قَدِ اِطَّلَعتَ عَلى سِرّي وَإِعلاني | |
|
| فَإِذهَب لِشَأنِكَ لَيسَ الجَهلُ مِن شاني |
|
إِنَّ الَّتي كُنتُ أَنحو قَصدَ شِرَّتِها | |
|
| أَعطَت رِضىً وَأَطاعَت بَعدَ عِصيانِ |
|
حَسبي بِما أَدَّتِ الأَيّامُ تَجرِبَةً | |
|
| سَعى عَلَيَّ بِكَأسَيها الجَديدانِ |
|
دَلَّت عَلى عَيبِها الدُنيا وَصَدَّقَها | |
|
| ما اِستَرجَعَ الدَهرُ مِمّا كانَ أَعطاني |
|
إِما تَرَيني أُزجّي العيسَ مُنتَظِراً | |
|
| وَعدَ المُنى أَرتَعي في غَيرِ أَوطاني |
|
فَقَد أَروحُ نَديمَ الدَهرِ يَمزُجُ لي | |
|
| كَأسَ الهَوى وَيُحَيِّني بِرَيحانِ |
|
سائِل جَديدَ الهَوى هَل كُنتُ أُخلِقُهُ | |
|
| إِذ لِلصِبى مُهجَةٌ تَمشي بِجُثماني |
|
أَيّامَ لِلعَذلِ إِكثارٌ وَمَعصِيَّةٌ | |
|
| وَالراحُ تُسرِعُ في عَقلي وَأَحزاني |
|
لا أُوحِشُ الخِدرَ مِن شَخصي وَبَيضَتَهُ | |
|
| وَلا أُوَحِّدُ بِالصَهباءِ نُدماني |
|
وَلَيلَةٍ ما يَكادُ النَجمُ يَسهَرُها | |
|
| سامَرتُها بِقَتولِ الدَلِّ مِفتانِ |
|
إِذا أَطاعَت عَصاها ثِقلُ رادِفِها | |
|
| كَالدِعصِ يَفرَعُهُ غُصنٌ مِنَ البانِ |
|
كَأَنَّها بَعدَ ما قامَ الصَباحُ بِها | |
|
| وَسنى تَمَشَّت بِها أَعطافُ نَشوانِ |
|
وَلَّت كَما اِنسابَ ثُعبانٌ وَقَد نَهَضَت | |
|
| إِلّا وَقيذَةَ أَردافٍ وَأَركانِ |
|
أَدرَكتُ في الدَهرِ أَيّاماً بَلَغتُ بِها | |
|
| رِضى الشَبابِ الَّذي قَد كانَ عاصاني |
|
سَعَت عَلَيَّ لَياليها بِزائِرَةٍ | |
|
| زَفَّ الكَرى طَيفَها وَهناً فَحَيّاني |
|
باتَت تَأَبّى وَما تَدري بِما صَنَعَت | |
|
| بِنائِمٍ وَرَّثَتهُ سُؤلَ يَقظانِ |
|
فَالآنَ أَقصَرتُ إِذ رَدَّ الزَمانُ يَدي | |
|
| وَنافَرَتني اللَيالي بَعدَ إِذعانِ |
|
حاشى لِعَينَيَّ أَن تَفنى دُموعُهُما | |
|
| عَلى هَوى نازِحٍ أَو نَأيَ جيرانِ |
|
ما كُنتُ أَدَّخِرُ الشَكوى لِحادِثَةٍ | |
|
| حَتّى اِبتَلى الدَهرُ أَسراري فَأَشكاني |
|
إِلى الأَمامِ تَهادانا بِأَرحُلِنا | |
|
| خَلقٌ مِنَ الريحِ في أَشباحِ ظُلمانِ |
|
كَأَنَّ إِفلاتَها وَالفَجرُ يَأخُذُها | |
|
| إِفلاتُ صادِرَةٍ عَن قَوسِ حُسبانٍ |
|
نَستَودِعُ اللَيلَ أَسرارَ الهُمومِ إِذا | |
|
| باحَ النُعاسُ بِعَجزِ الصاحِبِ الواني |
|
تَهوى بِأَشعَثَ لَو يَسطيعُ أَعقَبَها | |
|
| تَفري مَجاهِلَ غيطانٍ لِغيطانِ |
|
قَضَت عَلى اللَيلِ بِالإِدلاجِ هِمَّتُهُ | |
|
| فَقَدَّهُ بِسَؤُورِ اللَيلِ مِذعانِ |
|
تَلَوَّمَ الصُبحُ فيهِ ثُمَّ قَوَّضَهُ | |
|
| وَاِرتَدَّ وَجهُ النَهارِ الفاقِعِ القاني |
|
يَنسابُ في اللَيلِ لا يَرعى لِهاجِسِهِ | |
|
| كَأَنَّهُ راكِبٌ في رَأسِ ثُعبانِ |
|
لَم يُغمِدِ السَيفَ مُذ نيطَت حَمائِلُهُ | |
|
| يَوماً وَلا سَلَّهُ إِلّا عَلى جانِ |
|