عِتابٌ على الدُّنيا وَقَلَّ عِتابُ |
رضينا بما تَرْضى ونحنُ غِضابُ |
وقالتْ وأصغينا إلى زُورِ قولها |
وقد يَسْتَفِزُّ القولُ وهو كذابُ |
وَغَطَّتْ على أبصارِنا وقلوبِنَا |
فطالَ عليها الحَوْمُ وهي سَراب |
ودانت لها أفواهُنَا وعقُولنَا |
وهل عِنْدَهَا إلا الفناءُ ثواب |
وتلك لعمرُ ا أما ركوبُهَا |
فَهُلْكٌ وأما ُحكْمُهَا فَغِلاب |
نلذُّ ونلهو والأعزَّةُ حولها |
رُفَاتٌ ونبني والديارُ خراب |
وَتخْدَعُنَا عما يُرَادُ بنا منىً |
لبحرِ المنايا دونهنَّ عُبَاب |
ونغتنمُ الأيامَ وهيَ مصائبٌ |
لهنَّ علينا جيئةٌ وَذَهاب |
بكتْ هندُ من ضِحْكِ المشيب بمفرقي |
أَمَا عَلِمَت أنَّ الشبابَ خِضَاب |
وقالت غُبَارٌ ما أَرى وتجاهلت |
وليس على وَجْهِ النّهارِ نِقَاب |
هل الشيبُ إلا الرُّشْدُ جلَّى غوايتي |
فأصبحتُ لا يَخْفَى عليّ صواب |
وَأَصْبَحَ شيطاني يَعَضُّ بنانَهُ |
وقد لاحَ دوني للقَتيرِ شِهَاب |
أأعفو لِصَرفِ الدَّهْرِ عن هَفَوَاتِهِ |
على حينَ لا يأتي عليَّ عِقَاب |
وأتركُهُ يَمْضي على غُلَوَائِهِ |
وقد قَلَّ إعتابٌ وطال عتاب |
برئتُ من العلياءِ إن لم أردَّهُ |
ولي ظُفُرٌ قد عَاثَ فيه وناب |
وإن لم أنَهْنِه من شَبَاهُ بِعَزَمَةٍ |
تَذِلُّ لها الأِشياءُ وهي صعاب |
وقائلةٍ ما بالُ حمصٍ نَبَت به |
وَرُبَّ سؤالٍ ليس عنه جواب |
نبت بي فكنتُ العُرفَ في غيرِ أهلْه |
يعودُ على أهليه وهو تَبَاب |
فبالله ما استوطَنْتُها قانعاً بها |
ولكنَّني سيفٌ حواهُ قِراب |
أيُغْضِبُ حُسَّادي قيامي إلى العُلا |
وقد قعَدوا لما ظفرتُ وخابوا |
وَأروَعَ لا ينأى على عَزَمَاتِهِ |
مَرَامٌ ولا يُخْفِي سَنَاهُ حِجَاب |
من الحضرميّين الأُولى أحْرَزوُا العلا |
بَنَوا فأطالوا أو رَمْوا فأصابوا |
من المانعينَ الدهرَ حوزةَ جارِهِمْ |
وأشلاؤهُ بين الخُطُوبِ نهضاب |
همُ عَرَضُوا دون المعالي فأصْبَحَت |
مطالبَ لا يدنو لَهُنَّ طِلاَب |
وهم جَنَحوا بالمعتفين إلى ندىً |
هو القَطْرُ لا يأتي عليه حساب |
سجايا على مرِّ الليالي كأنَّما |
هي المُزْنُ فيه رحمةٌ وعذاب |
مواردَ فيها سَمُّ كلِّ مُعَاندٍ |
ولكنها للمُسْتَقِيدِ عذاب |
تُخَوِّفُني صَرفَ الزمانِ وقد حَدَث |
برحلي إلى ابنِ الحَضْرَمِيِّ ركاب |
إذا الله سنَّى لي لقاءَ محمدٍ |
تفتَّحَ دوني للسماحةِ باب |
فتىً لم تُسَافِر عنه آمالُ آملٍ |
وكان لها إلاَّ إليه إياب |
ولا ظَمِىءَ العلمُ المُضَيَّعُ أهْلُهُ |
فساغ له إلا لديه شراب |
لهُ هِمَمٌ في البأسِ والجودِ والندى |
لها فوق أثْباجِ النجوم قباب |
وَأقْسِمُ لولا ما لَهُ من مآثرٍ |
لأصبح رَبْعث المجدِ وهو يَبَابُ |
مآثرُ هنَّ المجدُ لا كسبُ درهمٍ |
وهنَّ المعالي لا حُلَىً وثياب |
يغيظُ العدا منه أغرُّ حُلاحِلٌ |
أشمُّ طُوَالُ الساعدين لُبَاب |
ولا عَيْبَ فيه لامرىءٍ غير أنَّه |
تُعَابُ له الدنيا وليس يُعَابُ |
هو الأسَدُ الوَرْدُ الذي سار ذِكْرُهُ |
وليسَ له إلا البَسَالَةُ غاب |
تَبَوَّأ من دارِ الخلافةِ مَقْعَداً |
له فيه عَنْ حُكْمِ القضاءِ مَئاب |
تباهَتْ به منذُ استقلَّ بأمرها |
كما تتهادى لِلْجلاءِ كَعَابِ |
سَلِ الدينَ والدنيا هل ابتهجا به |
كما انجابَ عن ضوءِ النهار ضبابُ |
نَضَاهُ أميرُ المؤمنين مُهنّداً |
له الحِلْمُ مَتْنٌ والمضاءُ ذُبَاب |
له المَثَلُ الأعلى مَعاداً ومبدءاً |
وللحاسدِ العاوي حصىً وتراب |
ألانتْ لك الأشياءَ وهي صليبةٌ |
عزائمُ في ذات الإله صِلاب |
إليك أبيَّاتاً من الشِّعْرِ قُلْتُهَا |
بُودِّيَ لَوْ أنيِّ لهنَّ كتاب |
فإن تَتَقَبَّلْهَا وتلك مطيتي |
فيا مَنْ رأى خطباً ثناه خطاب |
وهل أنا إلا الروضُ حيَّاكَ عَرْفُهُ |
وقد بَاكَرَتْهُ من نَدَاكَ سَحَاب |
ومن يُثْنِ بالصُّنْعِ الجميلِ فإنَّه |
شَكُورٌ ولا مثلَ المزيَدِ ثواب |
وهل أنا إلا عبدُ أنْعُمِكَ التي |
هي الأريُ إذ كلُّ المواردِ صَاب |
وما شهدَ المجدُ الذي أنت سرُّه |
فإنك بحرٌ والكرامُ سَرَاب |
وها أنا يا رِضْوَانُ باسمك هاتفٌ |
فهل لي إلى دار المُقَامَةِ باب |
وهل يُدْرِكُ الحسَّادُ غَورَكَ في العُلا |
وإن طالَ مَكْرٌ منهمُ وخِلاَب |
إذا نافسُوكَ المجدَ كنتَ غضنفراً |
إذا زار لم تَثْبُت عليه ذِئاب |
وما احمرَّ إلا من صِيالِكَ مَعْرَكٌ |
ولا اخْضَرَّ إلا من نَداكَ جَنَاب |