أهلِّي بالبكاءِ وبالنحيب |
فقد نَزَحَ المحبُّ عن الحبيب |
وقد وَسِعَ الحوادثَ يومُ رزء |
تضيقُ له الصدورُ عن القلوب |
وآذَنَتِ المكارمُ والمعالي |
بِخَطْبٍ عاثَ حتى في الخطوب |
أيا لهفَ العَلاءِ على حَصَانٍ |
مُبَرَّأَةِ العيونِ من العيوب |
ربيبةُ عزةٍ قعساءَ نابَتْ |
منابَ الشمسِ إلا في الغُروب |
ونشأةُ نِعْمَةٍ خضراءَ رَفّتْ |
رَفيفَ الغُصْنِ مالَ مع الجَنُوب |
ولم أرَ مثلَ مَنْعَاها مُصَاباً |
هَفَا بقلوبِ شُبَّانٍ وشيب |
لئنْ نَفَضُوا الأناملَ مِنْ ثَرَاهَا |
لقد مَلَؤوهُ منْ حُسْنٍ وطيب |
وقد تركوا به إحدى الغَوَادي |
فحدِّثْ عن ضريحٍ أو قليب |
إذا هَبَّتْ به ريحٌ شَجَاها |
به ألاَّ سبيلَ إلى العبوب |
وما خَلَصَتْ إليه الريحُ إلا |
مغالطةً على أمَلٍ كذوب |
أقولُ وقد نعاها ناعياها |
وأشْبُلُها بمنهلٍ سكوب |
ألم يرِبِ الرَّدى تضييعُ سرٍّ |
تَبَلدُ فيه أوهامُ الغيوب |
وكيف سَمَا الزمانُ إلى مَحَلٍّ |
يَضِلُّ الطيفُ فيه عن الدَّبيب |
تخطى نحوه حُمْرَ المنايا |
يندبُّ إليه في سُوْدِ الحروب |
وكلَّ مُجَرَّبٍ ذَرِبٍ تَحلَّى |
بِوَسْمٍ لا يُضافُ إلى ضريب |
ترى الموتَ الزؤام يَجُولُ فيه |
مجالَ السّحْرِ في اللحظ المُريب |
تَحُشُّ به المنيةُ كلَّ قَرْمٍ |
نجيبٍ فوق مُنْجَرِدٍ نجيب |
وكلَّ أصمَّ أخرسَ عَلَّمَتْهُ |
صروفُ الدهر تشتيتَ الشُّعوب |
إذا ما اهتزَّ في يُمْنى كميٍّ |
رأيت الموتَ يخطرُ في قضيب |
لتبكِ المكرماتُ وإن عَدَتْها |
عوادٍ من عَذولٍ أو رقيب |
على أُمِّ اليتامَى والأيامَى |
إذا نَبَتِ المواضع بالجُنُوب |
تَخَلَّصها الرَّدى مِن خِدْرِ ليثٍ |
تُدَاريه الأسودُ عنِ الوثوب |
غدا منها بِوِجْدانٍ بعيدٍ |
على عهدٍ بلُقْيَاها قريب |
يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بالغيبِ عنها |
بِظَنٍّ مخطىءٍ وضَنىً مصيب |
تَهَّدى الخيرُ من كَثَبٍ إليها |
فكيف أضلها حَوْلُ الطبيب |
أبا عَبْدِ الألهِ وقد تسامَتْ |
لك الأيامُ بالعَجَبِ العجيب |
أتَجْزَعُ للزمانِ وأنت منه |
مكانَ الحَزْم من صدر اللبيب |
عزاءَك إنما الإنسانُ نَهْبٌ |
على أَيدي الحوادث والخطوب |
وأنت نصيبُنَا منْ كلِّ شيءٍ |
فَدُمْتَ وَحَسْبُنَا أوْفَى نصيب |