أَأَرحَلُ مِن مِصرٍ وَطيبِ نَعيمِها | |
|
| فَأَيُّ مَكانٍ بَعدَها لِيَ شائِقُ |
|
وَأَترُكُ أَوطاناً ثَراها لِناشِقٍ | |
|
| هُوَ الطيبُ لاما ضُمَّنَتهُ المَفارِقُ |
|
وَكَيفَ وَقَد أَضحَت مِنَ الحُسنِ جَنَّةً | |
|
| زَرابِيُّها مَبثوثَةٌ وَالنَمارِقُ |
|
بِلادٌ تَروقُ العَينَ وَالقَلبَ بَهجَةً | |
|
| وَتَجمَعُ مايَهوى تَقِيٌّ وَفاسِقُ |
|
وَإِخوانَ صِدقٍ يَجمَعُ الفَضلُ شَملَهُم | |
|
| مَجالِسُهُم مِمّا حَوَوهُ حَدائِقُ |
|
أَسُكّانَ مِصرٍ إِن قَضى اللَهُ بِالنَوى | |
|
| فَثَمَّ عُهودٌ بَينَنا وَمَواثِقُ |
|
فَلا تَذكُروها لِلنَسيمِ فَإِنَّهُ | |
|
| لِأَمثالِها مِن نَفحَةِ الرَوضِ سارِقُ |
|
إِلى كَم جُفوني بِالدُموعِ قَريحَةٌ | |
|
| وَحَتّامَ قَلبي بِالتَفَرُّقِ خافِقُ |
|
فَفي كُلِّ يَومٍ لي حَنينٌ مُجَدَّدٌ | |
|
| وَفي كُلِّ أَرضٍ لي حَبيبٌ مُفارِقُ |
|
سَتَأتي مَعَ الأَيّامِ أَعظَمُ فُرقَةٍ | |
|
| فَما لِيَ أَسعى نَحوَها وَأُسابِقُ |
|
وَمِن خُلُقي أَنّي أَلوفٌ وَأَنَّهُ | |
|
| يَطولُ اِلتِفاتي لِلَّذينَ أُفارِقُ |
|
يُحَرِّكُ وَجدي في الأَراكَةِ طائِرٌ | |
|
| وَيَبعَثُ شَجوي في الدُجَنَّةِ بارِقُ |
|
وَأُقسِمُ مافارَقتُ في الأَرضِ مَنزِلاً | |
|
| وَيَذكَرُ إِلّا وَالدُموعُ سَوابِقُ |
|
وَعِندي مِنَ الآدابِ في البُعدِ مُؤنِسٌ | |
|
| أُفارِقُ أَوطاني وَليسَ يُفارِقُ |
|
وَلي صَبوَةُ العُشّاقِ في الشِعرِ وَحدَهُ | |
|
| وَأَمّا سِواها فَهيَ مِنِّيَ طالِقُ |
|
كَلامي الَّذي يَصبو لَهُ كُلُّ سامِعٍ | |
|
| وَيَهواهُ حَتّى في الخُدورِ العَواتِقُ |
|
كَلامي غَنِيٌّ عَن لُحونٍ تَزينُهُ | |
|
| لَهُ مَعبَدٌ مِن نَفسِهِ وَمُخارِقُ |
|
لِكُلِّ اِمرِئٍ مِنهُ نَصيبٌ يَخُصُّهُ | |
|
| يُلائِمُ ما في طَبعِهِ وَيُوافِقُ |
|
تُغَنّي بِهِ النُدمانُ وَهوَ فُكاهَةٌ | |
|
| وَيُنشِدُهُ الصوفيُّ وَهوَ رَقائِقُ |
|
بِهِ يَقتَضي الحاجاتِ مَن هُوَ طالِبٌ | |
|
| وَيَستَعطِفُ الأَحبابَ مَن هُوَ عاشِقُ |
|
وَإِنّي عَلى ما سارَ مِنهُ لَعاتِبٌ | |
|
| أَلَيسَ بِهِ لِلبَينِ تُحدى الأَيانِقُ |
|
وَما قُلتُ أَشعاري لَأَبغي بِها النَدى | |
|
| وَلَكِنَّني في حِليَةِ الفَضلِ واثِقُ |
|
أَأَطلُبُ رِزقَ اللَهِ مِن عِندِ غَيرِهِ | |
|
| وَأَستَرزِقُ الأَقوامَ وَاللَهُ رازِقُ |
|