تذكَّرَ أيامَ الصَّبا فتألَّما | |
|
| وعصراً لِرَيْعانِ الشبابِ تَصَرَّما |
|
ومدَّةَ لهوٍ قصَّرَتْها حبائبٌ | |
|
| سُقِيتُ بها خمرَ الرُّضابِ مُخَتَّما |
|
فأجريتُ مِن عينيَّ دمعاً مُوَرَّدا | |
|
| فلم أدرِ ماءً ما تحدَّرَ أم دما |
|
وأجَّجَ في قلبي الغرامُ لواعجاً | |
|
| مِنَ الشوقِ يبعثنَ الزفيرَ المضرَّما |
|
ليَ اللهُ مِن قلبٍ إذا ذَكَرَ النوى | |
|
| توجَّعَ مِن أيامِها وتظلَّما |
|
ومما شجاني معهدٌ ما عَهِدتُه | |
|
| خَلاءً وربعٌ بعدَهنَّ تهدَّما |
|
ديارُ الأولى أضحتْ وقد بانَ أهلُها | |
|
| بأيدي البِلى والبينِ نهباً مقسَّما |
|
عبرتُ بها فاستوقفَتْني ملاعبٌ | |
|
| سحبتُ بها بُردَ الشبيبةِ مُعْلَما |
|
فلم أعرفِ الأطلالَ وهي دوارسٌ | |
|
| خوالٍ مِنَ الأحبابِ إلا توهُّما |
|
لقد كانَ ميقاتُ الدنوَّ بقربهمْ | |
|
| حميداً فلمّا عزَّ صار مذمَّما |
|
أليسَ عجيباً والعجائب جَمَّةٌ | |
|
| فصيحٌ يناجي بالصَّبابةِ أَعْجَما |
|
يسائلُ آثارَ الديارِ عنِ الذي | |
|
| ترحَّلَ عنها أين حلَّ وخيَّما |
|
وقد كَرَبتْ لما ألمَّ مخاطباً | |
|
| لعرفانِه الأطلالُ أن تتكلَّما |
|
منازلُ أحبابٍ يَحُثُّ مسارعاً | |
|
| اليهنَّ فتلاءَ الذراعينِ عَيْهَما |
|
تُلاعبُ أثناءَ الزَّمامِ وعندَها | |
|
| أليمُ وجاً لم يُبقِ للوخدِ مَنْسِما |
|
تَرفَّعُ أخفاقُ المطيَّهِ عن دمٍ | |
|
| اِذا نَظَرتْهُ العينُ خالتْهُ عَنْدَما |
|
فِانْ أنجدَ الأحبابُ أنجدَني الهوى | |
|
| واِنْ أتهموا عادَ الغرامُ فأتهَما |
|
خليلَّي هلاَّ تُسعدانِ أخاكما | |
|
| وقد قرَّبَ الحيُّ المطيَّ المخزَّما |
|
أمِنْ بعدِ ما تنأى به غُربَةُ أن النوى | |
|
| تُعينانِ صبّاً بالأحبَّةِ مُغرَما |
|
وماذا عسى تُجدي الاِعانةُ سرتْ | |
|
| بهمْ قُلُصٌ تشأى النعامَ المُصَلّما |
|
اِذا رُفِعتْ تلكَ القِبابُ عنِ الحِمى | |
|
| وغرَّدَ حادي عيسِها فترنَّما |
|
دعاني وما ألقاهُ مِن لاعجِ الهوى | |
|
| فلا أنتُما منّي ولا أنا منكُما |
|
أعينَيَّ هذا موقفُ البينِ فاسفَحا | |
|
| مدامعَ تُغني الصبَّ أن يتذممَّا |
|
فمالي اِذا حُمَّ الفراقُ وأزمعوا | |
|
| رحيلاً سوى حثُ النياقِ وأنتُما |
|
أجوبُ بها مِنْ شاسعِ البيدِ مَخرِما | |
|
| اِذا جاورتهُ العيسُ يمَّمتُ مَخْرِما |
|
أُغذُّ ومِن تحتِ الرفاقِ أيانِقٌ | |
|
| لواغبُ يتبعنَ النجيبَ المزممَّا |
|
سواهمُ مِن نسلِ الجديلِ وشدقمٍ | |
|
| كرائمُ خَجَّلنَ الجديلَ وشَدْقَما |
|
أخوضُ بها بحرَ السرابِ وتَنثني | |
|
| فتجتابُ قَطْعاً مِن دجى الليلِ مظلما |
|
أصاحبُ فيه مِن ظُبى الهندِ صارماً | |
|
| وأسمرَ عسالاً وأجردَ شَيْظَما |
|
وعزماً إذا خامَ الكماةُ وأحجموا | |
|
| عنِ الموتِ في يومِ النزالِ تَقَدَّما |
|
وفرسانُ حربٍ لاتَمَلُّ صدورهُمْ | |
|
| لقاءَ الأغادي والوشيج المقوَّما |
|
الى حيثُ كانوا في البلادِ فاِنَّني | |
|
| أرى العيشَ إلا بالتواصلِ مَغْرَما |
|
لئن قرَّبَ الأحبابُ منّي مزارهمْ | |
|
| وأصبحَ زَنْدُ البينِ بالوصلِ أجذَما |
|
وأصغُوا إلى نجوايَ فهي شكايةُ | |
|
| وجدتُ لها طعماً حكى الصّابَ عَلْقَما |
|
بثثتُهمُ والدارُ تجمعُ شملَنا | |
|
| على غِرَّةِ الواشينَ وَجْداً مكتَّما |
|
بلفظٍ يَغارُ الروضُ منه وقد بدا | |
|
| يروقُكَ مُوشِيَّ اللَّباسِ مُنَمْنمَا |
|
تخلَّلَ أنواعَ النباتِ بديعَه | |
|
| بساطٌ غدا بالأُقحُوانِ مرقَّما |
|
وما مزنةٌ أرختْ شآبيبَ وَبْلِها | |
|
| فأسبلَ مِن فوقِ الربوعِ وديمَّا |
|
تجلجلَ فيها الرعدُ والبرقُ لامعٌ | |
|
| يُطرَّزُ بُرداً للسحابِ مسهَّما |
|
بأغزرَ مِن دمعي عُقَيْبَ نواهمُ | |
|
| وقد زُرْتُ للغادينَ ربعاً ومَعْلمَا |
|