إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
ألسحبُ تَرْكضُ في الفضاءِ الرَّحْبِ رَكْضَ الخائفينْ |
والشمسُ تبدو خَلْفَها صفراءَ عاصِبَةَ الجبينْ |
والبحرُ ساجٍ صامتٌ فيه خشوعُ الزاهدينْ |
لكنَّما عيناكِ باهِتَتَانِ في الأُفقِ البعيدْ |
سلمى بماذا تفكرينْ؟ |
سلمى بماذا تحلمينْ؟ |
أرأَيتِ أحلامَ الطفولَةِ تختفي خلفَ التُّخومْ؟ |
أمْ أبصرتْ عيناكِ أشباحِ الكهولَةِ في الغيومْ؟ |
أَمْ خفتِ أن يأتي الدُّجى الجاني ولا تأتي النجومْ؟ |
أنا لا أرى ما تَلْمحينَ مِنَ المشاهدِ إنما |
أظلالها في ناظريكِ |
تَنِمُّ، يا سلمى، عليكِ |
إني أراكِ كسائحٍ في القَفْرِ ضلَّ عن الطريقْ |
يرجو صديقاً في الفلاةِ، وأينَ في القَفْرِ الصديقْ |
يهوى البروقَ وضوءَهَا، ويخافُ تخدعُهُ البروقْ |
بلْ أنتِ أعظمُ حيرةً من فارسٍ تحتَ القتامْ |
لا يستطيعُ الانتصارْ |
ولا يَطيقُ الانكسارْ |
هذي الهواجسُ لم تَكُنْ مرسومةً في مقلتَيْكِ |
فلقدْ رأيتُكِ في الضُّحى ورأيتُهُ في وجنتَيْكِ |
لكنْ وجدتُكِ في المساء وَضَعْتِ رأسكِ في يدَيْكِ |
وجلستِ في عينيكِ ألغازٌ، وفي النفسِ اكتئابْ |
مثلُ اكتئاب العاشقينْ |
سلمى بماذا تفكيرينْ؟ |
بالأرضِ كيفَ هَوَتْ عروشُ النورِ عن هضباتِهَا؟ |
أمْ بالمروجِ الخُّضْرِ سادَ الصمتُ في جنباتِهَا؟ |
أمْ بالعصافيرِ التي تعدو إلى وكناتِهَا؟ |
أمْ بالمسا؟ إنَّ المسا يخفي المدائنَ كالقرى |
والكوخُ كالقصرِ المكينْ |
والشوكُ مثلُ الياسمينْ |
لا فرقَ عندَ الليلِ بينَ النهرِ والمستنقعِ |
يخفي ابتساماتِ الطروبِ كأدمُعِ المتوجِّعِ |
إنَّ الجمالَ يغيبُ مثلُ القبحِ تحتَ البُّرقعِ |
لكنْ لماذا تجزعين على النهارِ وللدجى |
أحلامُهُ ورغائبُهْ |
وسماؤُهُ وكواكبُهْ؟ |
إنْ كانَ قد سَتَرَ البلادَ سهولُهَا ووعورُهَا |
لم يسلُبِ الزهرَ الأريجُ ولا المياهَ خريرُهَا |
كلا، ولا مَنَعَ النسائمَ في الفضاءِ مسيرُهَا |
ما زالَ في الوَرَقِ الحفيفْ وفي الصَّبَا أنفاسُهَا |
والعندليبُ صداحُهُ |
لا ظفرُهُ وجناحُهُ |
فاصغَيْ إلى صوتِ الجداولِ جارياتٍ في السفوحْ |
واستنشقي الأزهارَ في الجنَّاتِ ما دامتْ تفوحْ |
وتمتَّعي بالشُّهْبِ في الأفلاكِ ما دامتْ تلوحْ |
من قَبْلُ أنْ يأتي زمانٌ كالضبابِ أو الدخانْ |
لا تبصرينَ به الغديرْ |
ولا يَلَذُّ لكِ الخريرْ |
لتكنْ حياتُكِ كلها أملاً جميلاً طيِّبا |
ولتملإ الأحلامُ نفسَكِ في الكهولةِ والصِّبى |
مثلُ الكواكبِ في السماءِ وكالأزهارِ في الرُّبى |
ليكنْ بأمرِ الحبِ قلبُكِ عالَماً في ذاتهِ |
أزهارُهُ لا تذبلُ |
ونجومُهُ لا تأْفلُ |
ماتَ النهارُ ابنُ الصباحِ فلا تقولي كيفَ ماتْ |
إنَّ التأملَ في الحياةِ يَزيدُ أوجاعَ الحياةْ |
فدعي الكآبةَ والأسى واسترجعي مَرَحَ الفتاةْ |
قد كانَ وجهُكِ في الضحى مثلَ الضحى متهلّلا |
فيه البشاشةُ والبهاءْ |
وليكنْ كذلكَ في المساءْ |