عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
الشعراء الأعضاء .. فصيح > مصر > عبدالرحمن الطويل > مُذكرات طفل سوري

مصر

مشاهدة
562

إعجاب
7

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

ادخل الكود التالي:
إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

مُذكرات طفل سوري

لِهَذا العالمِ الأعمَى .. يدٌ لا تعرفُ الدعما
وأُذْنٌ ماتَ فيها السمعُ عن أنَّاتِنا صَمَّا
وقلبٌ مِن جليدِ الصخرِ لا يُلقي لنا همَّا
ورُوحٌ فارقتْها الروحُ فهْي الجيفةُ الرَّمَّا
وخُلْقٌ مِثلُ خَلْقِ الثوب يكسُو العارَ والذَّمَّا
وإنسانيَّةٌ كم أُرضِعَت في الغابةِ السُّمّا
رأَتْ ما بي وألوَت لا .. تُحسُّ الضيقَ والغمَّا
ولم تعبأْ بآهاتي .. وقد زيدَت بها عِلما
ولم تُهرَعْ لإنجادي .. ولم تعقِدْ لهُ عزما
ولا رقَّت لسنِّي أو .. لوَجْهي الشاحبِ المُدمَى
ولا لحمي الذي قد باتَ كَلْمًا جاورَ الكَلْما
ودمعي البحرِ يسقي رُوحَها الظمآى لهُ سَجْما
فزادتْ رقَّتي قتلًا .. وزادت قاتلي حِلْما
وقالتْ أيُّها السَّفاحُ زِد أوجاعَهُم سوْما
فليسَ المنعُ مِن فعلي .. فعَربِدْ فيهمُ ظُلما
متى لم تُخرج الكِمياءَ لم نستبدل السِّلما
وليسَت هذه الأطفالُ تعنينا فطِب حُكما
***
تركتُ البيتَ والألعابَ رَدْمًا يحتوي ردما
وكُرَّاسي وفصلي بعد أن أبصرتُهُ هدْما
وفُتُّ الشارعَ المأنوسَ يشكو الوحشةَ العُظمَى
وعُمرًا هانئًا ولَّى .. ولمَّا أشتَكِ الهمَّا
أتتني فيه آمالي .. تقولُ اطلُبْ تَجِدْ حتما
وأهدَتْ ضِعفَها عشقًا .. لِحُسني كي ترى البَسْما
فأينَ الصحبُ إذ نلهُو .. ونرمي بالحصَى النجما
ونعدُو لا نخافُ الدهرَ رُوحًا تسبقُ الجِسْما
ونَوْمي في سريري الغضِّ يحبُو جسميَ النوْما
فلا أخشَى إذا ما نِمتُ أن يمحُو الغدُ اليوْما
وصوتُ الطير في صَحْوي .. يُحيِّي مَشرقي نغْما
وحلْوَى جدَّتي في فيَّ لم أعدِلْ بها طَعْما
وتقبيلٌ على خديَّ منها يَعقُبُ الضَّمَّا
مضَى هذا كأنِّي كنتُ في نومي أرى حُلْما
وحلَّ القتلُ والتهجيرُ عن آمالِنا رغما
ودقَّ القصفُ عَظْمَ القلب رَجْمًا يَتبعُ الرجما
كأنَّ الشُّهبَ قد خرَّت .. علينا تحرقُ الغيْما
ومدَّت موكبًا في الأفْقِ غَيْبَ المُنتهَى ضخما
كأني بالسَّما لم تُبقِ في أنحائِها جِرْما
ومات الأمنُ كالعصفورِ لما استقبلَ السهما
أزِلزالٌ أم اليومُ الأخيرُ الفصلُ قد حُمَّا؟
وهذي الأرضُ هل مُدَّت .. وألقى بطنُها العظْما؟
رأيتُ الأرضَ ما ألقَت .. ولكنْ حُمِّلَت لَحْما
وعمَّ الموتُ مثل الريحِ أهوَتْ قِمَّةً شَمَّا
وشاهدتُّ الخرابَ الصِّرفَ يُبدي سحنةً سَحما
وفُتُّ البيتَ روحي فيهِ لم تَهجُر لهُ رسما
وصرتُ اللاجئَ المطرودَ يبغي السقفَ والطُّعْما
ويبكي سالفَ الأيام أخفَتْ حُسنَها الغُمَّى
وأستجدِي الورَى السُّكنَى .. فيبني لي الورى الخَيْما
قُماشٌ ليس يُغني مِن .. شتاءٍ وَبْلُهُ طَمَّا
ويفري البردُ فيها لحميَ المهزولَ والعَظْما
وأبكي صاحبي الماضي .. شهيدًا خالدًا أسمَى
سلامٌ حمزةَ المقتولَ طفلًا لم يُصِب إثما
ولو أنِّي إليك اشتقتُ شوقًا جارفًا جمَّا
وهذا صاحبي الباقي .. أواسيهِ مُذ اغتمَّا
وصاد القصفُ أهليه .. وذاقَ الفقدَ واليُتْما
أسيفٌ دائمُ الإطراقِ يبكي قلبُهُ الأُمَّا
ويرثي قلبَها الحنَّانَ والصدرَ الذي ضَمَّا
وأُختًا كان منها الوجهُ بدرًا مُشرقًا تِمَّا
غدا في الأرض مثواها .. ومثواهُ غدا الهَمَّا
***
سئِمتُ النوحَ والشكوَى .. وكلَّت رُوحيَ الكَلْمَى
وملَّ الصوتُ أن يدعُو .. صُخورَ الطينة الصَّمَّا
إذا كان الورَى موتَى .. فهل يشفِي الدُّعا كَلْما
وأنَّى تُسمِعُ الموتَى .. وأنى تُسمع الصُّمَّا
ولو أني إذا ضاعفتُ بذلي أظهَروا رُحْما
لأهديتُ الورى عيني .. عسى أن يُبصروا الضَّيْما
***
ولكنِّي دعوتُ اللهَ أرجو الفضل والنُّعمَى
وكشفَ الكُربة الدَّهْما .. ورفعَ الغُمة العَتْما
وقصمَ المُعتدي الطاغي الذي أودَى بنا قصْما
ورفعَ الموتِ عن شعبي الذي مَلَّ الرَّدَى قَسْما
وإنَّ اللهَ للداعي .. مُجيبٌ واسِعُ الرُّحمَى
لَهُ نصرٌ سيأتينا .. سيُعْيِي كُنهُهُ الفهما
عزيزٌ يَعجبُ التاريخُ مِن آياتِهِ العُظمَى
يغيظُ الشامتينَ الزُّرقَ إن عُرْبًا وإن عُجْما
يراهُ الآنَ قلبي مُوشكَ الإشراقِ قد هَمَّا
لَهُ جُندٌ مِن الأَمْلاكِ تُفنِي دُونَها العَزْما
وجُندٌ من رجالِ الشامِ يُردي بأسُها الخَصْما
أرى هذا ولا يرآهُ ذاكَ العالمُ الأعمَى
لأنَّ الظُّلمةَ احتلَّتْهُ لمَّا ساندَ الظُّلْما
ونورُ اللهِ في قلبي .. يُريني عدلَهُ الأسْمَى
ونصرًا في رُبوعِ الشام يطوي أرضَهُ لَثْما
عبدالرحمن الطويل
بواسطة: عبدالرحمن الطويل
التعديل بواسطة: عبدالرحمن الطويل
الإضافة: الأربعاء 2013/02/27 04:02:13 صباحاً
التعديل: الأربعاء 2013/02/27 02:52:51 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم 2024
info@poetsgate.com