تَعَزَّ فَقَد ماتَ الهَوى وَاِنتَهى الجَهلُ | |
|
| فَرَدَّ عَلَيكَ الحِلمَ ما قَدَّمَ العَذلُ |
|
أَحينَ طَوى عَن شِرَّةِ اللَهوِ شِرَّةً | |
|
| يُطيعُ سَوادَ الرَأسِ إِن قالَ لا تَسلُ |
|
حَماهُ عَلى سَبعٍ وَعِشرينَ حِجَّةً | |
|
| شَبابٌ فَتِيُّ الغَيبِ شاهِدُهُ كَهلُ |
|
أَلا نادِيَ اليَومَ الَّذي أَعجَلَ النَوى | |
|
| نَلبُثَها حَتّى اِنطَوى مَعَها الوَصلُ |
|
لَعَلَّ وُجوهَ اللَيلِ تَثنى صُدورَهُ | |
|
| فَيَخرُجَ مِن حَدِّ السُهادِ بِنا الأَصلُ |
|
تَفَرَّقُ في العَينِ الدُموعُ وَتارَةً | |
|
| يُؤَلِّفُها الإِلفُ الَّذي حَلَّفَت جُملُ |
|
هُوَ الشَوقُ مَصروفُ السُلُوِّ وَدونَهُ | |
|
| أَحاديثُ إِذكارِ الفُؤادِ بِها خَبلُ |
|
فَدَع قَلبَهُ وَالنَأيَ لا يَذكُرُ الهَوى | |
|
| لَيالِيَ يَلقاهُ بِأَترابِهِ الشَملُ |
|
خَرَجنَ خُروجَ الأَنجُمِ الزُهرِ وَاِلتَقَت | |
|
| عَلَيهِنَّ مِنهُنَّ المَلاحَةُ وَالشَكلُ |
|
تَبَسَّمنَ فَاِستَضحَكنَ طامِسَةَ الدُجا | |
|
| عَنِ الصُبحِ وَالظَلماءُ أَوجُهُها طُحلُ |
|
خَفينَ عَلى غَيبِ الظُنونِ وَغَصَّتِ ال | |
|
| بُرَينُ فَلَم يَنطِق بِأَسرارِها حِجلُ |
|
وَلَمّا تَلاقَينا قَضى اللَيلُ نَحبَهُ | |
|
| بِوَجهٍ لِوَجهِ الشَمسِ مِن مائِهِ المَحلُ |
|
أَرِبنا بِأَلحاظِ العُيونِ وَبَينَنا | |
|
| عَفافٌ وَتَكذيبٌ لِمّا يَأثُرُ المَحلُ |
|
كَأَنَّ الثُرَيّا فَورَها وَسُكونَها | |
|
| نُجومٌ جَلاها الفَجرُ فَاِحتازَها أَفلُ |
|
طَوَيتُ بِها شَرخَ الشَبابِ فَحاجَزَت | |
|
| قَريباً وَجِلبابُ الصِبا خَلَقٌ رَذلُ |
|
وَخَضراءَ يَدعو شَجوَ مُكِّيِّها الصَدى | |
|
| إِذا نَسَفَتها الريحُ ريحانُها شُعلُ |
|
سَقاها الثَرى ماءَ النَدى وَأَسَرَّها | |
|
| مِنَ القَيظِ حَتّى أَمرَعَ السارِحَ الرَبلُ |
|
إِذا دَرَجَت فيها الجَنوبُ تَعانَقَت | |
|
| بِها سامِقاتُ الزَهرِ وَاِصطَحَبَ البَقلُ |
|
كَساها الخَلا الرَسمِيُّ مِن كُلِّ جانِبٍ | |
|
| طَرائِقَ حَتّى سودُ حَوزاتِها شُهلُ |
|
تَحَلَّبَ مِنها مُستَسِرٌّ مِنَ النَدى | |
|
| بِريحِ الصِبا وَالرَوضُ أَعيُنُهُ خُضلُ |
|
أَنَختُ بِها وَالشَمسُ تَنعِقُ بِالضُحى | |
|
| وَما صاحِبي إِلّا المُدامَةُ وَالجَحلُ |
|
إِذا شِئتُ حَيّاني الثَرى بِنَباتِهِ | |
|
| وَطالَعَني في رَوضِهِ العُصُمُ العُقلُ |
|
تَراخَينَ دوني ثُمَّ أَوجَسنَ وَطأَةً | |
|
| فَأَتلَعنَ كُحلاً مُستَراباً لَها الكُحلُ |
|
وَغَبراءَ لا يُسقي عَلى الخِمسِ رَكبُها | |
|
| قَطَعتُ وَريقُ الشَمسِ يَغلي بِهِ السَجلُ |
|
تَجاوَزتُها وَالآلُ مُستَنقِعٌ بِها | |
|
| كَنَّشرِ القَباطيِّ اِنتَضى ماءَها الغُسلُ |
|
وَمُلتَجِبٍ بِالنَأيِ قَلبُ دَليلِها | |
|
| يَبيتُ بِها عَن بَيتِهِ الجابُ وَالصَعلُ |
|
لَقَيتُ الدُجى فيها وَلِلأَصلِ قُلعَةٌ | |
|
| وَمُحتَنِكُ الإِمساءِ مُقتَضَبٌ طِفلُ |
|
وَلَمّا تَعالى اللَيلُ شَقَّت بِنا السُرى | |
|
| جَلابيبَهُ حَتّى رَأى دُبرَهُ القُبلُ |
|
إِذا شِئتُ خَلَّفتُ الصَبا أَو صَحِبتُها | |
|
| بِوَجناءَ مَوصولٍ بِغارِبِها الرَحلُ |
|
أَتَتكَ المَطايا تَهتَدي بِمَطِيَّةٍ | |
|
| عَلَيها فَتاً كَالنَصلِ يُؤنِسُهُ النَصلُ |
|
وَرَدنَ خِلافَ اللَيلِ وَاللَيلُ مُصدِرٌ | |
|
| أَواخِرُهُ وَالفَجرُ عُريانُ أَو فُضلُ |
|
فَلَمّا نَحَينَ النورَ خَرَّينَ تَحتَهُ | |
|
| عَلى أَمَلٍ يُشجى بِهِ اليَأسُ وَالمَطلُ |
|
وَرَدنَ رِواقَ الفَضلِ فَضلِ بنِ جَعفَرٍ | |
|
| فَحَطَّ الثَناءَ الجَزلَ نائِلُهُ الجَزلُ |
|
فَتىً تَرتَعي الآمالُ مُزنَةَ جودِهِ | |
|
| إِذا كانَ مَرعاها الأَمانِيُّ وَالبُطلُ |
|
تُساقِطُ يُمناهُ نَدىً وَشِمالُهُ | |
|
| رَدىً وَعُيونُ القَولِ مَنطِقُهُ الفَضلُ |
|
أَلَحَّ عَلى الأَيّامِ يَفري خُطوبَها | |
|
| عَلى مَنهَجٍ أَلفى أَباهُ بِهِ قَبلُ |
|
عَجولٌ إِلى ما يودِعُ الحَمدَ مالَهُ | |
|
| يَعُدُّ النَدى غُنماً إِذا اِغتُنِمَ البُخلُ |
|
كَأَنَّ نَعَم في فيهِ يَجري مَكانَها | |
|
| سُلالَةُ ما مَجَّت لِأَفراخِها النَحلُ |
|
جَرى مُذ حَواهُ المَهدُ في شَأوِ جَعفَرٍ | |
|
| إِلى غايَةٍ يَتلو المِثالَ الَّذي يَتلو |
|
حَمولاً لِعِبوِ الدَهرِ يَنهَضُ عَفوُهُ | |
|
| بِهِ مُستَقِلّاً حينَ لا يُحمَلُ الثِقلُ |
|
إِذا أَغمَدَت هِمّاتُهُ خَطباً اِغتَدَت | |
|
| عَلى مُنتَضى رَأيٍ مُمَرٍّ بِهِ السَحلُ |
|
كَأَنَّ مَجالَ العَينِ مِنهُ وَقَلبَهُ | |
|
| وَغُرَّتَهُ نَصلٌ حَماهُ الصَدى الصَقلُ |
|
أَنافَ بِهِ العَلياءَ يَحيى وَجَعفَرٌ | |
|
| فَلَيسَ لَهُ مِثلٌ وَلا لَهُما مِثلُ |
|
فُروعٌ تَلَقَّتها المَغارِسُ فَاِعتَلى | |
|
| بِها عاطِفاً أَعناقَها قَصدَهُ الأَصلُ |
|
لَهُم هَضبَةٌ تَأوي إِلى ظِلِّ بَرمَكٍ | |
|
| مَنوطاً بِها الآمالُ أَطنابُها السُبلُ |
|
أَقَرَّت عَلَيهِم نِعمَةَ اللَهِ نِعمَةٌ | |
|
| لَهُم في رِقابِ الناسِ لَيسَ لَها نَقلُ |
|
وَقَوا حُرَمَ الأَعراضِ بِالبيضِ وَالنَدى | |
|
| فَأَموالُهُم نَهبٌ وَأَعراضُهُم بَسلُ |
|
حُبّاً لا يَطيرُ الجَهلُ في عَذَباتِها | |
|
| إِذا هِيَ حَلَّت لَم يَفُت حَلَّها ذَحلُ |
|
جَرى آخِذاً يَحيى مُقَلَّدَ جَعفَرٍ | |
|
| وَصَلّى إِمامُ السابِقينَ اِبنُهُ الفَضلُ |
|
بِكَفِّ أَبي العَباسِ يُستَمطَرُ الغِنى | |
|
| وَتُستَنزَلُ النُعمى وَيُستَرعَفُ النَصلُ |
|
وَيُستَعطَفُ الأَمرُ الأَبِيُّ بِحَزمِهِ | |
|
| إِذا الأَمرُ لَم يَعطِفهُ نَقضٌ وَلا فَتلُ |
|
لَهُ سَطَواتٌ غِبُّها العَفوُ بَينَها | |
|
| فَوائِدُ يُحصى قَبلَ إِحصائِها الرَملُ |
|
تُسَلُّ سَخيماتُ الأَيّامِ مِن نَشرِ نِعمَةٍ | |
|
| تَراءَت لَهُ فيها صَنائِعُ ما تَخلو |
|
إِذا خَلَتِ الأَيّامُ مِن نَشرِ نِعمَةٍ | |
|
| تَراءَت لَهُ فيها صَنائِعُ ما تَخلو |
|
مَواهِبُ لَم تُغصَب فَتُعقَل بِمِثلِها | |
|
| وَلَكِن بَقِيّاتُ الثَناءِ لَها عَقلُ |
|
يُلَبّى مُنادي جَعفَرٍ وَاِبنِ جَعفَرٍ | |
|
| إِذا اِعتَرَتِ النَكباءُ وَاِحتَجنَ الوَيلُ |
|
بِعَينَيكَ آمالٌ تَروحُ وَتَغتَدى | |
|
| عَلى جودِهِ يَقتادُها القَولُ وَالفِعلُ |
|
إِذا ما أَبو العَبّاسِ حَلَّ بِبَلدَةٍ | |
|
| كَفاها الحَيا وَاِستَجهَلَ الخَوفُ وَالمَحلُ |
|
أَتَتكَ الأَمانِيُّ اِعتِباداً وَرَغبَةً | |
|
| بِرِجلٍ مِنَ الآمالِ يَتبَعُها رِجلُ |
|
تَبَسَّمَ عَنكَ المَهلُ في غايَةِ النَدى | |
|
| كَذَلِكَ يَحيى كانَ قَدَّمَهُ المَهلُ |
|
أَسَرَّتكَ آمالٌ فَنالَت بِكَ الغِنى | |
|
| وَجاءَتكَ أُخرى عَلُّها أَبَداً نَهلُ |
|
وَما خَوَّلَتكَ المَكرُماتُ سَجِيَّةً | |
|
| حُبيتَ بِها إِلّا وَأَنتَ لَها أَهلُ |
|
أَبوكَ اِستَرَدَّ الشامَ إِذ نَفَرَت بِهِ | |
|
| مُلَقَّحَةً شَعواءَ لَيسَ لَها بَعلُ |
|
بِجَيشٍ كَأَنَّ اللَيلَ بَعضُ حَديدِهِ | |
|
| تَهادى الرَدى فيهِ الفَوارِسُ وَالرَجلُ |
|
وَلَمّا تَناءَت بِالقَراباتِ مِنهُمُ | |
|
| حَوادِثُ تَمريها الوَقائِعُ وَالأَزلُ |
|
وَمالَت قَناةُ الدينِ فيهِم وَثُقِّفَت | |
|
| قَناةُ الرَدى وَاِستَعذَبَ المُهَجَ القَتلُ |
|
نَضى سَيفُهُ فيهِم بِحَقنِ دِمائِهِم | |
|
| وَسَفكِ دِماءٍ عِندَها ضَحِكَ التَبلُ |
|
أَقامَ عَلى أَقطارِها شاهِدُ الرَدى | |
|
| طَلَيعَةَ رَأيٍ غِبُّهُ العَفوُ وَالبَذلُ |
|
إِذا شاءَ أَعطَتهُ الأُنوفَ مَقودَةً | |
|
| صَوارِمُ بيضٍ أَو رُدَينِيَّةٌ ذُبلُ |
|
هُنالِكَ أَضحَكنَ العِدى عَن نُفوسِها | |
|
| وَقَد ضَحِكَت دَهياءُ أَنيابُها عُصلُ |
|
مَرى لَهُمُ خِلفَينِ بِالحَتفِ وَالنَدى | |
|
| لِكُلِّ يَدٍ مِن نَزعِ ساعِدِها سَجلُ |
|
بَعيدُ الرِضى لا يَستَميلُ بِهِ الهَوى | |
|
| وَلا يَتَعاطى الجِدَّ مِن رَأيِهِ الهَزلُ |
|
إِذا اِفتَرَّتِ الثَغرَ الخُطوبُ اِنبَرى لَها | |
|
| بِعابِسَةٍ مُفتَرُّها الأَسرُ وَالقَتلُ |
|
وَتَستَغرِقُ الشورى بَديهَةُ رَأيِهِ | |
|
| وَإِن كانَ مَضروباً عَلى قَلبِهِ الشُغلُ |
|
شِهابُ أَميرُ المُؤمِنينَ الَّذي بِهِ | |
|
| أَضاءَ عَمودُ القَصدِ وَاِحتَزَبَ العَدلُ |
|
إِذا ضُيِّعَ الرَأيُ اِستَشَفَّ كَأَنَّهُ | |
|
| شَواهِقُ رَضوى لَيسَ في خُلقِهِ دَخلُ |
|
رَقيبٌ عَلى غَيبِ الأُمورِ وَرَجمِها | |
|
| بِرَأيٍ قَويمٍ مِنهُ ما الغَصبُ وَالخَتلُ |
|
يَقومُ بِباغي الدينِ يَحيى وَجَعفَرٌ | |
|
| إِذا لُحِيَ الإِسلامُ وَاِضطَرَبَ الحَبلُ |
|
مَتّى شِئتَ رَفَّعتَ الرِواقَ عَلى الغِنى | |
|
| إِذا أَنتَ زُرتَ الفَضلَ أَو أَذِنَ الفَضلُ |
|