جَادَ الرُّبَى مِن بَانَةِ الجَرعَاءِ | |
|
| نَوآنِ مِن دَمعِي وَغَيمِ سَماءِ |
|
فَالدَّمعُ يَقضِي عِندَهَا حقَّ الهَوَى | |
|
| وَالغَيمُ حَقّ البَانَةِ الغَنَّاءِ |
|
خَلتِ الصُّدُورُ مِن القُلُوبِ كَمَا خَلَت | |
|
| تِلكَ المَقَاصِرُ مِن مَهاً وَظِباءِ |
|
وَلَقَد أَقُولُ لِصَاحِبَيَّ وَإِنَّمَا | |
|
| ذُخرُ الصَّدِيقِ لآكدِ الأَشياءِ |
|
يَا صَاحِبَيَّ وَلا أَقلُّ إذَا أَنَا | |
|
| نَادَيتُ مِن أَن تُصغِيَا لِندَائِي |
|
عُوجَا نُجارِ الغَيثَ فِي سَقي الحِمَى | |
|
| حَتَّى يَرَى كَيفَ انسِكَابُ المَاءِ |
|
وَنَسُنَّ فِي سَقيِ المَنَازِلِ سُنَّةً | |
|
| نُمضِي بِهَا حُكماً عَلَى الظُّرَفَاءِ |
|
يا مَنزِلاً نَشطَت إِلَيهِ عَبرَتِي | |
|
| حَتَّى تَبَسَّمَ زَهرُهُ لِبُكائِي |
|
مَا كُنتُ قَبل مَزارِ رَبعِكَ عَالِماً | |
|
| أَنَّ المَدَامِعَ أَصدَقُ الأَنوَاءِ |
|
يا ليتَ شِعري والزَّمانُ تَنَقُّلٌ | |
|
| والدَّهر نَاسِخُ شِدَّةٍ بِرَخَاءِ |
|
هل نَلتَقِي في رَوضَةٍ مَوشِيَّةٍ | |
|
| خَفَّاقَةِ الأَغصَانِ وَالأَفيَاءِ |
|
وَنَنَالُ فِيهَا مِن تَأَلُّفِنَا وَلَو | |
|
| مَا فيه سُخنَةُ أَعيُنِ الرُّقَبَاءِ |
|
فِي حَيثُ أَتلَعتِ الغُصُونُ سَوالِفاً | |
|
| قَد قُلِّدَت بِلآلِئِ الأَنداءِ |
|
وَبَدَت ثُغُورُ اليَاسَمِينِ فَقَبَّلَت | |
|
| عَنِّي عِذَارَ الآسَةِ المَيسَاءِ |
|
وَالوَردُ فِي شَطِّ الخَلِيجِ كَأَنَّهُ | |
|
| رَمَدٌ أَلَمَّ بِمُقلَةٍ زَرقَاءِ |
|
وَكَأَنَّ غضَّ الزهرِ فِي خُضرِ الرُّبَى | |
|
| زهرُ النجُومِ تَلُوحُ بِالخَضراءِ |
|
وكأَنَّمَا جَاءَ النَّسِيمُ مُبَشِّراً | |
|
| لِلرَوضِ يُخبِرُهُ بِطُولِ بَقَاءِ |
|
فَكَسَاهُ خِلعةَ طِيبَةٍ ورَمَى لَهُ | |
|
| بِدَرَاهِمِ الأَزهَارِ رَميَ سَخَاءِ |
|
وكَأَنَّمَا احتَقَر الصَّنِيعَ فَبَادَرَت | |
|
| بِالعُذرِ عَنهُ نَغمَةُ الوَرقَاءِ |
|
وَالغُصنُ يَرقُصُ فِي حُلَى أَورَاقِهِ | |
|
| كَالخَودِ فِي مَوشِيَّةٍ خَضرَاءِ |
|
وَافتَرَّ ثَغرُ الأُقحُوَانِ بِمَا رَأَى | |
|
| طَرَباً وَقَهقَهَ مِنهُ جَريُ المَاءِ |
|
أَفدِيهِ مِن أُنسٍ تَصَرَّمَ فانقَضَى | |
|
| فَكَأَنَّهُ قَد كَانَ فِي الإغفَاءِ |
|
لَم يَبقَ مِنهُ غَيرُ ذِكرَى أَو مُنىً | |
|
| وَكِلاهُمَا سَببٌ لِطُولِ عَنَاءِ |
|
أو رُقعَةٌ مِن صَاحِبٍ هِيَ تُحفَةٌ | |
|
| إِنَّ الرِّقَاعَ لَتُحفَةُ النُّبَهاءِ |
|
كَبِطَاقَةِ الوَشقِيِّ إِذ حَيَّا بهَا | |
|
| إِنَّ الكِتَابَ تَحِيَّةُ الخُلَطاءِ |
|
ما كُنتُ أَدرِي قَبلَ فَضِّ خِتَامِهَا | |
|
| أَنَّ البَطائِقَ أَكؤسُ الصَّهبَاءِ |
|
حَتَّى ثَنيتُ مَعَاطِفِي طَرَباً بِهَا | |
|
| وَجَرَرتُ أَذيَالِي مِنَ الخُيَلاءِ |
|
فَجَعلتُ ذاك الطِرسَ كَأسَ مُدامَةٍ | |
|
| وجَعَلتُ مُهدِيَهُ مِنَ النُدَمَاءِ |
|
وعَجِبتُ مِن خِلٍّ يُعَاطِي خِلَّهُ | |
|
| كَأساً وَرَاءَ البَحرِ وَالبيدَاءِ |
|
وَرَأَيتُ رَونَقَ خَطِّهَا فِي حُسنِهَا | |
|
| كَالوَشيِ نَمَّقَ مِعصَمَ الحَسنَاءِ |
|
فَوَحَقِّهَا مِن تِسعِ آيَاتٍ لَقَد | |
|
| جَاءَت بتَأيِيدي عَلَى أَعدَائِي |
|
فَكَأَنَّنِي مُوسَى بِها وكَأّنَّها | |
|
| تَفسيرُ مَا فِي سُورَةِ الإِسرَاءِ |
|
لو جادَ فِكرُ ابنِ الحُسَينِ بِمِثِلهَا | |
|
| صَحَّت نُبُوَّتُهُ لدَى الشُّعَرَاءِ |
|
سَودَاءٌ إِذ أَبصَرتَهَا لَكِنَّها | |
|
| كَم تَحتها لكَ مِن يَدٍ بَيضَاءِ |
|
ولَقد رَأيتُ وَقَد تَأَوَّبَنِي الكَرَى | |
|
| فِي حَيثُ شَابَت لِمّةُ الظَلمَاءِ |
|
أنَّ السماءَ أَتَى إِلَيَّ رَسُولُهَا | |
|
| بِهَدِيَّةٍ ضَاءَت بِهَا أَرجَائِي |
|
بِالفَرقَدَينِ وَبِالثُّرَيَّا أُدرِجَا | |
|
| فِي الطَّيِّ مِن كَافُورَةٍ بَيضَاءِ |
|
فَكَفَى بِذاَكَ الطِّرسِ مِن كَافُورِهِ | |
|
| وَبِنَظمِ شِعركَ مِن نُجُومِ سَمَاءِ |
|
قَسَماً بِهَا وَبِنَظمِهَا وبِنَثرِهَا | |
|
| لَقَدِ انتَحَت لِي مِلءَ عينِ رَجَائِي |
|
وَعَلِمتُ أنَّكَ أَنتَ فِي إِبدَاءِهَا | |
|
| لَفظاً وَخَطّاً مُعجِزُ النًّبَلاءِ |
|
لا مَا تَعَاطَت بَابِلٌ مِن سِحرِهَا | |
|
| لا مَا ادَّعَاءُ الوَشيُ مِن صَنعَاءِ |
|
ولَقَد رَمَيتُ لَهَا القِيَادَ وإنَّهَا | |
|
| لَقَضِيَّةٌ أَعيَت عَلَى البُلَغَاءِ |
|
وَطلَبتُ مِن فِكرِي الجَوَابَ فَعَقَّنِي | |
|
| وَكَبَا بِكَفِّ الذِّهنِ زَندُ ذَكَائِي |
|
فَلِذَا تَركتُ عَروضَهَا وَرَوِيَّهَا | |
|
| وَهَجَرتُ فِيهَا سُنَّةَ الأُدَبَاءِ |
|
وَبعثتها ألفِيَّةً هَمزِيَّةً | |
|
| خِدعاً لِفِكرٍ جَامِعٍ إِيبَائِي |
|
عَلِمت بِقَدرِكَ في المَعارِف فانبَرَت | |
|
| من خَجلَةٍ تَمشِي عَلَى استِحيَاءِ |
|