بِطَيبَةَ انزِل وَيَمِّم سَيِّدَ الأُمَمِ | |
|
| وَانشُر لَهُ المَدحَ وَاِنثُر أَطيَبَ الكَلِمِ |
|
وَابذُل دُموعَكَ واعذُل كُلَّ مُصطَبِرٍ | |
|
| وَالحَق بِمَن سارَ وَالحَظ ما عَلى العَلَمِ |
|
سَنا نَبيٍّ أَبيٍّ أَن يُضَيِّعَنا | |
|
| سَليلِ مَجدٍ سَليمِ العِرضِ مُحتَرَمِ |
|
جَميلِ خَلقٍ عَلى حَقٍّ جَزيلِ نَدىً | |
|
| هَدى وَفاضَ نَدى كَفَّيهِ كالدِّيَمِ |
|
كَفَّ العُداةَ وَكَدَّ الحادِثاتِ كَفى | |
|
| فَكَم جَرى مِن جَدا كَفَّيهِ مِن نِعَمِ |
|
وَكَم حَبا وَعَلى المُستَضعَفينَ حَنا | |
|
| وَكَم صَفا وَضَفا جوداً لِجَبرِهِمِ |
|
ما فاهَ في فَضحِهِ مَن فاءَ لَيسَ سِوى | |
|
| عَذلٍ بِعَدلٍ وَنُصحٍ غَيرِ مُتَّهَمِ |
|
حانٍ عَلى كُلِّ جانٍ حابٍ إن قَصَدوا | |
|
| حامٍ شَفى مِن شَقا جَهلٍ وَمِن عَدَمِ |
|
لَيثُ الشَّرى إِذ سَرى مَولاهُ صارَ لَهُ | |
|
| جاراً فَجازَ وَنَيلاً مِنهُ لَم يَرُمِ |
|
كافي الأَرامِلِ وَالأَيتامِ كافِلُهُم | |
|
| وافي النَدى لِمُوافي ذَلِكَ الحَرَمِ |
|
أَجارَ مِن كُلِّ مَن قَد جارَ حِينَ أَتى | |
|
| حَتّى أَتاحَ لَنا عِزّاً فَلَم نُضَمِ |
|
وَعامَ بَدرٍ أَعامَ الخَيلَ في دَمِهِم | |
|
| حَتّى أَباتَ أَبا جَهلٍ عَلى نَدَمِ |
|
وَحاقَ إِذ جَحَدوا حَقَّ الرَّسولِ بِهِم | |
|
| كَبيرُ هَمٍّ أَراهُم نَزعَ هامِهِمِ |
|
فَهدَّ آطامَ مَن قَد هادَ إِذ طَمِعوا | |
|
| في شَتِّهِ فَرَماهُم في شَتاتِهِمِ |
|
وَجَلَّ عَن فَضحِ مَن أَخفى فَجامَلَهُم | |
|
| ما رَدَّ رائِدَ رِفدٍ مِن جُناتِهِمِ |
|
مَن زارَهُ يَقِهِ أَوزَارَهُ وَنَوى | |
|
| لَهُ نَوافِلَ بَذلٍ غَيرِ مُنصَرِمِ |
|
كالغَيثِ فاضَ إِذ المَحلُ اِستَفاضَ تَلا | |
|
| أَنفالَ جودٍ تَلافى تالِفَ النَّسَمِ |
|
سَل مِنهُمُ صِلَةً لِلصَّبِّ واصِلَةً | |
|
| والثَم أَنامِلَ أَقوامٍ أَنا بِهِمِ |
|
أَقِم إِلى قَصدِهِم سوقَ السُرى وَأَقِم | |
|
| بِدارِ عِزٍّ وَسوقَ الأَينُقِ التَثِمِ |
|
وَالحَق بِمَن كاسَ واحتُث كاسَ كُلِّ سُرى | |
|
| فالدَّهرُ إِن جارَ راعى جارَ بَيتِهِمِ |
|
عُج بي عَلَيهِم فَعُجبي مِن جَفاءِ فَتىً | |
|
| جازَ الدِّيارَ وَلَم يُلمِم بِرَبعِهِمِ |
|
دَع عَنكَ سَلمى وَسَل ما بِالعَقيق جَرى | |
|
| وَأُمَّ سَلعاً وَسَل عَن أَهلِهِ القُدُمِ |
|
مَن لي بِدارِ كِرامٍ في البِدارِ لَها | |
|
| عِزٌّ فَمَن قَد لَها عَن ذاكَ يُهتَضَمِ |
|
بانوا فَهانَ دَمي وَجداً فَها نَدَمي | |
|
| فَقَد أَراقَ دَمي فيما أَرى قَدَمي |
|
يُولونَ ما لَهُمُ مَن قَد لَجا لَهُمُ | |
|
| فاِشدُد يَداً بِهِمِ وانزِل بِبابِهِمِ |
|
يا بَردَ قَلبي إِذا بُردُ الوِصالِ ضَفا | |
|
| وَيا لَهيبَ فُؤادي بَعدَ بُعدِهِمِ |
|
ما كانَ مَنعُ دَمي بُخلاً بِهِ لَهُمُ | |
|
| لَكِن تَخَوَّفتُ قَبلَ القُربِ مِن عَدَمِ |
|
أَهلاً بِها مِن دِماءٍ فيهِم بُذِلَت | |
|
| وَحَبَّذا وِردُ ماءٍ مِن مياهِهِمِ |
|
مَن نالَهُ جاهُهُم مِنّا لَهُ ثِقَةٌ | |
|
| أَن لا يُصابَ بِضَيمٍ تَحتَ جاهِهِمِ |
|
بدارِ وَالحَق بِدارِ الهاشِميِّ بِنا | |
|
| قَبلَ المَماتِ وَمَهما اِسطَعتَ فاِغتَنِمِ |
|
جَزمي لَئِن سارَ رَكبٌ لا أُرافِقُهُ | |
|
| فَلا أُفارِقُ مَزجي أَدمُعي بِدَمي |
|
فَأيُّ كَربٍ لِرَكبٍ يُبصِرونَ سَنا | |
|
| بَرقٍ لِقَبرٍ مَتى تَبلُغهُ تُحتَرَم |
|
مَتى أَحُلُّ حِمى قَومٍ يُحِبُّهُمُ | |
|
| قَلبي وَكَم هائِمٍ قَبلي بِحُبِّهِمِ |
|
جارَ الزَمانُ فَكَفّوا جَورَهُ وَكَفوا | |
|
| وَهَل أُضامُ لَدى عُربٍ عَلى إِضَمِ |
|
وَحَقِّهِم ما نَسينا عَهدَ حُبِّهِمِ | |
|
| وَلا طَلَبنا سِواهُم لا وَحَقِّهِمِ |
|
لا يَنقَضي أَلَمي حَتّى أَرى بَلَداً | |
|
| فيهِ الَّذي ريقُهُ يَشفي مِنَ الأَلَمِ |
|
وَقَد تَشَمَّرَ ثَوبُ النَقعِ عَن أُمَمٍ | |
|
| شَتّى يَؤمُّونَ طُرّاً سَيِّدَ الأُمَمِ |
|
مَتى أُرى جارَ قَومٍ عَزَّ جارُهُم | |
|
| عَهدٌ عَلَيَّ السُرى حِفظاً لِعَهدِهِمِ |
|
صَبُّ الدُموعِ كأَمثالِ العَقيقِ عَلى | |
|
| وادي العَقيقِ اشتياقاً حَقُّ صَبِّهِمِ |
|
أَبَحتُ فيهِم دَمي لِلشَوقِ يَمزُجُهُ | |
|
| بِماءِ دَمعي عَلى خَدّي وَقُلتُ دُمِ |
|
وَلَيسَ يَكثُرُ إِن آثَرتُ نَضخَ دَمِي | |
|
| حَيثُ المُلوكُ تَغُضُّ الطَّرفَ كالخَدمِ |
|
مِن سائِلِ الدَّمعِ سالٍ عَن مَعاهِدِهِ | |
|
| نَعيمُهُ أَن يُرى يَسري مَعَ النّعَمِ |
|
لِلسَّيرِ مُبتَدِرٍ كالسَّيلِ مُحتَفِرٍ | |
|
| كالطَّيرِ مُشتَمِلٍ بالليلِ مُلتَئِمِ |
|
قَصداً لِمُرتَقِبٍ لِلَّهِ مُنتَصِرٍ | |
|
| في الحَقِّ مُجتَهِدٍ لِلرُّسلِ مُختَتِمِ |
|
مَن لي بِمُستَسلِمٍ لِلبيدِ مُعتَصِمٍ | |
|
| بِالعيسِ لا مُسئِمٍ يَوماً وَلا سَئِمِ |
|
لِلبَرِّ مُقتَحِمٍ لِلبرِّ مُلتَزِمٍ | |
|
| لِلقُربِ مُغتَنِمٍ لِلتُّربِ مُلتَثِمِ |
|
يَسري إِلى بَلَدٍ ما ضاقَ عَن أَحَدٍ | |
|
| كَم حَلَّ مِن كَرَمٍ في ذَلِكَ الحَرَمِ |
|
دارٌ شَفيعُ الوَرى فيها لِمُعتَصِمٍ | |
|
| جارٌ رَفيعُ الذّرا ناهٍ لِمُجتَرِمِ |
|
فَهَجرُ رَبعي لِذاكَ الرَّبعِ مُغتَنَمي | |
|
| وَنَثرُ جَمعي لِذاكَ الجَمعِ مُعتَصَمي |
|
وَمَيلُ سَمعي لِنَيلِ القُربِ مِن شِيَمي | |
|
| وَسَيلُ دَمعي بِذَيلِ التُّربِ كالدِّيَمِ |
|
يَقولُ صَحبي وَسُفنُ العيسِ خائِضَةٌ | |
|
| بَحرَ السَّرابِ وَعَينُ القَيظِ لَم تَنَمِ |
|
يَمِّم بِنا البَحرَ إِنَّ الرَكبَ في ظَمأٍ | |
|
| فَقُلتُ سيروا فَهَذا البَحرُ مِن أمَمِ |
|
وافٍ كَريمٌ رَحيمٌ قَد وَفى وَوَقى | |
|
| وَعَمَّ نَفعاً فَكَم ضُرٍّ شَفى وَكَمِ |
|
فَقُم بِنا فَلَكَم فَقرٍ كَفى كَرَماً | |
|
| وَجودُ تِلكَ الأَيادي قَد ضَفا فَقُمِ |
|
ذو مِرَّةٍ فاِستَوى حَتّى دَنا فَرأى | |
|
| وَقيلَ سَل تُعطَ قَد خُيِّرتَ فاِحتَكِمِ |
|
وَكانَ آدَمُ إِذ كانَت نُبَوَّتُه | |
|
| ما بَينَ ماءٍ وَطينٍ غَيرِ مُلتَئِمِ |
|
صافح ثَراهُ وَقُل إِن جِئتَ مُستَلِماً | |
|
| إِنّا مُحَيّوكَ مِن رَبعٍ لِمُستَلِمِ |
|
قَد أَقسَمَ اللَّهُ في الذِّكرِ الحَكيمِ بِهِ | |
|
| فَقالَ وَالنَجمِ هَذا أَوفَرُ القَسَمِ |
|
ما بَينَ مِنبَرِهِ السّامي وَحُجرَتِهِ | |
|
| رَوضٌ مِنَ الخُلدِ نَقلٌ غَيرُ مُتَّهَمِ |
|
مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَّهِ سُلَّ عَلى | |
|
| عِداه نورٌ بِهِ إِرشادُ كُلِّ عَمِ |
|
إِنَّ الَّذي قالَ يُستَسقى الغَمامُ بِهِ | |
|
| لَو عاشَ أَبصَرَ ما قَد عَدَّ مِن شِيَمِ |
|
تَلوحُ تَحتَ رِداءِ النَّقعِ غُرَّتُهُ | |
|
| كَأَنَّ يُوشَعَ رَدَّ الشَّمسَ في الظُّلَمِ |
|
وَتَقرَعُ السَّمعَ عَن حَقٍّ زَواجِرُهُ | |
|
| قَرعَ الرِّماحِ بِبَدرٍ ظَهرَ مُنهَزِمِ |
|
قالَت عِداهُ لَنا ذِكرٌ فَقُلتُ عَلى | |
|
| لِسانِ داودَ ذِكرٌ غيرُ مُنصَرِمِ |
|
إِنّي لأَرجو بِنَظمي في مَدائِحِهِ | |
|
| رَجاءَ كَعبٍ وَمَن يَمدَحهُ لَم يُضَمِ |
|
وَإِنَّ لَيلِيَ إِلّا أَن أُوافِيَهُ | |
|
| لَيلُ امرئِ القَيسِ مِن طولٍ وَمِن سأَمِ |
|
نامَ الخَليُّ وَلَم أَرقُد وَلي زَجَلٌ | |
|
| بِذِكرِهِ في ذرا الوَخّادَةِ الرُّسُمِ |
|
أَقولُ يا لَكَ مِن لَيل وَأُنشِدُهُ | |
|
| بَيتَ ابنِ حُجرٍ وَفَجري غَيرُ مُبتَسِمِ |
|
فَقُلتُ لِلرَّكبِ لَمّا أَن عَلا بِهِمُ | |
|
| تَلَفُّتُ الطَّرفِ بَينَ الضّالِ وَالسَّلَمِ |
|
أَلَمحَةٌ مِن سَنا بَرقٍ عَلى عَلَمٍ | |
|
| أَم نُورُ خَيرِ الوَرى مِن جانِبِ الخِيَمِ |
|
أَغَرُّ أَكمَلُ مَن يَمشِي عَلَى قَدَمٍ | |
|
| حُسناً وَأَملَحُ مَن حاوَرت في كَلِمِ |
|
يا حادِيَ الرَّكبِ إِن لاحَت مَنازِلُهُ | |
|
| فاِهتِف أَلا عِم صَباحاً وادنُ واِستَلِمِ |
|
واسمَح بِنَفسِكَ وابذُل في زيارَتِهِ | |
|
| كَرائِمَ المالِ مِن خَيلٍ وَمِن نَعَمِ |
|
واسهَر إِذا نامَ سارٍ وامضِ حَيثُ وَنى | |
|
| وَاسمَح إِذا شَحَّ نَفساً واسرِ إِن يَقُمِ |
|
بِواطئٍ فَوقَ خَدِّ الصُبحِ مُشتَهِرٍ | |
|
| وَطائِرٍ تَحتَ ذَيلِ اللَّيلِ مُكتَتِمِ |
|
إِلى نَبيٍّ رأى ما لا رأى مَلِكٌ | |
|
| وَقامَ حَيثُ أَمينُ الوَحي لَم يَقُمِ |
|
جَدّوا فَأَقدَمَ ذو عِزٍّ وَرامَ سُرى | |
|
| فَلَم تَجِدَّ وَلَم تُقدِم وَلَم تَرُمِ |
|
فَسَوَّدَ العَجزُ مُبيَضَّ المُنى وَغَدا | |
|
| مُخضَرُّ عَيشِكَ مُغبَرّاً لِفَقدِهِمِ |
|
في قَصدِهِم رافِقِ الإِلفَينِ أَبيَضَ ذا | |
|
| بِشرٍ وَأَسوَدَ مَهما شابَ يَبتَسِمِ |
|
قَد أَغرَقَ الدَّمعُ أَجفانِي وَأَدخَلَني | |
|
| نارَ الأَسى عَزمِيَ الوانِي فَوانَدَمِي |
|
ما ابيَضَّ وَجهُ المُنى إِلّا لأَغبَرَ مِن | |
|
| خَوضِ الغُبارِ أَمامَ الكُومِ في الأَكَمِ |
|
فَلُذ بِبَرٍّ رَحيمٍ بالبَريَّةِ إِن | |
|
| عَقَّتكَ شِدَّةُ دَهرٍ عاقَ واِعتَصِمِ |
|
يُروى حَديثُ النَّدى وَالبِشر عَن يَدِهِ | |
|
| وَوَجهُهُ بَينَ مُنهَلٍّ وَمُبتَسِمِ |
|
تَبكي ظُباهُ دَماً وَالسَّيفُ مُبتَسِمٌ | |
|
| يَخُطُّ كالنونِ بَينَ اللامِ وَاللِّمَمِ |
|
دَمعٌ بِلا مُقَلٍ ضِحكٌ بِغَيرِ فَمٍ | |
|
| كَتبٌ بِغَيرِ يَدٍ خَطٌّ بِلا قَلَمِ |
|
جاوِرهُ يَمنَع وَلُذ يَشفَع وَسَلهُ يَهَب | |
|
| وَعُد يَعُد واِستَزِد يَفعَل وَدُم يَدُمِ |
|
لَم يَخشَ قِرناً وَيَخشى القِرنُ صَولَتَهُ | |
|
| فَهوَ المَنيعُ المُبيحُ الأُسدَ لِلرَّخَمِ |
|
وَالشَّمسُ رُدَّت وَبَدرُ الأُفقِ شُقَّ لَهُ | |
|
| والنَّجمُ أَينَعَ مِنهُ كُلُّ مُنحَطِمِ |
|
وَإِذ دَعا السُّحبَ حالَ الصَّحو فاِنسَجَمَت | |
|
| وَمِن يَدَيهِ ادعُها إِن شِئتَ تَنسَجِمِ |
|
سَقاهُمُ الغَيثُ ماءً إِذ سَقى ذَهَباً | |
|
| فَغَيرُ كَفَّيهِ إِن أَمحَلتَ لا تَشِمِ |
|
قَد أَفصَحَ الضَّبُّ تَصديقاً لِبعثَتِهِ | |
|
| إِفصاحَ قُسٍّ وَسَمعُ القَومِ لَم يَهِمِ |
|
الهاشِمُ الأُسدَ هَشمَ الزّادِ تَبذُلُهُ | |
|
| بَنانُ هاشِمٍ الوَهّاب لِلطُّعمِ |
|
كَأَنَّما الشَّمسُ تَحتَ الغَيمِ غُرَّتُهُ | |
|
| في النَّقعِحَيثُ وجوهُ الأُسدِ كالحُمَمِ |
|
إِذا تَبَسَّمَ في حَربٍ وَصاحَ بِهِم | |
|
| يُبكي الأُسودَ وَيَرمي اللُّسنَ بِالبَكَمِ |
|
قَلّوا بِبَدرٍ فَفَلُّوا غَربَ شانِئهِم | |
|
| بِهِ وَما قَلَّ جَمعٌ بِالرَّسولِ حمِي |
|
فابيَضَّ بَعدَ سَوادٍ قَلبُ مُنتَصِرٍ | |
|
| واسوَدَّ بَعدَ بَياضٍ وَجهُ مُنهَزِمِ |
|
فاِتبَع رِجالَ السُّرى في البيدِ واسرِ لَهُ | |
|
| سُرى الرِّجالِ ذَوي الأَلبابِ وَالهِمَمِ |
|
خَيرُ اللَّيالي لَيالي الخَيرِ في إِضَمٍ | |
|
| وَالقَومُ قَد بَلَغوا أَقصى مُرادِهِمِ |
|
بِعَزمِهِم بَلَغوا خَيرَ الأَنامِ فَقَد | |
|
| فازوا وَما بَلَغوا إِلّا بِعَزمِهِمِ |
|
يَقومُ بالأَلفِ صاعٌ حينَ يُطعِمُهُم | |
|
| وَالصّاعُ مِن غَيرِهِ بِاثنَينِ لَم يَقُمِ |
|
مَنِ الغَزالَةُ قَد رُدَّت لِطاعَتِهِ | |
|
| لَو رامَ أَن لا تَزورَ الجَديَ لَم تَرُمِ |
|
داني القُطوفِ جَميلُ العَفوِ مُقتَدِرٌ | |
|
| ما ضاقَ مِنهُ لِجانٍ واسِعُ الكَرَمِ |
|
لا يَرفَعُ العَينَ لِلرّاجينَ يَمنَحُهُم | |
|
| بَل يَخفِضُ الرّاسَ قَولاً هاكَ فاِحتَكِمِ |
|
يا قاطِعَ البيدِ يَسريها عَلى قَدَمٍ | |
|
| شَوقاً إِلَيهِ لَقَد أَصبَحتَ ذا قَدَم |
|
قَدِ اِعتَصَمتَ بِأَقوامٍ جُفونُهُمُ | |
|
| لا تَعرِفُ السَّيفَ خِلواً مِن خِضابِ دَمِ |
|
جَوازِمُ الصَّبرِ عَن فِعلِ الجَوى مُنِعَت | |
|
| وَرَفعُهُ حالَ إِلّا حالَ قُربِهِمِ |
|
في القَلبِ وَالطَّرفِ مِن أَهلِ الحِمى قَمَرٌ | |
|
| مَن يَعتَصِم بِحماهُ الرَّحبِ يُحتَرمِ |
|
يا مُتهِمينَ عَسى أَن تُنجِدوا رَجُلاً | |
|
| لَم يَسلُ عَنكُم وَلَم يُصبِح بِمُتَّهَمِ |
|
أَغارَ دَهرٌ رَمى بِالبُعدِ نازِحَنا | |
|
| فأَنجِدوا يا كِرامَ الذَّاتِ وَالشِيَمِ |
|
إِنَّ الغَضى لَستُ أَنسى أَهلَهُ فَهُمُ | |
|
| شَبُّوهُ بَينَ ضُلوعِي يَومَ بَينِهِمِ |
|
جَرى العَقيقُ بِقَلبي بَعدَما رَحَلوا | |
|
| وَلَو جَرى مِن دُموعِ العَينِ لَم أُلَمِ |
|
حَيثُ الَّذي إِن بَدا في قَومِهِ وَحَبا | |
|
| عُفاتَهُ وَرَمى الأَعداءَ بِالنّقَمِ |
|
فالبَدرُ في شُهبِهِ وَالغَيثُ جادَ لِذي | |
|
| مَحلٍ وَلَيثُ الشَّرى قَد صالَ في الغَنَمِ |
|
وَإِن عَلا النَّقعُ في يَومِ الوَغى فَدَعا | |
|
| أَنصارَهُ وَأَجالَ الخَيلَ في اللُّجمِ |
|
تَرى الثُّرَيا تَقودُ الشُّهبَ يُرسِلُها | |
|
| لَيثٌ هَدى الأُسدَ خَوضَ البَحرِ في الظُّلَمِ |
|
أَخفوا في الإنجيلِ وَالتَّوراةِ بِعثَتَهُ | |
|
| فأَظهَرَ اللَّهُ ما أَخفَوا بِرَغمِهِمِ |
|
قَد أَحرَزَ البأسَ وَالإِحسانَ في نَسَقٍ | |
|
| وَالعِلمَ وَالحِلمَ قَبلَ الدَّركِ لِلحُلُمِ |
|
لا يَستَوي الغَيثُ مَع كَفَّيهِ نائِلُ ذا | |
|
| ماء وَنائِلُ ذا مال فَلا تَهِمِ |
|
غَيثانِ أَمّا الَّذِي مِن فَيضِ أَنمُلِهِ | |
|
| فَدائِمٌ وَالَّذي لِلمُزنِ لَم يَدُمِ |
|
جَلا قُلوباً وَأَحيا أَنفُساً وَهَدى | |
|
| عُمياً وَأَسمَعَ آذاناً ذَوي صَمَمِ |
|
يُرِيكَ بِاليَومِ مِثلَ الأَمسِ مِن كَرَمٍ | |
|
| وَلَيسَ في غَدِهِ هَذا بِمُنعَدِمِ |
|
فَلُذ بِمَن كَفُّهُ وَالبَحرُ ما اِفتَرَقا | |
|
| إِلّا بِكَفٍّ وَبَحرٍ في كَلامِهِمِ |
|
وَالمالُ وَالماءُ مِن كَفَّيهِ قَد جَرَيا | |
|
| هَذا لِراجٍ وَذا لِلجَيشِ حينَ ظمِي |
|
فازَ المُجِدّانِ دانٍ أَو مُديمُ سُرىً | |
|
| فَذاكَ ناجٍ وَذا راجٍ لجودِهم |
|
مِن وَجهِ أَحمَدَ لي بَدرٌ وَمِن يَدِهِ | |
|
| بَحرٌ وَمِن فَمِهِ دُرٌّ لِمُنتَظِمِ |
|
كَم قُلتُ يا نَفس ما أَنصَفتِ أَن رَحَلوا | |
|
| وَما رَحَلتِ وَقاموا ثُمَّ لَم تَقُم |
|
يَمِّم نَبيّاً تُباري الرِّيحَ أَنمُلُهُ | |
|
| وَالمُزنَ مِن كُلِّ هامِي الوَدقِ مُرتَكِمِ |
|
لَو قابَلَ الشُّهبَ لَيلاً في مطالِعِها | |
|
| خَرَّت حَياءً وَأَبدَت بِرَّ مُحتَرِمِ |
|
تَكادُ تَشهَدُ أَنَّ اللَّهَ أَرسَلَهُ | |
|
| إِلى الوَرى نُطَفُ الأَبناءِ في الرَّحِمِ |
|
لَو عامَتِ الفُلكُ فيما فاضَ مِن يَدِهِ | |
|
| لَم تَلقَ أَعظَمَ بَحراً مِنهُ إِن تَعُمِ |
|
تُحيطُ كَفّاهُ بِالبَحرِ المُحيطِ فَلُذ | |
|
| بِهِ وَدَع كُلَّ طامي المَوجِ مُلتَطِمِ |
|
لَو لَم تُحِط كَفُّهُ بالبَحرِ ما شَمِلَت | |
|
| كُلَّ الأَنامِ وَأَروَت قَلبَ كُلِّ ظَمِي |
|
لَم تَبرُقِ السُّحبُ إِلّا أَنَّها فَرِحَت | |
|
| إِذ ظَلَّلَتهُ فَأَبدَت وَجهَ مُبتَسِمِ |
|
وَالماءُ لَو لَم يَفِض مِن بَينِ أَنمُلِهِ | |
|
| ما كانَ رِيُّ الظَّما في وردِهِ الشَّبِمِ |
|
يَستَحسِنُ الفَقرَ ذو الدُّنيا لِيَسأَلَهُ | |
|
| فَيأمَنَ الفَقرَ مِمّا نالَ مِن نِعَمِ |
|
وَالبَدرُ أَبقى بِمَرآهُ لِيُعلِمَنا | |
|
| بالانشِقاقِ لَهُ آثار مُنثَلِمِ |
|
أَزالَ ضُرَّ البَعيرِ المُستَجيرِ كَما | |
|
| بِهِ الغَزالَةُ قَد لاذَت فَلَم تُضَمِ |
|
مِن أَعرَبِ العُربِ إِلّا أَنَّ نِسبَتَهُ | |
|
| إِلى قُرَيشٍ حُماةِ البَيتِ وَالحَرَمِ |
|
لا عَيبَ فيهِم سِوى أَن لا تَرى لَهُمُ | |
|
| ضَيفاً يَجوعُ وَلا جاراً بِمُهتَضَمِ |
|
ما عابَ مِنهُم عَدُوٌّ غَيرَ أَنَّهُمُ | |
|
| لَم يَصرِفوا السَّيفَ يَوماً عَن عَدُوِّهِمِ |
|
مَن غَضَّ مِن مَجدِهِم فالمَجدُ عَنهُ نأى | |
|
| لَكِنَّهُ غُصَّ إِذ سادوا عَلَى الأُمَمِ |
|
لا خَيرَ في المَرءِ لَم يَعرِف حُقوقَهُمُ | |
|
| لَكِنَّهُ مِن ذَوي الأَهواءِ وَالتُّهَمِ |
|
عِيبَت عِداهُم فَزانوهُم بِأَن تَرَكوا | |
|
| سُيوفَهُم وَهيَ تِيجانٌ لِهامِهِمِ |
|
تَجرِي دِماءُ الأَعادِي مِن سُيوفِهِم | |
|
| مِثلَ المَواهِبِ تَجري مِن أَكُفِّهِمِ |
|
لَهُم أَحاديثُ مَجدٍ كالرِياضِ إِذا | |
|
| أَهدَت نَواسِمَ تُحيي بالِيَ النّسَمِ |
|
تَرى الغَنِيَّ لَدَيهِم وَالفَقيرَ وَقَد | |
|
| عادا سَواءً فَلازِم بابَ قَصدِهِمِ |
|
قُل لِلصَّباحِ إِذا ما لاحَ نُورُهُمُ | |
|
| إِن كانَ عِندَكَ هَذا النورُ فَابتَسِمِ |
|
إِذا بَدا البَدرُ تَحتَ اللَّيلِ قُلتُ لَهُ | |
|
| أَأَنتَ يا بَدرُ أَم مَرأى وُجوهِهِمِ |
|
كانوا غُيوثاً وَلَكِن لِلعُفاةِ كَما | |
|
| كانوا لُيوثاً وَلَكِن في عُداتِهِمِ |
|
كَما قائِلٍ قالَ حازَ المَجدَ وارِثُهُ | |
|
| فَقُلتُ هُم وارِثوهُ عَن جُدودِهِمِ |
|
قَد أَورَثَ المَجدَ عَبدَ اللَّهِ شَيبَةُ عَن | |
|
| عَمروِ بنِ عَبدِ مَنافٍ عَن قُصَيِّهِمِ |
|
فَجاءَ فيهِم بِمَن جالَ السَّماءَ وَمَن | |
|
| سَما عَلى النَّجمِ في سامي بُيوتِهِمِ |
|
فالعُربُ خَيرُ أُناسٍ ثُمَّ خَيرُهُمُ | |
|
| فُرَيشُهُم وَهوَ فيهِم خَيرُ خَيرِهِمِ |
|
قَومٌ إِذا قيلَ مَن قالوا نَبيُّكُمُ | |
|
| مِنّا فَهَل هَذِهِ تُلفى لِغَيرِهِمِ |
|
إِن تَقرأِ النَّحلَ تُنحِل جِسمَ حاسِدِهِم | |
|
| وَفي بَراءةَ يَبدو وَجهُ جاهِهِمِ |
|
قَومُ النَّبِيِّ فإن تَحفِل بِغَيرِهِمِ | |
|
| بَينَ الوَرى فَقَدِ استَسمَنتَ ذا وَرَمِ |
|
إِنتَجحَدِ العُجمُ فَضلَ العُربِ قُل لَهُمُ | |
|
| خَيرُ الوَرى مِنكُمُ أَم مِنصَميمِهِمِ |
|
مَن فَضَّلَ العُجمُ فَضَّ اللَّهُ فاهُ وَلَو | |
|
| فاهوا لَغصّوا وَغَضّوا مِن نَبيِّهِمِ |
|
بَدءاً وَخَتماً وَفيما بَينَ ذَلِكَ قَد | |
|
| دانَت لَهُ الرُّسلُ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمِ |
|
لَئِن خَدَمتُ بِحُسنِ المَدحِ حَضرَتَهُ | |
|
| فَذاكَ في حَقِّهِ مِن أَيسَرِ الخِدَمِ |
|
وَإِن أَقَمتُ أَفانِينَ البَديعِ حُلىً | |
|
| لِمَدحِهِ فَبِبَعضِ البَعضِ لَم أَقُمِ |
|
وَما مَحَلُّ فَمي وَالشِّعرِ حَيثُ أَتى | |
|
| مَدحٌ مِنَ اللَّهِ مَتلوٌّ بِكُلِّ فَمِ |
|
لَكِنَّني حُمتُ ما حَولَ الحِمى طَمَعاً | |
|
| مَن ذا الَّذي حَولَ ذاكَ الجودِ لَم يَحُمِ |
|
يا أَعظَمَ الرُّسلِ حاشا أَن أَخيبَ وَإِن | |
|
| صَغُرتُ قَدراً فَقَد أَمَّلتُ ذا عِظَمَ |
|
لَعَلَّنِي مَعَ عِلّاتي سَتُغفَرُ لي | |
|
| كُبرُ الكَبائِرِ وَالإِلمامُ بِاللَّمَمِ |
|
أَنتَ الشَّفيعُ الرَّفيعُ المُستَجيبُ إِذا | |
|
| ما قالَ نَفسِيَ نَفسِي كُلُّ مُحتَرَمِ |
|
مالي سِواكَ فآمالي مُحَقَّقَةٌ | |
|
| وَرأسُ مالِي سُؤالي خَيرَ مُعتَصَمِ |
|
فَاشفَع لِعَبدِكَ وادفَع ضُرَّ ذي أَمَلٍ | |
|
| يَرجو رِضاكَ عَسى يَنجُو مِنَ الأَلَمِ |
|
حَسبي صِلاتُ صَلاةٍ سُحبُها شَمِلَت | |
|
| آلاً وَصَحباً هُمُ رُكنِي وَمُلتَزَمِي |
|
بِصِدقِ حُبّيَ في الصِّديقِ فُزتُ وَلا | |
|
| أُفارِقُ الحُبَّ لِلفاروقِ لَيثِهِمِ |
|
وَقَد أَنارَ بِذي النُورَينِ صَدرِيَ هَل | |
|
| نَخافُ ناراً وَإِنّا أَهلُ حُبِّهِمِ |
|
بِغَيثِهِم يَومَ إِحسانٍ أَبي حَسَنٍ | |
|
| غَوثِي وسِبطَيهِ سِمطي جيدِ مَجدِهِمِ |
|
أُطفِي بِحَمزَةَ وَالعَبّاسِ جَمرَةَ ذي | |
|
| بأسٍ وَأَطوي زَمانِي في ضَمانِهِمِ |
|
صَحبُ الرَّسولِ هُمُ سُولِي وَجودَهُمُ | |
|
| أَرجو وَأَنجو مِنَ البَلوى بِبالِهِمِ |
|
أُحِبُّ مَن حَبَّهُم مِن أَجلِ مَن صَحِبوا | |
|
| أَجَل وَأُبغِضُ مَن يُعزَى لِبُغضِهِمِ |
|
هُمُ مَآلي وَآمَالِي أَمِيلُ لَهُم | |
|
| وَلا يَمَلُّ لِسانِي مِن حَدِيثِهِمِ |
|
لَكِن وَإِن طَالَ مَدحِي لا أَفِي أَبَداً | |
|
| فأَجعَلُ العُذرَ وَالإِقرارَ مُختَتَمِي |
|