منكَ التجلِّي ومنَّا السَّتُر والحجُبُ | |
|
| وكل نُعمى فمن عُلياكَ تُرتَقبُ |
|
وأنتَ أنتَ الَّذي أبْغي وأطَّلِبُ | |
|
| يا مَطْلباً ليسَ لي في غَيرهِ أربُ |
|
إليكَ آلَ التَّقصِّي وانْتَهى الطَّلبُ
|
ياحاضراً سِرُّهُ عِنْدي وفي ومَعي | |
|
| أغَيْرَ ذِكْرِكَ أُمْلي أمْ سِواهُ أعِي |
|
تاللهِ ما راقَ عَيْني حُسْنُ مُرتَبعِ | |
|
| ولا طمَحتُ لِمَرْأى أو لِمُسْتَمَع |
|
إِلّا بمعنىً إلى عُلياكَ ينتَسبُ
|
لقد أبى فيكَ صَبري أنْ يُجامِلني | |
|
| وجَلَّ فيكَ غَرامي أن يُشاكِلَني |
|
وَدَدْتُ أرْدَى ولكنْ لن تُعاجِلَني | |
|
| وما أُرانيَ أهلاً أن تُواصِلَني |
|
حَسْبي عُلُوَّاً بأنِّي فيكَ مُكتَئِبُ
|
ياعِزَّةَ العَبْدِ بينَ الذُّلِّ والرَّهَبِ | |
|
| وراحةَ الصَّبِّ بينَ الجَهْد والنَّصَبِ |
|
حَسْبي من الوَصْل أني لَسْتُ ذا طَلبِ | |
|
| لكنْ يُنازعُ شَوْقي تارةً أدَبي |
|
فأطْلُبُ الوَصْلَ لَمّا يضعُفُ الأدبُ
|
ها فارمُقوني تَرَوا صَبّاً بلا رَمَقِ | |
|
| مُقَسَّمَ الدَّهرِ بينَ الوَجْدِ والحُرَقِ |
|
فاليومُ في وَلَهٍ واللَّيلُ في أرقِ | |
|
| ولستُ أبرحُ في الحالَيْنِ ذا قَلَقِ |
|
نامٍ وشوقٍ لهُ في أضْلُعي لَهَبُ
|
أيْن التجلدُ ما للقلبِ ضَيَّعَهُ | |
|
| من مُنْصِفي من فُؤادٍ خانَ أضلُعَهُ |
|
ومِن ضَميرٍ أبانَ الشَّوقُ مُودعَهُ | |
|
| ومَدْمَعٍ كلَّما كَفْكَفتُ أدمُعَهُ |
|
صَوناً لِحِبُّكَ تَعْصيني وتَنسكبُ
|
هَلْ مِن صَديقٍ لِنَجوى أو مكاتمةِ | |
|
| أمَّا العَزاءُ فَقد وفَّى مُصارَمَتي |
|
حَسْبي الأسَى لِخُلوِّي أو مُنادَمتي | |
|
| ويدَّعي في الهوى دَمْعي مُقاسَمتي |
|
وَجْدي وحُزني ويَجري وهو مُخْتَضِبُ
|
هَيهات غَصَّ بِطعمِ الطَّعن مَن نَجلا | |
|
| وأشْعلَ الوَجدَ مَن في قَلبهِ اشْتَعلا |
|
أيْنَ التمثُّلُ مِمَّنْ قد غَدا مَثلا | |
|
| كالطَّرفِ يَزْعُم توحيدَ الحبيبِ ولا |
|
يَزالُ في لَيْلهِ للنَّجمِ يرتَقِبُ
|
مالي وما لفُؤادٍ إن أرُضْهُ عَسا | |
|
| وخاطرٍ كلَّما غَرَّبْتُهُ أنِسا |
|
ومَدْمعٍ كُلَّما كَفكفتُهُ انْبَجَسا
|
يا صاحبي قد عَدِمْتُ المُسعِدين فَسا | |
|
| عِدْني على وَصَبي لا مسَّك الوَصَبُ |
|
ياحاديَ العِيس رِفْقاً في السُّرى بهمِ | |
|
| هُمُ بَقايا جسُومٍ فوقَ مِثْلِهمِ |
|
وأنتَ أيضاً وقاكَ اللهُ مِنْ ألمِ | |
|
| باللهِ إنْ جئتَ كُثباناً بذي سَلَمِ |
|
قِفْ بي علَيها وقُل لي هذهِ الكُثُبُ
|
ولْتَنْزلَنْ بي لَدَيها لا ضَللتَ سُرى | |
|
| وسِرْ بِرَحْلي وذَرْني أندبُ الأثَرا |
|
أُعفِّرُ الخَدَّ بين التُّرب مُنْكَسِرا | |
|
| ليقضيَ الخدُّ في أجْراعِها وطَرا |
|
من تُربها ويُؤدِّي بَعْضَ ما يَجِبُ
|
يا صاحِ والقَلْبُ لا يَصْحو للائِمَةٍ | |
|
| باللهِ إنْ ملتَ من نَجدٍ إلى سمةٍ |
|
عارضْ صَباها لتَشفيني بناسِمةٍ | |
|
| ومِلْ إلى البانِ من شرقيِّ كاظمةٍ |
|
فَلي إلى البانِ من شَرْقيِّها طَرَبُ
|
قُلْ أيّ مَغنىً زكتْ في الطِّيب تُرْبَتُهُ | |
|
| تَحدو النُّفوسَ لِلُقياهُ مَحبَّتُهُ |
|
وتزجرُ اللَّحْظَ عَنْ مَرآهُ رَهبتُهُ | |
|
| أكرمْ بهِ مَنزِلاً تَحميهِ هَيْبَتُهُ |
|
عَنّي وأنوارُه لا السُّمرُ والقُضُبُ
|
إيهٍ خليلي بِوُدِّي فيكَ لا نُبِذا | |
|
| شِمْ ذا البَريقَ وخُذْ بي حيثُ ما أخَذا |
|
وحاذِهِ فهو من آمالِنا بِحِذا | |
|
| ومِلْ يَميناً لمغنىً تَهْتدي بِشَذا |
|
نَسيمِهِ الرَّطبِ إنْ ضَلَّت بِكَ النُّجُبُ
|
فازَتْ نفوسٌ قُبيلَ العِيسِ قد ظَعَنتْ | |
|
| وشاهَدَتْ حُسْنَ من تَشتاقُه ودَنتْ |
|
أحْبِبْ لِقَلبي بِمثواها لقد أمِنتْ | |
|
| ففيهِ عاهَدْتُ قِدْماً حُبَّ مَنْ حَسُنَتْ |
|
بهِ الملاحةُ واعتزَّت بهِ الرُّتَبُ
|
خاطِرْ بِنَفْسكَ فالبَلْوى تُمَخِّضُها | |
|
| كمالُ ذاتِكَ في العُليا تُعَرِّضُها |
|
حَيثُ المحاسنُ أجْلاها وأغْمَضُها | |
|
| حيثُ الهِضابُ وبَطحاها يُرَوِّضُها |
|
دَمْعُ المُحبِّين لا الأنداءُ والسُّحبُ
|
مَنْ لي وأحْلى أماني الحُبِّ أكْذَبُها | |
|
| بأنْ يُساعِدَ نَفسي فيهِ مأرَبُها |
|
فَيَنْتهي الوَجْدُ أو يَرْضى مُعَذَّبُها | |
|
| دَعْني أُعَلِّل نَفْساً عَزَّ مَطْلَبُها |
|
فيهِ وقَلباً لغَدْرٍ ليسَ يَنقلبُ
|
يا مانحَ العَتْبِ والإنصافُ يُعتبُهُ | |
|
| لم تَدْر أنَّ عناءَ الصَّبِّ مَطْلَبُهُ |
|
دَعني فبالقلب بَدْرٌ عَزَّ مَرْقَبُهُ | |
|
| دانٍ وأدْنى وعِزُّ الحُسْنِ يَحْجبُهُ |
|
عَنِّيْ وذُلِّيَ والإجلالُ والرَّهَبُ
|
تَوَلُّهُ الصَّبِّ حَلْيٌ فوقَ حِليتهِ | |
|
| فَمَنْ لَحاهُ نَهاهُ عن سَجيَّتِهِ |
|
إنَّ الَّذي صَانَ قلبي في طَوِيَّتهِ | |
|
| أحْيا إذا مِتُّ مِن شَوقي لِرُؤْيَتِهِ |
|
فإنَّني لِهَواهُ فيهِ مُنْتَسِبُ
|
هَلْ للْمُحبِّ سرورٌ بعدَ تَرْحَتِهِ | |
|
| آهٍ لوجْدٍ كَوى صَدري بِلَفحتِهِ |
|
جِسْمٌ تَفانَى وقَلْبٌ رَهْنُ قَرْحَتِهِ | |
|
| ولَسْتُ أعجَبُ من حُبِّي وصِحَّتِهِ |
|
من صِحَّتي إنَّما سُقْمي هو العَجَبُ
|
للهِ لمحةُ حُسنٍ صَحَّ مُدْنَفُها | |
|
| سَرَتْ بِقلبي فَتَصريفي تَصَرُّفُها |
|
قَدْ مِتُّ عَنها ولكنْ لَستُ أُنْصِفُها | |
|
| والَهْفَ نفسيَ لو يُجْدي تَلَهُّفُها |
|
غَوْثاً ووا حَرَبي لو يَنْفَعُ الحرَبُ
|
ياليْتَ شِعريْ وفي دَهْري مُخالَفةٌ | |
|
| هَلْ مِنْهُمُ لِيَ قُربْى أو مُعاطَفةٌ |
|
أو رحمةٌ أو حُنوٌّ أو مُلاطفةٌ | |
|
| يَمضي الزَّمانُ وأشواقي مُضاعَفةٌ |
|
يا لَلرجالِ ولا وَصْلٌ ولا سَببُ
|
لو كنتَ للوصْل أهلاً ما تُركتَ سُدى | |
|
| كم مُدَّعٍ وهوَ في دَعواه قد جَحَدا |
|
ما كلُّ نُورٍ تَبدَّى للعُيونِ هَدى | |
|
| يا بارِقاً بأعالي الرِّقمتين بَدا |
|
لقد حَكَيْتَ ولكنْ فاتَكَ الشَّنَبُ
|
آهٍ لنار عَلى الأحشاءِ ضارِمةٍ | |
|
| باللهِ ريحَ الصَّبا حَيِّيْ بناسِمَةٍ |
|
تُحْيِي ذَما مُهْجةٍ للبُعْدِ هائِمةٍ | |
|
| ويا نَسيماً سَرى من جَوِّ كاظمةٍ |
|
باللهِ قلْ ليَ كيْفَ البانُ والغَربُ
|
إيهٍ فَداكَ مُحِبٌّ ليلهُ يَقِظُ | |
|
| كيفَ الأحبَّةُ هَلْ راعَوا وهَلْ لَحَظوا |
|
مُحبُّهم فَرضوا قُرباه أمْ لفَظُوا | |
|
| وكيف جيرَةُ ذاكَ الحَيِّ هَلْ حَفِظوا |
|
عَهداً أُراعيهِ إن شطُّوا وإن قَرُبوا
|
يا سَعْدُ والقَلبُ لم يُسعِدْهُ غيرُهُمُ | |
|
| تُراهُمُ وبِطَيِّ الصَّدرِ سِرُّهُمُ |
|
رَعَوْا مُعَنّىً بهمْ أضناهُ هَجرُهُمُ | |
|
| أمْ ضَيَّعوا ومُرادي مِنكَ ذِكرُهُمُ |
|
همُ الأَحبَّةُ إن أعطَوا وإن سَلَبُوا
|
هُمُ الملوكُ وإنِّي عَبْدُ مَجْدِهُمُ | |
|
| حَسْبي عُلاً أنَّني صَبٌّ بوُدِّهِمُ |
|
ما قدرُ منعِهِمُ في جَنْبِ رِفْدِهُمُ | |
|
| إن كان يُرضيهمُ إبعادُ عَبْدِهِمُ |
|
فالعبدُ منهم بذاكَ البُعْدِ مُقْتَربُ
|
نحنُ المُحبِّينَ لا نُعْزَى الى طَلَبِ | |
|
| رضى الأحبَّةِ عَنّا غايةُ الأربِ |
|
إنْ كانَ وصْلُهُمُ تِهْنا من الطَّربِ | |
|
| والهَجْرُ إن كانَ يُرضيهمْ بلا سَببِ |
|
فإنَّهُ منْ لَذيذِ الوَصلِ مُحْتَسَبُ
|
ما خَيَّبُوا قَطُّ حاشاهم مؤمِّلَهمْ | |
|
| قَلبي بهمْ آهلٌ لا زالَ منزِلَهُمْ |
|
إن أظْهروا الحُسْنَ لم أُغْفل تَأمُّلَهُمْ | |
|
| وإنْ هُمُ احتَجبُوا عنِّي فإنَّ لَهُمْ |
|
في القلبِ مَشْهودَ حُسنٍ لَيْسَ يَنْحَجبُ
|
حَسْبُ المُتَيَّم أن يحدو مَحَجَّتَهمْ | |
|
| فَقَدْ أقامَ العُلا والعِزُّ حُجَّتَهُمْ |
|
بُدورُ تِمٍّ أبانَ الصِّدقُ لَهجتَهُمْ | |
|
| قد نَزَّه اللطفُ والإشراقُ بَهْجتَهُمْ |
|
عَن أنْ تُمنِّعَها الأستارُ والحُجبُ
|
همُ الأهِلَّة لا تَخفى لِمُرْتَقِبِ | |
|
| أدارَهُمْ فَلكُ العُليا على قُطُبِ |
|
تُرْبي مَحاسِنُهم عَدّاً على الشُّهبِ | |
|
| ما يَنْتَهي نَظري مِنْهم إلى رُتَبِ |
|
في الحُسْنِ إلّا ولاحَتْ فَوقَها رُتَبُ
|
كمالُ كُلِّ جَمالٍ من كمالِهمُ | |
|
| وسِرُّ كلّ علاءٍ مِنْ جلالِهمُ |
|
كلُّ القلوبِ هَيامَى في خِلالِهمُ | |
|
| وكُلَّما لاحَ معنىً من جَمالِهمُ |
|
لبَّاه شَوقٌ إلى مَعناهُ يَنتَسِبُ
|
كَمْ ذا أُورِّي وكِتمانُ الهوى نَصَبُ | |
|
| خيرُ الوَرى مقْصدي والصُّحبةُ النجُبُ |
|
مالي وحَقِّهمُ في غيرهمْ أرَبُ | |
|
| أظَلُّ دَهري وليْ من حُبِّهمْ طَرَبُ |
|
ومن أليمِ اشتياقي نحوَهْم حَرَبُ
|