خيرُ المَواطِنِ حَيثُ هَذا الأَروَعُ | |
|
| وَأَجَلُّ قَولٍ ما أَقولُ وَيَسمَعُ |
|
أَجهَدتُ نَفسي في المَديحِ فَلَم أَجِد | |
|
| ما قَد صَنَعتُ مُجازِياً ما يَصنَعُ |
|
وَأَضَعتُ مَدحي قَبلَهُ في غَيرِهِ | |
|
| إِنَّ المَدائحَ في سِواهُ تُضيَّعُ |
|
يُثنى عَلَيهِ بِدونِ ما في طَبعِهِ | |
|
| كَالمِسكِ أَسيرُهُ الَّذي يَتَضَوَّعُ |
|
وَيُزارُ بِالمَدحِ السَنِيِّ وَقَدرُهُ | |
|
| أَعلا مِنَ المَدحِ السَنِيِّ وَأَرفَعُ |
|
خِدَعٌ جَعَلناها إَلَيكَ وَسائِلاً | |
|
| إِنَّ الكَريمَ بِكُلِّ شَيءٍ يُخدَعُ |
|
شَفِعَت إِلَيكَ نَفاسَةٌ مِن نَفسِهِ | |
|
| أَغنَت ذَوي الحاجاتِ عَمَّن يَشفَعُ |
|
سَهلٌ وَفيهِ عَلى العَدوِّ شَراسَةٌ | |
|
| كَالسَيفِ مَلمَسُهُ يَلينُ وَيَقطَعُ |
|
إِن سَرَّ ضَرَّ وَتِلكَ شَيمَةُ مِثلِهِ | |
|
| وَابنُ الكَريمَةِ مَن يَضُرُّ وَيَنفَعُ |
|
مِثلُ الغَمامِ المُستَغاثِ بِدَرِّهِ | |
|
| فِيهِ الصَواعِقُ وَالغُيوثُ الهُمَّعُ |
|
لَو أَنَّهُ بارى الرِياحَ لَقَصَّرت | |
|
| عَن بُعدِ غايَتِهِ الرِياحُ الأَربَعُ |
|
وَلَرَدَّها حَسرى الهُبوبِ كَليلَةً | |
|
| حَتّى تَرى أَنَّ البَطيئَ الأَسرَعُ |
|
يَتَقَلَّدُ العَضبَ الحُسامَ وَتَحتَهُ | |
|
| قَلبٌ أَحَدُّ مِنَ الحُسامِ وَأَقطَعُ |
|
وَيَرى التَوَقّي بِالسَنَوَرِ ذِلَّةً | |
|
| وَالدِرعُ يَكرَهُهُ الهِزَبرُ الأَروَعُ |
|
جَنبَ الجِيادَ كَأَنَّ أَنصافَ القَنا | |
|
| ما بَينَ أَذرُعِها الخَضيبَةِ أَذرُعُ |
|
وَالبيضُ تَنثرُ لَحمَ كُلِّ مُدَرَّعٍ | |
|
| فَتَعودُ تَنظِمُهُ الرِماحُ الشُرَّعُ |
|
في كُلِّ مُنبَسِطِ الفِجاجِ كَأَنَّهُ | |
|
| قَزَعٌ بِوارِقُهُ السُيوفُ اللُمَّعُ |
|
أَبدى نَواجِذَهُ الكَمِيُّ مُكَلّحاً | |
|
| فيهِ كَما كَلَحَ الأَزَلُّ الأَجلَعَ |
|
وَتَناثَرَت فيهِ الجَماجِمُ وَالطُلى | |
|
| حَتّى تَعاثَرَتِ المَذاكي المُزَّعُ |
|
مَن مُبلِغُ الأَتراكِ أَنَّ أَمامَهُم | |
|
| بَحراً يُغَرِّقُ مَوجُهُ مَن يَشرَعُ |
|
أَمُّوا وَهَمّوا بِالوُرودِ فَراعَهُم | |
|
| مِن دونِهِ هَذا الهُمامُ الأَروَعُ |
|
وَتَيَقَّنوا أَن الشآمَ وَأَهلَهُ | |
|
| أَحمى بِلادِ الخافِقينِ وَأَمنَعُ |
|
بِمُوَقَّرٍ لا يُستَخَفُّ كَأَنَّما | |
|
| في بُردَتَيهِ مُتالِعٌ أَو صَلفَعُ |
|
لَو وازنَ الطَودَ الأَشَمَّ بِحِلمِهِ | |
|
| لانحَطَّ وَاِرتَفَعَ الأَشَمُّ الأَرفَعُ |
|
ضاقَ الطَريقُ إِلى النَدى وَطَريقُهُ | |
|
| سَهلٌ إِلى ابنِ أَبي عَليٍّ مَبيَعُ |
|
مَلِكٌ الطَريقُ إِلى النَدى وَطَريقُهُ | |
|
| سَهلٌ إِلى ابنِ أَبي أَبي عَليٍّ مَبيَعُ |
|
مَلِكٌ سَمِعنا بِالمُلوكِ وَفِعلِهِم | |
|
| وَأَتى فَصَغَّرَ فِعلُهُ ما تَسمَعُ |
|
أَبدَعتُ فيهِ القَولَ حينَ رَأَيتُهُ | |
|
| يُعطي فَيُبدِعُ في غِنى مَن يُبدِعُ |
|
وَشَكَوتُ إِمحالي فَأَمرَعَ جانِبي | |
|
| مُذ ضَمَّني هَذا الجَنابُ المُمرِعُ |
|
حَتّى لَقَد أَفضَلتُ مِمّا نالَني | |
|
|
يابنَ المُلوكِ الصِيدِ غَيرَ مُدافَعٍ | |
|
| عَمّا يُحاوِلُهُ المُلوكُ فَيُدفَعُ |
|
نالَت يَداكَ بِما أَنالَت مَوضِعاً | |
|
| ما لِلكَواكِبِ فيهِ عِندَكَ مَوضِعُ |
|
شَرَفاً تُقَصِّرُ عَنهُ خُطوَةُ قَيصَرٍ | |
|
| وَنَدىً تَتَبَّعَ فيهِ إَثرَكَ تُبَّعُ |
|
هُنيتَ بِالعيدِ السَعيدِ فَإِنَّنا | |
|
| بِجِمالِ وَجهِكَ لا بِهِ نَتَمَتَّعُ |
|
رَبعٌ خَلا بِالغَورِ مِن سُكانِهِ | |
|
| هاجَت لَنا الحُرُقاتُ مِن عِرفانِهِ |
|
ضَمِنَ الجَوى قَلبي لَهُ وَلِأَهلِهِ | |
|
| فَوَفى لَهُ وَلِأَهلِهِ بِضَمانِهِ |
|
عُجنا الطَيَّ بِهِ وَهَبَّ نَسيمُهُ | |
|
| فَذَكرتُ رَيّاهُ بِرَيّا بانِهِ |
|
وَخَشيتُ لَومَ الرَكبِ لَولا أَنَّني | |
|
| نَهنَهتُ غَربَ الدَمعِ عَن سَيَلانِهِ |
|
رَبعٌ خَلَت عَرَصاتُهُ مِن نُهَّدٍ | |
|
| رَجَحَت رَوادِفُهُنَّ عَن كُثبانِهِ |
|
يَرقُدنَ في ظِلِّ الأَراكِ قَوائِلاً | |
|
| فَتَخالُهُنَّ سَقَطنَ مِن أَغصانِهِ |
|
مِن كُلِّ جائِلَةِ الوِشاحِ تَدَيَّرَت | |
|
| مِن غَورِهِ الأَدنى إِلى جَولانِهِ |
|
غِزلانُ إِنس بِنّ عَنهُ وَعُوِّضَت | |
|
| عَرَصاتُهُ بِالوَحشِ مِنغِزلانِهِ |
|
يَسألنَ عَن شَأنِ المُحِبِّ عَلى النَوى | |
|
| لا تَسأَلوا عَنهُ وَلا عَن شانِهِ |
|
شَطَّ المَزارُ أَعلَنَ في هَواكَ بِسِرِّهِ | |
|
| فَالبينُ أَحوَجَهُ إِلى إِعلانِهِ |
|
كَتَمَ الهَوى صَبراً إِلى أَن لَم يَجِد | |
|
| صَبراً وَلا جَلَداً عَلى كِتمانِهِ |
|
وَزَعَمتُمُ أَنّي نَسيتُ عُهودَكُم | |
|
| لا لَومَ لِلإِنسانِ في نِسيانِهِ |
|
وَلَقَد سَرى بَرقُ العِراقِ فَهاجَ لي | |
|
| بِالشامِ وَجداً مِن سَنا لَمَعانِهِ |
|
تَرَكت عَقيقَتُهُ الأَحَصَّ كَأَنَّما | |
|
| ذابَ العَقيقُ عَلى رَؤُوسِ قُنانِهِ |
|
يَبدو لِعَينِكَ في الظَلامِ كَأَنَّهُ | |
|
| صِلُّ الكَثيبِ مُنضنِضاً بِلِسانِهِ |
|
مُتَبَوِّجاً يَحكي الأَصَمَّ مِنَ القَنا | |
|
| سالَ النَجيعُ عَلَيهِ في عَسَلانِهِ |
|
فَكَأَنَّهُ وَاللَيلُ مُعتَكِرُ الدُجى | |
|
| نارُ المُعِزِّ عَلى مُتونِ رِعانِهِ |
|
مَلِكٌ إِذا خَفَقَ اللِواءُ وَراءَهُ | |
|
| خَفَقَت قُلوبُ الإِنسِ مِن خَفَقانِهِ |
|
حَسَنُ الثَناءِ مَغيبُهُ كَشُهودِهِ | |
|
| بَينَ المَلا وَحَديثُهُ كَعِيانِهِ |
|
قاتَ الوُحوشَ فَأَصبَحَت مَحسوبَةً | |
|
| فيمَن يُقاتُ لَدَيهِ مِن ضيفانِهِ |
|
فَالوَحشُ قَد عَرَفَ القِرى بِعَجاجِهِ | |
|
| وَالإِنسُ قَد عَرَفَ القَرى بِدُخانِهِ |
|
لا تَأَمَننَّ مِنَ الزَمانِ وَرَيبِهِ | |
|
| إِن أَنتَ لَم تَعلَق بِحَبلِ أَمانِهِ |
|
وَعِصابَةٍ خَبَطوا الظَلامَ بِأَينُقٍ | |
|
| في البيدِ لا يُنكرنَ مِن ظُلمانِهِ |
|
يَخضِبنَ مُبيَضَّ الحَصا بِمَناسِمٍ | |
|
| طالَ السُرى فَدَمينَ مِن إِدمانِهِ |
|
خُوصُ الأَحِجَّةِ ما اِنطَوَت حَتّى طَوَت | |
|
| بِيداً تُبيدُ الرَكبَ في غيطانِهِ |
|
مِن كُلِّ مُغتَرِضِ الأَريكَةِ صَيَّرَت | |
|
| غُبرُ الفَيافي بَطنَهُ كَبِطانِهِ |
|
مِن تَحتِ مُنقَدِّ القَميصِ بِسَيفِهِ | |
|
| حَدُّ وَأَمضى مِنهُ حَدُّ لِسانِِ |
|
يَرجُو الغِنى مِن كُلِّ أَروَع لَم يَخَف | |
|
| راجيهِ بَعدَ اللَهِ مِن حِرمانِهِ |
|
وَيَؤُمُّ أَبلَجَ مِن ذُؤابَةِ عامِرٍ | |
|
| عاشَت مُلوكُ الأَرضِ في إِحسانِهِ |
|
مُغرىً بِنَقصِ المالِ إِلّا أَنَّهُ | |
|
| مالٌ يَزيدُ الحَمدُ في نُقصانِهِ |
|
إِنَّ الزَمانَ كَثيرَةٌ كرَماؤُهُ | |
|
| لَكن أَكرَمَهُم أَبُو عُلوانِهِ |
|
بَحرٌ شَطونُ العِبر إِلّا أَنَّهُ | |
|
| بَحرٌ رَأَينا البَحرَ مِن خُلجانِهِ |
|
ماضي الجَنانِ إِذا تَقَلَّدَ صارِماً | |
|
| لَم يَمضِ صارِمُهُ مَضاءَ جَنانِهِ |
|
شَرُفت مَناقِبُهُ إِلى أَن رُصِّعَت | |
|
| عِوَضاً عَنِ الياقوتِ في تيجانِهِ |
|
وَالمأثُراتُ الغُرُّ أَشرَفُ قيمَةً | |
|
| في تاجِهِ المَعقودِ مِن عِقيانِهِ |
|
قابَلتُ في الإِيوانِ سُنَّةَ وَجهِهِ | |
|
| فَسَلَوتُ عَن كِسرى وَعَن إِوانِهِ |
|
وَرَأيتُ حينَ رَأيتُ أَحسَنَ سيرة | |
|
| فينا وَأَعدَل مِن أَنو شِروانِهِ |
|
أَنسى البَرِيَّةَ عَدلَ ذاكَ بِعَدلِهِ | |
|
| فَكَأَنَّهُم في عَصرِهِ وَأَوانِهِ |
|
لَو حَلَّ دونَ مَحَلِّهِ مِن قَدرِهِ | |
|
| ما كانَ يُبصَرُ مِن عُلوِّ مَكانِهِ |
|
تَأبى المَمالِكَ نَفسُهُ ما لَم تَكُن | |
|
| مَملوكَةً بَضرابِهِ وَطِعانِهِ |
|
كَالليثِ يأنَفُ أَن يَدُقَّ فَريسَةً | |
|
| لَم تَثوِ بَينَ مَلاطِهِ وَجِرانِهِ |
|
رَبِحَ الثَنا بِخَسارَةٍ مِن مالِهِ | |
|
| فَأَتاهُ ربحُ الحَمدِ مِن خُسرانِهِ |
|
حامي الذِمارِ وَلِلمَنِيَّةِ مَورِدٌ | |
|
| خُلِقَت رِماحُ الخَطِّ مِن أَشطانِهِ |
|
إِذ لا يَرى البَطَلُ الشُجاعُ لِنَفسِهِ | |
|
| وَزَراً حَصيناً غَيرَ ظَهرِ حِصانِهِ |
|
أَو مُرهَفٍ عُرِفَت نَفاسَةُ قَدرِهِ | |
|
| مِن أَنفُسِ سالَت عَلى سِيلانِهِ |
|
كَالجَدوَلِ المُنقادِ إِلّا أَنَّهُ | |
|
| لا يُحتَشى في الغِمدِ مِن جَرَيانِهِ |
|
أَو مارِنٍ في الصِلِّ حامِلِ جَذوَةٍ | |
|
| يَبدُو سَناها مِن بَريقِ سِنانِهِ |
|
في كَفِّ أَروَعَ كُلَّما اشتَجَرَ القَنا | |
|
| وَدَنا في الرَوعِ مِن أَقرانِهِ |
|
مِثلُ المُعِزِّ وَأَينَ يُوجَد مِثلُهُ | |
|
| إِلّا قَليلاً في مُلوكِ زَمانِهِ |
|
صَعبٌ إِذا صَعُبَ الزَمانُ قِيادهُ | |
|
| لا يَأمَنُ الأَعداءُ مِن عُدوانِهِ |
|
لَمّا وَزَنتُ العالمينَ وَجَدتُهُم | |
|
| لا يَرجَحونَ عَلَيهِ في ميزانِهِ |
|
أَتقى البَرِيَّةِ مُفطِراً مِن صَومِهِ | |
|
| أَو صائِماً لِلّهِ في رَمَضانِهِ |
|
سَبَقَ الكِرامَ السابِقينَ إِلى النَدى | |
|
| سَبقَ العَتيقِ النَهدِ يَومَ رِهانِهِ |
|
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي أَحيا النَدى | |
|
| فينا وَأَحيا العَدلَ في بُلدانِهِ |
|
قَد كانَ فَخرُ المُلكِ شَيَّدَ ما بَنى | |
|
| وَبَنَيتَ أَنتَ فَزِدتَ عَن بُنيانِهِ |
|
وَأَقَمتَ رُكنَ المُلكِ بَعدَ نَوائِبٍ | |
|
| مالَت عَلَيهِ فَمالَ مِن أَركانِهِ |
|
وَطَلَبتَ ثَأرَكَ فاستَثارَ لَكَ الرَدى | |
|
| مِمَّن أَلَحَّ عَلَيكَ في طُغيانِهِ |
|
وَحَوَيتَ ما خَلّى فَلَم تَحفِل بِهِ | |
|
| كَرَماً وَجُدتَ بِهِ عَلى غِلمانِهِ |
|
وَمَلَكتَ إِرثَكَ مِن أَبيكَ بِهِمَّةٍ | |
|
| قادَت زِمامَ المُلكِ بَعدَ حِرانِهِ |
|
فَاسعَد بِعيدِكَ لا عَدِمتَ سَعادَةً | |
|
| في الدَهرِ باقِيَةً عَلى أَزمانِهِ |
|
فَالعِزُّ قَد أَمطاكَ ظَهرَ جَوادِهِ | |
|
| وَالمُلكُ قَد أَنطاكَ فَضلَ عِنانِهِ |
|