عَزاءً فإنّ الخَطْبَ قد جلّ موْقِعا | |
|
| وصبْراً وإن لمْ يُبْقِ للصّبْرِ موضِعا |
|
تأسَّ أميرَ المُسْلِمينَ فإنّهُ | |
|
| ورُودُ سَبيلٍ لمْ يزَلْ مُتوقّعا |
|
تعزَّ إمامَ الأكرمينَ فإنّ في | |
|
| بقائِكَ فينا للحوادثِ مُرْدَعا |
|
فإنّ عَليّاً قد قَضى اليومَ نحْبَهُ | |
|
| فلمْ نلْقَ مثلَ اليومِ أدْهى وأفظَعا |
|
وإنّ عليّاً مَنْ علِمْنا كمالَه | |
|
| فَلا تُنْكِروا أنّا نهيمُ تشيُّعا |
|
فَيا نجْمَ أفْقٍ قد هَوى بيدِ النّوى | |
|
| وما كان إلا للهِدايةِ أُطْلِعا |
|
ويا غيثَ سُحْبٍ طالَما جادَ بالنّدى | |
|
| فروّى جَناباً قد ذَوى حين أقْلَعا |
|
ويا بدْرَ تمٍّ ضمّهُ التُرْبُ مَغْرباً | |
|
| وكانَ له أفْقُ المكارِمِ مطْلِعا |
|
وعهْدي ببدْرِ التّمِّ يسْمو إلى العُلَى | |
|
| فما بالُهُ في التّرْبِ أصبَحَ مودَعا |
|
رحَلْتَ فما خلّفْتَ إلا مُروَّعاً | |
|
| مَشوقاً مُعنّىً مُغْرَمَ القلبِ موجَعا |
|
نأيْتَ فما ودّعْتَ إلا مُتيَّماً | |
|
| رهينَ أساهُ مُسْتَهاماً مفجَّعا |
|
فَيا حسْرَةً جلّتْ مواقِعُ خطْبِها | |
|
| ويا عثْرَةً ما إنْ يُقالُ لَها لَعا |
|
وإنّ مُحيّاً لاحَ في مظْهَرِ العُلَى | |
|
| تَوارَى فأضْحى بالتّرابِ مُقنَّعا |
|
وإنّ جَمالَ الوجْهِ غيَّرهُ البِلَى | |
|
| ويا طالَما أبدى الجميلَ وأبْدَعا |
|
لقد وضَعوا في التُرْبِ من كان كلما | |
|
| تُجاريهِ شمسُ الأفْقِ أسْنى وأرْفَعا |
|
لقد كان صدْرَ المعلُواتِ وقلبَها | |
|
| لذلكَ ضمّتْهُ الصّفائِحُ أضْلُعا |
|
عَلِمْنا بأنّ الوجْدَ أوّلُ وافِدٍ | |
|
| غَداةَ نَوى عنّا الرّحيلَ وودّعا |
|
سألْناهُ عهْداً بالبَقاءِ فما وَفى | |
|
| ورُمْنا جَواباً للنّداءِ فما وَعى |
|
وقَفْنا على الأطْلالِ وهْيَ بلاقِعٌ | |
|
| نُساجِلُ فيهنّ الحَمامَ المُرَجِّعا |
|
ولا جِسْمَ إلا أنْ يذوبَ صبابةً | |
|
| ولا قلْبَ إلا أنْ يحِنَّ ويَنْزَعا |
|
أترْكَنُ للسُّلْوانِ بعد بعادِهِ | |
|
| ولم يُبْقِ فيه موقِعُ الخطْبِ مَطْمَعا |
|
لأفْنى قُوَى الصّبْرِ الجَميلِ فِراقُهُ | |
|
| ولكنّهُ أبْقَى سُهاداً وأدمُعا |
|
فَيا ليْتَ شِعْري مَن أراهُ موَدّياً | |
|
| إليْهِ سَلامي حينَ ولّى مودّعا |
|
دعاهُ الرّدَى حتى أجابَ نِداءَهُ | |
|
| وأسْرَى به ريْبُ المَنونِ فأسْرَعا |
|
أجابَ مُناديهِ غَداة دَعا بِهِ | |
|
| وكمْ نطَقَ الدّاعي فلبّاهُ مُسْرِعا |
|
تأهّبَ للموتِ الذي جاءَ وافداً | |
|
| وما هابَ أن يَلْقَى العواليَ شُرَّعا |
|
فكمْ هزّ في الحرْبِ العَوانِ حُسامَهُ | |
|
| وأرسلَ يقْفو إثْرَهُ الرُمْحَ مُشْرَعا |
|
سَلوا عنْهُ في الهيْجاءِ أرْضَ شُقورة | |
|
| وقد أصبحَتْ منها المعاهِدُ بَلْقَعا |
|
وفي جبَل الفتْحَينِ كمْ جدَّ عزْمُهُ | |
|
| سِباقاً إلى داعِي الهُدَى وتسرُّعا |
|
سيَلقَى لدى الرّحْمنِ فضْلَ جهادِهِ | |
|
| شَفيعاً كما يُرْضي النّبيَّ مُشَفَّعا |
|
فقدْ كان في العَلياءِ أرْفَعَ مظْهَراً | |
|
| وأكرَمَ آثاراً وأعذَبَ مَشْرَعا |
|
إلى أن أثارَ الدّهْرُ كامِنَ حِقْدِهِ | |
|
| فعمّى حِلالاً من حِماهُ وأرْبُعا |
|
فعُذْنا بطولِ الذّكرِ لو كان مُجْدياً | |
|
| ولُذْنا بحسْنِ الصّبْرِ لوْ كان مُقْنِعا |
|
لقد حسَدتْ زُهْرُ النجومِ خِلالَهُ | |
|
| فأبْدَتْ إلى عَليائِهِنّ تطلُّعا |
|
رمَتْهُ على عَمْدٍ سِهامُ عُيونِها | |
|
| فما أخْطأتْهُ حيثُ لم نُلْفِ مَدْفَعا |
|
فإنّا إلى اللهِ العظيمِ وإنّنا | |
|
| لرحْمَتِهِ نرْجو مَآلاً ومرْجِعا |
|
لأذْنَبَتِ الأيامُ فيما أتَتْ بهِ | |
|
| ولكنها أبقَتْ إلى العُذْرِ موْضِعا |
|
إذا هي أبقَتْ ناصرَ الدّين يوسُفاً | |
|
| فقدْ شيّدَتْ للدّينِ رُكْناً ممَنَّعا |
|
فلا أذْهَبَتْ صُنْعاً جميلاً أفادَهُ | |
|
| خُلوداً ولا هدّتْ لعُلْياهُ مَصْنَعا |
|
ولا صدَعتْ للدّين شَملاً قضَى بأنْ | |
|
| يقومَ بأمْرِ اللهِ عنهُ ويَصْدَعا |
|
ولا رُوِّعَ السّرْبُ الذي هوَ آمِنٌ | |
|
| ولا بُدّدَ الشّمْلُ الذي قد تجمّعا |
|
ودام بمنْ خطّ الرّكابَ بطَيْبَةٍ | |
|
| ومَن طافَ عندَ الحجر والرُكْنِ أوْ سَعَى |
|
ولازالَ بالعلْياءِ والعزِّ مُفْرداً | |
|
| وقد حازَ أشْتاتَ المَكارِمِ أجْمَعا |
|
سألْنا لهُ اللهَ البَقاءَ مُخَلّداً | |
|
| وحاشى وكلا أن يُخيّبَ مَن دَعا |
|