نَطَقَ الرَّبِيِعُ بِمَبْسَمِ الأَنَغَامِ | |
|
| فَابْتَلَّ رِيِقُ الشِّعْرِ بِالأَنْسَامِ |
|
كُلُّ الْحُرُوفِ تَنَفَّسَتْ مِنَ رَوْضِهَا | |
|
| فَاسْتَنْشَقَتْ لُغَةٌ مِنَ الأَكْمَامِ |
|
وَتَفَجَّرَتْ مِنْ بَطْنِهَا وَكَأَنَّهَا | |
|
| وَرْدٌ يَمُجُّ عُصَارَةَ الأَعْوَامِ |
|
بِرَحِيِقِهَا رَقَّ الْكَلامُ عُذُوبَةً | |
|
| تَرْوِي عُطَاشَى الْحَرْفِ كَأْسَ مُدَامِ |
|
بَيْنَ الْغُصُونِ تَمَايَلَتْ وَكَأَنَّهَا | |
|
| لَبِسَتْ خَلاَخِيِلاً بِدُونِ عِظَامِ |
|
رَنَّتْ فَغَنَّى الطَّيْرُ فَاشْتَدَّ الرَّوَى | |
|
| فَتَصَارَعَ اللَّحْنَانِ دُونَ خِصَامِ |
|
أَمَّا أَفَانِيِنُ الشِّعُورِ فَلَوَّنَتْ | |
|
| لُغَةَ الوُرُودِ بِلَوْحَةِ الرَّسَّامِ |
|
لَوْنُ احْمِرَارِ الْوَرْدِ خَرَّ مُتَيَّماً | |
|
| جُورِيَّةٌ سَاحَتْ عَلىَ الأَقْلاَمِ |
|
لَوْنُ ابْيِضَاضِ الْيَاسَمِيِنِ بِرِيِشَةٍ | |
|
| رَسَمَتْ رَقِيِقَ الحِسِّ سِرْبَ حَمَامِ |
|
لَوْنُ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ فِي عَبَّادِهِ | |
|
| أَسَرَ الضِّيَاءَ بِرَوْنَقِ الإِلْهَامِ |
|
أَمَّا اخْضِرَارُ الرُّوحِ فَزَّ رَبِيِعُهُ | |
|
| بِقَصِيِدَةٍ خَضُلَتْ بِمَرْجِ هُيَامِ |
|
وَأَنَا هُنَا بَيْنَ الْجَنَائِنِ حَائِرٌ | |
|
| مِنْ أَيْنَ أَقْطِفُ وَرْدَةَ اسْتِسْلاَمِي |
|
أَحْبُو بِحِضْنِ الْغُصْنِ كَيْ أَشْتَفَّهُ | |
|
| فَتَشِفَّ طِفْلِيَ رِقَّةُ الأَرْحَامِ |
|
وَأَرُومُ مِنْ فَيْضِ الزُّلاَلِ مَشَاعِراً | |
|
| فَيَهِيِجُ فِي رُوحِ الْعِنَاقِ مَرَامِي |
|
الْعَقْلُ فِي بَحْرِ اللَّآلِئِ عَائِمٌ | |
|
| وَأَنَا الْغَرِيِقُ بِفِكْرَةِ الْعَوَّامِ |
|
أَبْتَلُّ بِالْحَرْفِ الْمُعَتَّقِ بِالْوَرَى | |
|
| وَالْخَمْرُ فِي كَأْسِ القَرِيِضِ أَمَامِي |
|
وَلَذَائِذُ الْكَلِمَاتِ تُنْعِشُ سَكْرَتِي | |
|
| فَيَغِيِبُ فِي دُنْيَا الفَصِيِحِ زِمَامِي |
|
تِلْكَ الْحَرُوفُ تَجَسَّدَتْ أَرْوَاحُهَا | |
|
| مِثْلَ الْحِسَانِ بِجَنَّةِ الأَنْعَامِ |
|
تَسْكُبْنَ أَوْعِيَةَ الرَّحِيِقِ كَأَنَّمَا | |
|
| تَسْكُبْنَهَا بِأَصَابِعِ الأَحْلاَمِ |
|
فَتَدِرُّ خَيْرَاتَ اللَّيَانِ كَأَنَّهَا | |
|
| رَضِعَتْ مِنَ الْفِرْدَوْسِ دُونَ فِطَامِ |
|
وَأَنَا بِمَرْأَى السَّاحِرَاتِ أَظُنُّنِي | |
|
| قَدْ قُلْتُ مَا لَمْ يَمْتَلِكْهُ كَلاَمِي |
|