زَفَراتُ حُبِّكَ قَد صَدَعنَ فُؤادي | |
|
| وَطُيورُ شَوقِكَ قَد صَدَحنَ بِوادي |
|
وَشُهودُ صِدقي فيكَ وَهيَ مَدامِعي | |
|
| خَطَّت خُطوطاً في الخُدودِ بَوادي |
|
تَستَنُّ في مَيدانِ خَدّي حُمرها | |
|
| فَكَأَنَّها في الجَريِ خَيلُ طِرادِ |
|
وَالعَينُ تَنهَرُ مِن شُؤوني سائِلاً | |
|
| غَدِقاً وَما نَقَعَت غَليلَ الصادي |
|
وَقفٌ عَلى باناتِ جَرعاءِ الحِمى | |
|
| عَبَراتُها وَعَلى مَسيلِ الوادي |
|
وَبِمُهجَتي رَكبٌ رَمَوا كَبِدَ النَوى | |
|
| فَتَصَدَّعَت بِحَنِيَّةٍ مُنآدِ |
|
لَمّا تَنادَوا بِالرَحيلِ إِلى الحِمى | |
|
| خَفَّت عَلى قَلبي بِيَومِ تَنادِ |
|
خاضوا المَهامِهَ أَبحُراً بِسَفائِنٍ | |
|
| يَفري الرِياحَ سَنامُها وَالهادي |
|
يَبدو لَها بَدرُ الحِمى فَيَشوقُها | |
|
| فَاِعجَب لِحاضِرِ شَوقِها مِن بادي |
|
وَإِذا تَهُبُّ مِنَ اِرضِ نَجدٍ نَسمَةٌ | |
|
| يَلقى القَبولَ عَلى شَذاها الحادي |
|
أَفدي بِسلعٍ وَالمُصَلّى جيرَةً | |
|
| ما لِأَسيرِ غَرامِهِم مِن فادي |
|
حاوَلتُ نَحوَهُمُ التَخَلُّصَ رائِحاً | |
|
| بِالقَلبِ كَي أَحظى بِوَصلِيَ غادِ |
|
وَتَخِذتُ زادِيَ مَدحَهُم فَلِذا اِغتَدى | |
|
| مَدحي لِخَيرِ الخَلقِ أَحمَدَ زادي |
|
سِرُّ العَوالِمِ نُكتَةُ الكَونِ الَّذي | |
|
| هَتَفَت بِهِ الأَحبارُ قَبلَ وِلادِ |
|
هُوَ مُجتَبى الرَحمنِ مِن أَرسالِهِ | |
|
| وَإِمامُ جَمعِهِم وَبَدرُ النَادى |
|
وَعَميدُهُم وَكَفيلُهُم وَأَجَلُّ مَن | |
|
| سادَ الوَرى مِن حاضِرٍ أَو بادِ |
|
هُوَ أَوَّلٌ هُوَ آخِرٌ هُوَ جامِعٌ | |
|
| هُوَ فارِقٌ لِلغَيِّ عَن إِرشادِ |
|
مُتَقَدِّمٌ مُتَأَخِّرٌ مَتَوَسِّطٌ | |
|
| ناهيكَ مِن أَوصافِهِ الأَضدادِ |
|
هُوَ رافِعٌ عَلَمَ الهُدى وَمَنارهُ | |
|
| وَمُشَيِّدُ الأَبياتِ ذاتِ عِمادِ |
|
هُوَ مودعُ الأَسرارِ في الإِسرا إِلى | |
|
| عِلمِ الغُيوبِ وَحَضرَةِ الأَشهادِ |
|
وَهُوَ الَّذي راضَ العُلا وَهوَ الَّذي | |
|
| خَضَعَت لَهُ الأَسيافُ في الأَغمادِ |
|
مِن هاشِمِ البَطحاءِ أَربابِ الوَرى | |
|
| وَصَميمِ عَبدِ مَنافِها الأَطوادِ |
|
وَلُبابِ عَدنانٍ وَلُبِّ قُصيِّها | |
|
| حَسَباً عَلى غُرَرِ الكَواكِبِ بادِ |
|
مُتَنَوِّعُ الآياتِ يُعيي عَدُّها | |
|
| قَلَمَ الحِسابِ وَجامِعُ الأَعدادِ |
|
مُتَسَنِّمُ الأَفلاكِ بِالقَدرِ الَّذي | |
|
| تَرَكَ المِثالَ عَلى صَفا الأَصلادِ |
|
وَمُسايِرُ الأَملاكِ وَهيَ مَواكِبٌ | |
|
| مِن فَوقِ سَبعٍ قَد عَلَونَ شِدادِ |
|
يا مُصطَفى الرَحمنِ مِن أَرسالِهِ | |
|
| وَإِمامَهُم في الجَمعِ وَالإِفرادِ |
|
وَمَحَطَّ آمالِ الوَرى وَمُنيلَهُم | |
|
| كَرَماً وَكَعبَةَ أَوجُهِ القُصّادِ |
|
أَودى بِعَبدِكُمُ الغَرامُ فَهَل لَهُ | |
|
| وَصلٌ لِبابِكَ فَهوَ عَبدُ وِدادِ |
|
أَبَداً أَهيمُ بِكُم فَمِن ذِكراكُمُ | |
|
| أَضحَت جُفونِيَ وَهيَ ذاتُ سُهادِ |
|
تَحدو بِقَلبِيَ نَحوَكُم أَشواقُهُ | |
|
| فَتَذوبُ وَسطَ المُنحَنى أَكبادي |
|
يَثني إِلَيكُم ودَّهُ عَن غَيرِكُم | |
|
| فَهَواكُمُ ثانٍ وَلِيَّ أَنا حادي |
|
وَإِذا أُيَمِّمُ مُخلِصاً فَلَأَنتُمُ | |
|
| وَالسِبطُ سِبطُكُمُ الإِمامُ عِمادي |
|
خَيرُ الخَلائِفِ أَحمَدُ المَنصورُ مَن | |
|
| يَسمو عَلى الأَضدادِ وَالأَندادِ |
|
بِسَماحَةٍ وَصَباحَةٍ وَفَصاحَةٍ | |
|
| وَأَصالَةٍ وَجَزالَةٍ وَجلادِ |
|
وَأَجَلُّ مَن خَضَعَت لِسَطوَةِ سَيفِهِ | |
|
| وَهُوَ الغَلوبُ مُلوكُ كُلِّ بِلادِ |
|
فَتّاحُ أَمصارِ البِلادِ بِعَزمَةٍ | |
|
| فَرِقَت لَها الأَسيافُ في الأَغمادِ |
|
وَمُوَطِّدٌ لِمَمالِكٍ مِن حُسنِها | |
|
| كالعَينِ حُفَّ بَياضُها بِسَوادِ |
|
بِكَتائِبٍ عَلَوِيَّةٍ بِسُيوفِها | |
|
| وَرُكامِ بُندُقِها كَبَرقِ غَوادِ |
|
هُوَ مُخمِدُ الأَهوالِ بَعدَ هِياجِها | |
|
| هُوَ صالِحُ الأَيّامِ بَعدَ فَسادِ |
|
مِن مَعشَرٍ فَضَلوا الأَنامَ فِمِنهُمُ | |
|
| مَهدِيُّها الأَهدى وَمِنها الهادي |
|
وَوُلاةِ حَوضِ اللَهِ يَجري سَلسَلاً | |
|
| بِمَسوسِهِ العَذبِ وَصَفوِ بِرادِ |
|
وَحُماةِ مَكَّةَ بَل كَوافِلِ بَيتِها | |
|
| وَمَأَمِّها مِن حاضِرٍ أَو بادِ |
|
فَتَوَطَّدوا بِحَريمِها غُرَفَ العُلى | |
|
| وَتَسَنَّموا في الحِجرِ خَيرَ مِهادِ |
|
فَلَهُم بِها ما اِنجابَ عَنهُ فَجرُها | |
|
| مِن قَلبِها وَمَصادِها وَمَرادِ |
|
وَشِعابِها وَهِضابِها وَسُهولِها | |
|
| وَحُزونِها وَنِجادِها وَوِهادِ |
|
وَحَريمِها المَحمِيِّ إِذ يَحمونَهُ | |
|
| بِالبيضِ وَالسُمرِ الطِوالِ صِعادِ |
|
قَد دافَعوا بِالسَيفِ أَبرَهَةَ الَّذي | |
|
| لِلحَربِ لَفَّ بَياضَها بِسَوادِ |
|
أَسِواهُمُ أَبغي وَآمُلُ لِلنَدى | |
|
| أَم غَيرَهُم أَرجو لِيَومِ مَعادِ |
|
فَهُمُ أَباحوا كُلَّ مَمنوعِ الحِمى | |
|
| وَهُمُ أَذَلّوا أَنفَ كُلِّ مُعادِ |
|
تَبدو بُدورُ التِمِّ مِن تيجانِهِم | |
|
| وَعَلَيهِمُ الماذِيُّ مِثلُ دُؤادِ |
|
مِن كُلِّ رَقراقِ الحَواشي فَوقَهُ | |
|
| كَعُيونِ أَفعى أَو كَعَينِ جَرادِ |
|
يَعلو عَلى أَحسابِهِم نورُ الهُدى | |
|
| وَعَلى الدِلاصِ يَلوحُ صِبغُ جِسادِ |
|
فَهُمُ أَماتوا حاتِماً في طَيِّئٍ | |
|
| وَهُمُ أَماتوا الدَهرَ كَعبَ إِيادِ |
|
وَهُمُ الحَيا مِن قَبلِ أَن يَحيا الحَيا | |
|
| وَعِهادُ مُزنٍ قَبلَ مُزنِ عِهادِ |
|
قَد جَدَّدَ المَنصورُ ما قَد أَسَّسوا | |
|
| مِن كُلِّ مَكرُمَةٍ وَكُلِّ أَيادِ |
|
وَبَنى بِناءً زائِداً أَربى عَلى | |
|
| ما كانَ شادَ غَطارِفُ الأَجدادِ |
|
إِن كانَ أَهلُ البَيتِ أَعمِدَةَ الوَرى | |
|
| فَهُمُ لِأَهلِ البَيتِ خَيرُ عِمادِ |
|