ما للرّكائِبِ لا تحُلُّ حِلالَها | |
|
| وتُطيل في تلك الرُّبوعِ سُؤالَها |
|
كَلَفاً بمَن طلَعَتْ بأفْقِ خيامِها | |
|
| كالشّمْسِ تتَّخِذُ السّحابَ حِجالَها |
|
كمْ مُغْرمٍ تَصلَى جوانِحُه الجوَى | |
|
| صالَتْ عليْهِ ولمْ تُنِلْهُ وصالَها |
|
يُبْدي الحنينَ إذا سَرَى برْقُ الحِمى | |
|
| وإذا صَبا نجْدٍ تَهُبُّ صَبا لَها |
|
يهْوَى شمائِلَها فَهلّا أوْدَعَتْ | |
|
| منها القَبول قَبولَها وشمالَها |
|
ظنّ النّواسِمَ إذْ تهبُّ بَلِيلَةً | |
|
| تشْفِي النفوسَ فهيَّجَتْ بَلْبالَها |
|
تَهْدي خبالَ الوجْدِ نارُ غرامِه | |
|
| ليْلاً وما تهْدِي إليه خيالَها |
|
عجباً لهُ ما بالُه لا يهْتدي | |
|
| بجوانحٍ يُذْكي الغرامُ ذُبالَها |
|
للهِ كمْ نَفْسٍ شَعاعٍ أُتْلِفَتْ | |
|
| حتّى تلافاها ونعّمَ بالَها |
|
رِفْقاً بنفْسِكَ يا حَليفَ غرامِه | |
|
| فهِيَ الصّبابَة قدْ أحالَتْ حالَها |
|
هَذي منازِلُها فحَيِّ رُبوعَها | |
|
| وأنِخْ جِمالَك تسْتَفِدْ إجمالَها |
|
وانْظُرْ سَنا أقمارِها واسْتَجْلِ منْ | |
|
| هالاتِ هاتيكَ القِباب كَمالَها |
|
فلَكَمْ لَها الرُّكْبانُ واصلتِ السُّرى | |
|
| والعزْمُ منها يَقْتَضي اسْتعجالَها |
|
تُزْجِي المَطايا والهواجرُ تَلتَظي | |
|
| حتّى تشكّتْ أينها وكَلالَها |
|
حَنّتْ إلى كَثَبِ المنازِل فارْتَمَتْ | |
|
| تَطْوي بها كثبانَها ورِمالَها |
|
لِمْ لا تحِنُّ لها الرّكابُ وطالَما | |
|
| حَمِدت على بُعْدِ المَدى تَرْحالَها |
|
كمْ أُصْدِرَتْ عَنها نواهِلَ بعْدَما | |
|
| قدْ أُورِدَتْ وهِيَ الظّماءُ زُلالَها |
|
فأسِلْ دُموعَكَ في مَعاهِدِها إذا | |
|
| عهْدُ الغمائِمِ لمْ يجُدْ أطْلالَها |
|
كمْ مُرسِلٍ فيها مَدامِعَهُ انْثَنَى | |
|
| مُتولِّياً للظِّلِّ حينَ سَقى لَها |
|
ولكَمْ تمايَلَتِ الغُصونُ بدَوحِها | |
|
| لمّا أدارَتْ سُحْبُها جرْيالَها |
|
ما لاحَتِ الغُدْرانُ فيه مَدارِعاً | |
|
| حتّى أرَتْك الذّارِياتُ صِقالَها |
|
شقّ النّسيمُ جيوبَهُ فيها ومِنْ | |
|
| وشْيِ الرّبيعِ قدِ اكْتَسَتْ سِرْبالَها |
|
فهيَ الرّبوعُ نَزيلُها مُتَوسِّدٌ | |
|
| أو وارِدٌ أنهارَها وظِلالَها |
|
للمُجْتَنى إن شئْتَ أو للمُجْتَلَى | |
|
| عرّسْ تَنَلْ أحْمالَها وجمالَها |
|
وإذا العُفاةُ اسْتَقْبَلتْها قِبْلَةً | |
|
| وفّتْ صَلاةُ صِلاتِها آمالَها |
|
هي حضْرةُ المُلْكِ التي قد أصبحَتْ | |
|
| غيْثاً وغَوثاً إن حللَتْ حِلالَها |
|
مَثْوَى إمامٍ حلّ أفْقَ خِلافةٍ | |
|
| تجْلُو عليْهِ جَمالَها وجَلالَها |
|
هوَ ناصِرُ الدّين الخليفةُ يوسُفٌ | |
|
| مَلكٌ غَدا كهفَ المُلوكِ ثِمالَها |
|
ملِكٌ كأنّ الشمسَ غُرَّةُ وجْهِهِ | |
|
| تهْدي إلى سُبُلِ الهُدى ضُلّالَها |
|
ملِكٌ كأنّ الغيثَ جودُ يَمينِه | |
|
| مهْما أنالَ القاصدِين نَوالَها |
|
ولِيَ الخلافَة فاسْتقلّ بعبْئِها | |
|
| فعُفاتُهُ لا تشتكي إقلالَها |
|
يا مَنْ يشبِّهُ بالغمائِمِ كفَّهُ | |
|
| ما ساجلتْ سُحُبُ الغمامِ سِجالَها |
|
لوْ أُلْفِيت بالشُّهْبِ عارفَةُ النّدى | |
|
| لأنالَها كَرماً وقال أنا لَها |
|
فمشارِقُ الأنوارِ منهُ قدْ أتَتْ | |
|
| بشِهابِ هَدْيٍ موضِحٍ إكْمالها |
|
أضْحَى بأوْطان الجهادِ مؤمَّلاً | |
|
| لِعُفاتِها ومؤمّناً أعْمالَها |
|
ما جابَ آفاقَ البلادِ بقُطْرِها | |
|
| أو جالَها إلا شَفَى أوْجالَها |
|
تُلفِي لديْه عُفاتُه وعُداتُهُ | |
|
| سَلْماً وحَرْباً نُزْلَها ونِزالَها |
|
فالعزْمُ يفْضَحُ في المَضاءِ صِفاحَها | |
|
| والحِلْمُ يرجحُ في الوَقارِ جبالَها |
|
يرْتاحُ في حرْبِ العِدَى خَطِّيُّهُ | |
|
| ليكُفَّ إن أهْوَى لَها أهْوالَها |
|
وسُيوفُهُ هامَتْ بصُحبَةِ هامِها | |
|
| فغَدَتْ لذلِكَ تشتكي إكْمالَها |
|
وقِسيُّهُ من غيْر رمْيٍ طالَما | |
|
| رامَتْ لِتُثبتَ في العُداةِ نِبالها |
|
من ذا يُضاهِي في المكارِمِ أسْرَةً | |
|
| في الذّكرِ قد ذكر الإلَهُ خِلالَها |
|
قومٌ إذا لبسُوا الدّروعَ حَسِبْتَهُم | |
|
| أُسُداً حَمَتْ في غِيلِها أشبالَها |
|
وإذا نضوْها عنهُمُ فأراقِمٌ | |
|
| أبْقَتْ على أجسامِهِمْ أشكالَها |
|
وتهُزُّهُمْ أمْداحُهُمْ فكأنّما | |
|
| جالَ النّسيمُ بدَوْحَةٍ فأمالَها |
|
هذِي العساكِرُ والمنابِرُ إن بَدَتْ | |
|
| ألْفيْتَهمْ فُرسانها ورجالَها |
|
أَوَ ليْسَ والدُكَ المنيفُ بصوْلة | |
|
| حمِدَ الكماةُ دفاعَها وصيالَها |
|
خضَعَتْ رِقابُ الكافِرينَ لمُلْكِه | |
|
| فاللهُ شاءَ بعِزِّه إذْلالَها |
|
وكفى بموْلانا الغنيِّ برَبِّهِ | |
|
| أسَداً يُجدِّلُ في الوَغَى أبْطالَها |
|
كمْ أُسْرَةٍ للكُفْرِ شدَّ وَثاقَها | |
|
| ومعاقِلٍ للشِّرْكِ حلَّ عِقالَها |
|
كمْ شيّدتْ من مَعقِل حتى أتَى | |
|
| فوهَى لها ما قد بَنَتْهُ وَهالَها |
|
قَسَماً بقومِك في مَعالِمِ مكّةٍ | |
|
| ما رُتْبةٌ إلا وجَدُّك نالَها |
|
قيْسُ بن سعدٍ مَنْ علِمْتَ خِلاله | |
|
| بالخَيْلِ خيْل الله جاسَ خِلالَها |
|
كانتْ بها العُزَّى تُنيفُ بعِزّةٍ | |
|
| فأذلّها دينُ الهُدَى وأزالَها |
|
والنّصْرُ للأنْصارِ والخَلَفِ الذي | |
|
| لو شاءَ زُهْرَ سمائِها لَسَما لَها |
|
كم من جُموعٍ للضلالِ وحِزبهِ | |
|
| جاءتْ لأمرٍ قاطِعٍ آجالَها |
|
ما أمّلتْ لو لمْ يكنْ لكَ إرْثُها | |
|
| إبْقاءها لمَدىً ولا إمْهالَها |
|
فالنّصرُ يقْدُمُ إن أرَدت لقاءَها | |
|
| والسّعْدُ يرْمي إن أبَيْتَ قِتالَها |
|
للهِ نِيّتُكَ التي قد أخْلَصَتْ | |
|
| لقَبول رَبِّكَ حالها ومآلَها |
|
أهْدَتْ لك الدنْيا تَباشيرَ السّنا | |
|
| لتَنالَ في أفُقِ السّناءِ مَنالَها |
|
حيثُ الأهِلّةُ ما ارْتقتْ واسْتشْرفَتْ | |
|
| إلا لِتُطلِعَ بالمُنى إهْلالَها |
|
وبَنو مَرينٍ والتّجلّةُ شأنُها | |
|
| أبْدَتْ لدَيْكَ وُفودُها إجْلالَها |
|
تبغي الهِدايَةَ منْ خليفةِ ربّها | |
|
| وترى القبولَ أجلّ ما أهْدَى لَها |
|
لمْ يدْرِ كُنْهَ صفاتِه متمثِّلٌ | |
|
| منْها إذا ضربَتْ بهِ أمْثالَها |
|
هلْ بَدْرُ مَمْساها وشمْسُ صباحِها | |
|
| أمْ وجْهُهُ مُستقبلٌ أرْسالَها |
|
أهلاً بهمْ من وافِدين ركابُهُمْ | |
|
| حطّتْ بمَثْواكَ الكَريمِ رِحالَها |
|
قد أقْبلُوا مُتيَمّنينَ بدوْلَةٍ | |
|
| أحْزابَها نصَرَ الإلَهُ وآلَها |
|
وقد اقْتَفَوْا من وُدِّك النّهْجَ الذي | |
|
| نالَتْ عُداتُكَ منْ هُداه ضلالَها |
|
هذا وقد وافَى صنيعُك للوَرَى | |
|
| فمواهِبَ الصُّنعِ الجميلِ أنالَها |
|
واستَقْبلَتْهُ أوْجُهُ البشرَى التي | |
|
| بالبِشْرِ أبدَتْ والرّضَى استِقْبالَها |
|
فغدَتْ يمينُك فيه ديمَةَ رحْمةٍ | |
|
| كُلّ الوُجودِ يؤمّل اسْتهلالَها |
|
هَيْهاتَ يظْمأُ وارِدٌ من بعْدِ ما | |
|
| أوردت كُلَّ مُؤمّلٍ سَلسالَها |
|
لكَ حكمَةُ الوهّابِ سابقُ حُكْمِها | |
|
| نادَى بخيْلِكَ أن تجُولَ مَجالَها |
|
أعْرافُها فيها لمُلكِكَ آيةٌ | |
|
| مَتْلوّةٌ أنْ سوّغَتْ أنفالَها |
|
للهِ منها والذّوابِلُ شُرَّعٌ | |
|
| خيْلٌ تُريكَ من النّجيع نِعالَها |
|
حَمَلتْ كُماةً لو أزَرْتَ جَميعَهم | |
|
| أرْض العُداةِ لزُلزِلت زِلزالَها |
|
من كُلّ أرْوَعَ باسِلٍ يوْمَ الوَغَى | |
|
| لبِسَ العجاجَةَ ساحِباً أذْيالَها |
|
قد أرسلَ الغرَّ السّوابِقَ للمَدَى | |
|
| والنّصْرُ يَقدُمُ دائِماً إرْسالَها |
|
ثَبَتَتْ قوائمُها به ولقَدْ مَحَتْ | |
|
| آجالَ أهْلِ الشِّرْكِ حينَ أجالَها |
|
ستخِفُّ طوْعاً نحْوَهمْ والأرضُ منْ | |
|
| أنفالِهِمْ قد أخرَجت أثقالَها |
|
فترى الكتائِب للعِدَى أو في النّدى | |
|
| إنْهادَها في اللهِ أو إنْهالَها |
|
هَذي السّبيكةُ مَلعَبُ الخيْل التي | |
|
| ألْقَتْ بأفئِدَةِ العُداةِ خَبالَها |
|
إن جُرّدتْ بيضُ السّيوف لغارةٍ | |
|
| لبِسَتْ من النّقْعِ المُثارِ جِلالَها |
|
فإذا المواكِبُ في مَداها استشْرفتْ | |
|
| ما للكواكِبِ في السّماءِ وما لَها |
|
يا حُسْنَهُ حَطَباً ويا عَجَباً إذا | |
|
| جالتْ بهِ خيْلُ السِّباقِ مجالَها |
|
يُذْكي قُلوبَ الحاسِدين مَشاعِلاً | |
|
| والنارُ ما أبْدَتْ بهِ إشعالَها |
|
للهِ كمْ صُوَرٍ به مَجْلوّةٍ | |
|
| كادَتْ تُحقّقُ في العُيونِ مثالَها |
|
لو أفْصحتْ أشكالُها بخِطابِها | |
|
| للمُبْصرينَ لأوْضَحَتْ إشكالَها |
|
يا مَلْجَأ القُصّادِ كَفُّكَ كُلّما | |
|
| وكفَتْ غَمائِمُها كَفَتْ أُمّالَها |
|
للخطّ والخَطّيِّ فيها آيةٌ | |
|
| مَهْما أرَتْكَ جِلادَها وجدالَها |
|
ولقد فرَعْتَ من الخِلافة مَرْقَباً | |
|
| أطْلَعْتَ فيه للعُيونِ هِلالَها |
|
فَلَيهْنِها لمّا حَللتَ بأُفْقِها | |
|
| شمْسُ اهْتداءٍ لا نخافُ زوالَها |
|
واهنأ به إمْلاكَ عِزٍّ لم تزَلْ | |
|
| تبْغي سعودُكَ نَحْوَهُ إقبالَها |
|
وليَهْنِ تاليَكَ الذي أوْلَيْتَهُ | |
|
| من أنعُمٍ مدّتْ عليهِ ظِلالَها |
|
حتّى تُجرّدَ في رِضاكَ صِفاحَها | |
|
| يدُهُ وترْسِلَ في الوَغَى آسالَها |
|
للعبْدِ أيُّ مدائحٍ تُتْلَى فما | |
|
| يخْشَى تناسِيَها ولا إغْفالَها |
|
ولمُلْككَ الأعلى مَواهِبُ رحْمَةٍ | |
|
| ومَكارِمٌ لا تَقْتَضي إهْمالَها |
|
فلقَدْ كَفَفْتُ بها زماناً راعَني | |
|
| بزمانةٍ شرَعَتْ إليّ نِصالَها |
|
أوْلَيْتَني ما لا أقوم بشكرِهِ | |
|
| منْ أنعُمٍ أجْمَلْتَ لي إجْزالَها |
|
وصَف العبيدُ وقد عطَفْتَ مُوكّداً | |
|
| أسْبابَ رفْدِكَ مانِعاً إبْدالَها |
|
فإليْكَ من حُسْنِ الثّناءِ عَقيلةً | |
|
| حلّ البيانُ إلى المديحِ عِقالَها |
|
جاءَتْ تُريكَ من النّظامِ لآلئاً | |
|
| جيدَ اللّيالي طوّقَتْ مُنثالَها |
|
جادَتْ حدائِقها غمائِمُ للنّدى | |
|
| لا تشتكي من بَعْدِها إمْحالَها |
|
ودَعَتْ قَوافيها مَدائِحَك التي | |
|
| فكْري لدَيْكَ أطاعَها وأطالَها |
|
ولأنت خيْرُ مؤمَّلٍ أصْغَى لَها | |
|
| وأقامَ مائِلَ دَوْحِها وأقالها |
|
أعْظِمْ بدَوْلتِكَ التي أنا ناظِمٌ | |
|
| أوْصافَها والكلُّ قدْ أصْغَى لَها |
|
لازلتَ يا شرَفَ المُلوك مخلَّداً | |
|
| فبِعِزِّ نصْركَ بُلّغَتْ آمالَها |
|
سألَتْ لك اللهَ البريّةُ كُلُّها | |
|
| طول البَقاءِ وقد أجابَ سؤالَها |
|