سَرَى بَرقُ الحِما فَأَضاءَ نورا | |
|
| وَقَد مَلأَ الحَشا منّا سُرورا |
|
وَهَبَّ بِرَوضَةٍ غَنّاءَ ريحٌ | |
|
| فَأَهدى ناشِقاً مِنها عَبيرا |
|
وَخطَّ بِها اِبنُ مُقلةَ سحبها من | |
|
| زُهورِ رَبيعها الزّاهي سُطورا |
|
بِها الأَغصانُ رَنَّحها نَسيمٌ | |
|
| فَكَم غُصنٍ بها يبدو هَصيرا |
|
وَكَم يُبدي الأَقاحُ بِها اِبتِساماً | |
|
| فَيَحكي في تَبَسُّمه ثُغورا |
|
وَكَم فيها الورودُ تَفوحُ عِطراً | |
|
| فَيَشرَحُ نَشرُه الذاكي صُدورا |
|
وَفَتّاكٍ يَلوحُ بِها بِجِسمٍ | |
|
| لَقَد فَضَحَت لَطافَتُهُ الزُّهورا |
|
وُضوح الحُسنِ مثلُ الشَّمسِ وَجهاً | |
|
| لَقَد كَسَفَت محاسِنُه البدُورا |
|
فَيا طَرْفاً رآهُ مُستَطيعاً | |
|
| لَقَد نِلتَ المُنى فَرِحاً قَريرا |
|
وَيا أَسَداً رَآهُ مِن بَعيدٍ | |
|
| لَقَد أَصبَحتَ مَوثوقاً أَسيرا |
|
فَمِنه غَرَّني إِشراقُ وَجهٍ | |
|
| وَشَأنُ البدرِ أَن يَبدو غرورا |
|
بِروحي مبسِماً أَنسَى كُؤوساً | |
|
| كَما أَنسَت سُلافَتُه العَصيرا |
|
وَفَرعاً كَالدُّجى وَالفَرقُ بادٍ | |
|
| كَشَمسِ الأُفقِ لا تخفَى ظُهورا |
|
وَجَفناً باتَ يَغزونا بِسحرٍ | |
|
| فَنالَ النَّصرَ مُذ أَمسى كَسيرا |
|
وَخَدّاً لَو شَمَمتَ العَرفَ منهُ | |
|
| لَكُنتَ ترى بِهِ وَرداً عطيرا |
|
وَلَو نَظَرتْ لِحاظُكَ مِنهُ نوراً | |
|
| لَكُنتَ تَظنّه قَمراً مُنيرا |
|
فَيا بِأَبي مَباسِمُه الّتي أُو | |
|
| دِعَتْ لِلعاشِق المُضنى خُمورا |
|
وَوَجنَتُه الّتي أَبدَت عِذاراً | |
|
| فَأَضحَت جَنّةً تُبدي حَريرا |
|
تَعالى اللَّه ما أَبهاهُ غُصناً | |
|
| بِهِ رَوضُ البَها أَمسى خَضيرا |
|
غَزالٌ ذو نِفارٍ لَو رآهُ | |
|
| هِزَبْرٌ خيفةً ولّى نُفورا |
|
كَأَنَّ بِوَجنتَيه ثمّ قَلبي | |
|
| وَخَدّيهِ جَحيماً أَو سَعيرا |
|
تَكَحَّلَ جَفنُهُ بِالسّحرِ غُنجاً | |
|
| فَأَبدى ذلِكَ الغنجُ الفتورا |
|
لَهُ فَوقَ المَعالِ رَأَيت داراً | |
|
| كَما أَبصَرت لِلبربيرِ دورا |
|
إِمامٌ تَفخَرُ العَلياءُ فيهِ | |
|
| وَفيها غَيرُهُ يَبدو فَخورا |
|
وَأَحمَدُ فاضلٌ وأَجلُّ شهمٌ | |
|
| وَأَبلَغُ شاعِرٍ حاكى جَريرا |
|
وَبَرٌّ بِرّهُ جَمُّ العَطايا | |
|
| وَبَحرٌ كَفُّه تزري البُحورا |
|
بِهِ عمرُ النّدى أَضحى طَويلاً | |
|
| وَعُمرُ البخلِ قَد أَمسى قَصيرا |
|
هُمامٌ لَو بَدا في القَفرِ فَرداً | |
|
| لَكانَ يخوِّفُ اللّيثَ الجَسورا |
|
وَلَو وافى جُيوشاً ذاتَ نَصرٍ | |
|
| لَوَلَّت رَهبَةً وَغَدا نَصيرا |
|
طَليقُ الوَجهِ وَضّاحُ المُحَيّا | |
|
| يَظلُّ الكَونُ مِنهُ مُستَنيرا |
|
أَغَرُّ فَلَو بَدا في جُنحِ لَيلٍ | |
|
| لَمَزَّقَ مِن دَياجيهِ سُتورا |
|
هُوَ القَمرُ الَّذي الشَّمسُ اِستَعارَت | |
|
| لَها مِن فَضلِهِ حُسناً وَنورا |
|
فَريدُ العَصرِ مَجداً وَاِفتِخاراً | |
|
| فَلَم نَرَ في الزَّمانِ لَهُ نَظيرا |
|
حَياةٌ لِلعُلى أَفَلا رَأَيتُم | |
|
| إِلَيها الروحُ كادَت أَن تَطيرا |
|
لَهُ الهِمَمُ الّتي أَضحَت كَبَرقٍ | |
|
| لِمَن قَد أمّ مِنزلَهُ النَّضيرا |
|
وَأَندى راحَة سَبحَت بِجودٍ | |
|
| فَأَضحَت تُخجِلُ المَطرَ الغَزيرا |
|
وَرَأيٌ في الخُّطوبِ غَدا سَديداً | |
|
| وَفِكرٌ في الأُمورِ غَدا بَصيرا |
|
إِذا ما جاءَهُ فَزِعٌ ليُحْمى | |
|
| يَرى أَن قَدْ أَتى حِصْناً وَسُورا |
|
وَإِنْ ما أَمَّهُ العافي يَراهُ | |
|
| تَهَلَّلَ وَجهُهُ الزّاهي سُرورا |
|
بِإِقبالٍ وَبَذلٍ ثمَّ بِشرٍ | |
|
| بِوَجهٍ لِلسُّرورِ غَدا مُشيرا |
|
فَيا حَرَماً تَبَدّى فيهِ أَمنٌ | |
|
| لِمَن بِحِماهُ أَمسى مُستَجيرا |
|
وَيا روحَ المَفاخِرِ وَالمَعالي | |
|
| وَيا مَن لُطفُهُ أَزرى الزّهورا |
|
وَيا غُصنَ المَكارِمِ مَن عَلَيهِ ال | |
|
| وَرى بِالشُّكرِ قَد صارَت طُيورا |
|
فَخُذْ بِكراً لَها في الفِكرِ خِدْرٌ | |
|
| تُباهي في مَحاسِنِها البُدورا |
|
لَقَد غارَت نُجومُ الأُفقِ مِنها | |
|
| كَعَينِ الشَّمسِ كادَت أَن تَغورا |
|
تَفوقُ الحورَ إِذْ سَكَنَت قُصوراً | |
|
| إِذا لِجَمالها نَسَبوا القُصورا |
|
إِلَيكَ تُزَفُّ حَيثُ غَدَت عَروساً | |
|
| تَفوقُ الحورَ زَيَّنَّ النُّحورا |
|
فَأَصدقَها الرضاءَ لَدى زِفافٍ | |
|
| وَأَنحَلها القَبولَ لها مُهورا |
|
وَدُمْ وَاِسلَم بِحِفظِ إِلاهِنا ما | |
|
| لِسانُ الكَونِ باتَ لَكُم شكورا |
|
وَعِشْ بِالعِزِّ وَالأَفراحِ دَوماً | |
|
| سَليماً ما قَضى اللَّه الدُهورا |
|
وَما هَبّت نَسيمُ الصّبحِ أَو ما | |
|
| سَرى برقُ الحِما فأضاءَ نورا |
|
وَما اِنتَصَبَ ابنُ فَتحِ اللَّهِ يَتلو | |
|
| لِذِكرِكَ مِثلَ مَن يَتلو الزّبورا |
|