش العائليّه . |
فيا أيّها القابضون على طرف المستحيل |
من البدء حتى الجليل |
أعيدوا إليّ يديّ |
أعيدوا إليّ الهويّه! |
وفي شهر آذار تأتي الظلال حريرية والغزاة بدون ظلال |
وتأتي العصافير غامضة كاعتراف البنات |
وواضحة كالحقول |
العصافير ظلّ الحقول على القلب والكلمات . |
خديجة! |
أين حفيداتك الذاهبات إلى حبّهن الجديد؟ |
ذهبن ليقطفن بعض الحجارة |
قالت خديجة وهي تحث الندى خلفهنّ . |
وفي شهر آذار يمشي التراب دما طازجا في الظهيرة |
خمس بنات يخبّئن حقلا من القمح تحت الضفيرة |
يقرأن مطلع أنشودة عن دوالي الخليل . ويكتبن |
خمس رسائل: |
تحيا بلادي |
من الصفر حتى الجليل |
ويحلمن بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة . |
خديجة! لا تغلقي الباب خلفك |
لا تذهبي في السحاب |
ستمطر هذا النهار |
ستمطر هذا النهار رصاصا |
ستمطر هذا النهار! |
وفي شهر آذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرض |
أسرارها الدمويّة: خمس بنات على باب مدرسة |
ابتدائيّة يقتحمن جنود المظلات . يسطع بيت |
من الشعر أخضر أخضر . خمس بنات على |
باب مدرسة ابتدائيّة ينكسرن مرايا مرايا |
البنات مرايا البلاد على القلب |
في شهر آذار أحرقت الأرض أزهارها . |
أنا شاهد المذبحه |
وشهيد الخريطه |
أنا ولد الكلمات البسيطه |
رأيت الحصى أجنحه |
رأيت الندى أسلحه |
عندما أغلقوا باب قلبي عليّا |
وأقاموا الحواجز فيّا |
ومنع التجوّل |
صار قلبي حاره |
وضلوعي حجاره |
وأطلّ القرنفل |
وأطلّ القرنفل |
وفي شهر أذار رائحة للنباتات . هذا زواج العناصر . |
آذار أقسى الشهور وأكثرها شبقا . أيّ |
سيف سيعبر بين شهيقي وبين زفيري ولا يتكسّر! |
هذا عناقي الزراعيّ في ذروة الحبّ . هذا انطلاقي |
إلى العمر . |
فاشتبكي يا نباتات واشتركي في انتفاضة جسمي، وعودة |
حلمي إلى جسدي . |
سوف تنفجر الأرض حين أحقّق هذا الصراخ المكبّل |
بالريّ والخجل القروي . |
وفي شهر آذار نأتي إلى هوس الذكريات، وتنمو علينا |
النباتات صاعدة في اتجاهات كل البدايات . هذا |
نموّ التداعي . أسمّي صعودي إلى الزنزلخت التداعي. |
رأيت فتاة على شاطىء البحر قبل ثلاثين عاما |
وقلت: أنا الموج، فابتعدت في التداعي . رأيت |
شهيدين يستمعان إلى البحر . عكا تجيء مع الموج |
عكا تروح مع الموج . وابتعدا في التداعي . |
ومالت خديجة نحو الندى، فاحترقت، خديجة! لا |
تغلقي الباب! |
إنّ الشعوب ستدخل هذا الكتاب وتأفل شمس أريحا |
بدون طقوس . |
فيا وطن الأنبياء ... تكامل! |
ويا وطن الزراعين ... تكامل! |
ويا وطن الشهداء ... تكامل! |
ويا وطن الضائعين ... تكامل! |
فكلّ شعاب الجبال امتداد لهذا النشيد، |
وكل الأناشيد فيك امتداد لزيتونة زمّلتني . |
مساء صغير على قرية مهمله |
وعينان نائمتان |
أعود ثلاثين عاما |
وخمس حروب |
وأشهد أن الزمان |
يخبّىء لي سنبله |
يغنّي المغنّي |
عن النار والغرباء |
وكان المساء مساء |
وكان المغنّي يغنّي |
ويستجوبونه: |
لماذا تغنّي؟ |
يردّ عليهم: |
لأنّي أغنّي |
وقد فتّشوا صدره |
فلم يجدوا غير قلبه |
وقد فتّشوا قلبه |
فلم يجدوا غير شعبه |
وقد فتّشوا صوته |
فلم يجدوا غير حزنه |
وقد فتّشوا حزنه |
فلم يجدوا غير سجنه |
وقد فتّشوا سجنه |
فلم يجدوا غير أنفسهم في القيود |
وراء التلال |
ينام المغنّي وحيدا |
وفي شهر آذار |
تصعد منه الظلال |
أنا الأمل السهل والرحب قالت لي الأرض . والعشب |
مثل التحيّة في الفجر |
هذا احتمال الذهاب إلى العمر خلف خديجة . لم يزرعوني |
لكي يحصدوني |
يريد الهواء الجليليّ أن يتكلم عني، فينعس عند خديجة |
يريد الغزال الجليليّ أن يهدم اليوم سجني، فيحرس ظل |
خديجة وهي تميل على نارها |
يا خديجة! إني رأيت ... وصدقّت رؤياي . تأخذني |
في مداها وتأخذني في هواها . أنا العاشق الأبديّ، |
السجين البديهيّ . يقتبس البرتقال اخضراري ويصبح |
هاجس يافا |
أنا الأرض منذ عرفت خديجة |
لم يعرفوني لكي يقتلوني . |
بوسع النبات الجليليّ أن يترعرع بين أصابع كفي ويرسم |
هذا المكان الموزّع بين اجتهادي وحبّ خديجة |
هذا احتمال الذهاب الجديد إلى العمر من شهر آذار حتى |
رحيل الهواء عن الأرض |
هذا التراب ترابي |
وهذا السحاب سحابي |
وهذا جبين خديجة |
أنا العاشق الأبديّ السجين البديهيّ |
رائحة الأرض توقظني في الصباح المبكر... |
قيدي الحديديّ يوقظها في المساء المبكر |
هذا احتمال الذهاب الجديد إلى العمر، |
لا يسأل الذاهبون إلى العمر عن عمرهم |
يسألون عن الأرض: هل نهضت |
طفلتي الأرض! |
هل عرفوك لكي يذبحوك؟ |
وهل قيّدوك بأحلامنا فانحدرت إلى جرحنا في الشتاء؟ |
وهل عرفوك لكي يذبحوك؟ |
وهل قيّدوك بأحلامهم فارتفعت إلى حلمنا في الربيع؟ |
أنا الأرض ... |
يا أيّها الذاهبون إلى حبة القمح في مهدها |
أحرثوا جسدي! |
أيّها الذاهبون إلى جبل النار |
مرّوا على جسدي |
أيّها الذاهبون إلى صخحرة القدس |
مرّوا على جسدي |
أيّها العابرون على جسدي |
لن تمرّوا |
أنا الأرض في جسد |
لن تمرّوا |
أنا الأرض في صحوها |
لن تمرّوا |
أنا الأرض . يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها |
لن تمرّوا |
لن تمرّوا |
لن تمرّوا |