آتٍ إِليكَ بِحُلَّةٍ بَيضَاءِ | |
|
| حَيَّ المَوَاجِعِ.. مَيِّتَ الأَعضَاءِ |
|
آتٍ إِليكَ وكُلُّ ما في جعبَتي | |
|
| قَلَقٌ يُطِلُّ بِدَهشَةٍ خَرساءِ |
|
آتٍ إِليكَ.. ولَستُ أَعلَمُ ما الذي | |
|
| سَأَقُولُ حِين أُفِيقُ مِن إِغمائي |
|
آتٍ إِليكَ.. ولَستُ أَعلَمُ مَن أَنا.. | |
|
| فَأَنا الضَّريرُ هنا. وأَنتَ الرَّائي |
|
لا عِلمَ لِي.. إِلَّا بِرَعشَةِ غَيمةٍ | |
|
| نَضَحَت بِآخِرِ ما بِها مِن ماءِ |
|
زَعمًا أَتَيتُ بِكُلِّ شَيءٍ.. إِنَّما | |
|
| لا شَيءَ مِن كُلِّي ومِن أَشيائي |
|
إِن شِئتَ فَاكتُبنِي مِن الغُرَباءِ، أَو | |
|
| إِن شِئتَ فَاكتُبنِي مَع الغُرَباءِ |
|
|
كُلُّ الكَلَامِ الآنَ يُولَدُ مَيِّتًا | |
|
| مَوتَ السَّرابِ بِخَاطِرِ الصَّحراءِ |
|
كُلُّ الأَماكِنِ والجِهاتِ تَحَوَّلَت | |
|
| شَبَحًا يُسَاقُ بِآلَةٍ حَدباءِ |
|
كُلُّ الأَحِبَّةِ والصِّحَابِ تَدَافَعُوا | |
|
| نَحوِي.. بِلا حُجَجٍ، ولا إِبطاءِ |
|
حَمَلُوا غِلافَ الرُّوحِ بَعدَ خُلُوِّهِ | |
|
| مِنها، وبَعدَ تَسَاقُطِ الأَعباءِ |
|
حَمَلُوهُ.. وانطَلَقُوا به، وكَأَنَّهُم | |
|
| لم يَسكُبُوهُ بِأَعيُنِ القُرَّاءِ |
|
ما أَكثَرَ البَاكِينَ حَولِي.. بَعدَما | |
|
| بَلَغَ السَّماءَ تَنَهُّدِي وبُكائي! |
|
مَن سَوفَ يَرجِعُ بي لِأَهجُوَ كُلَّ مَن | |
|
| سَيُحاوِلُونَ وقد رَحَلتُ رِثائي |
|
مَن سَوفَ يَرجِعُ بي لِأَغرِزَ رِيشَتِي | |
|
| في عَينِ كُلِّ مُنافِقٍ ومُرائي! |
|
ما أَكذَبَ الدُّنيا، وأَقبَحَها.. وما | |
|
| أَقسَى شُعُورَ مُفَارِقٍ مُستاءِ |
|
|
شَيخَ المَعَرَّةِ.. ما الذي سَيَقُولُهُ | |
|
| آتٍ إِليكَ بِمُهجَةٍ جَرداءِ؟! |
|
لم تُبقِ في يَدِهِ الحَيَاةُ سِوى فَمٍ | |
|
| يَنسَاهُ بين إِجابَةٍ ونِداءِ |
|
يَدُهُ على يَدِهِ.. وبين فُؤادِهِ | |
|
| ويَدَيهِ أَضرِحةٌ بِلا أَسماءِ |
|
والحَربُ تَبدَأُ يَومَها بِوَدَاعِهِ | |
|
| وتَعُودُ بين مَوَاكِبِ الشُّهَداءِ |
|
حَربٌ تُغَيِّرُ كُلَّ آنٍ شَكلَها | |
|
| لا فَرقَ بين الحَربِ والحرباءِ |
|
ماذا يَقُولُ فَمٌ أَتَاكَ بِكُلِّ ما | |
|
| في القَولِ مِن زَحفٍ ومِن إِقواءِ |
|
ها أَنتَذَا تُصغِي.. وها أَنَذا بِلا | |
|
| لُغَةٍ أُغَالِبُ رَهبَةَ الإِصغاءِ |
|
وأَرَاكَ ذا عَينَينِ واسِعَتَينِ في | |
|
| وَجهٍ فَصِيحِ السَّمْتِ والسِّيماءِ |
|
عَينَينِ مُشرِقَتَينِ.. أَلمَحُ فيهِما | |
|
| عَينَيْ مُحَمَّدَ لَيلةَ الإِسراءِ |
|
وعلى الجَبِينِ الرَّحبِ ظِلُّ مَهَابَةٍ | |
|
| لَيسَت بِنَاطِقَةٍ ولا بَكماءِ |
|
وسَنًا يُضِيءُ الوَجنَتَينِ.. كَأَنَّهُ | |
|
| دَمعُ المَسيحِ بِوَجنَةِ العَذراءِ |
|
ويَكَادُ يُنطِقُنِي الذُّهُولُ، فَأَكتَفِي | |
|
| بِالصَّمتِ، بعد الصَّمتِ والإِيماءِ |
|
|
شَيخَ المَعَرَّةِ.. لا اعتِزالَ لِشَاعرٍ | |
|
| إِنَّ العَذَابَ بِضَاعَةُ الشُّعَراءِ |
|
هذا زَمَانُ اللَّا اعتِزال فَحيثُما | |
|
| وَلَّيتَ بُؤسَكَ عُدتَ بِالبُؤَسَاءِ |
|
حِين اعتَزَلتَ النَّاسَ لم تَكُ حاضِرًا | |
|
| عَنهُم، بِكُلِّ وَسَائلِ الأَنباءِ |
|
لكنني شاهَدتُ ماءَ وُجُوهِهِم | |
|
| يَمتَدُّ مِن ظَمَئِي إِلى استِسقائي |
|
ورَأَيتُ كيف النَّاسُ تَأكُلُ بَعضَها | |
|
| وتُحارِبُ الأَعداءَ بِالأَعداءِ |
|
وتَلُوكُ أَدمِغَةَ النِّساءِ وتَستَبِي ال | |
|
| أَطفالَ بين المَهدِ والحِنَّاءِ |
|
تَرَكُوا لُحُومَ الضَّأنِ آمِنَةَ الأَذى | |
|
| مِن طُولِ ما التَحَمُوا مِن الأَشلاءِ! |
|
يا مُطلِقَ العَقلِ الأَسِيرِ، وآسِرَ ال | |
|
| عَقلِ الطَّلِيقِ.. أَنا مِن الأُسَراءِ |
|
أَنبَتَّ لِي رِيشًا.. فَجِئتُكَ زاحِفًا | |
|
| مِن فَرطِ ما لَبِسَ الطَّريقَ حِذائي |
|
وقَذَفتُ نَحو البابِ رِيشَكَ قائِلًا: | |
|
| ما نَفعُ أَجنِحةٍ بِغَيرِ فَضاءِ! |
|
ورِسَالةُ الغُفرانِ حِرتُ بِذَنبِها | |
|
| فَبَعَثتُ لِابنِ القارِحِ استِهزائي |
|
بِيَدَيَّ هاتَينِ احتَشَدتُ مُكَبِّرًا | |
|
| وقَلَعتُ آخِرَ نَجمةٍ بِسَمائي |
|
ولو انَّنِي أَسطِيعُ مَنعَ نِهايَةٍ | |
|
| لَمَنعتُ أَمسِي أَن يَكونَ وَرَائي |
|
|
أَنا يا رَهِينَ المَحبَسَينِ مَحَابِسِي | |
|
| شَتَّى.. ووَاحِدةٌ بها أَدوائي |
|
مُتَوَحِّدُ المَأساةِ إِلَّا أَنني | |
|
| مُتَعَدِّدُ الرَّاياتِ والآراءِ |
|
أَنا مِن بَنِي الغَبراءِ، حيثُ جَهَنَّمُ ال | |
|
| كُبرَى، وحيثُ القَتلُ كالإِمضاءِ |
|
حيثُ اللُّصُوصُ الأَثرياءُ، بِكُلِّ ما | |
|
| أُوتُوهُ.. يَتَّجِرُونَ بِالفُقراءِ |
|
ويُؤَجِّجُونَ الحَربَ بين مَجَاعَةٍ | |
|
| وفَمٍ، وبين جَماجمٍ ودِماءِ |
|
لم يَنتَصِر أَحَدٌ على أَحَدٍ.. فقد | |
|
| جاعَ الجَميعُ وفازَ ذُو الأَمعاءِ |
|
تَعَبٌ تَقُولُ هي الحَياةُ.. لِأَنَّها | |
|
| أَدنَى إِلى المَوتَى مِن الأَحياءِ |
|
لو لم تَكُن هذي الحَيَاةُ دَنِيئةً | |
|
| ما كان سَادَتَها بَنُو اللُّقَطاءِ |
|
|
أَأَبَا العَلاءِ لقد أَتيتُكَ حامِلًا | |
|
| وِزرَ الذين تَنَاسَلُوا واللَّائي |
|
يَرِثُ الغِنَى الأَبناءُ مِن آبائِهِم | |
|
| وأَنا وَرِثتُ الفَقرَ مِن أَبنائي! |
|
هذا جَنَاهُ أَبي عَلَيَّ.. جِنَايَةُ ال | |
|
| أَبناءِ بِنتُ جِنايَةِ الآباءِ |
|
ولِأَنني دَافَعتُ عن يَمَنِيَّتي | |
|
| ومَنَعتُ رَبَّ المالِ مِن إِغوائي |
|
خَرَجَت مُوَلوِلَةً صَيَادُ تَقُولُ لِي: | |
|
| لا أَنتَ مِن عَدَنِي، ولا صَنعائي |
|
ما بين مَولِدِ شاعرٍ ووَفاتِهِ | |
|
| يَومانِ.. لِلضَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ |
|
في فَجرِ يَومِ السَّبتِ وَحدِي جِئتُها | |
|
| ورَحَلتُ وَحدِي ليلَةَ الثُّلَثاءِ |
|
آتٍ إِليكَ بِأُمَّةٍ لم يَبقَ مِن | |
|
| نارِ الدُّخانِ بِها بَصِيصُ هَبَاءِ |
|
لكنَّهُ قَدَرُ الكِبَارِ.. تُصِيبُهُ | |
|
| ويُصِيبُها.. لِتُطِلَّ كالعَنقاءِ |
|