سُبحانَ ذي الجَبروتِ وَالبُرهانِ | |
|
| وَالعِزِّ وَالمَلكوتِ وَالسُلطانِ |
|
وَالحَمدُ لِلَّهِ الكَريمِ الرازِقِ ال | |
|
| خَلّاقِ مُتقنِ صَنعَةِ الإِنسانِ |
|
وَاللَهُ أَكبَرُ لا إِلَهَ سِواهُ لي | |
|
| سُبحانَهُ هُوَ لِلصَوابِ هَداني |
|
أَصبَحتُ أَنظمُ مَدحَ أَكرَمِ مُرسَلٍ | |
|
| لَهجاً بِهِ في رائِقِ الأَوزانِ |
|
وَتَخِذتُهُ لي جُنَّةً وَمَعونَةً | |
|
| فيما أَرومُ فَصانَني وَكَفاني |
|
حَبَّرت فيهِ قَصيدَةً أَودَعتُها | |
|
| مِن مُسنَدِ الأَخبارِ حُسن مَعاني |
|
في وَصفِهِ مِن بَدءِ تَشريفاتِهِ | |
|
| حَتّى الخِتامِ بِحُسنِ نَظمِ مَعاني |
|
وَلَمَدحُهُ أَولى وَأَجدَرُ أَن يُرى | |
|
| فيهِ الهُدى وَيعانُ فيه مُعاني |
|
لَمّا بَنى اللَهُ السَماواتِ العُلى | |
|
| سَبعاً تَعالى اللَهُ أَكرَم باني |
|
فَسَمَت وَزانَتها بِحِكمَةِ صُنعِهِ | |
|
| زهرُ النُّجومِ وَزانَها القَمَرانِ |
|
وَالأَرضُ سَبعاً مَدَّها فَتَذَلَّلَت | |
|
| وَتَزَيَّنَت بِبَدائِعِ الأَلوانِ |
|
وَرَسَت عَلَيها الشامِخات بِإِذنِهِ | |
|
| فَحَمَت جَوانِبَها مِنَ المَيَدانِ |
|
وَأَتَمَّ خَلقَ العَرشِ خَلقاً باهِراً | |
|
| فَغَدا مِنَ الإِجلالِ ذا رَجفانِ |
|
كَتَبَ الإِلَهُ اِسمَ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ | |
|
| فَوقَ القَوائِمِ مِنهُ وَالأَركانِ |
|
فَسَرى السُّكونُ بِهِ وَقَد كَتَبَ اِسمهُ | |
|
| في جَنَّةِ المَأوى عَلى الأَغصانِ |
|
وَخِيامُها وَقِبابُها وَعَلى مَصا | |
|
| ريعِ القُصورِ تَفَضُّل المنّانِ |
|
فَلِذاكَ آدَم حينَ تابَ دَعا بِهِ | |
|
| مُتَوَسِّلاً فَأُجيبَ بِالغُفرانِ |
|
لَولاهُ لَم يُخلَق أَبونا آدَم | |
|
| وَجَحيمُ نارٍ أَو نَعيمُ جِنانِ |
|
قَد كانَ آدَمُ طينَةً وَمُحَمَّدٌ | |
|
| يُدعى نَبِيّاً عِندَ ذي الإِحسانِ |
|
مِن فِضَّةٍ بَيضاءَ طينَةُ أَحمَدٍ | |
|
| مِن تُربَةٍ أَضحَت أَعَزَّ مَكانِ |
|
عُجِنَت مِنَ التَسنيمِ بِالماءِ الَّذي | |
|
| زادَت بِهِ شَرَفاً عَلى الأَبدانِ |
|
غُمِسَت بِأَنهارِ النَّعيمِ فَطُهِّرَت | |
|
| وَتَعَطَّرَت وَسَمَت عَلى الأَكوانِ |
|
وَغَدَت يُطافُ بِها السَمَواتُ العُلى | |
|
| وَالأَرضُ تَشريفاً عَلى الأَكوانِ |
|
أَنوارُهُ كانَت بِجَبهَةِ آدم | |
|
| لا تَختَفي عَمَّن لهُ عَينانِ |
|
وَبِجَبهَةِ الزَهراءِ حَوّا أَشرَقَت | |
|
| لِلحَملِ بِالمَبعوثِ بِالفُرقانِ |
|
وَمِنَ الكَرامَةِ لِلمُشَفَّعِ أَنَّها | |
|
| في كُلِّ بَطنٍ جاءَها وَلدانِ |
|
وَأَتَت بِشيثٍ وَحدَهُ مُتَفَرِّداً | |
|
| لِيبينَ فَضلُ الواضِحِ البُرهانِ |
|
وَبِصُلبِ آدَمَ كانَ وَقت هُبوطِهِ | |
|
| وَبِصُلبِ نوحٍ وَهوَ في الطوفانِ |
|
وَبِصُلبِ إِبراهيمَ حينَ رَمى بِهِ | |
|
| في نارِهِ أَشقى بَني كَنعانِ |
|
وَعَلى سِفاحٍ ما اِلتَقى يَوماً مِنَ ال | |
|
| أَيّامِ مِن آبائِهِ أَبَوانِ |
|
مِن كُلِّ صُلبٍ طاهِرٍ أَفضى إِلى | |
|
| أَحشاءِ طاهِرَة الإِزارِ حصانِ |
|
أُخِذت مِنَ الرُّسلِ الكِرامِ لِنَصرِهِ | |
|
| إِن أَدرَكوهُ مَواثِقُ الإِيمانِ |
|
وَكَذاكَ في الكُتبِ القَديمَةِ وَصفُهُ | |
|
| يُتلى عَلى الأَحبارِ وَالرُهبانِ |
|
عَيناهُ فيها حُمرَةٌ مُتَقَلِّدٌ | |
|
| بِالسَيفِ لا يَرتاعُ لِلأَقرانِ |
|
يَعفو وَيَصفَحُ لا يُجازي مَن أَتى | |
|
| بِإِساءَة ناءٍ مِنَ العُدوانِ |
|
لا بِالغَليظِ الفَظِّ وَالسَخّابِ في ال | |
|
| أَسواقِ إِذ يَتَشاجَرُ الخَصمانِ |
|
حرزٌ لِأُميّينَ مِن مَسخٍ وَمِن | |
|
| خَسفٍ وَمِن حَصَبٍ وَمِن طوفانِ |
|
لا يَنتَهي حَتّى يُقيمَ المِلَّةَ ال | |
|
| عَوجاءَ بِالتَوحيدِ وَالتِبيانِ |
|
يَشفي القُلوبَ الغلفَ وَالآذانَ مِن | |
|
| صَمَمٍ وَيَفتَحُ أَعيُنَ العُميانِ |
|
في مَجمَعِ الكَتفَينِ مِنهُ شامَةٌ | |
|
| هِيَ لِلنُّبُوَّةِ فيهِ كَالعُنوانِ |
|
وَبِمَكَّةَ الفَيحاء مَولِدُهُ فَقَد | |
|
| فاقَت لِذَلِكَ سائِر البُلدانِ |
|
مِنها مَهاجِرهُ إِلى أَرضٍ بِها | |
|
| نَخلٌ كَثيرٌ زينَ بِالقنوانِ |
|
هِيَ يَثرِبٌ هِيَ طيبَةٌ هِيَ دارُهُ | |
|
| حُظِيَت بِمَجدٍ شامِخِ البُنيانِ |
|
وَعَلى بِلادِ الشامِ يَظهَرُ مُلكُهُ | |
|
| فَيُذِلُّ قَهراً عُصبَةَ الصُلبانِ |
|
وَاِستعلنَ الحَقّ المُبين بِنورِهِ | |
|
| بَينَ الجِبالِ الشُّمِّ مِن فارانِ |
|
ما مِن نَبِيٍّ مُجتَبى إِلّا لَهُ | |
|
| يَومَ المَعادِ إِذا أَتى نورانِ |
|
وَيَجيءُ تابِعُهُ بِنورٍ واحِدٍ | |
|
| وَلِأَحمَد الداعي إِلى الإيمانِ |
|
في كُلِّ جُزءٍ مِنهُ نورٌ وَالَّذي | |
|
| يَتلوهُ ذو نورَينِ يَبتَدِرانِ |
|
وَلنَعت شَعيا لِلنَبِيِّ مُحَمَّدٍ | |
|
| وَلِنَعتِ حِزقيلٍ كَذاكَ أَتاني |
|
وَصِفاتُ أُمَّتِهِ كَذَلِكَ بُيِّنَت | |
|
| فيها لِقَلبِ العالمِ الروحاني |
|
غرّ لِآثارِ الوضوءِ عَلَيهِم | |
|
| نورٌ مُضيءٌ ساطِعُ اللَمَعانِ |
|
وَالحَمدُ لِلَّهِ العَظيمِ شِعارُهُم | |
|
| في البُؤسِ وَالأَفراحِ وَالأَحزانِ |
|
وَإِذا عَلَوا شَرَفاً كَبيراً كَبَّروا | |
|
| أَصواتهُم كَالنَحلِ بِالقُرآنِ |
|
فيهِم صَلاةٌ مرَّة لَو أَنَّها | |
|
| كانَت لِعادٍ لَم تُصَب بِهَوانِ |
|
وَهُم رُعاةُ الشَّمسِ وَالقَمَرِ الَّذي | |
|
| تُطوى مَنازِلُهُ عَلى حُسبانِ |
|
وَهُم الَّذينَ يُقاتِلونَ عِصابَةَ ال | |
|
| دَجّالِ ذي التَضليلِ وَالبُهتانِ |
|
لَمّا رَأى موسى الكَليمُ صِفاتَهُم | |
|
| وَعَطاءَهُم مِن عِزَّةٍ وَصيانِ |
|
سَأَلَ اللّحوقَ بِهِم وَتِلكَ فَضيلَةٌ | |
|
| خَلُصَت لِأَمَّتِهِ بِكُلِّ أَوانِ |
|
كانَت يَهود بِهِ عَلى أَعدائِها | |
|
| يَستَفتِحونَ بِسالِفِ الأَزمانِ |
|
وَبِوَصفِهِم أَضحى المُتوّجُ تُبَّع | |
|
| بِالمُصطَفى العَرَبِيِّ ذا إيمانِ |
|
لَكِنَّهُم حَسَدوهُ بَغياً وَاِعتَدوا | |
|
| كَعُدُوِّهم في السَّبتِ بِالحيتانِ |
|
هُوَ أَحمَدُ الهادي البَشيرُ مُحَمَّد | |
|
| قَتّالُ أَهلِ الشِّركِ وَالطُّغيانِ |
|
هُوَ شاهِدٌ مُتَوَكِّلٌ هُوَ مُنذِرٌ | |
|
| وَمُبَشِّرُ الأَبرارِ بِالرّضوانِ |
|
هُوَ فاتِحٌ هُوَ خاتَمٌ هُوَ حاشِر | |
|
| هُوَ عاقِبٌ هُوَ شافِعٌ لِلجاني |
|
قُثمٌ ضَحوكٌ سَيِّدٌ ماحٍ مَحى | |
|
| بِالنورِ ظُلمَةَ عابِدي الأَوثانِ |
|
وَهوَ المُقَفّى وَالأَمينُ المُصطَفى ال | |
|
| أُمِّيُّ أَكرَمُ مُرسَلٍ بِبَيانِ |
|
وَهوَ الَّذي يُدعى نَبِيّ مَلاحِمٍ | |
|
| وَمَراحِمٍ وَمَثاب ذي عِصيانِ |
|
وَهوَ اِبنُ عَبدِ اللَهِ صَفوَة شَيبَة ال | |
|
| حَمدِ بن هاشِم الذَبيح الثاني |
|
أَصلُ الدِياتِ فِداؤُهُ مِن ذَبحِهِ ال | |
|
| مَنذورِ إِذا هُوَ عاشِرُ الأخوانِ |
|
وَالأَبيَضُ البَضُّ المُعَظَّمُ جَدُّهُ | |
|
| شَيخُ الأَباطِحِ سَيِّدُ الحمسانِ |
|
لَمّا اِصطَفى اللَّهُ الخَليلَ وَزادَهُ | |
|
| شَرَفاً وَنَجّاهُ مِنَ النّيرانِ |
|
اِختارَ إِسماعيلَ مِن أَولادَهِ | |
|
| وَبَني كنانَةَ مِن بَني عَدنانِ |
|
ثُمَّ اِصطَفى مِنهُم قُرَيشاً وَاِصطَفى | |
|
| أَبناءَ هاشِم الفَتى المِطعانِ |
|
ثُمَّ اِصطَفى خَيرَ الأَنامِ مُحَمَّداً | |
|
| مِن هاشِم فَسَمَت عَلى قَحطانِ |
|
وَأَبانَ كَعب جَدّهُ في خُطبَةٍ | |
|
| بِعُروبَةٍ في سائِرِ الأخوانِ |
|
فَضل النَبِيِّ وَودّ أَن يَبقى إِلى | |
|
| أَيّامِهِ لِقِتالِ ذي شَنَآنِ |
|
وَلَقَد بَدَت أَنوارُهُ بِجَبينِ عَب | |
|
| دِ اللَهِ ظاهِرَةً لِذي عِرفانِ |
|
وَبَدَت لِآمِنَةَ الحِصان لِحَملِها | |
|
| بِأَخَفّ حملٍ راجِحِ الميزانِ |
|
حَتّى بَدَت أَنوارُهُ في وَضعِها | |
|
| فَرَأَت قُصورَ الشامِ رُؤيَةَ داني |
|
وَلَدَتهُ عامَ الفيلِ يَومَ اِثنَينِ فَاِح | |
|
| تازَ الفَخارَ بَفَضلِهِ الإِثنانِ |
|
بِرَبيع الأَدنى بِثاني عَشرَة | |
|
| وَيُوافِقُ العِشرينَ مِن نيسانِ |
|
وَتَحَدَّثت بِوِلادِهِ الأَحبارُ وَال | |
|
| رُهبانُ وَالواعي مِن الكُهّانِ |
|
خَمَدَت لَهُ نارُ المَجوسِ وَزلزلَت | |
|
| مَعَ الاِنشِقاقِ جَوانِبُ الإيوانِ |
|
وَرَأى أَنوشَروان رُؤيا رَوَّعَت | |
|
| مِنهُ الفُؤادَ فَظَلَّ ذا رَجَفانِ |
|
فَمَضى الرَّسولُ إِلى سَطيح سائِلاً | |
|
| فَأَتى الجَوابُ إِلى أَنوشروانِ |
|
أَن سَوفَ يَظهَرُ أَمرُ دينِ مُحَمَّدٍ | |
|
| حَتّى يُزيلَ الملكَ مِن ساسانِ |
|
سَعدَت حَليمَةُ ظِئرهُ بِرضاعِهِ | |
|
| وَحَوى الفَخارَ رَضيعهُ بِلَبانِ |
|
وَرَأَت بِهِ البَرَكات مِنذُ غَدَت بِهِ | |
|
| وَأَتانُها في الرَّكبِ خَيرُ أَتانِ |
|
وَغَدَت تدرُّ لَها الشِّياهُ العجفُ في ال | |
|
| زَمَنِ المَحيلِ وَأَقبَلَ الثَديانِ |
|
فَأَتَت إِلَيهِ وَأَسلَمَت وَحَليلها | |
|
| فَتَبَوَّءا لِلرُّشدِ دارَ أَمانِ |
|
وَلِأَربَع مِن عُمرِهِ لَمّا غَدا | |
|
| مَع صِبيَة أَترابهُ الرِّعيانِ |
|
شَرَحَ المَلائِكُ صَدرَهُ وَاِستَخرَجوا | |
|
| مِنهُ نَصيبَ الدَّاحضِ الشَيطانِ |
|
وَلَقَد تَطَهَّرَ بَعدَ عَشرٍ صَدرهُ | |
|
| مِن كُلِّ ما غِلّ بِشَرحٍ ثانِ |
|
مَلأوهُ إيماناً وَحلماً وافِراً | |
|
| وَسَكينَةً مَعَ رَأفةٍ وَحَنانِ |
|
وَوَقَتهُ مِن لَفحِ الهَجيرِ غَمامَة | |
|
| وَهوَ اِبنُ عَشرٍ أَجمَل الغِلمانِ |
|
يَغدو كَحيلاً داهِناً وَقَرينُهُ | |
|
| شعثُ الغَدائِرِ رُمَّصُ الأَجفانِ |
|
وَمَضَت لِسِتٍّ أَمُّهُ وَتَكَفَّلَ ال | |
|
| جَدُّ الشَفيقُ لَهُ بِحُسنِ حضانِ |
|
وَأَتى بِهِ وَهوَ اِبنُ سَبعٍ عَمُّهُ | |
|
| وَقَدِ اِشتَكى رَمَداً إِلى دَيراني |
|
فَأَبى النُزولَ فَزلزلَت جُدرانُهُ | |
|
| فَاِرتاعَ عِندَ تَزَلزُلِ الجُدرانِ |
|
فَاِنحَطَّ حينَئِذٍ وَأَخبرَ جَدَّهُ | |
|
| بِنُبُوَّةِ الوَلَدِ العَظيمِ الشّانِ |
|
وَبِجِدِّهِ اِستَسقى الغَمائِمَ جَدُّهُ | |
|
| فَتَبَجَّسَت بِالوابِلِ الهَتّانِ |
|
وَلَقَد تَرَحَّلَ جَدُّهُ لِهَنائِهِ | |
|
| سَيفُ بنُ ذي يَزَنٍ إِلى غَمدانِ |
|
فَحَباهُ سَيفٌ عِندَها بِبِشارَةٍ | |
|
| تَعلو الهَناءَ بِمَقتَلِ السودانِ |
|
أَفضى إِلَيهِ بِسِرِّهِ في أَحمَد ال | |
|
| هادي البَشيرِ وَكانَ ذا خُبرانِ |
|
وَتَكَفَّلَ العَمُّ الشَفيقُ بِأَمرِهِ | |
|
| لَمّا غَدا مُتَكَمِّلاً لِثَمانِ |
|
وَرَأى عَظيمَ الخَيرِ مِن بَرَكاتِهِ | |
|
| هُوَ وَالعِيال إِذا أُتو بِخوانِ |
|
وَشَكا إِلَيهِ عَمُّهُ ظَمَأً بِهِ | |
|
| في مَوضِعٍ خالٍ مِن الغُدارنِ |
|
فَسَقاهُ إِذ رَكَضَ التُرابَ بِرِجلِهِ | |
|
| ماءً يُرَوّي غلَّةَ الظَمآنِ |
|
وَمَضى بِهِ نَحوَ الشَآمِ مُسافِراً | |
|
| وَهوَ اِبنُ عَشرٍ بِعَدها ثِنتانِ |
|
وَرَأى بُحَيراءُ الغَمامَ لِظِلِّهِ | |
|
| في الحَرِّ عِندَ تَوَقُّدِ الصُوّانِ |
|
وَرَأى الظِلالَ تَميدُ أَنى مالَ مِن | |
|
| شَجَرٍ هُناكَ ظَليلهُ الأَفنانِ |
|
وَجَرى لَهُ في بِضعِ عَشرَةَ حجَّةٍ | |
|
| نَبَأٌ يَسُرُّ فُؤادَ ذي إيقانِ |
|
إِذ كانَ سافَرَ مَع زُبَيرٍ عَمُّهُ | |
|
| فَرَأى بَعيراً صائِلاً بِجنانِ |
|
فَمَضى إِلَيهِ فَحينَ عايَنَ عزَّهُ | |
|
| أَهوى ذَليلاً ضارِباً بِجرانِ |
|
فَعَلاهُ مُمتَطِياً فَأَذعَنَ بِعدَما | |
|
| قَد كانَ غَيرَ مُذَلَّلٍ مِذعانِ |
|
وَكَذاكَ عِندَ رُجوعِهِم مِن شَأنِهِم | |
|
| مَرّوا بِوادٍ مُفعَمٍ مَلآنِ |
|
فَغَدا أَمامَهُم فَغَادَرَ ماؤهُ | |
|
| يَبساً طَريقاً ذَلَّ لِلرُكبانِ |
|
وَأَغَذَّ في خَمسٍ وَعِشرينَ السُرى | |
|
| نَحوَ الشآمِ بِمَتجَرٍ لِرَزانِ |
|
فَرَآهُ نَسطورا فَأَخبَرَ أَنَّهُ | |
|
| أَزكى نَبِيٍّ خاتَم الأَعيانِ |
|
وَرَآهُ مَيسَرَة الغُلام رَفيقُهُ | |
|
| وَمِنَ الهَجيرِ يُظِلُّهُ مَلَكانِ |
|
وَكذا خَديجَةُ أَبصَرَت فَتَزَوَّجَت | |
|
| رَغباً بِهِ مِن خِبرَةٍ وَعَيانِ |
|
جادَت عَلَيهِ بِنَفسِها وَبِمالِها | |
|
| فَسَمَت بِهِ شَرَفاً عَلى النّسوانِ |
|
وَبَنَت قُرَيش البَيتَ حينَ تَهَدَّمَت | |
|
| بِالسَيلِ مِنهُ قَواعِدُ الحيطانِ |
|
وَاِشتَدَّ في الحَجَرِ الكَريمِ نِزاعُهُم | |
|
| مَن مِنهُم لِلرَّفعِ مِنهُ يُعانِ |
|
ثُمَّ اِرتَضوا فيهِ بِأَوَّلِ داخِلٍ | |
|
| فَأَتى الأَمينُ الطَيِّبُ الأَردانِ |
|
وَهوَ اِبنُ خَمسٍ مَع ثَلاثينَ اِحتَوى | |
|
| حَزمَ الكُهولِ وَقُوَّةَ الشُبّانِ |
|
وَاِختَصَّ في وَضعِ الإِزارِ بِحِكمَةٍ | |
|
| بِالرَّفعِ دونَهُم وَدونَ البانِ |
|
كانَ التَعَبُّدُ دَأبَهُ لِلَّهِ مِن | |
|
| قَبلِ النُّبَوَّةِ لَيسَ عَنهُ بِوانِ |
|
يَأتي حراءً لِلتَعَبُّدِ هاجِرَ ال | |
|
| أَصنامِ هَجرَ المُبغِضِ الغَضبانِ |
|
وَكَذاكَ كانَ إِذا رَأى الرُؤيا اِنجَلَت | |
|
| كَالصُبحِ واضِحَةً عَلى بُرهانِ |
|
وَأَتَت عَلَيهِ أَربَعونَ فَأَشرَقَت | |
|
| شَمسُ النُّبُوَّةِ مِنهُ في رَمضانِ |
|
في سَبع عَشرَةَ لَيلَةً في يوم الاِث | |
|
| نَينِ المُخَصَّصِ مِنهُ بِالرّجحانِ |
|
لَم يَبقَ مِن حَجَرٍ وَلا مَدَرٍ وَلا | |
|
| شَجَرٍ وَلاَ جَبَلٍ وَلا كُثبانِ |
|
إِلّا وَناداهُ السَلامُ عَلَيكَ بِال | |
|
| لَفظِ الفَصيحِ كَناطِقٍ بِلِسانِ |
|
رَمَت الشَّياطينَ الرُّجومُ لِبَعثِهِ | |
|
| وَتنَكَّس الأَصنام لِلأَذقانِ |
|
وَالجِنُّ تَهتِفُ في الظَّلامِ بِسَجعِها | |
|
| بِنُبُوَّةِ المَبعوثِ بِالخَيرانِ |
|
وَأَتاهُ جِبريلُ الأَمينُ مُعَلِّماً | |
|
| مِن عِندِ رَبٍّ مُنعمٍ مَنّانِ |
|
فَحَصَ التُرابَ لَهُ فَأُنبِعَ ماؤُهُ | |
|
| فَأَراهُ كَيفَ وَضوءُ ذي قُربانِ |
|
وَأَتاهُ بِالسَّبعِ المَثاني فَاِنَثنى | |
|
| جَذلاً بِسَبعٍ في الصَّلاةِ مَثاني |
|
وَأَتاهُ يَأمرُهُ لِيُنذِرَ قَومَهُ | |
|
| طرّاً وَيَبدَأَ بِالقَريبِ الداني |
|
فَدَعا إِلى الرَّحمَنِ جَلَّ ثَناؤُهُ | |
|
| وَنَهى عَنِ الإِشراكِ وَالكُفرانِ |
|
وَرَمى الرِبا وَالخَمر وَالأَنصاب وال | |
|
| أَزلامَ وَالفَحشاءَ بِالبُطلانِ |
|
وَأَتى بِدينٍ مُستَقيمٍ واضِحٍ | |
|
| ظَهَرَت شَريعَتُهُ عَلى الأَديانِ |
|
فَهَدى قَبائِلَهُ فَلَم يَتَقَبَّلوا | |
|
| بَل قابَلوا المَعروفَ بِالنُّكرانِ |
|
ما زالَ يُنذِرُ قَومَهُ في منعَةٍ | |
|
| حَتّى ثَوى العَمُّ الشَفيقُ الحاني |
|
وَمَضَت خَديجَةُ بَعدَهُ لِسَبيلِها | |
|
| مَرضِيَّةً فَتَفاقَمَ الرّزءانِ |
|
فَاِشتَدَّ حينَئِذٍ عَلَيهِ أَذاهُم | |
|
| وَبَدا لَهُ طَمَعُ العَدُوِّ الشاني |
|
فَأَتى ثَقيفاً فَاِعتَراهُ أَذاهُمُ | |
|
| فَأَوى إِلى ظِلٍّ بِقَلبٍ عانِ |
|
وَاِبنا رَبيعَةَ شَيبة وَأَخوهُ في | |
|
| علِيِّةٍ لِعنائِهِ يَرَيانِ |
|
فَحَنتهُما رَحِمٌ عَلَيهِ فَأَرسَلا | |
|
| بِالقطفِ مَع عَدّاسٍ النَّصراني |
|
فَرَأى عَلاماتِ النُبُوَّةِ فَاِهتَدى | |
|
| وَلَكِن هُما عَمّا رَأى عميانِ |
|
وَغَدا عَلى الأَحياءِ يَعرِضُ نَفسَهُ | |
|
| لِبَلاغِ أَمرِ مُهَيمنٍ دَيّانِ |
|
يَأَتي القَبائِلَ يَستَجيرُ فَلا يَرى | |
|
| إِلّا ذَوي التَكذيبِ وَالخُذلانِ |
|
فَهُناكَ هاجَرَ جَعفَرٌ وَرِفاقُهُ ال | |
|
| أَخيارُ نَحوَ مَواطِنِ الحبشانِ |
|
فَحَنا النَجاشِيُّ المُنيبُ عَلَيهِم | |
|
| كَحُنُوِّ والِدَةٍ عَلى وِلدانِ |
|
وَأَقامَ يَعرِضُ نَفسَهُ حَتّى اِلتَقى | |
|
| مِن خَزرَجٍ بِالسَّتَّةِ الشُجعانِ |
|
وَأَتوا وَمِثلهُم إِلَيهِ فَبايَعوا | |
|
| في موسِمِ العامِ الجَديدِ الثاني |
|
وَبِعامِهِ هَذا رَأى في لَيلَةِ ال | |
|
| مِعراجِ ما قَرَّت بِهِ العَينانِ |
|
وَاِزادادَ تَطهيراً بِشَرح صَدرِهِ | |
|
| في لَيلَةِ المَسرى بِلا نُقصانِ |
|
أَسرى مِنَ البَيتِ الحَرامِ بِهِ إِلى | |
|
| أَقصى المَساجِدِ لَيسَ بِالوَسنانِ |
|
فَعَلا البُراقَ وَكانَ أَشَرَف مَركبٍ | |
|
| يَطوي القِفارَ بِسُرعَةِ الطَيَرانِ |
|
حَتّى أَتى البَيتَ المُقَدَّسَ وَاِرتَقى | |
|
| نَحوَ السَماءِ فَجازَ كُلَّ عَنانِ |
|
ما مِن سَماءٍ جاءَها مُستَفتِحاً | |
|
| إِلّا لَقوهُ بِتُحفَةٍ وَتَهاني |
|
وَلَقَد رَأى أَبَوَيهِ آدَمَ ثُمَّ إِب | |
|
| راهيمَ فَليُبشر بِهِ الأَبَوانِ |
|
وَلَقَد رَأى يَحيى وَعيسى ثُمّ ها | |
|
| رونَ المُحَبَّبَ رُؤيَةَ اليَقظانِ |
|
وَكَذاكَ موسى ثُمَّ إِدريسَ الرَضِي | |
|
| فَتَباشَروا كَتَباشُرِ الإِخوانِ |
|
وَلَقَد دَنا كَالقابِ مِن قَوسَينِ أَو | |
|
| أَدنى إِذا ما قُدِّرَ القَوسانِ |
|
كَشَفَ الحِجابَ وَكَلَّمَهُ فَما | |
|
| أَحظاهُ بِالتَقريبِ مِن إِنسانِ |
|
فَرَضَ الصَّلاةَ عَلَيهِ خَمساً أَصلُها | |
|
| خَمسونَ وَهيَ الأَجرُ في الحُسبانِ |
|
ثُمَّ اِنثَنى نَحوَ الفِراشِ مُقَمَّصاً | |
|
| مِن ذي الجَلالِ بِأَشرَفِ القُمصانِ |
|
لَكِنَّهُ أَضحى بِمَكَّةَ خائِفاً | |
|
| إِن قالَ مِن تَكذيبِ ذي بُهتانِ |
|
فَغَدا يُحَدِّثُهُم بِوَصفِ المَسجِدِ ال | |
|
| أَقصى حَديثَ مُعايِنٍ وَمُدانِ |
|
وَلَقَد دَنا البَيت المَقدّس مِنهُ بِال | |
|
| بَطحاءِ يَنعَتُهُ بِلا نِسيانِ |
|
فَعَموا وَأَبصَرَ قَولَهُ حَقّاً أَبو | |
|
| بَكرٍ بِعَينِ حَقيقَةِ الإِيمانِ |
|
فَأَذاعَ بِالتَصديقِ لَم يَرهَب وَلَم | |
|
| يَرتَب مِنَ الحَقِّ المُبينِ بِشانِ |
|
فَلِذَلِكَ التَصديقِ سادَ وَسُمِّيَ ال | |
|
| صِدّيق وَهوَ اِسمٌ سَما بِمَعاني |
|
وَأَتى عَلى الأَنصارِ عامٌ ثالِثٌ | |
|
| يعدّونَ أَنفُسَهُم بِخَيرِ أَماني |
|
فَأَتَوهُ في السَبعينَ ثُمَّتَ أَقبَلوا | |
|
| مِن أَشرَفِ العَقَباتِ كَالغَضبانِ |
|
مُتَتابِعينَ فَبايَعوهُ بِبَيعَةٍ | |
|
| عُقِدَت بِحُسنِ السَمعِ وَالآذانِ |
|
وَبِعَمِّهِ العَبّاسِ أُحكِمَ عَقدُها | |
|
| مِنهُم وَأَتقَنَ غايَةَ الإِتقانِ |
|
سَعدَت بِهِ أَوسٌ وَفازَت خَزرَجٌ | |
|
| فَحَوى الفَخارَ بِنَصرِهِ الحَيّانِ |
|
فَأولَئِكَ الأَنصارُ خفّاً أَحسَنوا | |
|
| نَصرَ النَّبِيِّ بِمُرهَفٍ وَسِنانِ |
|
فَهُناكَ آذَنَ صَحبَهُ لِيُهاجِروا | |
|
| مُستَنبِطينَ لِذَلِكَ الإيذانِ |
|
وَأَقامَ مُصطَبِراً وَعُيِّرَ صَحبهُ | |
|
| حيناً لِمُرِّ الهَجرِ وَالهِجرانِ |
|
وَدَرَت قُرَيشٌ بِالحَديثِ فَأَظهَرَت | |
|
| ما عِندَها مِن مُضمَرِ الأَضعانِ |
|
وَتَشاوَروا في قَتلِهِ أَو حَبسِهِ | |
|
| أَو بُعدِهِ وَمَضَوا عَلى كِتمانِ |
|
فَأَتاهُ جِبريلُ الأَمينُ مُخَبِّراً | |
|
| بِجَميعِ ما أَخفَوا مِنَ الشَنَآنِ |
|
وَفّى بِمَكَّةَ بِضعَ عَشرَةَ حِجَّةً | |
|
| يَلقى الأَذى في السِرِّ وَالإِعلانِ |
|
حَتّى أَتى إِذنٌ فَسارَ مُهاجِراً | |
|
| نَحوَ المَدينَةِ هِجرَةَ القُطّانِ |
|
وَأَتى أَبا بَكرٍ بِحَرِّ ظَهيرَةٍ | |
|
| سِرّاً فَتابَعَهُ بِغَيرِ تَوانِ |
|
حَلا بِثَورِ غادِهِ فَلَقَد غَدا | |
|
| وَهُما بِهِ مِن أَشرَفِ الغيرانِ |
|
باضَت عَلى البابِ الحَمامَةُ وَاِغتَدى | |
|
| يَهِنُ العَناكِبَ طامِس الأَكنانِ |
|
وَاِشتَدَّ تطلابُ العداةِ فَأَجزَلوا | |
|
| فيهِ الرَّشا وَنَفائِسَ الأَثمانِ |
|
فَسَرى سُراقَةُ تابِعاً فَرَآهُما | |
|
| وَهُما بِظَهرِ البيدِ يَرتَمِيانِ |
|
فَهَوَت يَدا فَرَسِ الحَريصِ بِصُلبَةٍ | |
|
| صَلدٍ وَثارَت وَهيَ ذاتَ عثانِ |
|
فَغَدا عَلى عِلمٍ يُعَمّي عَنهُما | |
|
| إِذ كانَ أَيقَنَ غايَةَ الإيقانِ |
|
ثُمَّ اِنبَرى المُختارُ يَجتابُ الفَلا | |
|
| بِتَواتُرِ الإِدلاجِ وَالذّملانِ |
|
وَتَسامَعَت أَنصارُهُ بِقُدومِهِ | |
|
| فَتَقَلَّدوا فَرَحاً بِكُلِّ يَمانِ |
|
وَأَتَوهُ بِالتَرحيبِ وَالبُشرى مَعَ ال | |
|
| تَعظيمِ بِالإِخباتِ وَالخُضعانِ |
|
وَغَدوا يَفدونَ النَّبِيِّ مُحَمَّداً | |
|
| بِالمالِ وَالأَرواحِ وَالوِلدانِ |
|
لَم يَلقَهُ مِنهُم فَتاةٌ أَو فَتى | |
|
| إِلّا بِقَلبٍ نَيِّرٍ جَذلانِ |
|
فَاِستَبشَرَ القَلبُ الشَريفُ بِما رَأى | |
|
| مِن حُسنِ أَخلاقٍ وَمِن إِحسانِ |
|
ما مِنهُم مِن مَنزِلٍ إِلّا رَجا | |
|
| أَنَّ النَبِيَّ لَهُ مِنَ السُكّانِ |
|
يَعدونَهُ إِن حَلَّ فيهِم أَنَّهُم | |
|
| لِنَبِيِّهِم مِن خَيرِ ما جيرانِ |
|
لَكِنَّ ناقَتَهُ سَرَت مَأمورَةً | |
|
| قَد أُعفِيَت مِن حَبسَةِ الأَرسانِ |
|
حَتّى لَقَد بَرَكَت بِأَشرَفِ مَنزِلٍ | |
|
| بِمَكانِ مَسجِدِهِ بِلا حيدانِ |
|
فَنَمى السُرورُ وَأَصبَحَ الأَنصارُ في | |
|
| عيدٍ بِمَن شَرفَت بِهِ العيدانِ |
|
وَتَكَنَّفَ اِبنَ سَلامٍ الفَضلُ الَّذي | |
|
| بِالمُصطَفى أَفضى إِلى سَلمانِ |
|
عَرَفاهُ مَعرِفَةَ اليَقينِ فَأَصبَحا | |
|
| وَهُما بِثوبِ الرُشدِ مُشتَمِلانِ |
|
وَاِبتاعَ سَلمانَ اِبتِياعاً بِالَّذي | |
|
| وَفّاهُ مِن ذَهَبٍ وَمِن فسلانِ |
|
دَخَلَ المَدينَةَ فَاِكتَست حُلَلَ الرِضى | |
|
| وَتَعَطَّرَت بِالروحِ وَالرَيحانِ |
|
أَضحَت بِهِ بَعدَ الخُمولِ شَهيرَةً | |
|
| بِالفَضلِ سامِيَةً عَلى الأَوطانِ |
|
قَرَنَت بِمَكَّةَ في الفَخارِ وَحُرِّمَت | |
|
| وَبِهِ سَما وَتَشَرَّفَ الحَرَمانِ |
|
وَتَضاعَفَت بَرَكاتُها بِدُعائِهِ | |
|
| فَلَها عَلى أُمِّ القُرى مثلانِ |
|
فَصلُ الحَلالِ مِنَ الحَرامِ وَقُبّة ال | |
|
| إِسلامِ وَهيَ القَلبُ لِلإيمانِ |
|
وَغُبارُها يَشفي السّقامَ وَرَبعُها | |
|
| مَأوى الهُدى وَمَعونَةُ اللَهفانِ |
|
مَن ماتَ فيها صابِراً فَشَفيعُهُ ال | |
|
| مُختارُ يَومَ تَفَرُّقِ الخلّانِ |
|
رَمَضانُها أَلفٌ وَجُمعَتُها جَزَت | |
|
| أَلفاً زَكى وَتَضاعفُ الأَجرانِ |
|
وَصَلاةُ مَسجِدِها بِأَلفٍ في سِوى ال | |
|
| بَيتِ المُقَبَّلِ عِندَهُ الرُكنانِ |
|
شَدُّ الرِحالَ إِلَيهِ مَشروعٌ وَلَو | |
|
| فَتَكَ الوَجى بِالجَسرَةِ المِذعانِ |
|
ما بَينَ مِنبَرِهِ وَمَوضِعِ قَبرِهِ | |
|
| هِيَ رَوضَةٌ مِن جَنَّةِ الحَيَوانِ |
|
يا سائِلي عَن مُعجِزاتِ المُصطَفى | |
|
| خُذ ما وَعى قَلبي وَقالَ لِساني |
|
لَقَدِ اِصطَفاهُ اللَهُ جَلَّ ثَناؤُهُ | |
|
| وَحَباهُ مِنهُ بِمُعجِزِ القُرآنِ |
|
هُوَ مُعجِزٌ في نَفسِهِ بِوُضوحِهِ | |
|
| وَعِنايَةٍ بِالحَقِّ مِن عُنوانِ |
|
وَحِفاظُهُ مِن خلَّةٍ وَتَناقُضٍ | |
|
| وَمِنَ الزِّيادَةِ فيهِ وَالنُقصانِ |
|
وَخُروجُهُ بِالنَّظمِ وَالإِيجازِ عَن | |
|
| سَجعِ الكَلامِ وَصيغَةِ الأَوزانِ |
|
وَبَقاؤُهُ غَضّاً جَديداً رائِقاً | |
|
| بِالحُسنِ لِلأَبصارِ وَالآذانِ |
|
وَإِذا قَضى بِالشَيءِ كانَ كَما قَضى | |
|
| لا يَستَطيعُ مَرَدُّهُ الثَقَلانِ |
|
لا يَدخُل التَبديلُ في آياتِهِ | |
|
| كَلّا وَما إِعجازُهُ بِالفاني |
|
لَمّا تَحَدّى الخَصمَ أَن يَأتوا بِما | |
|
| هُوَ مِثلهُ عَجِزوا عَنِ الإِتيانِ |
|
شَهِدوا لَهُ بِطلاوَةٍ وَحَلاوَةٍ | |
|
| وَفَصاحَةٍ وَبَلاغَةٍ وَبَيانِ |
|
وَهُم الخُصومُ لَهُ فَكَيفَ بِفِرقَةٍ | |
|
| نَبَذوا الهُدى بِغَباوَةِ الأَذهانِ |
|
جَعَلوا القُرانَ إِشارَةً وَعِبارَةً | |
|
| تُحكى وَمَخلوقاً وَقَولَ فُلانِ |
|
وَلِمُعجِزِ القَمَرِ الَّذي بَهَرَ العِدى | |
|
| مِن أَكبَرِ الآياتِ وَالبُرهانِ |
|
سَأَلَت قُريشٌ آيَةً فَأَراهُم | |
|
| قَمَرَ السَماءِ وَجُرمهُ نِصفانِ |
|
بِقعيقِعانِ النِّصف مِنهُ وَنِصفهُ | |
|
| بِأَبي قُبيسٍ يَشهَدُ الجَبَلانِ |
|
فَإِذا العِداةُ يُكابِرونَ عيانَهُم | |
|
| شَرُّ الرِجالِ مُكابِر لِعَيانِ |
|
ثُمَّ اِرتَأوا ظُلماً وَعدواً بَينَهُم | |
|
| سِرّاً رَويّة مُفكِرٍ حَيرانِ |
|
قالوا سَلوا السُفّارَ إِن شَهِدوا بِما | |
|
| أَبصَرتهُم حَقّاً بِلا نُكرانِ |
|
فَهوَ اليَقينُ وَلَيسَ سِحراً فَاِلتَقوا | |
|
| بِالنّاسِ مِن مَثنى وَمِن وحدانِ |
|
فَإِذا الَّذي نَكَروهُ حَقٌّ واضِحٌ | |
|
| لَكِنَّهُم كانوا ذَوي عُدوانِ |
|
وَحَديثُ جابِر الشَّهير وَزادهُ | |
|
| النَّزرُ اليَسيرُ وَكَثرَةُ الإِخوانِ |
|
وَكَفاهُم مِن غَيرِ نَقصٍ مُعجِز | |
|
| بادي العَيانِ لِعالمٍ رَبّاني |
|
وَقَضاءُ دينِ أَبيهِ مِن تَمرٍ لَهُ | |
|
| لَم يُوف لِلغُرَماءِ بِالسَهمانِ |
|
فَقَضاهُم وَالتَمرُ بَعدُ بِحالِهِ | |
|
| أَرضى الغَريمَ وَوارِثَ المِديانِ |
|
وَحَديثُ أُمّ سليمٍ المَروِيِّ عَن | |
|
| أَنَسٍ وَقَد بَعَثَتهُ بِالرّغفانِ |
|
نَحوَ النَبِيِّ فَرَدَّها وَدَعا لَها | |
|
| الجَفلى وَكانَت أَكلَة الجوعانِ |
|
فَأَتوهُ أَرسالاً فَلَم يَصدُر فَتى | |
|
| عَن تِلكَ إِلّا ذا حَشا شَبعانِ |
|
وَشَكا إِلَيهِ الجوعَ جَيشٌ هَمُّهُم | |
|
| نَحرَ الحمولَةِ رَبَّةَ الكيرانِ |
|
فَأَتوا بِزادٍ مِثلَ شاةٍ رابِض | |
|
| فَدَعا لَهُ بِاليُسرِ وَالنّميانِ |
|
وَالقَومُ أَلفٌ مَع مِئاتٍ أَربَع | |
|
| كُلٌّ غَدا بِالمزودِ المَلآنِ |
|
وَدَعا رِجالاً شربُ كُلٍّ مِنهُم | |
|
| فرقٌ وَيَأكُل جذعَة مِن ضانِ |
|
شَبِعَ الرِّجالُ الأَربَعونَ بِمدِّهِ | |
|
| وَرَووا بِشربِ العَشرَ رِيَّ بِطانِ |
|
وَدَعا مَعَ المائَةِ الثَلاثونَ الألى | |
|
| شَبِعوا بِما مِقدارُهُ مُدّانِ |
|
وَلَهُم سَوادُ البَطنِ حزَّ فَكُلُّهُم | |
|
| قَد نالَ مِنهُ أَبرَكَ اللَحمانِ |
|
كانَت تُمَدُّ مِنَ السَماءِ جِفانُهُ | |
|
| بِتَضاعُفِ البَرَكاتِ لا بِجفانِ |
|
وَدَعا أَبو أَيّوبَ أَكرَم مُرسَلٍ | |
|
| وَطَعامُهُ يَقتاتُهُ رَجُلانِ |
|
وَأَتاهُ مَع مِئَةِ ثَمانونَ اِكتَفوا | |
|
| وَقِرا أَبي أَيّوبَ لَيسَ بِفانِ |
|
وَلَقَد حَبَتهُ بِعُكَّةَ مِن سَمنِها | |
|
| مَرضِيَّةً مِن خَيرِ ما نِسوانِ |
|
فَإِذا بِها مَلأى عُقيبَ فَراغِها | |
|
| سَمناً لَهُ شَرَفٌ عَلى السّمنانِ |
|
وَحَديثُ بِنتِ بَشيرٍ المَأثورِ في | |
|
| تَمرٍ بِهِ قَصَدَت أَبا النُعمانِ |
|
فَدَعا بِأَهلِ الخَندَقِ المَيمونِ مِن | |
|
| شَيخٍ وَمِن كَهلٍ وَمِن شُبّانِ |
|
شَبِعوا جِميعاً وَهوَ مِن بَرَكاتِهِ | |
|
| يَنمى وَيَكثُرُ لَيسَ مِن قَنوانِ |
|
وَحَديثُ تَمرِ أَبي هُرَيرَةَ ظاهِرُ ال | |
|
| إِعجازِ مُتَّضَحٌ لِذي تِبيانِ |
|
عِشرينَ تَمرَةً اِستَعَدَّ وَتَمرَةً | |
|
| بِجِرابِهِ لَم يَبلُها المَلوانِ |
|
يَجني عَلى طولِ المَدى فَكَأَنَّهُ | |
|
| يَجنيهِ مِن نَخلٍ لَهُ صنوانِ |
|
وَلَقَد غَدا الدّوسي مِنهُ مُزَوَّداً | |
|
| خَمسينَ وِسقاً في رِضى الرَّحمَنِ |
|
كانَ الجِرابُ لَدَيهِ مَحفوظاً إِلى | |
|
| قَتلِ الإِمامِ المُرتَضى عُثمانِ |
|
وَشَكا إِلَيهِ الجَيشُ مِن ظَمَأٍ وَهُم | |
|
| في مَهمَهٍ لَيسوا عَلى غُدرانِ |
|
فَلَقوا فَتاةً في الفَلاةِ وَقَد أَتَت | |
|
| بِمزادَتَينِ بِظَهرِ ذي وَخدانِ |
|
فَدَعا وَسَمّى اللَهَ يَتفُلُ فيهِما | |
|
| فَاِنهَلَّتا كَمُجَلجلٍ هَتّانِ |
|
فَرووا وَأَنَّ مَزادَتَيها شُدَّتا | |
|
| وَهُما بِأَزكى الماءِ وافِرَتانِ |
|
فَمَضَت بِبِرٍّ ثُمَّ ماءٍ وافِر | |
|
| وَهُدى إِلى قَومٍ ذوي أَوثانِ |
|
وَكَذاكَ أَدخَلَ في إِناء كَفَّهُ | |
|
| وَالجَيشُ من ظَمَأٍ ذَووا هيمانِ |
|
فَلَظَلَّ يَنبُعُ مِن أَصابِعِهِ الرَوى | |
|
| وَيَرودُ قَلبَ الحائِمِ الحَرّانِ |
|
وَلَقَد تَفَجَّرت الرّكِيُّ بِسَهمِهِ ال | |
|
| مَغروزِ فيها مِن أَعَزِّ كنانِ |
|
وَأَتى عَلى بِئرٍ تَمَنَّعَ ماؤُها | |
|
| أَن يُستَقى بِالدَلوِ وَالأَشطانِ |
|
فَغَدَت بِماءٍ فيهِ فاضِل ريقهِ | |
|
| نَهراً مِنَ الأَنهارِ ذا جَرَيانِ |
|
وَشَكى ذَوو بِئرٍ تَمَنَّعَ ماؤُها | |
|
| في الصَيفِ عِندَ تَوَقُّدِ الحَرّانِ |
|
فَتَلا عَلى سَبعٍ عُدِدنَ مِنَ الحَصى | |
|
| ما شاءَ مِن ذِكرٍ وَمِن قُرآنِ |
|
فَرَموا بِها فيها فَلَم يُرَ قَعرُها | |
|
| مِن بَعدِ مِن ماءٍ بِها مَجانِ |
|
وَتَحَوَّلَ المِلحُ الأُجاجُ بِريقِهِ | |
|
| عَذباً يَلذُّ لِشارِبٍ ظَمآنِ |
|
وَسَقى فَرَوّى بِالذَّنوبِ حَديقَةً | |
|
| فَكَفى المشَقَّةَ صاحِبَ البُستانِ |
|
وَاِسمَع حَديثَ أَبي هُرَيرَةَ إِذ غَدا | |
|
| وَفُؤادُهُ بِالجوعِ ذو أَشجانِ |
|
فَأَتى النَبِيَّ المُصطَفى مُتَعَرِّضاً | |
|
| فَليبشرِ الدوسِيُّ بِالإِحسانِ |
|
فَأَتاهُ قَعب ملؤُهُ لَبَناً فَلَم | |
|
| يَملِك طَماعَة جائِعٍ لَهفانِ |
|
قالَ اُدعُ لي الفُقَراءُ أَهلَ الصّفَّةِ ال | |
|
| شُعثُ الرُؤوس الضُمَّرِ الأَبدانِ |
|
فَأَتوا فَلَم يَصدُر فَتى عَن قَعبِهِ | |
|
| إِلّا بِصَدرٍ ناعِمٍ رَيّانِ |
|
ثُمَّ اِرتَوى الدوسِيُّ بَعدَ إِياسِهِ | |
|
| عَلَلاً عَلى نَهلٍ فَثِق بِبَيانِ |
|
وَرَأى اِبنُ مَسعودٍ وَكانَ غليّماً | |
|
| يَرعى بِأَجرٍ لَم يُعَب بِخِيانِ |
|
فَأَتاهُ عَبدُ اللَهِ بِالشاةِ الَّتي | |
|
| لَم يَفتَرِعها الفَحلُ بِالنَزَواتِ |
|
فَتَحَلَّبَت لَبَناً لَهُ وَتَقَلَّصَت | |
|
| فَجَرى بِوفقِ مُرادِهِ الأَمرانِ |
|
وَكَذاكَ مَرَّ بِأُمِّ مَعبَد الَّتي | |
|
| وَصَفَتهُ وَصفَ المُعرِبِ المتقانِ |
|
فَأَتَت بِشاةٍ حائِلٍ في ماحِلٍ | |
|
| منعَ العِيال دَرائِر الأَلبانِ |
|
فَدَعا وَسَمّى اللَهَ يَمسَحُ ضرعَها | |
|
| مَسحاً وَيُمريهِ بِخَيرِ بَنانِ |
|
فَاِجتَرَّت العَجفاءُ بَعدَ مَجاعَةٍ | |
|
| وَغَدَت تدرُّ بِتُحفَةِ العجلانِ |
|
فَرَووا جَميعاً وَالفَتاةُ وَغادَرَت | |
|
| مِلءَ الإِناءِ لزَوجِها الغرثانِ |
|
وَسَرى بِقفَرٍ في مِئات أَربعٍ | |
|
| فاتَتهُم شاةٌ لَها قرنانِ |
|
فَرَووا بِخالِصِ دَرِّها ثُمَّ اِغتَدَت | |
|
| مِن حَيثُ جاءَت لَم تُصَب بِمَكانِ |
|
وَثَنى إِلَيهِ دَوحَتَينِ فَمالَتا | |
|
| حَتّى تَخَلَّت مِنهُما الساقانِ |
|
فَأَظَلَّتاهُ وَعادَتا فَإِذا هُما | |
|
| فَوقَ العُروقِ الخُضرِ قائِمَتانِ |
|
وَدَعا إِلَيهِ بِأَرضِ مَكَّةَ دَوحَةً | |
|
| فَأَتَت مُحَيّيةً وَلَم تَستانِ |
|
وَأَتاهُ أَعرابِيٌّ اِتّضَحَت لَهُ | |
|
| سُبُلُ الهُدى بِالقَطعِ وَالإِيقانِ |
|
لَمّا أَتَتهُ دَوحَةٌ شَهِدَت لَهُ | |
|
| بِنُبُوَّةِ المَلِكِ العَظيمِ الشانِ |
|
وَدَعا بِعذقٍ مِن أَعالي نَخلَةٍ | |
|
| فَأَتى إِلَيهِ وَعادَ نَحوَ إِهانِ |
|
وَعَلا حراءَ ذات يَومٍ فَاِنثَنى | |
|
| لِجَلالِهِ مُتَزَلزِل الأَركانِ |
|
فَغَدا يُسَكِّنُهُ وَيشعِرهُ بِمَن | |
|
| قَد حَلَّهُ مِن خُلَّصِ الأَعيانِ |
|
وَشَكا إِلَيهِ صِيال سانِيَةٍ لَهُم | |
|
| قَومٌ فَذَلَّ لَهُ البَعيرُ الساني |
|
أَهوى إِلَيهِ ساجِداً مُتَذَلِّلاً | |
|
| وَأَطاعَهُم مِن بَعدِ ما عِصيانِ |
|
وَكَذاكَ خَرَّ لَهُ بَعيرٌ ساجِداً | |
|
| قَد أَقبَلَت عَيناهُ بِالهَملانِ |
|
يَشكو إِرادَةَ أَهلِهِ نَحراً لَهُم | |
|
| فَأَغاثَهُ غَوث الأَسيرِ العاني |
|
وَبِهِ بَطيءُ الخَيلِ أَصبَحَ سابِقاً | |
|
| لَمّا عَلاهُ وَصارَ خَيرَ حِصانِ |
|
وَبَعير جابِرٍ المُخَلَّفِ بِالوَجى | |
|
| فيهِ غَدا ذا قَسوَةٍ وَإِرانِ |
|
وَحَديثُهُ بِالغائِباتِ مُؤَيَّدٌ | |
|
| بِوُقوعِ ما يجلى مِنَ الحدثانِ |
|
كَصَحيفَةٍ دَرَسَ الَّذي قَد أودعت | |
|
| مِن جورِها ضَربٌ مِنَ الدّيدانِ |
|
قَصَدَت قُريشُ بِها قَطيعَةَ هاشِمٍ | |
|
| فَأُزيلَ ما فيها مِنَ العُدوانِ |
|
فَدَرى النَبِيُّ بِها فَأَعلَمَ عَمَّهُ | |
|
| وَالأَمرُ خافٍ مِن ذَوي الطُغيانِ |
|
وَحَديثُهُ بِمَصارِعِ القَتلى عَلى | |
|
| بَدرٍ غَداةَ تَقابل الصَفّانِ |
|
وَحَديثهُ العَبّاس بِالمالِ الَّذي | |
|
| أَعطاهُ أُمَّ الفَضلِ في كِتمانِ |
|
وَسَرى عُمَيرٌ نَحوَ طيبَةَ بَعدَ أَن | |
|
| أَضفى عُقودَ الشَرِّ مَع صَفوانِ |
|
مُتَقَلِّداً بِالسَيفِ يَبغي غِرَّةً | |
|
| لِمُمَنَّعٍ مِن كَيدِ ذي شَنَآنِ |
|
فَأَتى بِهِ الفاروقُ يُمسِكُ سَيفَهُ | |
|
| يَخشى مَعَرَّةَ غادِرٍ خَوّانِ |
|
قالَ المُؤَيّدُ خَلِّهِ وَأَذاعَ ما | |
|
| كانا بِهِ في الغَيبِ يَأتَمِرانِ |
|
فَرَأى عُمَير ما دَعاهُ لِرُشدِهِ | |
|
| فَاِنقادَ بَعدَ نُفورِهِ لِليانِ |
|
وَتَكَلَّمَت في فَتحِ مَكَّةَ فرقَةٌ | |
|
| سَمِعوا بِلالاً مُعلِناً بِآذانِ |
|
فيهِم أَبو سُفيانَ كُلٌّ قالَ ما | |
|
| فيهِ القَذى إِلّا أَبا سُفيانِ |
|
فَأَتاهُم الهادي فَأَخبَرَ بِالَّذي | |
|
| قالوا وَوُفِّقَ مُمسِكٌ لِلِسانِ |
|
وَقَضى بِصُلحٍ بِعدَهُ سَيُصيبُهُ | |
|
| بِالسَيِّدِ الحَسَنِ اِبنهِ فِتيانِ |
|
وَلَقَد رَأى رَجُلاً فَأَخبَرَ أَنَّهُ | |
|
| يَلِدُ الخَوارِجَ شَرَّ ما ولدانِ |
|
وَقَضى بِأَنَّ المَخدِجَ اليَد فيهِم | |
|
| وَبِهِ عَلِيٌّ كانَ ذا إيقانِ |
|
وَعَلى المَشارِقِ وَالمَغارِبِ جُندُهُ | |
|
| أَضحَوا بِمَوعِدِهِ ذَوي سُلطانِ |
|
وَبِوَعدِهِ ظَفَروا بِكَنزَي فارِسٍ | |
|
| وَالرّوم ينفقُ فيهِما الكَنزانِ |
|
وَكَذاكَ أَخبَرَ ذاتَ يَومٍ صَحبَهُ | |
|
| أَن سَوفَ يَظهَرُ بَعدَهُ صِنفانِ |
|
صنفٌ بِأَيديهِم سِياطٌ تُشبِهُ ال | |
|
| أَذنابَ مِن بَقَرٍ وَصِنفٌ ثاني |
|
مِن كاسِياتٍ عارِياتٍ فِتنَة | |
|
| لِلنّاسِ بِالتَمييلِ وَالميلانِ |
|
رُفِعَت كَأَسنِمَةُ الجِمالِ البُختِ | |
|
| مِن فَوقِ الرُؤوسِ حَبائِلَ الشَيطانِ |
|
وَيَجيءُ قَومٌ لا أَمانَةَ عِندَهُم | |
|
| مِن عُصبَةٍ ثلجِ البُطونِ سِمانِ |
|
وَسَتَظهَرُ التُركُ الصِغار الأَعيُن ال | |
|
| دُلف الأُنوفِ مُدَمِّروا البُلدانِ |
|
يَحكي مِجَنّا مُطرِقاً وَجهَ الفَتى | |
|
| مِنهُم وَقَد ظَهَروا بِهَذا الآنِ |
|
فَتَكوا بِأَطرافِ البِلادِ وَنَحنُ في | |
|
| ثِقَةٍ بِهِ مِن كَيدِهِم وَأَمانِ |
|
ضَمِنَ النَبِيُّ لِبَيضَةِ الإِسلامِ أَن | |
|
| لا تُستَباحُ ثِقوا بِخَيرِ ضَمانِ |
|
وَقَضى بِهَرجٍ هائِلٍ هُوَ ظاهِر | |
|
| في عَصرِنا هَذا مِنَ العجمانِ |
|
قَتَلت طُغاة خَوارِزمَ رِجالنا | |
|
| وَسَبوا حَريمَ الناسِ بَعدَ صِيانِ |
|
وَكَذاكَ أَخبَرَ أَن سَبَّ صحابهِ | |
|
| ما لِلمُصِرِّ عَلَيهِ مِن غُفرانِ |
|
عِلماً بِقَومٍ يَجهَرونَ بِسَبِّهِم | |
|
| مِن كُلِّ غمرٍ فاحِشٍ لَعّانِ |
|
وَسَموا الصَّحابَةَ بِالنِّفاقِ فَيا لَهُ | |
|
| حَدَثاً تُصَمُّ لِأَجلِهِ الأُذُنانِ |
|
فَلَقَد وَجَدنا وَعدَهُ مُتَيَقّناً | |
|
| فيما ذَكَرت بِمَسمَعٍ وَعَيانِ |
|
وَالصَّخرُ لانَ لَهُ بِيَومِ الخَندَقِ ال | |
|
| مَيمونِ لينَ التُربِ وَالأَطيانِ |
|
وَلَقَد تَبَدَّت لِلصَحابَةِ كَدِيَة | |
|
| لَم يَستَطيعوا حَفرَها بِجفانِ |
|
فَأَتى فَرَشَّ الماءَ رَشّاً فَوقَها | |
|
| فَغَدَت لَهُ تَنهالُ كَالكُثبانِ |
|
ظَهَرَت قُصورُ الشامِ مِنهُ بِضَربَةٍ | |
|
| وَقُصورُ فارِس رَبَّة الإيوانِ |
|
ظَهَرَت بِأُخرى ثُمَّ أُخرى أَظهَرَت | |
|
| يمناً بِضَربَةِ ضامِرٍ سَغبانِ |
|
وَالجِذعُ حَنَّ إِلَيهِ عِندَ فِراقِهِ | |
|
| شَوقاً حَنينَ الهائِمِ الوَلهانِ |
|
فَأَتى يُسَكِّنُهُ وَقالَ مُخَيِّراً | |
|
| إِن شِئتَ تَرجِع أَخضَرَ العيدانِ |
|
أَو إِن تَشَأ في الجَنَّةِ العُليا تَكُن | |
|
| فَاِختارَ غَرساً في نَعيمِ جنانِ |
|
وَبِكَفِّهِ الحَصياتُ سَبعاً سَبَّحَت | |
|
| وَبِأَمرِهِ في كَفِّ كُلِّ هجانِ |
|
وَهما وَزيراهُ وَعُثمانُ الَّذي | |
|
| بِكَريمَتَيهِ زَكى لَهُ النورانِ |
|
وَنوت لَهُ حَمّالَةُ الحَطَبِ الأَذى | |
|
| فَلَبِئسَما هَمَّت بِهِ مِن شانِ |
|
فَأَظَلَّهُ ملكٌ بِفَضلِ جَناحِهِ | |
|
| فَاِنصاعَتِ اللَكعاء بِالحِرمانِ |
|
وَسَعى أَبو جَهلٍ إِلَيهِ بَعدَ أَن | |
|
| حَلَفَ اللَعينُ بِأَخبَثِ الأَيمانِ |
|
لَو قَد رَآهُ ساجِداً لَسَطا بِهِ | |
|
| فَلَكَيفَ أَدبَرَ عَنهُ ذا نكسانِ |
|
لَمّا رَأى مَن لَو دنا لَتَخَطَّفوا | |
|
| أَعضاءَهُ كَتَخَطُّفِ العِقبانِ |
|
وَأَتاهُ ذو كَيد بِفهرٍ فَاِنثَنى | |
|
| وَبَنانهُ بِاليَبسِ شَرُّ بَنانِ |
|
وَكَفاهُ رَبُّ العَرشِ شَرَّ عِصابَةٍ | |
|
| مَرَدوا عَلى السُخرِيِّ وَالطّعنانِ |
|
مُستَهتِرينَ بِأَرضِ مَكَّةَ خَمسَةً | |
|
| لَم يَكتَمِل لِهَلاكِهِم يَومانِ |
|
وَأَتَت شَياطينُ الفِجاجِ إِلَيهِ في | |
|
| أَيديهِم شُهُبٌ مِنَ النّيرانِ |
|
يَبغونَهُ كَيداً فَأَطفَأَ نارَهُم | |
|
| فَتَفَرَّقوا بِمَذَلَّةٍ وَهَوانِ |
|
وَأَرادَ شَيطانٌ أَذاهُ فَشَدَّهُ | |
|
| بَينَ السَواري شَدَّ عان جانِ |
|
لَولا دُعاء سابِق أَضحى لَفي | |
|
| وَسَطِ المَدينَةِ لُعبَةَ الصِّبيانِ |
|
وَذراع شاةِ الخَيبَرِيَّة أَصبَحَت | |
|
| بِالسُمِّ تُخبِرُهُ بِلا أَكنانِ |
|
وَاِنقضّ طائِرٌ اِستَقَلَّ بِحقّةٍ | |
|
| فَرَمى بِما فيها مِنَ الجنّانِ |
|
وَأَعادَ عَين قَتادَة فَتَمَيَّزَت | |
|
| بِجَمالِها في وَجهِهِ العَينانِ |
|
وَرَأى بِبابِ خِباءِ قَومٍ ظَبيَةٍ | |
|
| مَحبوسَةً عَن مَرتَعِ الغزلانِ |
|
نَطَقَت فَنادَتهُ السَلامُ عَلَيكَ كُن | |
|
| لي مُطلقاً لِأَسير نَحوَ إِراني |
|
قالَ الشَديدُ الحلمِ أَنتِ رَبيطَةٌ | |
|
| وَنَصيب أَقوامٍ مِنَ الحَيوانِ |
|
قالَت فَلي خشفانِ إِن أَهمَلتني | |
|
| يَهلِك لفَقدِ رضاعي الخَشفانِ |
|
عذّبتُ كالعشّارِ إِن لَم آتِكُم | |
|
| مِن بَعدِ أَن أَغذوهُما بلبانِ |
|
فَسَقَتهُما وَأَتَت إِلَيهِ فَشَدَّها | |
|
| بِحِبالِ قَنّاصٍ أُغِرنَ مِتانِ |
|
وَدَعا بِمالِكِها فَأَطلَقَها لَهُ | |
|
| فَمَضَت لَها زَجل مِنَ الشُكرانِ |
|
وَأَتى إِلَيهِ حارِسٌ في كمِّهِ | |
|
| ضَبٌّ وَكانَ المَرءُ ذا كُفرانِ |
|
فَهَدتهُ لِلحُسنى شَهادَةُ ضَبِّهِ | |
|
| بِرِسالَةِ المَبعوثِ مِن عَدنانِ |
|
وَأَتى أُوَيسٌ وَهوَ ذِئبٌ سائِلاً | |
|
| قسطاً يَكونُ لَهُ عَلى القِطعانِ |
|
فَأَبوا فَقالَ لَهُ فَخالسهُم إِذاً | |
|
| فَسَطا تعطّفهُ عَلى البُرحانِ |
|
وَأَتَت يَهودُ معدَّةً لِمَسائِلٍ | |
|
| فَأَجابَهُم عَنها بِغَيرِ تَواني |
|
عَرَفوا نُبُوَّتَهُ بِها وَبِغَيرِها | |
|
| لَكِنَّهُم ضَلّوا عَنِ العِرفانِ |
|
وَلَقَد رَأى مِن خَلفِهِ كَأَمامِهِ | |
|
| وَكَذا النَّهارُ وَلَيلهُ سيّانِ |
|
وَتَنامُ عَيناهُ وَلَيسَ بِغافِلٍ | |
|
| لَكِن بِقَلبٍ مُبصِرٍ يَقظانِ |
|
وَأَتى إِلى العَبّاسِ ثُمَّ دَعا لَهُ | |
|
| وَلِولدِهِ في الدارِ بِالغُفرانِ |
|
فَتَلاهُ تَأمينُ الجِدارِ وَقَبلها | |
|
| لَم يُسمَعِ التَأمينُ مِن جُدرانِ |
|
وَدَعا عَلِيّاً يَومَ خَيبَرَ وَهوَ لا | |
|
| يَسطيعُ حَرباً أَرمَدَ الأَجفانِ |
|
فَدَعا لَهُ مَع تَفلِ ريقَتِهِ فَلَم | |
|
| تَرمُد لَهُ مِن بَعدِهِ عَينانِ |
|
وَدَعا لَهُ أَن لا يضرَّ بِجِسمِهِ | |
|
| حَرٌّ وَلا بَردٌ بِكُلِّ أَوانِ |
|
فَشِتاؤُهُ فيهِ القَميصُ كَجبَّةٍ | |
|
| وَالصَيفُ فيهِ الفَروُ كَالكِتّانِ |
|
وَكَذا اِبنُ عَبّاسٍ أَعَدَّ طهورَهُ | |
|
| فَدَعا لَهُ بِالعِلمِ وَالتِبيانِ |
|
فَحَوى العُلومَ وَكانَ طَوراً راسِخاً | |
|
| فيها وَأَمعَنَ غايَةَ الإِمعانِ |
|
وَشَكا إِلَيهِ وَهوَ فَوقَ المِنبَرِ ال | |
|
| مَيمونِ شاكٍ ظاهِر البابانِ |
|
يَشكو البِلادَ وَقَحطَها فَدَعا فيا | |
|
| غَيث السَّماءِ هَلُمَّ بِالهُطلانِ |
|
وَأَقامَ سَبعاً لا يريمُ فَجاءَه | |
|
| شاكٍ يَخافُ تَهَدُّمَ الحيطانِ |
|
فَدَعا فَأَحدَقَ بِالمَدينَةِ صَحوها | |
|
| بَل عَن سِواها الغَيثُ لَيسَ بِوانِ |
|
فَأَقامَ شَهراً لا يَمُرُّ مُسافِر | |
|
| إِلّا بِوادٍ مُفعَم البِطنانِ |
|
وَدَعا بِغَيثٍ ذي صِفاتٍ عدَّة | |
|
| فَأَتى كَما حَلّا بِلا نُقصانِ |
|
وَدَعا لِشَخصٍ بِالجَمالِ فَجاوَزَ ال | |
|
| تِسعينَ وَهوَ كَأَجمَلِ الشُبّانِ |
|
وَلَقَد رَوى أَنَسٌ دَعا بِالعُمرِ وال | |
|
| بَركاتِ وَالأَولادِ لي وَحَباني |
|
فَرَأَيتُ لي مِئَةً وَسِتَّة أَنفُس | |
|
| لِلصُلبِ كانوا أَبرَكَ الغِلمانِ |
|
وَالكَرمُ يَحمِلُ مَرَّتَينِ وَتجتَني | |
|
| لِتَضاعُفِ البَرَكاتِ في بُستانِ |
|
وَبَغى أَخو دوسٍ هِدايَةَ أمِّهِ | |
|
| فَأَبَت فَأَقبَلَ مُستَهلّ الشانِ |
|
وَدَعا لَهُ وَلِأُمِّهِ بِمَحَبَّةٍ | |
|
| حَلَّت بِباطِنِ كُلِّ ذي إيمانِ |
|
وَدَعا المُهيمن أَن يُسَلِّطَ كَلبَهُ | |
|
| يَوماً عَلى مُتَمَرِّدٍ فَتّانِ |
|
فَأَظلَّهُ سَفرٌ فَخافَ دُعاءَهُ | |
|
| فَدَعا بِمَن مَعَهُ مِنَ الأَخدانِ |
|
فَتَحَلَّقوا هُم وَالرَواحِلُ حَولَهُ | |
|
| فَدَهاهُ بَأسُ غَضَنفَرٍ غَضبانِ |
|
فَاِغتالَهُ مِن بَينِهِم فَإِذا بِهِ | |
|
| وَسطَ العَرينِ مُمَزَّقُ الجُثمانِ |
|
وَاِشتَدَّ بَردُ غَدوَةٍ فَتَخَلَّفوا | |
|
| عَنها تَخَلُّفَ عاجِزٍ كَسلانِ |
|
فَدَعا بِكَسرِ البردِ عَنهُم فَاِغتَدوا | |
|
| يَتَرَوَّحونَ بِفاضِلِ الأَردانِ |
|
هُوَ أَوَّلُ البناءِ خَلقاً آخرٌ | |
|
| في البَعثِ جَدَّدَ دارِسَ الأَديانِ |
|
وَاِضرِب لَهُ في بَعثِهِ مِن بَعدِهِم | |
|
| مَثَلاً كَدارٍ قَد بَناها الباني |
|
فَسَمَت وَراقَت غَيرَ موَضِعِ لَبنَةٍ | |
|
| وَمُحَمَّدٌ هُوَ مُكمِلُ البُنيانِ |
|
فَضلُ الكِرامِ المُصطفينَ جَميعهُم | |
|
| بَخصائِصَ اِجتَمَعَت لَهُ وَمَعاني |
|
عَمَّ البَرايا بِالرّسالَةِ إِنسِهِم | |
|
| وَالجِنّ ثمَّتَ خصَّ بِالفُرقانِ |
|
جُعلَت لَهُ الأَرضُ البَسيطَةُ مَسجِداً | |
|
| وَتُرابُها جُعلَ الطَهورَ الثاني |
|
وَلَهُ الغَنائِمُ حُلّلَت وَلِنصرِهِ | |
|
| ريحُ الصَّبا كانَت مِنَ الأَعوانِ |
|
وَالرُّعبُ كانَ عَلى مَدى شَهرٍ لَهُ | |
|
| بِقلوبِ مَن عاداهُ وَخز سِنانِ |
|
خلعَت عَلَيهِ قَطيفَةٌ مِن سُندُسٍ | |
|
| فَلَهُ اِستِقامَ الزُّهدُ عَن إِمكانِ |
|
وَأَتى إِلَيهِ هَدِيَّة مِن رَبِّهِ | |
|
| مِن جَنَّةِ الفِردَوسِ قطفٌ داني |
|
وَلَقَد أَتى عَنهُ حَديثٌ مُسنَدٌ | |
|
| سَأَسوقُ مَعناهُ لِذي نشدانِ |
|
في خصلَتَينِ يَفوقُ آدَمَ فيهِما | |
|
| وَهُما لِأَهلِ الحَقِّ واضِحتانِ |
|
شَيطانُ آدَم كافِرٌ يغوي وَقَد | |
|
| وَصَلَت هِدايَتُهُ إِلى الشَيطانِ |
|
وَلزَوجه عَونٌ عَلَيهِ وَإِنَّهُ | |
|
| بِنِسائِهِ قَد كانَ خَير مُعانِ |
|
وَحَليلَتا نوحٍ وَلوطٍ ضَلَّتا | |
|
| فَهُما بِرَبِّ العَرشِ كافِرَتانِ |
|
وَنِساؤُهُ الخَيرات هُنَّ نِساؤُهُ | |
|
| مَع ناعِماتٍ في الجِنانِ حِسانِ |
|
حُرّمنَ أَن ينكحنَ تَعظيماً لَهُ | |
|
| مِن بَعدِهِ وَعُصِمنَ مِن بُهتانِ |
|
وَهوَ الحَبيبُ وَلَم يَفُتهُ خلَّةٌ | |
|
| وَلَهُ الكَلامُ وَرُؤيَةُ الرَحمَنِ |
|
لَو أَنَّ موسى في زَمانِ نَبِيِّنا | |
|
| أَضحى لَهُ تَبَعاً وَلَم يستانِ |
|
وَلذكره المَرفوع مُقتَرِنٌ إِلى | |
|
| ذِكرِ الإِلَهِ فَلَيسَ يَفتَرِقانِ |
|
بِحَياتِهِ في الحجرِ أَقسَمَ مَن بِهِ | |
|
| في الشَرعِ يعقدُ مُحكَم الأَيمانِ |
|
وَبَنى عَلى خلق عَظيمٍ وَصفهُ | |
|
| فَسَمَت لَهُ في المَجدِ غرَّ مَعانِ |
|
وَدَعا جَميع أولي النُّبُوَّةِ بِاِسمِهِم | |
|
| وَدَعاهُ بِالتَعظيمِ في القُرآنِ |
|
وَكَذاكَ رَدَّ اللَهُ عَنهُ عَلى أولي ال | |
|
| تَكذيبِ رَدَّ مُماحِل حَنّانِ |
|
وَسِواهُ رَدَّ عَلى الخُصومِ مُماحِلاً | |
|
| عَن نَفسِهِ فَتَبايَنَ الحالانِ |
|
وَلما أَتى في النّورِ وَالحجَراتِ مِن | |
|
| تَعظيمِهِ كاف لِذي إيمانِ |
|
فَلَقَد نُهوا أَن يَجعَلوهُ كَبَعضِهِم | |
|
| عِندَ الخِطابِ وَيَجهَروا بِلِسانِ |
|
الآخرونَ وَلَيسَ عَن نَقصٍ بِهِم | |
|
| لَكِن تَفَضُّلَ مُحسِن مَنّانِ |
|
هُم يَشهَدونَ عَلى عُيوب سِواهُم | |
|
| وَعُيوبهم في سُترَةٍ وَصِيانِ |
|
وَهُمُ الكِرامُ السابِقونَ غَداً وَهُم | |
|
| نِصفٌ لِأَهلِ الفَوزِ أَو ثُلُثانِ |
|
سُبحانَ مَن مَنَحَ النَبِيَّ مُحَمَّداً | |
|
| مِنهُ بِحُسنِ الخلقِ وَالإِحسانِ |
|
لَكَأَنَّهُ قَد صاغَهُ مِن فِضَّةٍ | |
|
| وَكَساهُ نوراً ساطِع اللَمَعانِ |
|
مُتَبلّج بادي الوَضاءَةِ باهِر | |
|
| في الحُسنِ دانَ لِنورِهِ القَمَرانِ |
|
في الوَجهِ تَدويرٌ وَأشربَ حمرَة | |
|
| فَوقَ البَياضِ الزاهِرِ الخَدّانِ |
|
رَوّاهُما ماءَ الجَمالِ فَأَصبحا | |
|
| وَهُما بِرَونَقِ رَوضَةٍ نَضِرانِ |
|
رَحِبُ الجَبينِ تَخالُ ضَوءَ جَبينهُ | |
|
| كَالشَمسِ بَعدَ الصَحوِ في نيسانِ |
|
زانَ اِمتِدادُ الحاجِبَينِ جَبينَهُ | |
|
| حَتّى كَأَنَّهُما لَهُ نونانِ |
|
بِجَبينِهِ عرقٌ يدرُّ إِذا سَطا | |
|
| غَضَباً عَلى الأَعداءِ يَومَ طِعانِ |
|
وَإِذا أَتاهُ الأَمنُ زانَ جَبينهُ | |
|
| عرقٌ تَحَدَّرَ فَوقَهُ كَجُمانِ |
|
في عَينِهِ دَعَجٌ وَفي أَهدابِهِ | |
|
| وَطَف يَليقُ بِنَرجِسِ الأَجفانِ |
|
أَقنى يَلوحُ النُّور مِن عرنينِهِ | |
|
| حُلو المَياسِمِ أَشنَبُ الأَسنانِ |
|
يَفتَرُّ عَن مِثلِ اللآلِئِ ضَمَّها | |
|
| شَفَتانِ كَالياقوتِ مُشرِقَتانِ |
|
كَالمِسكِ نَكهَتُهُ وَأَطيَب مَخبَراً | |
|
| ما خالَ عَنهُ بِطيبِها البَردانِ |
|
وَالرَّأسُ مِنهُ لَم تُعجِبهُ صَلعَةٌ | |
|
| وَالشَّعرُ فاقَ مَنابِتَ الرَيحانِ |
|
رَجُلٌ أَثيثُ النَّبتِ لا قططٌ وَلا | |
|
| سبطٌ يعطّرُ نَشرَ دهنِ البانِ |
|
ما جازَ شَحمَة أُذنِهِ وَلَرُبَّما اِس | |
|
| تَرخى بِفَرعِهِ الكَتِفانِ |
|
فاقَ الصَّباح بِحُسنِ فَرقٍ يهتَدي | |
|
| بِضِيائِهِ قَلبُ الفَتى الحَيرانِ |
|
زانَ المُهيمِنُ عارِضَيهِ بِصُنعِهِ | |
|
| فَهُما بِأَطهَرِ مَنبِتٍ عَطِرانِ |
|
تَتَلألأُ الشّعراتُ نوراً فيهِما | |
|
| لَهُما السَّنا وَالعِزّ مُكتَنِفانِ |
|
وَكَأَنَّ إِبريقاً مَصوغاً فضَّةً | |
|
| عُنقٌ لَهُ فاقَت بِحُسنِ لِيانِ |
|
وَالصَدرُ أَنوَرُ فيهِ مَسرَبَة سَمَت | |
|
| حُسناً كَخَطِّ الكاتِبِ المِتقانِ |
|
وَذِراعُه كَسَبيكَةٍ مِن فِضَّةٍ | |
|
| وَيزينُ رَحبَ الكَفِّ لينُ بنانِ |
|
هِيَ جَونَةُ العَطّارِ إِن شُمَّت وَإِن | |
|
| لُمِسَت فَتِلكَ كَزُبدَةِ اللَبّانِ |
|
كَتِفاهُ قَد خُصّا بِأَشرَفِ خاتَمٍ | |
|
| عَلم النُّبُوَّةَ زينَ بِالخيلانِ |
|
وَالبَطنُ مِنهُ لَم تعبهُ ثَجلَة | |
|
| هُوَ في الجمالِ وَصَدرِهِ سيّانِ |
|
وَكَأَنَّ ساقَيهِ بِغَرزِ رِكابِهِ | |
|
|
قَدَماهُ خَلقُهُما سَوِيٌّ ثُمَّ لَم | |
|
| يُدرِكهُما في رِفعَةٍ قَدَمانِ |
|
لا بِالطَويلِ وَلا القَصيرِ وَإِن مَشى | |
|
| بَينَ الطِوالِ فَأَنضَر الأَغصانِ |
|
لا ظِلَّ في قِصَرِ الزَّمانِ وَطولِهِ | |
|
| فَوقَ الثَّرى لِقَوامِهِ الرَيّانِ |
|
ما قابَلَ الشَّمسَ المُنيرَةَ في الضُّحى | |
|
| وَالبَدر وَهوَ بِأَكمَلِ الدَورانِ |
|
إِلّا تَلَألَأَ نورُهُ فَعَلاهُما | |
|
| فَهُما لَهُ بِالفَضلِ مُعتَرِفانِ |
|
وَإِذا سَنا المِصباح قابَلَ نورهُ | |
|
| سَلَبَ الذُبال تَشَعشعَ الوقدانِ |
|
أَو ما سَمِعت بِرَبِّهِ النَّطعَ الَّذي | |
|
| أَضحى لَهُ عَرَقُ النَبِيِّ يُداني |
|
فَلَقَد حَوَتهُ في عَتائِدِ طيبِها | |
|
| فَشَآ فُنونَ الطيبِ وَالإِدهانِ |
|
وَأَتَتهُ أُمُّ عَروس اِلتَمَسَت لَها | |
|
| مِنهُ الَّذي هُوَ مُصلِحٌ لِلشانِ |
|
مَلَأَ النَبِيُّ لِهذِهِ قارورَةً | |
|
| عَرَقاً لَهُ سَمَحَت بِهِ الزندانِ |
|
كانَت يَضوعُ عَلى المَدينَةِ طيبُها | |
|
| فَيُقالُ هَذا عِطرُ بِنتِ فُلانِ |
|
فَخر المَلابِس كُلّها بِجَمالِهِ | |
|
| وِبِهِ تُزانُ بَدائِعُ الأَلوانِ |
|
يُنمي إِذا لَبِسَ البَياضَ بَهاؤُهُ | |
|
| وَيُنيرُ إِن وافى بِأَحمَرَ قانِ |
|
وَيُضيئُ إِن لَبِسَ السَّوادَ بَياضُهُ | |
|
| حَتَّى يُنَوِّرَ مُظلِمَ الأَكنانِ |
|
وَتَراهُ في خُضرِ الثَيابِ كَرَوضَةٍ | |
|
| غِبَّ السَماءِ غَضَيضَة الأَفنانِ |
|
وَلَقَد عَلاهُ حُلَّتانِ تَرَوّيا | |
|
| بِالزَّعفَرانِ الغَضِّ صَفرَوانِ |
|
يُهدي إِلى الحِبَرِ الفَخار إِذا أَتى | |
|
| وَعَلَيهِ مِن يَمَنِيِّها بُردانِ |
|
مِن كُلِّ أَصنافِ الثِّيابِ لِباسُهُ | |
|
| مِن قُطنِها وَالصّوفِ وَالكِتّانِ |
|
قَد كانَ يَلبسُ جبَّة مَزرورَة | |
|
| في الحَربِ عِندَ تَناوُلِ الأَقرانِ |
|
وَكَذاكَ في الأَسفارِ يَلبسُ جُبَّةً | |
|
| شامِيَةً ضاقَت بِها الكُمّانِ |
|
ما جازَ نِصف السّاقِ مِنهُ قَميصُهُ | |
|
| وَالكُمُّ مِنهُ حَدُّهُ الكوعانِ |
|
وَلَهُ رِداءٌ أَخضَرٌ يَلقى بِهِ | |
|
| مَن جاءَ مِن وَفدٍ مِنَ البُلدانِ |
|
وَعِمامَة سَوداء يُشرِقُ وَجهُهُ | |
|
| فيها لَهُ مِن خَلفِهِ طَرَفانِ |
|
وَلَهُ قُلُنسُوَةٌ لِيَومِ إِقامَةٍ | |
|
| وَلِظَعنِهِ أُخرى لَها أُذُنانِ |
|
شَرُفَ السَراويلُ المَصونُ بِلِبسِهِ | |
|
| وَبِلبسِ ساقَيهِ سَما الخُفّانِ |
|
وَحَوَت نِعالَ السَّبقِ فَخراً إِذ حَوى | |
|
| قَدَمَيهِ مِن مَخصوفِها نَعلانِ |
|
حُبُّ النَبِيِّ عَلى النُّفوسِ مُقَدَّمٌ | |
|
| وَالمالِ وَالأَولادِ وَالرَيحانِ |
|
كَلِفَ الجَمادُ بِحُبِّهِ وَدَليلُهُ | |
|
| ما جاءَ عَن أحدٍ وَعَن حمدانِ |
|
مِن صِدقِ حُبِّهِما لَهُ أَفذو الحِجى | |
|
| أَولى بِهِ حُبّاً أَمِ الحَجَرانِ |
|
حَسَنُ الخَلائِقِ لَم يَكُن بِمُعَنّفٍ | |
|
| أَحَداً وَلا بِالفاحِشِ اللعّانِ |
|
فَكِهٌ يُداعِبُ أَهلَهُ وَصِحابهُ | |
|
| بِالحَقِّ مَحروسٌ مِن البطلانِ |
|
فاقَ العَذارى في الخُدورِ حَياؤُهُ | |
|
| لا جَبهَ فيهِ لِصاحِبٍ أَو شاني |
|
مِن لُطفِهِ ما مَرَّ قَطّ بِنِسوَةٍ | |
|
| إِلّا وَسَلَّمَ أَو عَلى صِبيانِ |
|
وَإِذا دَعاهُ المَرءُ كانَ جَوابُهُ | |
|
| لَبَّيكَ لِلأَصحابِ وَالغِلمانِ |
|
وَلَقَد رَوى أَنَسٌ فَقالَ خَدَمتُهُ | |
|
| عَشراً فَلَم يَنقِم عَلَيَّ لِشاني |
|
ما قالَ أُفٍّ وَلَم يَقُل لِم عاتِباً | |
|
| في حالِ إِهمالي وَلا نِسياني |
|
وَبِمسمَعٍ مِنهُ وَمَرأى كانَ في | |
|
| بَيتِ اِبنَةِ الصِدّيقِ جارِيَتانِ |
|
يَتَغَنَّيانِ فَأَنكَرَ الصَّدّيقُ إِذ | |
|
| قَد كانَ يُضربُ عِندَهُ دَفّانِ |
|
قالَ الكَريمُ السَّهلُ كُفَّ فَإِنَّها | |
|
| أَيّامُ عيدٍ فَاِسمَعوا إِخواني |
|
وَحَديث عائِشَةَ الرِّضى وَوُقوفه | |
|
| مَعَها لِتَنظُرَ فِرقَة الحبشانِ |
|
كانوا بِمَسجِدِهِ وَهُم مِن ضارِبٍ | |
|
| بِحِرابِهِ دَرَقاً وِمِن زَفّانِ |
|
كانَت تَكلُّ فَتَستَريحُ بِأُنسِها | |
|
| بِوقور لا ضَجر وَلا تَعبانِ |
|
وَرَأى أُناساً عِندَ دَركلةٍ لَهُم | |
|
| فَتَفَرَّقوا رَهَباً بِكُلَّ مَكانِ |
|
فَدَعاهُم يا آلَ إِرفدة اِثبتوا | |
|
| لِتَبينَ فُسحَةُ أَشرَفِ الأَديانِ |
|
وَاِستنشدَ الأَشعارَ مُستَمعاً لَها | |
|
| مُستَحسِناً مِن غَيرِ ما نُكرانِ |
|
أَهدى لَهُ العَبّاسُ أَبياتاً بِها | |
|
| مَدحٌ يَفوقُ قَلائِدَ العُقيانِ |
|
فَدَعا لَهُ وَأَتاهُ كَعبٌ مادِحاً | |
|
| بِقَصيدَةٍ مَرضِيَّةِ الأَوزانِ |
|
أَجازَهُ وَلَطالَما مِن قَبلِها | |
|
| سَمِعَ المَدائِحَ فيهِ مِن حسّانِ |
|
هُوَ رَحمَةٌ لِلنّاسِ مُهداة فَمن | |
|
| قَبل الهِدايَةَ فازَ بِالرّضوانِ |
|
مِن الصِّفاتِ المَعنَوِيَّةِ حلمُهُ | |
|
| وَالصَّفحُ عَن ذَنبِ المُسيءِ الجاني |
|
لَقِيَ الأَذى مِن قَومِهِ وَمُرادُهُ | |
|
| إِصلاحُهُم وَهُم ذَوي أَضغانِ |
|
سَأَلوهُ تَحويلَ الصَفا ذَهَباً لَهُم | |
|
| وَزوال شمٍّ في الشِّعابِ رعانِ |
|
وَهُناكَ خُيِّرَ إِن تَشَأ أُعطوا الَّذي | |
|
| سَأَلوهُ فَإِن كَفَروا فَزَجرٌ دانِ |
|
أَو إِن تَشَأ فَاِستَأن عَلَّ غَوِيَّهُم | |
|
| يضحي رَشيداً قالَ بَل أَستاني |
|
وَلَقَد أَتى مَلِكُ الجِبال إِلَيهِ مِن | |
|
| رَبِّ السَّماءِ القاهِرِ السُّلطانِ |
|
لَو شاءَ سَوّى الأَخشَبين عَلَيهِم | |
|
| لَكِن تَرَبَّصَ رَأفَةً وَحَنانِ |
|
وَأَتاهُ يَلتَمِسُ النَوالَ وَيَجتَدي | |
|
| مِنهُم فَتى جافٍ مِنَ العُربانِ |
|
جَبَذَ النَبِيَّ فَأَثَّرَت في نَحرِهِ ال | |
|
| وَضّاح جَبذَة بردِهِ النَّجراني |
|
فَتَبَسَّمَ المُختار ثُمَّ أَمَدَّهُ | |
|
| بِعَطاء لا سئمٍ وَلا مَنّانِ |
|
وَرَمى اليَهوديّ الخَبيثُ خَبيئَةً | |
|
| مِن سِحرِهِ في بِئرِ ذي أورانِ |
|
لِيَكيدَهُ فَكَفاهُ رَبٌّ لَم يَزَل | |
|
| يَحميهِ كَيدَ الساحِرِ الخَزيانِ |
|
لَم يَلقَهُ يَوماً بِوَجهٍ باسِر | |
|
| لَكَأَنَّهُ ما كانَ ذا شَنَآنِ |
|
وَلَقَد ثَوى اِبنُ أبيٍّ الواهي العُرى | |
|
| رَأسُ النِّفاقِ وَمَعدَن الإِدهانِ |
|
صَلّى عَلَيهِ وَزادَ في اِستِغفارِهِ | |
|
| حَتّى نَهاهُ عَنهُ نَهيَ ثانِ |
|
رَؤوفٌ بِأُمَّتِهِ رَحيمٌ يَترُكُ ال | |
|
| عملَ الكَثير الأَجرِ في الميزانِ |
|
لا رَغبَة عَنهُ وَلَكِن يَقصِدُ ال | |
|
| تَخفيفَ عَن ضُعَفاء غَير مِتانِ |
|
وَيَزيدُ طول صَلاتِهِ فَيخِفُّها | |
|
| لِسَماعِ صَوتِ الطِّفلِ ذي الأَشجانِ |
|
عِلماً بِحرقَةِ أُمِّهِ لِبُكائِهِ | |
|
| هَذا لَعَمرُكَ مُصطَفى الرَحمَنِ |
|
وَلَقَد بَكى وَدَعا لِأُمَّتِهِ إِلى | |
|
| أَن جاءَهُ فيهِم جَوابُ أَمانِ |
|
وَلَهُ مِن الرَحمَنِ عَهدٌ أَنَّهُ | |
|
| مَن سبَّ مِن أَصحابِهِ بِلِسانِ |
|
مَن ظَلَّ يَجلِدُهُ وَيَلعَنُهُ فَفي | |
|
| هَذا لَعَمرُكَ أَعظَمُ القُربانِ |
|
وَلَهُ التَواضُع صَحَّ عَن شَرَفٍ لَهُ | |
|
| شَهِدتَ لَهُ بِكَمالِهِ الدارانِ |
|
قَد كانَ يَخصِفُ نَعلَهُ في بَيتِهِ | |
|
| وَكَذاكَ يَرقَعُ مخلَقُ القُمصانِ |
|
وَنَهى الصَّحابَةَ أَن يُقامَ لَهُ وَأَن | |
|
| يُطرى وَأَن يُطوى لَهُ عَقبانِ |
|
رَكِبَ الحِمارَ بِغَيرِ سَرجٍ موكِفاً | |
|
| وَاللّيفُ كانَ لَهُ مِن الأَرسانِ |
|
وَقَضى اليَتامى وَالأَرامِلَ حَقَّهُم | |
|
| وَكَذاكَ حاجَة أَعبُدٍ وَقِيانِ |
|
وَأَجابَ دَعوَةَ مَن دَعا وَلَو أَنَّهُ | |
|
| عَبدٌ يُباعُ بِأَحقَرِ الأَثمانِ |
|
بِالأَرضِ مَأكَلُهُ وَمَجلِسُهُ بِلا | |
|
| فَرشٍ كَفِعلِ العبدِ ذي الخضعانِ |
|
وَرَآهُ إِنسان فَأرعدَ هَيبَةً | |
|
| قالَ الجَليل القَدرِ لِلرُّعبانِ |
|
لَأنا اِبنُ آكِلَةِ القَديدِ فَلا ترع | |
|
| لَيسَ التَجَبُّرُ يا فَتى مِن شاني |
|
وَلَقَد أَتى مَلكٌ فَخَيَّرَهُ عَلى | |
|
| ما شاءَ مِن أَمرَينِ يُشتَرَطانِ |
|
إِن شاءَ عَبداً مُرسَلاً أَو إِن يَشَأ | |
|
| مَلكاً رَسولاً كانَ ذا سُلطانِ |
|
فَاِختارَ عَبداً مُرسَلاً مُتَواضِعاً | |
|
| لِلَّهِ رَبِّ العِزَّةِ الدَيّانِ |
|
وَهوَ الجَوادُ فَلَيسَ يَمنَعُ سائِلاً | |
|
| ما قالَ لا في العَدمِ وَالوِجدانِ |
|
بادي البَشاشَةِ باسِمٌ لِوُفودِهِ | |
|
| يَهتَزُّ مِنهُ لِلنَّدى العطفانِ |
|
كَفّاهُ أَسخى بِالعَطاءِ لِمُجتَدٍ | |
|
| مِن وابِلِ الغَيثِ المُسفِّ الداني |
|
سَبعينَ أَلفاً فَضَّها في مَجلِس | |
|
| لَم يَبقَ مِنها عِندَهُ فلسانِ |
|
وَأَتاهُ أَعرابِيٌّ اِلتَمَسَ النَّدى | |
|
| أَعطاهُ شاءً ضَمَّها جَبَلانِ |
|
وَلَكانَ أَجوَد ما تَكونُ يَمينُهُ | |
|
| بِالبِرِّ وَالمَعروفِ في رَمَضانِ |
|
أَيّامَ يَنزِلُ جِبرئيل عَلَيهِ مِن | |
|
| رَبِّ العُلا لِدِراسَةِ القُرآنِ |
|
وَهوَ الوَفِيُّ الصادِقُ الوَعد الَّذي | |
|
| ما كانَ يَوماً مُخلفاً لِعدانِ |
|
أَوَ ما سَمِعتَ بِصِدقِهِ وَوَفائِهِ | |
|
| إِذا كانَ واعَدَ صاحِباً بِمَكانِ |
|
فَأَقامَ يَرقُبُهُ ثَلاثاً لَم يَزَل | |
|
| حَتّى أَتاهُ الصاحِبُ المُتَواني |
|
وَهوَ الشُّجاعُ الفارِسُ الكَرّارِ عِن | |
|
| دَ تَقاعُسِ الأَبطالِ وَالشُجعانِ |
|
وَالكُفؤُ يَومَ حُنين الثَّبتُ الَّذي | |
|
| لَمّا تَوَلّوا كانَ غَيرَ جَبانِ |
|
كانوا إِذا حَمِيَ الوَطيسُ وَأُشرِعَت | |
|
| نَحوَ الصُدورِ عَوامِل المرّانِ |
|
لَجَأوا إِلَيهِ وَاِتَّقوا بِصِيالِهِ | |
|
| فَحَمى وَذَبَّ بِمُرهَفٍ وَسنانِ |
|
يَغشى عَجاجَةَ كُلِّ حَربٍ بِسلةٍ | |
|
| حَمراءَ كاشِرَةِ النُّيوبِ عَوانِ |
|
فَيَكُفُّ شِرَّتَها وَيَجلو نَقعها | |
|
| بِمُهَنَّدٍ ماضي الغِرارِ يَماني |
|
وَعَرا المَدينَةَ لَيلَةً فَرعٌ فَلَم | |
|
| يَسبِقهُ ذو فَرَسٍ مِنَ السُرعانِ |
|
وَمَضى يَؤُمُّ الصَوتَ وَهوَ مُقَلَّدٌ | |
|
| بِالسَيفِ فَوقَ عمرّد عَريانِ |
|
وَأَتى يُنادي لَن تُراعوا واصِفاً | |
|
| بِالبَحرِ سابق ذَلِكَ المَيَدانِ |
|
سَعدَت بِمَركَبِهِ الشَريف جِيادُهُ | |
|
| وَنِياقُهُ مِن سابِقٍ وهجانِ |
|
هَل في السَّوابِقِ كَاللّزارِ وَسَكبه | |
|
| وَلِخيفهِ وَالورد خَير حِصانِ |
|
أَو مِثلُ مُرتَجزٍ وَكَالضَّربِ الَّذي | |
|
| ما زاغَ عَن أَقدامِهِ صلوانِ |
|
أَو في المَراكِبِ كَالعَفيرِ وَدَلدَلٍ | |
|
| وَالناقَةِ العَضباءِ يَومَ رِهانِ |
|
وَبِبأسِهِ المَرهوب آلَة حَربِهِ | |
|
| فَتَكَت بِكُلِّ مُسايِفٍ مِطعانِ |
|
هَل في السُّيوفِ كَذي الفِقارِ وَمخذَمٍ | |
|
| وَالحَتفُ حَتفُ كَتائِبِ الشَيطانِ |
|
وَرسوب الماضي وَبَتّار الطُّلى | |
|
| أَو في القِسيّ كَشوحطِ المرنانِ |
|
وَبِكَفِّهِ الرَوحاء وَالصَفراء قَد | |
|
| سمتا قسيّ البَيعِ وَالشّريانِ |
|
أَو في الرّماحِ الشّارعاتِ كَرُمحهِ ال | |
|
| يزنيّ ذي التّثقيفِ وَالعسلانِ |
|
أَو في الحِرابِ كَمثلِ حربتِهِ الّتي | |
|
| شَرفت بِها الجمعات وَالعيدانِ |
|
أَو في الدُّروعِ السّابِغاتِ كَدرعهِ | |
|
| ذاتِ الفضولِ مَظنّة الإِحصانِ |
|
وَعَلاهُ يومَ الفتحِ أَشرفُ مغفَرٍ | |
|
| وَأَحاطَ في أُحدٍ بِهِ دِرعانِ |
|
ذاتُ الفضولِ وَدرعه السّعديّة ال | |
|
| فَضفاضَة المَحروسة الأَحضانِ |
|
وَلَهُ اللّواءُ الأَبيضُ المَنصورُ ذو ال | |
|
| ظِلّ الظّليل الشّاملِ الفينانِ |
|
كتبَت عَليهِ شهادتانِ هُما لِمَن | |
|
| أَولاهُما الإِحسان مُنجِيَتانِ |
|
وَالرّاية السّوداء أَشرفُ رايةٍ | |
|
| وَهيَ العِقابُ عِقاب كلّ مهانِ |
|
شَرُفَ القَضيبُ الخَيزُران بِكفّهِ | |
|
| إِذ كانَ يُمسِكُهُ بِخيرِ بنانِ |
|
وَعَصاهُ لمّا مَسّها بِيَمينِهِ | |
|
| فَضُلَت عصاً صارَت إِلى ثُعبانِ |
|
وَهوَ الفَصيحُ اللّفظِ ذو الحِكم التي | |
|
| أَربَت بَلاغَتها عَلى لُقمان |
|
جَمَعَ الفَوائِدَ بِاِختِصارٍ محكمٍ | |
|
| لَفظ يسيرٌ في غَزيرِ مَعاني |
|
وَكَلامهُ فَصل مُبينٌ نَثره | |
|
| يَسمو عُقودَ الدرِّ وَالمُرجانِ |
|
حُلو الكَلامِ إِذا تَكلَّم ناطِقاً | |
|
| فَالحَقُّ ما فاهَت بِهِ الشّفَتانِ |
|
ما كانَ يسردُ بَل يعدّ كَلامهُ | |
|
| عَدّاً لِيَعقلهُ ذَوو الأَذهانِ |
|
كَتبَ اِبنُ عمرٍو ما يَقولُ بِأَمرِهِ | |
|
| إِذ كانَ حَقّاً واضِح البُرهانِ |
|
عَجِبَ الصّحابَةُ مِن فَصاحَةِ لَفظِهِ | |
|
| وَبَلاغَةٍ فيهِ وَحسنِ بَيانِ |
|
قالوا نَشَأتَ بِأَرضِنا وَلِساننا | |
|
| عِندَ الفَصاحَةِ عَن لِسانكِ واني |
|
فَأَشارَ أَنّ لِسانَ إِسماعيلَ قَد | |
|
| كانَ اِنطَوى حقباً مِنَ الأَزمانِ |
|
فَحَباهُ ربُّ العَرشِ بِاللّغَةِ الّتي | |
|
| دَرَست وَضَلّت عَن بَني عَدنانِ |
|
بِلِسانِهِ نَزلَ القُرانُ وَفي بَني | |
|
| سَعدٍ نَشأتهُ مَعَ الحضّانِ |
|
وَاللَّهُ أدّبهُ فَأَحسَن رَبُّه | |
|
| تَأديبَهُ في السرِّ وَالإِعلانِ |
|
وَلَهُ صَريح الزُّهدِ صحَّ لِأَنَّهُ | |
|
| عُرِضَت عَلَيه أَماكِنُ البطحانِ |
|
ذَهبا فَقالَ أَجوعُ يَوماً صابراً | |
|
| وَإِذا شَبِعتُ أَكونُ ذا شُكرانِ |
|
كَم شدَّ مِن حَجرٍ لِمسغبةٍ وَكَم | |
|
| أَضحى عَلى اللّزباتِ ذا إِدمانِ |
|
يَغدو خَميصَ البَطنِ يَعلمُ أَنّهُ | |
|
| لا فَخرَ لِلمُتنعّم المبطانِ |
|
ما كانَ مُدّخِراً مِنَ الأَقواتِ ما | |
|
| قَد كانَ في يَوم لِيومٍ ثانِ |
|
كَلّا وَلَم يَكُ عِندهُ مِن آلَةِ ال | |
|
| دُنيا وَبِسطِ مَتاعِها زَوجانِ |
|
وَيمثّل الدّنيا كَقائِلِ دَوحةٍ | |
|
| وَمَضى وَخَلّفها بِغَيرِ تَواني |
|
إِن كانَ أَبياتُ النّبيِّ لَتسعةٌ | |
|
| يَمضي عَلَيها الشّهرُ وَالشّهرانِ |
|
ما إِن يُرى لِلخَيرِ في أَكنافِها | |
|
| وَالطّبخِ مِن لَهب وَمِن وقدانِ |
|
بِالأَسوَدينِ الماء وَالتّمر اِجتزوا | |
|
| عَن ناعِمِ العَيشِ الزّهيدِ الفاني |
|
وَاللّيفُ حَشوُ وِسادهِ وَقَميصه | |
|
| مِن أَغلَظِ المَنسوجِ في الأَقطانِ |
|
وَقَضى بِلالٌ دَينهُ ثُمَّ اِنثَنى | |
|
| وَلَدَيهِ بَعدَ الدّين دينارانِ |
|
فَثَوى بِمَسجِدِهِ إِلى أَن فُرِّقا | |
|
| يَومَينِ لا يَأوي إِلى نِسوانِ |
|
وَلَقد مَضى وَعَلى شَعيرٍ دِرعهُ | |
|
| مَروهونَةٌ لِتَعَذُّرِ الأَثمانِ |
|
وَهوَ الكَريمُ الطاهِرُ المَحفوظُ مِن | |
|
| ميلادِهِ مِن نَظرَةِ الخَتّانِ |
|
وَعَلى الطَهارَةِ وَالصِيانَةِ لَم يَزَل | |
|
| حَتّى أَتاهُ أَشرَفُ الأَديانِ |
|
لَم تَبدُ عَورَتُهُ لِزَوجٍ أَو لِما | |
|
| مَلَكَت يَمينٌ مَن كَمالِ صِيانِ |
|
وَإِذا تَخَلّى لا يُرى مِن بَعدِهِ | |
|
| أَثَرٌ لِما يَبدو مِنَ الإِنسانِ |
|
كانَ الوضوءُ لِكُلِّ وَقتٍ دَأبَهُ | |
|
| لَم يَجتَمِع لِوُضوئِهِ وَقتانِ |
|
رَغباً إِلى نورٍ عَلى نورٍ سِوى | |
|
| صَلَواتِ يَومِ الفَتحِ وَالإِمكانِ |
|
كَمُلَت طَهارَتُهُ وَتَمَّ رُكوعُهُ | |
|
| وَسُجودُهُ في الأَرضِ ذي الأَركانِ |
|
وَزَكَت مَحامِدُهُ وَطالَ قُنوتُهُ | |
|
| حَتّى اِلتَوى وَتَوَرَّمَ القَدَمانِ |
|
وَيَظلُّ طولَ اللَّيلِ يَقرَأُ آيَةً | |
|
| مُتَدَبِّراً فيها غُموضَ مَعاني |
|
يَتلو بِتَرتيلٍ بِصَوتٍ طَيِّبٍ | |
|
| عَذبٍ شَج بِقِراءَةِ القُرآنِ |
|
وَإِذا اِنتَهى التَرتيلُ يَختِمُ قائِماً | |
|
| تَعظيمَ عَبدٍ عارِفٍ خشيانِ |
|
وَإِذا أَتاهُ الأَمرُ فيهِ مَسَرَّةٌ | |
|
| لِلقَلبِ يَسجُدُ سَجدَةَ الشُكرانِ |
|
وَيَصومُ حَتّى لا يُظَنُّ فُطورُهُ | |
|
| أَبَداً يُريدُ بِهِ رِضى الرَحمَنِ |
|
وَكَذاكَ يُفطِرُ بُرهَةً حَتّى يَرى | |
|
| أَن لَيسَ يَوماً لِلصِّيامِ يُعاني |
|
وَثَلاثَة مِن كُلِّ شَهرٍ صامَها | |
|
| وَبِكُلِّ أُسبوعٍ لَهُ يَومانِ |
|
يَومَ الخَميسِ وَيَومَ الاثنَينِ اللَذا | |
|
| نِ تَفَرَّدا شَرَفاً بِفَتحِ جِنانِ |
|
وَكَذلِكَ الأَعمالُ تُرفَعُ فيهِما | |
|
| وَأَتمّ صَومَ الشَّهرِ مِن شَعبانِ |
|
وَلَهُ المواصَلةُ الَّتي يُمسي بِها | |
|
| مِن ذي الجَلالِ بِباطِن رَيّانِ |
|
وَكَذاكَ أَحرَمَ ثُمَّ لَبّى وَاِغتَدى | |
|
| لِطَوافِهِ وَسَعى بِذي الصَفّانِ |
|
ساقَ الهَدايا مُشعِراً وَمُقَلِّداً | |
|
| قَد أُعفِيَت عَن حلقَةٍ وَأَسانِ |
|
فَأَتَمَّ عُمرَتَهُ وَأَحرَمَ بَعدَها | |
|
| لِلحَجِّ عِندَ البَيتِ صُبحَ ثَمانِ |
|
وَأَتى بِتَلبِيَةٍ مِنىً فَاِحتَلَّها | |
|
| وَأَتى إِلى الصَّخَراتِ مِن نعمانِ |
|
فَدَعا بِها وَأَفاضَ نَحوَ المِشعرِ ال | |
|
| أَزكى الحَرامِ إِفاضَةَ الغُفرانِ |
|
وَأَتى مِنىً فَرَمى الجِمارَ مُكَبِّراً | |
|
| تَكبيرَ تَعظيمٍ بِصِدقِ جنانِ |
|
نَحَرَ النَّبِيُّ بِكَفِّهِ أُضحِيةً | |
|
| نَقَلَ الأَئِمَّةُ أَنَّها كَبشانِ |
|
وَدَعا بِحَلّاقٍ وَقَسَّمَ أَشَرَفَ ال | |
|
| أَشعارِ في الأَصحابِ وَالإِخوانِ |
|
وَمَضى فَطافَ بِكَعبَةٍ مَحجوجَةٍ | |
|
| مِنها يُقَبِّلُ أَسوَداً وَيَماني |
|
وَأَتَمَّ سَعيَ المَروتَينِ فَأَكمَلَ ال | |
|
| حَجَّ المُبَرَّرَ مُرغم الشَّيطانِ |
|
شَهِدَ المَناسِكَ ثُمَّ بَيَّنَها لَهُم | |
|
| لِيُبَلِّغَ النائينَ مِن هَودانِ |
|
وَرِعٌ كَثيرٌ صَمتُهُ ذو فِكرَةٍ | |
|
| مَرضِيَّةٍ مُتَواصِلُ الأَحزانِ |
|
يَخشى جَلالَ اللَهِ أَعظَمَ خشيَةٍ | |
|
| إِذ كانَ أَولى الناسِ بِالعِرفانِ |
|
وَلَطالَما سُمِعَ الأَزيرُ لِصَدرِهِ | |
|
| كَالمرجلِ الفَهّاقِ بِالغَلَيانِ |
|
وَلَقَد بَكى حَتّى تَبَلَّلَ حِجرُهُ | |
|
| وَبَكى فَبلَّ الأَرضَ بِالهملانِ |
|
وَتَلا اِبنُ مَسعودٍ عَلَيهِ سورَةً | |
|
| فَهَمَت لِذاكَ مَدامِعُ الأَجفانِ |
|
وَلَقَد عَلا قَدَم النَّبِيِّ بِنَعلِهِ | |
|
| رَجُلٌ أَضَرَّ بِرخصَةٍ خمصانِ |
|
فَأَزاحَهُ بِالسَوطِ عَنها ثُمَّ لَم | |
|
| يَملِك مَخافَةَ عاذِلٍ دَيّانِ |
|
فَدَعاهُ وَاِستَرضاهُ بِالشاءِ الَّتي | |
|
| بَلَغَت ثَمانينَ اِعتَبِر يا جاني |
|
وَشِعارُهُ الأَمَلُ القَصيرُ لِعِلمِهِ | |
|
| أَن أَمرهُ كَالبَرقِ ذي الخَطفانِ |
|
ما كانَ يَلقُمُ لُقمَةً فَيَظُنّ أَن | |
|
| تَنساغَ قَبلَ تَنزلِ الحدثانِ |
|
أَو كانَ يَرفَعُ طَرفَهُ فَيَظُنّ مِن | |
|
| حَذَرٍ أَنِ الشّفرانِ يَلتَقِيانِ |
|
وَلَقَد تَيَمَّمَ قُربَ ماءٍ خائِفاً | |
|
| أَمراً يُعاجِلُهُ مِنَ الإِتيانِ |
|
وَلَهُ التَضَرُّعُ وَالدُعاءُ الخالِصُ ال | |
|
| مَقبولُ مَحروساً مِنَ الحِرمانِ |
|
غَفَرَ الإِلَهُ لَهُ الذُنوبَ وَلَم يَزَل | |
|
| مُستَغفِراً ما أَقبَلَ المَلَوانِ |
|
وَهوَ المُؤَيَّدُ يَومَ بَدرٍ إِذ غَدا | |
|
| مُتَعَرِّضاً لِلعيرِ وَالرُكبانِ |
|
فَأَتَت قُرَيشُ تُريدُ نُصرَةَ عيرِها | |
|
| إِذ نَفَّرَت بِالمُنذِرِ العريانِ |
|
فَلَقوا رِجالاً وَالمَنايا الحُمر في | |
|
| أَسيافِهِم يَومَ اِلتَقى الجَمعانِ |
|
نَزَلَ المَلائِكَةُ الكِرامُ بِنَصرِهِم | |
|
| جِبريلُ وافاهُم بِأَلفِ عِنانِ |
|
وَبِمِثلِها ميكالُ جاءَ وَجاءَ إِس | |
|
| رافيلُ في أَلفٍ مِنَ الفُرسانِ |
|
أَودَت صَناديدُ العداةِ وَفارَقوا ال | |
|
| خِلَّ الحَميمَ إِلى حَميمٍ آنِ |
|
سُحِبوا فَأُلقوا في القليبِ أَذِلَّةً | |
|
| وَسَيُسحَبونَ غَداً إِلى النيرانِ |
|
نادى فَأَسمَعَهُم بِهِ لِيَزيدَهُم | |
|
| خِزياً عَلى خِزيٍ وَطول هَوانِ |
|
ثُمَّ اِنثَنى نَحوَ المَدينَةِ راجِعاً | |
|
| مُستَبشِراً بِالنَّصرِ وَالفُرقانِ |
|
وَكَذاكَ في أُحُدٍ تَبَيَّنَ بَأسُهُ | |
|
| وَثَباتُهُ في ساعَةِ الجولانِ |
|
كُسِرَت رُباعِيةُ النَّبِيِّ وَلَم يَزَل | |
|
| وَالنّاسُ في وَجَلٍ وَفي ذولانِ |
|
وَرَمى بِحَربَتِهِ أُبَيّاً فَاِرتَدى | |
|
| بِالخِزيِ في الدَركاتِ مَع هامانِ |
|
وَرَمى قُرَيضَةَ وَالنَّضيرَ بِبَأسِهِ | |
|
| إِذ كانَتا لِلغَدرِ يَحتَقِبانِ |
|
وَغَزا مريسيعاً فَتَمَّ مُرادُهُ | |
|
| في آلِ مُصطَلِق بِلا خذلانِ |
|
وَسَرَت قُرَيشٌ نَحوَ طيبَةِ تَجمعُ ال | |
|
| أَحزابِ مِن أَسَدٍ وَمِن غَطَفانِ |
|
فَدَرى النَبِيُّ فَظَلَّ يَحفِرُ خَندَقاً | |
|
| بِإِشارَةٍ مِن ذي الحِجى سَلمانِ |
|
فَأَتَتهُم ريحٌ وَجُندٌ لا تُرى | |
|
| فَتَفَرَّقوا بِالذُّلِّ وَالخُسرانِ |
|
وَحُصونَ خَيبَرَ جاءَها لَمّا عَصَت | |
|
| بِالجَيشِ ذي السَطَواتِ وَالسُلطانِ |
|
وَدَعا لِرايَتِهِ الشَريفَةِ مَن قَضى | |
|
| بِكَمالِهِ الزَّهراء وَالسِّبطانِ |
|
فَتَحَ الإِلَهُ عَلى يَدَيهِ حُصونَهُم | |
|
| وَسَبا بِسَيفِ القَهرِ كُلَّ حِصانِ |
|
وَأَظَلَّ يَومَ الفَتحِ مَكَّةَ مِنهُ ما | |
|
| بَهَرَت كَتائِبهُ أَبا سُفيانِ |
|
وَتنكَّس الأَصنامَ لَمّا حَلَّها | |
|
| بِإِشارَةٍ مِنهُ بِخَيرِ بَنانِ |
|
وَأَتى الحُجونَ وَفيهِ قُبَّتُهُ الَّتي | |
|
| شَرُفَت فَكانَ لَها مِنَ السُكّانِ |
|
وَأَتى هَوازِنَ في حُنينٍ غازِياً | |
|
| فَلَقوهُ بِالأَموالِ وَالأَظعانِ |
|
وَاِشتَدَّ بَأسُهُم فَأَرسَلَ فيهِم | |
|
| كَفّا مِنَ الحَصباءِ وَالصوّانِ |
|
فَحَشا عُيونَهُم فَأَدبَرَ جَمعَهُم | |
|
| كالوَحشِ نافِرَةً إِلى الميزانِ |
|
وَأَتى فَحاصَرَ طائِفاً فَأَذاهُم | |
|
| مُرَّ الحِصارِ وَشِدَّةَ الأَرجانِ |
|
غَزَواتُه سَبعٌ وَعِشرونَ انِبَرى | |
|
| مِنها لِعَشرٍ شاهِداً لِطِعانِ |
|
وَهيَ الَّتي ذُكِرَت وَلَم يَشهَد وَغى | |
|
| في سَبع عَشرَة غَزوَةً وَيُداني |
|
سِتّاً وَخَمسينَ السَّرايا بَثَّها | |
|
| مَعَ كُلِّ شَهمٍ فاتِكٍ زَبّانِ |
|
دانَت لِرُتبَتِهِ المُلوكُ مُقِرَّةً | |
|
| بِالقَهرِ مِن عَرَبٍ وَمِن عُجمانِ |
|
بَلَغَت رِسالَتُهُ المُقَوقَس وَهوَ في ال | |
|
| إِسكَندَرِيَّةِ مالِكُ القُبطانِ |
|
فَأَتَت هَدِيَّتُهُ إِلَيهِ وَصَدَّهُ | |
|
| شَيطانُهُ عَن خُطَّةِ الإيمانِ |
|
وَأَتَت رِسالَتُهُ هِرَقلَ فَهَمَّ بِال | |
|
| إِسلامِ لَولا زُخرُفُ الفَتّانِ |
|
وَأَتى إِلى كِسرى بن هُرمُزَ خطُّهُ ال | |
|
| أَعلى فَمَزَّقَهُ الحَقيرُ الشّانِ |
|
فَلِذاكَ مَزَّقَ مُلكَهُ ثُمَّ اِبتَغى | |
|
| رَجُلاً فَأَرسَلَهُ إِلى باذانِ |
|
أَرسِل إِلَيَّ بِهِ فَأَرسَلَ نَحوَهُ | |
|
| رَجُلَينِ بِالتَهديدِ يَبتَدِرانِ |
|
قالَ اِرجِعا فَلَقَد كَفاني أَمرَهُ | |
|
| بِالقَتلِ رَبٌّ صانَني وَكَفاني |
|
فَبَدا لِباذانَ اليَقينُ فَقادَهُ | |
|
| نَحوَ الهُدى وَنَجا مِنَ العمهانِ |
|
وَأَتى النَجاشِيَّ الكَريمَ كِتابُهُ | |
|
| فَأَجابَ جابَةَ طائِعٍ مِذعانِ |
|
وَكَذَلِكَ الكُتبُ الكَريمَةُ مِنهُ قَد | |
|
| وافَت مُلوكَ الشّامِ مِن غَسّانِ |
|
وَكَذاكَ أَرسَلَ نَحوَ هَوذَةِ فَاِهَتدى | |
|
| وَأَتَت رِسالَتُهُ مُلوكُ عُمانِ |
|
وَمُلوكُ حِميَرَ جَلَّ رافِع قَدرهِ | |
|
| حَتّى أَذَلَّ لَهُ ذَوي التيجانِ |
|
وَأَتَت وُفودُ الأَرضِ تَهوي نَحوَهُ | |
|
| مِن كُلِّ فَجٍّ موحِش الغيطانِ |
|
سَبعونَ وَفداً سَوفَ أَذكُرُ بَعضَ ما | |
|
| قَد كانَ مَشهوراً مِنَ الوفدانِ |
|
وَفي ضمامٍ وَهوَ وافِد قَومِهِ | |
|
| سَعد بن بَكرٍ خَير ما حَضّانِ |
|
فَغَدا يُناشِدُ عَن فَرائِضِ دينِهِ | |
|
| بِاللَّهِ فَاِتَّضَحَت لِذي نشدانِ |
|
وَمَضى يُعَلِّمُ قَومَهُ فَتَنَشَّرَت | |
|
| بَرَكاتُهُ في الأَهلِ وَالجيرانِ |
|
وَحَبا مُزَينَةَ إِذا أَتَتهُ بِهِجرَةٍ | |
|
| ثَبَتَت لَهُم وَهُمُ ذَوو سُلطانِ |
|
وَأَتَت فَزارَةُ وَهيَ تُزجي عيسَها | |
|
| مَن كُلِّ بادِيَةِ الطُّلوحِ ردانِ |
|
يَشكونَ ضيقَ العيشِ مِن سَنةٍ مَحَت | |
|
| خَضراءَهُم شَهباءُ ذات دُخانِ |
|
فَدَعا بِغيثٍ مُغدِقٍ فَأَتاهُمُ | |
|
| فَاِستَبشَرَ البَكَرات في الأَعطانِ |
|
وَأَتَت تجيبُ مُجيبَة بِفَواضِلِ ال | |
|
| صَدَقاتِ مِن نِعَم لَها عكنانِ |
|
وَأَتَتهُ سَعد هَزيم الوَفد الأُلى | |
|
| نَجّاهُم مِن هُلكِهِم بيتانِ |
|
مِن شِعرِ اِمرِئِ القَيسِ يَذكُرُ ضارِجاً | |
|
| وَالعَين ذات العرمضِ الرَجّانِ |
|
وَأَتَت مُحارِبُ بَعدَ طولِ تَعَجرُفٍ | |
|
| وَهُمُ إِلى التَّقوى ذَوو إِذعانِ |
|
فَكَسى خُزيمَة غُرَّةً بِجَبينِهِ | |
|
| نوراً بِمَسحَةِ أَشرَفِ الإيمانِ |
|
وَأَتى جَرير في بجيلَةَ قَومه | |
|
| يَطوونَ عَرضَ مَفاوِزٍ وَبثانِ |
|
وَعَلَيهِ مِن مَلكٍ كَريمٍ مَسحَةٌ | |
|
| حَوَتِ الجَمالَ بِوَجهِهِ الحسّانِ |
|
وَأَتاهُ وافِد عامِر شيطانُها | |
|
| نَجلُ الطّفيل وَأَربَد النكدانِ |
|
هَمّا بِكيدٍ عادَ مِنهُ عَلَيهِما | |
|
| ما لَم يَكونا مِنهُ يَنتَظِرانِ |
|
ضربَ الخَبيث اِبن الطّفيلِ بِغُدَّةٍ | |
|
| وَرَفيقُهُ بِالصاعِقِ المُزنانِ |
|
وَأَتَت حَنيفَةُ مُحدِقينَ بِخاسِرِ ال | |
|
| صَفَقاتِ أَفّاك اللِّسانِ هدانِ |
|
أَعني مُسَيلَمَةَ الكَذوبَ فَأَسلَمَ ال | |
|
| خَتّار ثُمَّ اِرتَدَّ عَن وشكانِ |
|
وَأَتَتهُ نَهدُ فَعَرَّضَت بِبَصيرِها | |
|
| وَخَبيرها مِن شِدَّةِ الإحجانِ |
|
فَدَعا لَها وَلِمَخضِها وَلِمَحضِها | |
|
| وَلِمَذقِها وَالرّسلِ وَالثَّمرانِ |
|
ما زالَ يَدأَبُ في النَّصيحَةِ جاهِداً | |
|
| مُتَبَتِّلاً في خِفيَةٍ وَعلانِ |
|
حَتّى اِستَقامَ الدينُ وَاَتَّبَعَ الوَرى | |
|
| بَعدَ العمايَةِ أَوضَحَ الإغسانِ |
|
وَأَتاهُ نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ الذَّي | |
|
| هُوَ لاِقتِرابِ المَوتِ كالعنوانِ |
|
بَدَأَ السّقامُ بِهِ وَكانَ يَنالُهُ | |
|
| مِنهُ كَما أَن يُوعكَ الرَّجلانِ |
|
فَدَعا الصَّحابَةَ ثُمَّ وَصّاهُم بِما | |
|
| يرضي وَصِيَّةَ ناصِحٍ أَمّانِ |
|
وَدَعا إِلى أَخذِ القَصاصِ صِحابَهُ | |
|
| مِن نَفسِهِ فَليَخشَ ذو العُدوانِ |
|
وَاِشتَدَّ ما يَلقاهُ مِن آلامِهِ | |
|
| حَتّى لَقَد حَمَلوهُ في الأحضانِ |
|
فَدَعا أَبا بَكرٍ فَقَدَّمَهُ عَلى ال | |
|
| أَصحابِ في المِحرابِ وَالدِيوانِ |
|
وَرِثَ الخِلافَةِ بَعدَهُ فَأَقامَ مِن | |
|
| آثارِهِ الحُسنى عَلى أسّانِ |
|
وَأَتاهُ جِبريلُ الأمينُ يَعودُهُ | |
|
| بِالأمرِ مِن رَؤوفٍ بِهِ رَحمانِ |
|
يَأتي فَيُبلِغُهُ السَّلامَ كَرامةً | |
|
| خَصَّتهُ فيها ما لُهُ مِن ثانِ |
|
وَأَتاهُ عزرائيلُ يَطلُبُ إِذنَهُ | |
|
| وَلِغيرِهِ ما كانَ ذا اِستِئذانِ |
|
وَأَتاهُ مَأموراً بِطاعَتِهِ عَلى | |
|
| ما شاءَ مِن قَبضٍ وَمِن حَيوانِ |
|
فَاِختارَ قُربَ اللَّهِ جَلَّ جَلالُهُ | |
|