هَوى كَوكَبٌ مِن أَنجُمِ العلم نَيّرُ | |
|
| فَلا غَرْوَ أَنّ الجهلَ يَبدو ويظهرُ |
|
هَوى الفلَكُ الأّعلى لِتَكسِفَ شَمسُه | |
|
| فَيا لَيتَها دامَت وَلا تَتَغيَّرُ |
|
فَيا لَهفَ قَلبي لَيسَ كَالمَوتِ فاجِعٌ | |
|
| وَلَيسَ سِواهُ النّاسُ تَخشى وَتحذَرُ |
|
وَلَيسَ بِغَيرِ المَوتِ لِلنّاسِ قاهِرٌ | |
|
| وَلَم يَكُ غَيرُ اللَّهِ لِلمَوتِ يَقهَرُ |
|
فَمَوتُ أُهَيْلِ العِلمِ أَعلى مُصيبَةٍ | |
|
| نَعَم مَوتُ خَيرِ الخَلقِ أَعلى وَأَكبرُ |
|
وَلَو أَنَّ في الدّنيا خُلوداً لِعالِمٍ | |
|
| لَمَا الرُّسْلُ قَد كانَت تَموتُ وتُقبَرُ |
|
وفي فَقدِ نورِ الدّينِ في الدينِ ثلمَةٌ | |
|
| وَلَيستْ تُسَدُّ الدَّهرَ صاحِ وتُجبَرُ |
|
ولا بِدْعَ أن قد كان نوراً فإنّه | |
|
| هو الشمعةُ الغَرّا تُضيء وتُزهِرُ |
|
هو العالِمُ النِّحرير والفاضل الذي | |
|
| بِتَحقيقِهِ كلّ العلومِ يحرَّرُ |
|
هو الجهبَذُ المِفْضال ذو الفِطنة التي | |
|
| تكاد بلا فِكرٍ تضيء وتُنْوِرُ |
|
عَليُّ السّجايا والخليقةِ والذُّرى | |
|
| وَمَنْ بِلِسانِ الصّدقِ مِنْ بعدُ يُذْكَرُ |
|
هوَ البحرُ بَحرُ العلمِ وَالحِلمِ وَالنّدى | |
|
| هوَ البَرُّ ذو التّقوى النقيُّ المُطْهَرُ |
|
ذَكيٌّ نضيجُ الرأيِ وهوَ إياسُه | |
|
| فما حِذقُه المشهور في الناس يُنكَرُ |
|
تَصدَّر للتدريسِ مِن زمنِ الصِّبا | |
|
| وكان له أهلاً ونِعمَ التصدُّرُ |
|
فَفي أيِّ علمٍ قام يقرأ درسَهُ | |
|
| تخال لسانَ العلم يُثني ويشكرُ |
|
يؤمُّ بأهل الفضل حيث مؤذِّنٌ | |
|
| يَقولُ بِأعلى صوتِهِ اللّه أكبرُ |
|
فإنْ كان مثلَ الدّرِّ تقدير غيرِه | |
|
| فَتَقديرُه درٌّ ثمينٌ وجوهَرُ |
|
وَمِن حينِ أودى ذَلِك البدرُ غارِباً | |
|
| فَلا بَدرَ قَد يَبدو وَلا لَيلَ يبدُرُ |
|
فَمَنْ لِعُلومِ الدّين مِن بَعدِ نورِهِ | |
|
| ومَنْ لِكِتابِ اللّهِ بَعدُ يفسِّرُ |
|
وَمَنْ لأَحاديثِ النبيِّ مُبيِّنٌ | |
|
| وَمَنْ لأصولِ الفِقهِ بعدُ يقرِّرُ |
|
وَمَنْ ذا لِعِلْمِ النَّحوِ يُبدي نُكاته | |
|
| وَمَنْ ذا لأَسرارِ البلاغةِ يُظْهِرُ |
|
وَمَن ذا لِتَأليفِ المَعارِفِ بَعده | |
|
| وَمَن ذا لِتَصنيفِ العلومِ يصدَّرُ |
|
وَمَن ذا الّذي للشّعر يودعُ حكمَةً | |
|
| ويسلبُ لبّاً بالبيان ويسحَرُ |
|
فَمَن كانَ ذا كَتمٍ لِحُسنِ صِفاتِهِ | |
|
| فَإِنّي بِها ممّن يَبوحُ وَيجهرُ |
|
فَفي مِثله الأَمثالُ تُضرَبُ في الورى | |
|
| وَفي مِثلِهِ العَلياءُ تَسمو وَتفخَرُ |
|
يَعزُّ عَلَينا أَن نَراهُ بِمَيِّتٍ | |
|
| وَأنّا نَرى قَبراً لَهُ فيهِ يُقبَرُ |
|
فَيا مَوتُ إِن أَطفأتَ شَمعةَ جِلَّقٍ | |
|
| فَإِنَّ لَها نوراً إِلى الحَشرِ يظهرُ |
|
وَما ماتَ مَنْ في النّاسِ خَلَّف فَضلَهُ | |
|
| وَما ماتَ مَنْ في النّاسِ بِالمَدحِ يُذكَرُ |
|
سَأَبكيهِ ما قَد دمتُ حيّاً بأدمُعٍ | |
|
| تَسيلُ بِها كَالوابِل الهَطل أَنهرُ |
|
وَأَنظِم في تَمداحِهِ كلَّ درّةٍ | |
|
| تخلّد في الدّنيا إِلى يومَ يُحشَرُ |
|
وَلَو أَنّه يُفدى لَكُنتُ فَدَيتُهُ | |
|
| بِروحي وَما أَقوى عَليهِ وَأَقدرُ |
|
وَلَكِنَّ ربّ الخَلقِ بِالمَوتِ قَد قَضى | |
|
| وإنّ فناءَ الخَلْقِ أمرٌ مسَطَّرُ |
|
فَطوبى لَه لَمّا دَعاهُ إِلهُهُ | |
|
| إِلى جَنّةِ الفِردَوسِ بِالحُورِ تَعمرُ |
|
فَسارَ مُجيباً يَحمَدُ السَّيرَ والسُّرى | |
|
| وَبِالجودِ وَالرِّضوانِ فيها يبشَّرُ |
|
ومن نفحةِ الفردوس عند دخوله | |
|
| يفوز بها أرِّخ بطيبٍ ويظفر |
|
عَلى قَبرِهِ المَعمورِ مِن غَيثِ رَحمةٍ | |
|
| سَحابةَ رِضوانٍ تسُحُّ وتمطِرُ |
|
مَدى دَهرِهِ ما دَامَتِ الأرضُ والسّما | |
|
| وَما قَد هَوى نَجمٌ وَما الشّمسُ تُسفِرُ |
|
وَما طابَ في التّمداحِ شعرُ خِتامِهِ | |
|
| بِنَظمِ اِبنِ فَتحِ اللَّهِ مِسكٌ وعَنبرُ |
|