سَقَى اللَّهُ بِالأَجْرَعِ الْفَرْدِ دَارَاً | |
|
| لأَمْرٍ بِهَا الشَّوْقُ وَالْبَرْقُ ثَارَا |
|
وَقَفْتُ بِهَا مُرْسِلاً عَبْرَةً | |
|
| تُطِيلُ السَّحَائِبُ مِنْهَا اعْتِبَارَا |
|
وَلَمْ أَرَ مِنْ قَبْلِ ذَا الدَّمْعِ مَاءً | |
|
| يُؤَجِّجُ فِي الْقَلْبِ مِنِّيَ نَارَا |
|
وَكَمْ ظَلْتُ فِيهَا أَنَا وَالنَّسِيمُ | |
|
| غَدَاةَ التَّفَرُّقِ نَشْكُو ضِرَارَا |
|
كَأَنَّ اللَّوَاحِظَ أَعْدَيْنَنَا | |
|
| فَكُلُّ عَلِيلٍ يُدِيمُ اعْتِذَارَا |
|
وَكَمْ جِئْتُهَا خَلْفَ بَرْقٍ لَمُوعٍ | |
|
| كِلاَنَا لَعَمْرِيَ يَحْدُو الْقِطَارَا |
|
وَفَوْقَ الرَّوَاجِلِ أَحْوَى الجُفُونِ | |
|
| بِبُعْدٍ وَإِنْ ظَلَّ يُدْنِي مَزَارَا |
|
حَكَى الظَّبْيَ لَحْظاً وَجِيداً وَفَرْعاً | |
|
| وَبِالرَّغْمِ مِنْهُ حَكَاهُ نِفَارَا |
|
وَلَمْ أَنسَ لاَ أَنْسَ يَوْمَ النَّوَى | |
|
| ذَوَائِبَ فِي لَيْلِهَا الصَّبُ حَارَا |
|
وَحُسْنَ الثُّغُورِ الَّتِي خِلْتُهَا | |
|
| حُبَاباً عَلَى خَمْرَةِ الرِّيقِ دَارَا |
|
وَقَالُوا هُوَ الدُّرُّ أَصْدَافُهُ | |
|
| قِبَابٌ فَأَجْرَيْتُ دَمْعِي بِحَارَا |
|
وَكَمْ بِالْحِمَى مِنْ غَزَالٍ رَعَى | |
|
| بِنَجْدٍ فُؤَادِي وَخَلَّى الْعَرَارَا |
|
وَشَمْسٍ تَوَارَتْ لَنَا بِالحِجَابِ | |
|
| وَلَكِنْ حِجَاب قُلُوبِ الغَيَارَى |
|
فَأَعْقَبَهَا اللَّيْلُ وَهْوَ القَتَامُ | |
|
| يُقِلُّ السَّحَائِبَ وَهْيَ الْمَهَارَى |
|
وَيَا مَنْ رَآنِي أَجِدُّ اصْطِبَاحاً | |
|
| بِكَأْسِ الْغَرَامِ وَأَبْلَى اصْطِبَارَا |
|
وَعَاطِلَةِ الْجِيدِ حَلَّيْتُهَا | |
|
| بِشِعْرِي نِظَاماً وَدَمْعِي نِثَارَا |
|
وَجَاهَرْتُ بِالْحُبِّ لَمَّا بَدَتْ | |
|
| فَلَمْ أَرَ بَدْراً يُحِبُّ السِّرَارَا |
|
وَقَالُوا حَكَى اللَّحْظَ مِنْهَا فُؤَادِي | |
|
| صَدَقْتُمْ وَلَكِنْ حَكَاهُ انْكِسَارَا |
|
فَيَا مُبلِياً عُمْرَهُ فِي الطِّعَانِ | |
|
| كَفَتْكَ الطِّعَانَ قُدُودُ الْعَذَارَى |
|
وَيَا كَاسِراً لِي جُفُونَ الظِّبَاءِ | |
|
| كَفَى الحَّبَّ كَسْرُ الجُفُونِ احْوِرَارَا |
|
وَمَا اشْتَعَلَ الرَّأْسُ مِنِّيَ شَيْباً | |
|
| فَأَوْدَعَ إِلاَّ ضُلُوعِي السِّرَارَا |
|
وَقَدْ نَبَتَتْ حَبَّةُ الْقَلْبِ فِي | |
|
| خَمِيل مُسِيلِ الدُّمُوعِ ادِّكَارَا |
|
لَعَمْرُ الْهَوَى وَالعُهُودِ الَّتِي | |
|
| بِذِكْرِي لَهَا سَاكِنُ الْغَوْرِ غَارَا |
|
لَقَدْ فَرَّقَ الْبَيْنُ إِلاَّ شُجُونِي | |
|
| وَبَلَّتْ دُمُوعِي إلاَّ الأَوَارَا |
|
وَأَرَّقَنِي وَالعُيُونُ هُجُوعٌ | |
|
| حَمَامٌ كَقَلْبِي بِذِي الأثْلِ طَارَا |
|
وَقَدْ هِجْتُهُ مِثْلَ مَا هَاجَنِي | |
|
| فَأَبْكِي مِرَاراً وَيَبْكِي مِرَارَا |
|
وَمِمَّا نَفَى النَّوْمَ عَنِّيَ بَرْقٌ | |
|
| ظَنَنَّاهُ بَيْنَ الثَّنَايَا افْتِرَارَا |
|
وَقَدْ أَعْجَزَ السُّحْبَ عَنْ بَذْلِهِ | |
|
| فَتُهْدِي لُجَيْناً وَيُهْدِي نُضَارَا |
|
لَحَا اللَّهُ قَلْبِيَ كَمْ ذَا الْهَوَى | |
|
| وَقَدْ رَدَّ دَهْرِي شَبَابِي المُعَارَا |
|
وَعَادَ نصُولاً بِطُولِ الْخِضَابِ | |
|
| فَأَدْرَكَ فِي مُنْغِصِ الشَّيْبِ ثَارَا |
|
أَرَى الطِّبَّ عَارَا وَلَوْ قُلْتُ آهاً | |
|
| عَلَى زَمَنِ الْحَيْفِ لَمْ يَكُ عَارَا |
|
رُبُوعٌ مَتَى تَرِبَتْ بِالْحَجِيجِ | |
|
| جَعَلْنَا الشُّعُورَ عَلَيْهَا شِعَارَا |
|
مِنَ المُوقِدَاتِ جِمَارَ الْهَوَى | |
|
| إِذَا مَا رَمَى الصَّبُّ فِيهَا الْجِمَارَا |
|
سَفَكْنَا الدُّمُوعَ بِهَا وَالدِّمَا | |
|
| فَرَاقَتْ خُدُودُ البِطَاحِ احْمِرَارَا |
|
وَلِلَّهِ جمْعٌ وَجَمْعِي بِهَا | |
|
| لِشَمْلِ المُحِبِّينَ أمْسَوْا حَيَارَى |
|
وَمَوْقِفُنَا وَالدُّجَى مسْكَةٌ | |
|
| فَكَفُّ الصَّبَاحِ تَزِيدُ انْتِشَارَا |
|
وَقَدْ فَجَّرَ الفجر نَهْرَ النَّهَارِ | |
|
| فَغَاصَتْ حَصَى الشُّهْبِ فِيهِ جِهَارَا |
|
أَأُمَّ القُرَى هَلْ لِبَذْلِ الْقِرَى | |
|
| سَبِيلٌ فَمَا غِبْتُ عَنْكِ اخْتِيَارَا |
|
وَلَكِنْ ذُنُوبِي أَطَلْنَ انْتِزَاحِي | |
|
| وَصَيَّرْنَ أَيَّامَ أُنْسِي قِصَارَا |
|
وَكَمْ حجَّةٍ أَصْبَحَتْ حُجَّةً | |
|
| عَلَيَّ فَلَمْ تُجْدِ إِلاَّ اعْتِذَارَا |
|
بِنَفْسِيَ رَكْبٌ بِبَرْحِ الْهَوَى | |
|
| تَرَاهُمْ سُكَارَى وَمَا هُمْ سُكَارَى |
|
صَحِبْتُهُمُ وَالدُّجَى فَاحِمٌ | |
|
| فَأَشْعَلْتُ وَجْدِي حَتَّى اسْتَنَارَا |
|
فَلِلَّهِ عَيْنُ امْرِىءٍ أَبْصَرَتْ | |
|
| رَوَاحِلَهَا فِي بُرَاهَا تَبَارَى |
|
طَوَالَعَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ | |
|
| بِشَعْثٍ تَمُدُّ الأَكُفَّ افْتِقَارَا |
|
أَهِلَّة سَيْرٍ تُسَمَّى مَطَايَا | |
|
| بِأَفْلاَكِ أُفْقٍ تُسَمَّى قِفَارَا |
|
وَلَمَّا أَتَيْنَا نَؤُمُ العَقِيقَ | |
|
| جَرَى كَاسْمِهِ دَمْعُ عَيْنِي ابْتِدَارَا |
|
وَأَسْرَى إِلَى الْحَرَّةِ الصَّبُّ يَطْوِي | |
|
| عَلَى الوَجْدِ فِيهَا ضُلُوعاً حِرَارَا |
|
وَأَنْضَيْتُ ثَوْبَ الْهَوَى إِذْ دَنَا | |
|
| إِليَّ النَّقَا وَالْتَمَسْتُ الدِّيَارَا |
|
وَعِنْدَ المُصَلَّى أَعَدْتُ الصَّلاَةَ | |
|
| عَلَى الْمُصْطَفَى وَالْتَثَمْتُ الجِدَارَا |
|
وَأَقْبَلْتُ أُهْدِي بِبَابِ السَّلاَمِ | |
|
| إِلَيْهِ سَلاَماً وَأُبْدِي الوَقَارَا |
|
وَقُلْتُ أَيَا نَفْسِي لاَ تَجْزَعِي | |
|
| وَلاَ تَسْأَمِي لِلْخَلاَصِ انْتِظَارَا |
|
فَإنَّ الشَّفَاعَةَ قَدْ أُوْجِبَتْ | |
|
| لِكُلِّ امْرِىءٍ ذَلِكَ القَبْرَ زَارَا |
|
وَهَذَا النَّبِيُّ الكَرِيمُ الَّذِي | |
|
| يُقِيلُ العِثَارَ وَيَرْعَى الْجِوَارَا |
|
رَسُولٌ أَتَى رَحْمَةً لِلْوَرَى | |
|
| عَلَى حِين خَافُوا بَوَاحاً بَوَارَا |
|
رَفِيعُ الْمَنَاسِبِ عَماً وَخَالاً | |
|
| مَنِيعُ الجَوَانِبِ أَهْلاً وَجَارَا |
|
نَمَتْهُ إِلَى الْغُرِّ مِنْ هَاشِمٍ | |
|
| مَحَاتِدُ طَالَتْ وَطَابَتْ نِجَارَا |
|
وكُثْرُ المَعَالِي إِذِ المَجْدُ نَزْرٌ | |
|
| إِذَا زَهْرَةُ الْحَمْدِ أَعْلَتْ فَخَارَا |
|
وَقَدْ رَحِمَ اللَّهُ أَرْحَامَهَا | |
|
| بِنُورٍ أَضَاءَ وَمَا إِنْ تَوَارَى |
|
فَلَوْ زَارَهُ الْبَدْرُ بَانَ لَهُ | |
|
| مِنَ الشَّمْسِ عَنْهُ القُصُورُ اضْطِرَارَا |
|
شَفِيعٌ إِذَا النَّارُ نَارُ الْجَحِيمِ | |
|
| أَقَامَتْ شَرَاراً وَلَفَّتْ شَرَارَا |
|
وَلَوْلاَ حَيَا الْغَيْثِ أَضْحَتْ هَشِيماً | |
|
| خَمَائِل زَهْرٍ شَذَاهَا اسْتدَارَا |
|
لِمَوْلِدِهِ جَلَّ مِنْ مَولْدٍ | |
|
| خَبَتْ نَارُ فَارِسَ وَالْمَاءُ غَارَا |
|
وَإِيوَانُ كِسْرَى تَدَاعَى سُقوطاً | |
|
| فَأَبْدى انْكِسَاراً وَذَلَّ افْتِقَارَا |
|
وَحُقَّ لِذِي العَقْلِ حُسْنُ افْتِكَارٍ | |
|
| إِذَا مَا أَبَى الْعَقْلُ إِلاَّ افْتِكَارَا |
|
وَلاَحَتْ لآِمِنَةٍ أُمِّهِ | |
|
| قُصُورٌ بِبُصْرَى تَرَاءَتْ قَرَارَا |
|
وَيَا حُسْنَهَا بَعْدَ إِذْ جَاءَهَا | |
|
| يُصَاحِبُ فِي البِيدِ قَوْماً تجَارَا |
|
وَأَرْخَتْ سُتُوراً عَلَيْهَا الغَمَامُ | |
|
| تَمَارَى بِمَكَّةَ مَنْ قَدْ تَمَارَى |
|
وَشُقَّ لَهُ الْبَدْرُ نِصْفَيْنِ لَمَّا | |
|
| تَمَارَى بِمَكَّةَ مَنْ قَدْ تَمَارَى |
|
وَصُبْحاً أَشَارَ لأَصْنَامِهَا | |
|
| فَظَلَّتْ سَوَاقِطَ لَمَّا أَشَارَا |
|
وَأَلْقَى أَنَامِلَهُ فِي الإنَاءِ | |
|
| فَأَنْبَعَ مِنْهَا مِيَاهاً غِزَارَا |
|
وَلَوْ فَاضَ حِسًّا كَمَا فَاضَ مَعْنىً | |
|
| نَدَاهُ لَفَاقَ الْبِحَارَ انْفِجَارَا |
|
هُوَ القَاتِلُ الْمَحْلَ لَمَّا دَعَا | |
|
| فَصَيَّرَ فِي الغَابِرِينَ الغِبَارَا |
|
وَأَرْسَلَهَا فِي بُرُودِ النَّسِيمِ | |
|
| جَوَارِيَ سُحْبٍ هَوينَ ابْتِكَارَا |
|
وَحَنَّ لَهُ الْجِذْعُ يَوْمَ النَّوَى | |
|
| حَنِينَ الرَّوَاحِلِ تَحْوِي العِشَارَا |
|
وَجَاءَتْ لَهُ الشَّجَرُ الْعَادِيَاتُ | |
|
| تَجُرُّ عُرُوقاً مُلِئْنَ ثِمَارَا |
|
وَلَمَّا قَضَتْ حَقَّهُ أَسْرَعَتْ | |
|
| بِرُجْعَى امْتِثَالاً لَهُ وَائْتِمَارَا |
|
وَسَلَّمَ حَبراً عَلَيْهِ الحِجَارُ | |
|
| فَأَبْهَجَ أَهْلَ الحِجَا وَالحِجَارَا |
|
وَسَبَّحَ فِي الكَّفِّ مِنْهُ الحَصَا | |
|
| فَمَا كَفَّ لَكِنْ أَخَا الْبِرَّ بَارَى |
|