إيهِ يا لَيلُ هَل شَهِدتَ المُصابا | |
|
| كَيفَ يَنصَبُّ في النُفوسِ اِنصِبابا |
|
بَلِّغِ المَشرِقَينِ قَبلَ اِنبِلاجِ ال | |
|
| صُبحِ أَنَّ الرَئيسَ وَلّى وَغابا |
|
وَاِنعَ لِلنَيِّراتِ سَعداً فَسَعدٌ | |
|
| كانَ أَمضى في الأَرضِ مِنها شِهابا |
|
قُدَّ يا لَيلُ مِن سَوادِكَ ثَوباً | |
|
| لِلدَراري وَلِلضُحى جِلبابا |
|
اُنسُجِ الحالِكاتِ مِنكَ نِقاباً | |
|
| وَاِحبُ شَمسَ النَهارِ ذاكَ النِقابا |
|
قُل لَها غابَ كَوكَبُ الأَرضِ في الأَر | |
|
| ضِ فَغيبي عَنِ السَماءِ اِحتِجابا |
|
وَاِلبَسيني عَلَيهِ ثَوبَ حِدادٍ | |
|
| وَاِجلِسي لِلعَزاءِ فَالحُزنُ طابا |
|
أَينَ سَعدٌ فَذاكَ أَوَّلُ حَفلٍ | |
|
| غابَ عَن صَدرِهِ وَعافَ الخِطابا |
|
لَم يُعَوِّد جُنودَهُ يَومَ خَطبٍ | |
|
| أَن يُنادى فَلا يَرُدُّ الجَوابا |
|
عَلَّ أَمراً قَد عاقَهُ عَلَّ سُقماً | |
|
| قَد عَراهُ لَقَد أَطالَ الغِيابا |
|
أَي جُنودَ الرَئيسِ نادوا جِهاراً | |
|
| فَإِذا لَم يُجِب فَشُقّوا الثِيابا |
|
إِنَّها النَكبَةُ الَّتي كُنتُ أَخشى | |
|
| إِنَّها الساعَةُ الَّتي كُنتُ آبى |
|
إِنَّها اللَفظَةُ الَّتي تَنسِفُ الأَن | |
|
| فُسَ نَسفاً وَتَفقُرُ الأَصلابا |
|
ماتَ سَعدٌ لا كُنتِ يا ماتَ سَعدٌ | |
|
| أَسِهاماً مَسمومَةً أَم حِرابا |
|
كَيفَ أَقصَدتِ كُلَّ حَيٍّ عَلى الأَر | |
|
| ضِ وَأَحدَثتِ في الوُجودِ اِنقِلابا |
|
حَسرَةٌ عِندَ أَنَّةٍ عِندَ آهٍ | |
|
| تَحتَها زَفرَةٌ تُذيبُ الصِلابا |
|
قُل لِمَن باتَ في فِلِسطينَ يَبكي | |
|
| إِنَّ زِلزالَنا أَجَلُّ مُصابا |
|
قَد دُهيتُم في دورِكُم وَدُهينا | |
|
| في نُفوسٍ أَبَينَ إِلّا اِحتِسابا |
|
فَفَقَدتُم عَلى الحَوادِثِ جَفناً | |
|
| وَفَقَدنا المُهَنَّدَ القِرضابا |
|
سَلَّهُ رَبُّهُ زَماناً فَأَبلى | |
|
| ثُمَّ ناداهُ رَبُّهُ فَأَجابا |
|
قَدَرٌ شاءَ أَن يُزَلزِلَ مِصراً | |
|
| فَتَغالى فَزَلزَلَ الأَلبابا |
|
طاحَ بِالرَأسِ مِن رِجالاتِ مِصرٍ | |
|
| وَتَخَطّى التُحوتَ وَالأَوشابا |
|
وَالمَقاديرُ إِن رَمَت لا تُبالي | |
|
| أَرُؤوساً تُصيبُ أَم أَذنابا |
|
خَرَجَت أُمَّةٌ تُشَيِّعُ نَعشاً | |
|
| قَد حَوى أُمَّةً وَبَحراً عُبابا |
|
حَمَلوهُ عَلى المَدافِعِ لَمّا | |
|
| أَعجَزَ الهامَ حَملُهُ وَالرِقابا |
|
حالَ لَونُ الأَصيلِ وَالدَمعُ يَجري | |
|
| شَفَقاً سائِلاً وَصُبحاً مُذابا |
|
وَسَها النيلُ عَن سُراهُ ذُهولاً | |
|
| حينَ أَلفى الجُموعَ تَبكي اِنتِحابا |
|
ظَنَّ يا سَعدُ أَن يَرى مِهرَجاناً | |
|
| فَرَأى مَأتَماً وَحَشداً عُجابا |
|
لَم تَسُق مِثلَهُ فَراعينُ مِصرٍ | |
|
| يَومَ كانوا لِأَهلِها أَربابا |
|
خَضَبَ الشيبُ شَيبَهُم بِسَوادٍ | |
|
| وَمَحا البيضُ يَومَ مِتَّ الخِضابا |
|
وَاِستَهَلَّت سُحبُ البُكاءِ عَلى الوا | |
|
| دي فَغَطَّت خَضراءَهُ وَاليَبابا |
|
ساقَت التَيمِسُ العَزاءَ إِلَينا | |
|
| وَتَوَخَّت في مَدحِكَ الإِسهابا |
|
لَم يَنُح جازِعٌ عَلَيكَ كَما نا | |
|
| حَت وَلا أَطنَبَ المُحِبُّ وَحابى |
|
وَاِعتِرافُ التاميزِ يا سَعدُ مِقيا | |
|
| سٌ لِما نالَ نيلَنا وَأَصابا |
|
يا كَبيرَ الفُؤادِ وَالنَفسِ وَالآ | |
|
| مالِ أَينَ اِعتَزَمتَ عَنّا الذَهابا |
|
كَيفَ نَنسى مَواقِفاً لَكَ فينا | |
|
| كُنتَ فيها المَهيبَ لا الهَيّابا |
|
كُنتَ في مَيعَةِ الشَبابِ حُساماً | |
|
| زادَ صَقلاً فِرِندُهُ حينَ شابا |
|
لَم يُنازِلكَ قارِحُ القَومِ إِلّا | |
|
| كُنتَ أَقوى يَداً وَأَعلى جَنابا |
|
عِظَمٌ لَو حَواهُ كِسرى أَنوشَر | |
|
| وانَ يَوماً لَضاقَ عَنهُ إِهابا |
|
وَمَضاءٌ يُريكَ حَدَّ قَضاءِ اللَ | |
|
| هِ يَفري مَتناً وَيَحطِمُ نابا |
|
قَد تَحَدَّيتَ قُوَّةً تَملَأُ المَع | |
|
| مورَ مِن هَولِ بَطشِها إِرهابا |
|
تَملِكُ البَرَّ وَالبِحارَ وَتَمشي | |
|
| فَوقَ هامِ الوَرى وَتَجبي السَحابا |
|
لَم يُنَهنِه مِن عَزمِكَ السِجنُ وَالنَف | |
|
| سُ وَساجَلتَها بِمِصرَ الضِرابا |
|
سائِلوا سيشِلاً أَأَوجَسَ خَوفاً | |
|
| وَسَلوا طارِقاً أَرامَ اِنسِحابا |
|
عَزمَةٌ لا يَصُدُّها عَن مَداها | |
|
| ما يَصُدُّ السُيولَ تَغشى الهِضابا |
|
لَيتَ سَعداً أَقامَ حَتّى يَرانا | |
|
| كَيفَ نُعلي عَلى الأَساسِ القِبابا |
|
قَد كَشَفنا بِهَديِهِ كُلَّ خافٍ | |
|
| وَحَسِبنا لِكُلِّ شَيءٍ حِسابا |
|
حُجَجُ المُبطِلينَ تَمضي سِراعاً | |
|
| مِثلَما تُطلِعُ الكُؤوسُ الحَبابا |
|
حينَ قالَ اِنتَهَيتُ قُلنا بَدَأنا | |
|
| نَحمِلُ العِبءَ وَحدَنا وَالصِعابا |
|
فَاِحجُبوا الشَمسَ وَاِحبِسوا الرَوحَ عَنّا | |
|
| وَاِمنَعونا طَعامَنا وَالشَرابا |
|
وَاِستَشِفّوا يَقينَنا رَغمَ ما نَل | |
|
| قى فَهَل تَلمَحونَ فيهِ اِرتِيابا |
|
قَد مَلَكتُم فَمَ السَبيلِ عَلَينا | |
|
| وَفَتَحتُم لِكُلِّ شَعواءَ بابا |
|
وَأَتَيتُم بِالحائِماتِ تَرامى | |
|
| تَحمِلُ المَوتَ جاثِماً وَالخَرابا |
|
وَمَلَأتُم جَوانِبَ النيلِ وَعداً | |
|
| وَوَعيداً وَرَحمَةً وَعَذابا |
|
هَل ظَفِرتُم مِنّا بِقَلبٍ أَبِيٍّ | |
|
| أَو رَأَيتُم مِنّا إِلَيكُم مَثابا |
|
لا تَقولوا خَلا العَرينُ فَفيهِ | |
|
| أَلفُ لَيثٍ إِذا العَرينُ أَهابا |
|
فَاِجمَعوا كَيدَكُم وَروعوا حِماها | |
|
| إِنَّ عِندَ العَرينِ أُسداً غِضابا |
|
جَزِعَ الشَرقُ كُلُّهُ لِعَظيمٍ | |
|
| مَلَأَ الشَرقَ كُلَّهُ إِعجابا |
|
عَلَّمَ الشامَ وَالعِراقَ وَنَجداً | |
|
| كَيفَ يُحمى الحِمى إِذا الخَطبُ نابا |
|
جَمَعَ الحَقَّ كُلَّهُ في كِتابٍ | |
|
| وَاِستَثارَ الأُسودَ غاباً فَغابا |
|
وَمَشى يَحمِلُ اللِواءَ إِلى الحَق | |
|
| قِ وَيَتلو في الناسِ ذاكَ الكِتابا |
|
كُلَّما أَسدَلوا عَلَيهِ حِجاباً | |
|
| مِن ظَلامٍ أَزالَ ذاكَ الحِجابا |
|
واقِفٌ في سَبيلِهِم أَينَ ساروا | |
|
| عالِمٌ بِاِحتِيالِهِم أَينَ جابا |
|
أَيُّ مَكرٍ يَدِقُّ عَن ذِهنِ سَعدٍ | |
|
| أَيُّ خَتلٍ يُريغُ مِنهُ اِضطِرابا |
|
شاعَ في نَفسِهِ اليَقينُ فَوَقّا | |
|
| هُ بِهِ اللَهُ عَثرَةً أَو تَبابا |
|
عَجَزَت حيلَةُ الشِباكِ وَكانَ ال | |
|
| شَرقُ لِلصَيدِ مَغنَماً مُستَطابا |
|
كُلَّما أَحكَموا بِأَرضِكَ فَخّاً | |
|
| مِن فِخاخِ الدَهاءِ خابوا وَخابا |
|
أَو أَطاروا الحَمامَ يَوماً لِزَجلٍ | |
|
| قابَلوا مِنكَ في السَماءِ عُقابا |
|
تَقتُلُ الدَسَّ بِالصَراحَةِ قَتلاً | |
|
| وَتُسَقّي مُنافِقَ القَومِ صابا |
|
وَتَرى الصِدقَ وَالصَراحَةَ ديناً | |
|
| لا يَراهُ المُخالِفونَ صَوابا |
|
تَعشَقُ الجَوَّ صافي اللَونِ صَحواً | |
|
| وَالمُضِلّونَ يَعشَقونَ الضَبابا |
|
أَنتَ أَورَدتَنا مِنَ الماءِ عَذباً | |
|
| وَأَراهُم قَد أَورَدونا السَرابا |
|
قَد جَمَعتَ الأَحزابَ حَولَكَ صَفّاً | |
|
| وَنَظَمتَ الشُيوخَ وَالنُوّابا |
|
وَمَلَكتَ الزِمامَ وَاِحتَطتَ لِلغَي | |
|
| بِ وَأَدرَكتَ بِالأَناةِ الطِلابا |
|
ثُمَّ خَلَّفتَ بِالكِنانَةِ أَبطا | |
|
| لاً كُهولاً أَعِزَّةً وَشَبابا |
|
قَد مَشى جَمعُهُم إِلى المَقصِدِ الأَس | |
|
| مى يُغِذّونَ لِلوُصولِ الرِكابا |
|
يَبتَنونَ العُلا يَشيدونَ مَجداً | |
|
| يُسعِدونَ البَنينَ وَالأَعقابا |
|
قَد بَلَوناكَ قاضِياً وَوَزيراً | |
|
| وَرَئيساً وَمِدرَهاً خَلّابا |
|
فَوَجَدناكَ مِن جَميعِ نَواحي | |
|
| كَ عَظيماً مُوَفَّقاً غَلّابا |
|
لَم يَنَل حاسِدوكَ مِنكَ مُناهُم | |
|
| لا وَلَم يُلصِقوا بِعَلياكَ عابا |
|
نَم هَنيئاً فَقَد سَهِدتَ طَويلاً | |
|
| وَسَئِمتَ السَقامَ وَالأَوصابا |
|
كَم شَكَوتَ السُهادَ لي يَومَ كُنّا | |
|
| بِالبَساتينِ نَستَعيدُ الشَبابا |
|
نَنهَبُ اللَهوَ غافِلَينَ وَكُنّا | |
|
| نَحسَبُ الدَهرَ قَد أَنابَ وَتابا |
|
فَإِذا الرُزءُ كانَ مِنّا بِمَرمىً | |
|
| وَإِذا حائِمُ الرَدى كانَ قابا |
|
حَرَمَتنا المَنونُ ذَيّالِكَ الوَج | |
|
| هَ وَذاكَ الحِمى وَتِلكَ الرِحابا |
|
وَسَجايا لَهُنَّ في النَفسِ رَوحٌ | |
|
| يَعدِلُ الفَوزَ وَالدُعاءَ المُجابا |
|
كَم وَرَدنا مَوارِدَ الأُنسِ مِنها | |
|
| وَرَشَفنا سُلافَها وَالرُضابا |
|
وَمَرَحنا في ساحِها فَنَسينا ال | |
|
| أَهلَ وَالأَصدِقاءَ وَالأَحبابا |
|
ثُمَّ وَلَّت بَشاشَةُ العَيشِ عَنّا | |
|
| حينَ ساروا فَوَسَّدوكَ التُرابا |
|
خِفتَ فينا مَقامَ رَبِّكَ حَيّاً | |
|
| فَتَنَظَّر بِجَنَّتَيهِ الثَوابا |
|