خُذا حَدِّثاني عن فُلٍ وفُلانِ |
لعلّي أرى باقٍ على الحدثان |
وعن دُولٍ جُسنَ الديارَ وأهلِهَا |
فَنِيْنَ وصرفُ الدَّهْر ليس بفان |
وعنْ هَرَميْ مِصْرَ الغداةَ أَمُتّعا |
بشرخِ شبابٍ أم هما هَرِمان |
وعن نخلتَيْ حُلوان كيف تَنَاءَتا |
ولم يطويا كشحاً على شنآن |
وطالَ ثواءُ الفرقدين بِغِبْطَةٍ |
أما علما أَن سوفَ يَفْترِقان |
وزايلَ بين الشعريين مُصَرِّفٌ |
من الدهر لا وانٍ ولا مُتَوان |
فإن تذهبِ الشّعْرى العبورُ لشانها |
فإن الغُميصا في بَقِيّةِ شان |
وجُن سهيلٌ بالثريَّا جنونَهُ |
ولكنْ سلاهُ كيفَ يلتقيان |
وهيهاتِ من جورِ القضاءِ وعَدْله |
شآميةٌ ألوتْ بِدَيْنِ يمان |
فأجمعَ عنها آخرَ الدهر سَلْوَةً |
على طَمَعٍ خَّلاهُ للدَّبرانِ |
وأعْلَنَ صَرْفُ الدَّهْرِ لابْنيْ نُوَيْرَةٍ |
بيوم ثناءٍ غالَ كلَّ تداني |
وكانا كَنَدْماني جذيمةَ حِقْبَةً |
من الدَّهْرِ لو لم تَنْصَرِمْ لأوان |
فهانَ دمٌ بين الدَّكادكِ واللّوى |
وما كانَ في أمثالها بمهان |
فضاعتْ دموعٌ بات يَبْعَثُها الأسى |
يُهَيّجِهُ قبرٌ بكلِّ مكان |
ومالَ على عبسٍ وذبيانَ مَيْلَةً |
فأَوْدى بِمَجْنيٍّ عليه وجاني |
فَعُوجا على جَفرِ الهباءةِ عَوجةً |
لضيعةِ أعلاقٍ هناك ثَمَاني |
دماءٌ جرت منها التلاع بملئها |
ولا ذَحْلَ إلا أن جرى فَرَسان |
وأيَّامُ حرب لا يُنادى وَليدُها |
أهابَ بها في الحيِّ يومُ رهان |
فباتَ الرَّبيعُ والكلابُ تَهُرُّهُ |
ولا مثلَ مُودٍ مِنْ وراءِ عمان |
وأَنْحَى على ابني وائلٍ فَتَهَاصَرا |
غُصُونَ الرَّدى من كَزةٍ وَلِدَان |
تَعَاطَى كُلَيْبٌ فاستمرَّ بِطَعْنَةٍ |
أقامَتْ بها الأبطالُ سُوقَ طِعان |
وباتَ عديٌّ بالذنائبِ يَصْطَلي |
بنارِ وغلاً ليستْ بذاتِ دُخَانِ |
فَذلَّتْ رقابٌ من رجالٍ أعزَّةٍ |
غليهمْ تَناهى عزُّ كلِّ مكان |
وهَبُّوا يلاقون الصوارمَ والقنا |
بكلِّ جَبينٍ واضحٍ وَلَبان |
فلا خدَّ إلا فيه حدُّ مهنَّدٍ |
ولا صدرَ إلا فيه صدر سنان |
وصالَ على الجَوْنَينِ بالشّعْبِ فانثنى |
بأسلابِ مطلولٍ ورِبْقَةِ عان |
وأمْضى على أَبناءِ قَيْلَةَ حُكْمَهُ |
على شرِسٍ أدْلَوْا به وَليان |
ولو شاءَ عُدوان الزمان ولم يَشا |
لكانَ عذيرَ الحيِّ من عَدَوَان |
وأيُّ قبيلٍ لم يُصدَّعْ جَمِيعُهُمْ |
بِبَكْرٍ من الأرْزَاءِ أو بِعَوان |
خليليَّ أبْصَرْتُ الردى وسَمِعْتُهُ |
فإنْ كُنْتُما في مِرْيَةٍ فَسَلاني |
خُذَا مِنْ فمي هَّلا وسوفَ فإنني |
أرى مِنهما غيرَ الذي تَرَيان |
ولا تعداني أنْ أعيشَ إلى غدٍ |
لعلَّ المنايا دونَ ما تعدان |
وَنَبّهني ناعٍ مع الصُّبْحِ كُلَّما |
تَشَاغَلْتُ عنه عنَّ لي وعناني |
أَغَمّضُ أجفاني كأنّيَ نائمٌ |
وقد لَجّتِ الأحشاءُ في الخَفَقَان |
أبا حسنٍ أما أخوكَ فقد قَضَى |
فيا لهفَ نفسي ما التقى أخوان |
أبا حسنٍ إحدى يديكَ رُزِئْتَها |
فهلْ لكَ بالصَّبرِ الجميلِ يدان |
أبا حسنٍ أعْرِ المذاكيَ شُزَّباً |
تجرُّ إلى الهيجاءِ كلَّ عنان |
أبا حَسَنٍ ألْقِ السَّلاحَ فإنها |
مَنَايا وإن قالَ الجهولُ أماني |
أبا حسنٍ هل يدفعُ المرءُ حَيْنَه |
بأيدِ شُجَاعٍ أو بكيد جبان |
أبا حسنٍ إن المنايا وُقِيتَها |
إذا أبلغت لم تتبع بضمان |
أقول كأني لستُ أحفلُ وانبرتْ |
دموعي فأبدتْ ما يُجِنُّ جَناني |
أبا حسنٍ إن كان أوْدَى مُحَمَّدٌ |
وهيهات عَدْوي فيكَ مِنْ رسفاني |
أجِدَّكَ لم تَشْهَدْهُ إذا أحدَقُوا به |
ونادى بأعلى الصوتِ يا لَفُلان |
تَوقوْهُ شيئاً ثم كَروُّا وجَعْجَعوا |
بأَرْوَعَ فَضْفاضِ الرِّداءِ هِجان |
أخي عَزَماتٍ لا يزالُ يَحُثُّهَا |
بحزمٍ مُعينٍ أو بِعزْمِ مُعَان |
رأى كلَّ ما يستعظمُ الناسُ دونَهُ |
فولَّى غنياً عنه أو متغاني |
فتىً كان يضعْرَورِي الفيافيَ والدُّجى |
ذواتُ جماحٍ أو ذَوَاتُ حران |
تَدَاعَتْ له أبياتُ بكرِ بنِ وائلٍ |
ولم تُرْجِعْنَهُ لا ظَفِرْتِ بِثان |
قليلُ حديثِ النَّفْسِ فيما يرُوعُهُ |
وإن لم يَزَلْ من ظَنّه بِمكان |
أبيٌّ وإنْ يتبع رضاهُ فَمُصْحِبٌ |
بعيدٌ وإن يُطْلَبْ جَدَاه فدان |
لك اللهُ خوَّفْتَ العدا وأمِنْتَهُمْ |
فَذُقْتَ الرَّدى من خِيْفةٍ وأَمان |
إذا أنتَ خَوَّفْت الرِّجالَ فَخَفْهُمُ |
فإنَّكَ لا تُجْزى هوىً بِهَوان |
رِياحٌ وَهَبْهَا عَارَضَتْكَ عَوَاصِفاً |
فكيف انثنَى أو لانَ رُكْنُ أبَان |
بلى ربَّ مشهورِ البلاءِ مُشَيَّعٍ |
قتيلٍ بمنخوبِ الفؤادِ هِدَان |
أُنِيحَتْ لبسطامٍ حديدةُ عاصِمٍ |
فخرَّ كما خَرَّتْ سَحُوقُ لِيَان |
بنفسي وَأهْلي أيُّ بَدْرِ دُجُنَّةٍ |
لستٍّ خَلَتْ منْ شهْرِهِ وثمان |
وأيُّ أبيٍّ لا تقومُ له الرُّبَى |
ثَنَى عَزْمَهُ دونَ القرارةِ ثان |
وأيُّ فتىً لو جاءكمْ في سلاحه |
متى صَلُحَتْ كفٌّ بغيرِ بَنَان |
وما غرَّكُمْ لولا القضاءُ بباسِلٍ |
أصاخ فقعقعتمْ له بِشِنَان |
يقولون لا تَبْعَدْ وللهِ دَرُّهُ |
وقد حِيلَ بين العَيْرِ والنَّزَوان |
ويأْبَوْنَ إلا لَيْتَه وَلَعَلَّهُ |
ومنْ أينَ للمقصوصِ بالطيران |
رويدَ الأمَاني إنَّ رزءَ محمدٍ |
عَدَا الفلكَ الأَعْلَى عنِ الدوران |
وَحَسْبُ المنايا أنْ تفوزَ بِمِثْلهِ |
كفاكِ ولو أخطأتِهِ لكفاني |
سقاكَ كدمعي أو كجودك وابلٌ |
من المزنِ بين السحِّ والهَمَلان |
شآبيبَ غيثٍ لا تزالُ مُلثَّةً |
بقبرِكَ حتى يلتقي الثَّريان |
أبا حسنٍ وفِّ اعتزاءَك حَقَّهُ |
فقد كنتما أُرْضِعْتُما بلبان |
تماسكْ قليلاً لستَ أولَ مبتلىً |
ببينِ حبيبِ أو بغَدْرِ زمان |
أثاكِلَتَيْهِ والثَّواكِلُ جَمَّةٌ |
لو أنكما بالنَّاسِ تأتسيان |
أذيلا وَصُونا واجْزَعا وتَجَلَّدا |
ولا تأخُذا إلا بما تَدَعان |
وعُودا على الباقي المخلَّفِ فيكما |
بفضلِ حُنُوٍّ منكما وحنان |
خُذاهَ فَضُمَّاه إلى كَنَفَيْكُما |
فإنّهُما للمجدِ مُكْتَنِفَان |
سدىً ليس يَدْري ما السرور وما الأسى |
مُحِيلٌ على ضَعْفَيْ يدٍ ولسان |
لعلكما إن تستظلاَّ بظلّهِ |
غداً إنَّ هذا الدَّهرَ ذو ضربان |
لشعركما السلوانُ إن محمداً |
مجاورَ حُورٍ في الجِنَانِ حسان |