قَلَمٌ تَرَوَّضَ فِي رُبُوعِ أَنَامِلِي | |
|
| فَهُوَ الأَنِيِسُ بِهِ اعْتَصَرْتُ خَمَائِلِي |
|
وَمِنَ الْوُرُودِ رَحِيِقُهُ مُتَلَوِّنٌ | |
|
| عَبَقَ الْهَوَا بِنَسِيِمِهِ الْمُتَفَائِلِ |
|
سَكَنَتْ شُجُونُ مَشَاعِرِي بِمِدَادِهِ | |
|
| فَتَمَايَلَتْ وَذَرَتْ عَبِيِرَ فَسَائِلِي |
|
فَبَنَيْتُ صَرْحَ مَشَاعِرِي بِقَصَائِدِي | |
|
| وَأَسَاسُهَا مُتَشَبِّصٌ بِفَضَائِلِي |
|
فَلَكَمْ غَرَسْتُ مِنَ الْحُرُوفِ وَصُنْتُهَا | |
|
| وَكَأَنَّهَا نَضَحَتْ مُجَاجَ بَتَائِلِي |
|
فَإِذَا مَسَكْتُ دَفَاتِرِي وَحَضَنْتُهَا | |
|
| بِيَدِي شَمِمْتُ مِنَ الأَرِيِجِ خَضَائِلِي |
|
سَبَحَتْ حُرُوفُ أَنَامِلِي بِدُمُوعِهَا | |
|
| فَتَشَبَّعَ الْوَرَقُ الْحَضِيِنُ بِسَائِلِي |
|
سَطَعَ الْبَيَانُ مِنَ الْكَلاَمِ بِجُمْلَتِي | |
|
| وَكَأَنَّ قَلْبِيَ خَافِقٌ بِمَسَائِلِي |
|
أَمِنَ الْقَصِيِدُ فَعَالَمِي كَحَدِيِقَةٍ | |
|
| وَبِهَا الزُّهُورُ تَلَوَّنَتْ بِفَصَائِلِي |
|
وَمِنَ الأُمُورِ بِذِكْرَيَاتِ مَسَاكِنِي | |
|
| صُوَرُ الْحَيَاةِ تَدَاوَلَتْ بِدَلاَئِلِي |
|
وَلِخِبْرَةٍ شَرِبَتْ مَزَيِجَ عُصَارَتِي | |
|
| خَلَجَاتُ قَلْبِ مَسِيِرَتِي بِرَسَائِلِي |
|
بِمَدِيِنَةِ الشُّعَرَاءِ عِشْتُ طُفُولَتِي | |
|
| وَبِمَسْمَعِي هُتِفَ النَّشِيِدُ وَصَاحَ لِي |
|
فَإِذَا تَمَخَّضَ مِنْ دَمِي ثَمَرُ النَّوَى | |
|
| فَلِأَنَّ أَرْضِيَ عُطِّرِتْ بِعَوَامِلِي |
|
وَمِنَ الثِّمَارِ سَكَاكِرٌ نَكَهَاتُهَا | |
|
| وَكَذَا الْحَنَاظِلُ حَوْمَلٌ بِحَوَاصِلِي |
|
فَلَكَمْ تَطَيَّبَ بِالدَّوَاءِ أَوَادِمٌ | |
|
| وَبِهِ الْمَرَارَةُ بَلْسَمُ الْمُتَنَاوِلِ |
|
سَأُعِيِدُ نَبْضَ عَرَاقَتِي بِفَصَاحَةٍ | |
|
| سُقِيَتْ رَحِيِقُ عُرُوبَةٍ بِمَنَاهِلِي |
|
فَكِتَابُنَا الْوِجْدَانُ خَيْرُ مَنَاهِجِي | |
|
| وَبِنُورِ نَبْضَتِهِ اخْتَزَلْتُ حَوَامِلِي |
|
فَإِذَا تَعَرْقَلَ عَابِرٌ بِقِرَاءَتِي | |
|
| سَأُمَهِّدُ السُّبُلَ احْتِفَاءَ قَبَائِلِي |
|
سَأُزَيِّنُ الصُّوَرَ الَّتِي سَكَنَتْ مَعِي | |
|
| وَأُضِيِفُ نُورَ مَشَاعِلٍ بِبَدَائِلِي |
|
قَلَمِي أَسِيِرُ هَوِيَّتِي وَهِوَايَتِي | |
|
| فَأَنَا الَّتِي صَقَلَ الْحَدِيِدُ سَلاَسِلِي |
|
وَمِنَ الْبُحُورِ سَبَائِكٌ فَصَهَرْتُهَا | |
|
| لِتَسِيِحَ فِي كَلِمِ الْيَرَاعِ مَعَاضِلِي |
|
وَمِنَ الْكُنُوزِ جَوَاهِرٌ فَتَرَصَّعَتْ | |
|
| وَبِدُرِّهَا نُقِشَتْ نُصُوصُ قَوَافِلِي |
|
فَإِذَا اسْتَوَتْ بِقَصِيِدَةٍ حِكَمُ الْهُدَى | |
|
| هِيَ دُرَّةٌ وَبَرِيِقُهَا بِنَوَاصِلِي |
|
فَلَقَدْ نَزَفْتُ مِنَ الْفُؤَادِ مَشَاعِرِي | |
|
| وَسَهِرْتُ لَيْلَ سَرِيِرَتِي بِمَعَاقِلِي |
|
وَلِغَافِلٍ عَنْ مُفْرَدَاتِ جُدُودِنَا | |
|
| سَأَقُولُ: إِنَّ جُذُورَنَا هِي وَائِلِي |
|
فَأَنَا أَلِفْتُ مَعَ الْحُرُوفِ عَجَائِباً | |
|
| وَكَأَنَّهَا قِيَمُ الثَّرَاءِ بِدَاخِلِي |
|
قَلَمِي نَزِيِفُ حِكَايَتِي وَشُجُونِهَا | |
|
| وِبِهِ اكْتَشَفْتُ شَوَاطِئِي وَسَوَاحِلِي |
|
وَرَوَيْتُ مِنْ قِصَصِ الْهُيَامِ نَوَادِراً | |
|
| فَكَشَفْتُ سِرَّ قَرِيِحَتِي وَمَشَاغِلِي |
|
فَأَنَا رَحَلْتُ مَعَ الطُّيُورِ مُغَرِّداً | |
|
| وَلَقَدْ قَطَفْتُ مِنْ الْحُقُولِ سَنَابِلِي |
|
فَتَبَسَّمَتْ بِمَشَاهِدِي سُبُلُ الْهَوَى | |
|
| وَعَلَى الْغُصُونِ أَلِفْتُ صَوْتَ بَلاَبِلِي |
|
فَدَمِي تَهَيْمَنَ فِي فَضَاءِ نَوَاظِرِي | |
|
| وَأَنَا أُسَافِرُ رَاحِلاً بِرَوَاحِلِي |
|
سَلِمَ الْحَضِيِنُ فَقَدْ سَرَجْتُ فَرَاسَتِي | |
|
| فَتَشَدَّخَتْ بِشُمُوخِهَا وَمَحَافِلِي |
|
وَأَنَا لَمَسْتُ مِنَ الشُّمُوسِ أَشِعَّةً | |
|
| فَتَسَرْبَلَتْ بِأَنَامِلِي وَمَغَازِلِي |
|
فَتَفَتَّحَتْ بِيَدِي زُهُورُ عَرَائِسِي | |
|
| وَكَأَنَّهَا لَبِسَتْ بَشَائرَ وَابِلي |
|
أَيَظُنُّ مَنْ كَتَبَ الْقَصِيِدَ بليْلةٍ؟ | |
|
| كَنَزِيِفِ عُمْرِ فَوَارِسٍ وَبَوَاسِلِ؟!! |
|
فَلَكَمْ تَمَرَّغَ فِي يَدِي قَلَمُ الْمُنَى | |
|
| مُتَعَافِراً بِوِسَادَتِي وَغَلاَئِلِي |
|
سَأَظَلُّ أَسْكُبُ مِنْ جُذُورِ أَصَالَتِي | |
|
| كَمَسِيِرَةِ الشُّعَرَاءِ..نَبْضُ عَوَائِلِي |
|
وَإِذَا الْقَرِيِضُ كَمَا الْجُذُورِ فَخَالِدٌ | |
|
| وَكَذَلِكَ الْقَلَمُ الرَّصِيِنُ حَمَاهُ لِي |
|