أَما لِلفَتى في العَيشِ مِن نَكَدٍ بُدُّ | |
|
| فَيَحيا وَلَو يَوماً وَلَيسَ لَهُ ضِدُّ |
|
أسىً كُلَّ يَومٍ تِلوَ مُعتَركِ القِلى | |
|
| يُساوِرُهُ جُهدٌ وَيَصحَبُهُ جُهدُ |
|
وَلِلمَرءِ مِن جَلّى أَمانيهِ هاجِسٌ | |
|
| يُخَفِّفُ مِن عِبءِ النَّوائِبِ ما يَبدو |
|
يَبيتُ مِنَ الآمالِ في ثَوبِ طامِعٍ | |
|
| إِذا ما عَفا قَصدٌ يجِد لَهُ قَصدُ |
|
يَرومُ صَفاءُ العَيشِ مِن عِندِ دَهرِهِ | |
|
| وَيَجهَلُ أَنَّ العَيش لَيسَ لَهُ عِندُ |
|
فَما تملِك الأَيّامُ مِن نَفسِها رِضىً | |
|
| وَلا خُلُقُ الأَيّامِ مِن عَهدِهِ الوُدُّ |
|
لِكُلِّ امرئٍ في العَيشِ حَظٌّ يَنالُهُ | |
|
| فَذا حَظُّهُ صابٌ وَذا حَظُّهُ شَهدُ |
|
فَقَد يسلمُ الخِبُّ اللَّئيمُ مِنَ الأَذى | |
|
| وَيَشقى بِتَبريحِ الرَّدى الأَروَع الجعدُ |
|
فَما في محالِ الدَّهرِ لِلحِلمِ منزعٌ | |
|
| وَلا لِلعَوادي في تَلَوُّنِها حَدُّ |
|
هَبِ الدَّهرَ أعطى الحُرَّ آجِلَ حِلمِهِ | |
|
| بِعاجِلِهِ فَالحِلمُ يَصرَعُهُ الجِدُّ |
|
فَلَيسَ مِنَ المَقدورِ لِلمَرءِ مُنقِذٌ | |
|
| وَلَو أَنَّ أجنادَ السَّماءِ لَهُ جُندُ |
|
وَما يَرتَجي مِن طائِلِ العَيشِ رَبُّهُ | |
|
| وَحاذِرهُ نَقدٌ وطيّبهُ وَعدُ |
|
إِذا كانَ عَيشُ المَرءِ وَقفاً عَلى الأَسى | |
|
| فَأنكدُ لَزباتِ الحِمامِ هُوَ الرّغدُ |
|
وُقيتَ الرَّدى إِنَّ الخطوبَ كَثيرَةٌ | |
|
| نَظائِرُ تخدي بِالمَكارِهِ أَو تَعدو |
|
وَلكِنَّ بِالإِسكَندَرِ الخَطبَ واحِدٌ | |
|
| تَلَظَّت لَهُ الأَرواحُ لَيسَ لَهُ نِدُّ |
|
فَما قَبلَ مَنعاهُ مُصابٌ نُجلُّه | |
|
| وَإِن جَلَّت الأَرزاءُ كَلّا وَلا بَعدُ |
|
مُصابٌ عَلى العِلمِ الوَثيقِ اِنقِضاضهُ | |
|
| وَفي مهجِ الآدابِ مِن وَقعِهِ حَدُّ |
|
فَلَو كانَ يَحيا المَرءُ بِالعِلمِ خالِداً | |
|
| لما ضَمَّ رِزق اللَّهِ في زَمَنٍ لحدُ |
|
وَلَو رَدَّ آسٍ قَبله رائِدَ الرَّدى | |
|
| بِوَفرِ النُّهى وَالخُبرِ لَم يُعيهِ الرَدُّ |
|
ولَو أَنَّ حمد النّاسِ للمرءِ دارئٌ | |
|
| أتيّاً من المكروه أنقذه الحمدُ |
|
وَهذا دَليلُ اللَّهِ أَنَّ قَضاءَهُ | |
|
| عَلى الناسِ حَتم ما لِنافِذِهِ صَدُّ |
|
بَلى إِنَّهُ الآسي الَّذي زانَ عِلمَهُ | |
|
| خِلالُ العلى وَالفَضلُ وَالخلقُ الجدُّ |
|
طَويلُ أَناةِ الرّوحِ عِندَ عَليلِهِ | |
|
| عَلى حُسنِ خُلق لا الجَبانُ وَلا الصَّلدُ |
|
رَؤوف بِهِ عطفاً كَأَنَّ الَّذي بِهِ | |
|
| مِنَ السقمِ فيهِ لا المداجي وَلا الجَعدُ |
|
كَثيرٌ هَزيزِ النَّفسِ هَمّاً بِبرئِهِ | |
|
| فَلا شاغِلٌ ناسٍ وَلا ضائِرٌ بُعدُ |
|
يُصيبُ مَرامي الدَّاءِ ما جَسَّ نابِضاً | |
|
| وَلا مَدَّ مِن كُلٍّ لِصاحِبِهِ زندُ |
|
عَلى أَنَّهُ الجَلدُ المحقِقُ باحِثاً | |
|
| فَما فاتَهُ عِلمٌ وَلا خانَهُ جدُّ |
|
وَما فيهِ مِن هَمٍّ لِذي الوَفرِ فَوقَ ما | |
|
| يُصادِفُ مِنهُ مُعدَمٌ ما لَهُ جلدُ |
|
يُرجى زَوالُ السقمِ ما لاحَ عائِداً | |
|
| وَتُسفِرُ آمالُ الشفاء وَتَعتَدُ |
|
فَحَسبُكَ مِنهُ ما إِذا قالَ قائِل | |
|
| فُلانُ أَتى فَالرازِحُ الدّاءِ يَشتَدُ |
|
يَكادُ يَنالُ البرءَ قَبلَ عِلاجه | |
|
| وُثوقاً بِهِ علماً يُعَزِّزهُ الرشدُ |
|
فُؤادٌ كَما يَذكو الضِّرامُ مِنَ الغضا | |
|
| وَرَأيٌ كَما تَمضي المُحَدَّدَةُ الهِندُ |
|
وَصَدرٌ إِذا اِستَطلَعتَ ما في نِصابِهِ | |
|
| تَبَيَّنتَ أَيَّ الفَضلِ يُحرِزُهُ الجِدُّ |
|
فَمِن عَجَبٍ أَن يَجمَعَ العِلمَ كُلَّهُ | |
|
| وَغرَّ السَّجايا وَالعُلى رجلٌ فردُ |
|
وَما هَمُّهُ الأَقصى بِوَفرٍ مُجَمَّعٍ | |
|
| وَلكِن ثَوابٌ هَمُّ مُحرِزِهِ المَجدُ |
|
مُرؤَةُ حُرٍّ أَدَّبته يَدُ النُّهى | |
|
| فَمورِدُ غاياتِ الكَمالِ لَهُ وِردُ |
|
وَما بَعضُ ما فيهِ مِنَ الفَضلِ كُلُّ ما | |
|
| أَقولُ وَلكِن أعجَز القائِلَ الوجدُ |
|
يُزاحِمُ ما تُملي مَعانيهِ خاطِري | |
|
| فَيوسِعُهُ نظماً فَيثقِلهُ العَدُّ |
|
رَآهُ الرَّدى حصناً يَقي الناس غَدرَهُ | |
|
| فَكادَ لَهُ كَيداً أفاقَ لَهُ الحِقدُ |
|
فَهَدَّمَهُ في يَومِ بُؤسٍ دَجَت بِهِ | |
|
| طَوالِعُ حُسنِ الفالِ وَاِحتَجَبَ السَّعدُ |
|
فَكَم مِن عَليل بَعدَهُ قابلِ الشفا | |
|
| سَيَقضي عَلى رغمِ الأُساةِ وَإِن جَدّوا |
|
سَيَبكيهِ ذو سقم وَيَرثيهِ ناحِل | |
|
| وَتَحمَدُهُ الأَيّامُ ما بَعُدَ العَهدُ |
|
وَيذكرُهُ قَومٌ وَقاهُم مِنَ الرَّدى | |
|
| عَلى حينِ جَدَّ الدَّاءُ وَاِستَوثَقَ الحَدُّ |
|
وَلا عَجَبٌ إِنَّ الأُساةَ قَلائِل | |
|
| وَإِن كَثروا حينَ العدادِ إِذا عدوا |
|
فَما لِطبيب حَظُّهُ وَاِجتِهادُهُ | |
|
| وَلا لأديبٍ مِن خَضارِمِهِ سِندُ |
|
فَما اِنفَكَّ حَيا ثُمَّ ميتاً مُحَسَّداً | |
|
| عَلى الفَضلِ مَهدُ المُعجِزاتِ لَهُ مَهدُ |
|
أَما لَيتَما بي ما بِهِ وَهوَ في الثّرى | |
|
| وَلَيسَ بِهِ ما بي وَلي قَدَمٌ تَعدو |
|
فَما كُلُّ ذي روحٍ بِحَيٍّ حَقيقَةً | |
|
| وَلا كُلُّ ميتٍ من يُغيبهُ اللَّحدُ |
|
أَلكني إِلى نَوحٍ يُبَرِّحُ بِاللّهى | |
|
| وَكِلني لِشَجوٍ بَعضُ بارِدِهِ وَقدُ |
|
وَدونَكَ مِنّي باكِياً لَجُّ دَمعِهِ | |
|
| إِذا جَفَّتِ الأَنواءُ ثارَ لَهُ مَدُّ |
|
وَحَسبُكَ مَفقوداً حَميداً مَصيره | |
|
| فَإِن الكَريمَ البرَّ مَوعِدُهُ الخُلدُ |
|
فَما كُلُّ مَفقودٍ عَزيزٌ وُجودُهُ | |
|
| وَلا كُلُّ مَوجودٍ يعزُّ لَهُ فَقدُ |
|