يا قوم إن العدى قد هاجموا الوطنا |
فانضُوا الصوارم واحموا الأهل والسكَنا |
واستنفروا لعدوّ الله كل فتىً |
ممن نأى في أقاصي أرضكم ودنا |
واستنهضوا من بني الإسلام قاطبةً |
من يسكُن البدو والأريافُ والمُدُنا |
واستقتلوا في سبيل الذَود عن وطن |
به تقيمون دين الله والسُننا |
واستلئموا للعدى بالصبر واتخذوا |
صدق العزائم في تدميرهم جُنَنا |
واستنكفوا في الوغى أن تلبسوا أبداً |
عار الهزيمة حتى تلبَسوا الكفنا |
إن لم تموتوا كرماً في مواطنكم |
مِتِّم أذلاء فيها مِيتة الجُبَنا |
لا عذر للمسلمين اليوم إن وَهَنُوا |
في هوشة ذلّ فيها كل مَن وَهَنا |
ولا حياة لهم من بَعدُ أن جَبُنوا |
كلاّ وأي حياة للذي جَبُنا |
عار على المسلمين اليوم أنهم |
لم ينقذوا مصر أو لم ينقذوا عدنا |
قل للحسينين في مصر رويدكما |
قد خُنتما الله والإسلام والوطنا |
شايعتما الإنكَليز اليوم عن سَفَهٍ |
تالله ما كان هذا منكما حسنا |
قد بِعتَما الدين بالدنيا مجازفة |
فكنتما في البرايا شّر مَن غُبِنا |
لا تفرحا بالوسامَين اللذين هما |
طَوقا إسارة مصر فيكما اقترنا |
قد مَثّلا منكما للناس قاطبةً |
عِجلاً أضلّ الورى من قبل أو وثنا |
ما ازدان صدراكما شيئاً بحَملهما |
بل أصبحا في كلا صدريكما دَرَنا |
إن الحميّة لم تنظر بمُقلتها |
إلى وسامَيكما إلاّ بكت حَزَنا |
ما كان أغلاهما إذ قد غدت لهما |
خزائن النيل في أيدي العدى ثمنا |
ستندمان ولا يُجديكما أبداً |
أن تَقرعا السنّ أو أن تقبضا الذقَنَا |
هذي جيوش بني التوحيد زاحفة |
على العدى وعلى من ضلّ مفتتنا |
لتُرسلّنّ عليكم كل راعدة |
تهمى الدماء وتَمريها ظُبيٌ وقَنا |
حتى تعود إلى مصر كرامتها |
ويطهر النيل من ماءٍ به أجِنا |
لا زلت يا وطن الإسلام منتصراً |
بالجيش يزحف من أبنائك الأمنا |
يَرُدّ عنك يد الأعداء خاسرةً |
ويكشف الغَمّ عن أُفقَيك والمِحنا |
سعدَيك من وطن جلّت مفاخره |
عن الزوال فلا تَخشى بلىً وفنا |
تالله إن معاليك التي سَلَفَت |
تُعيي الفصاحة والتبيان واللَسنا |
كم قد أقمت على الأيام من شرف |
لنا وأنبَتَ من نبع العلاء غُصُنا |
إنا نحبّك حبّاً لا انتهاء له |
يستغرق الأرض والأكوان والزمنا |
نَفديك منا بأرواح مطهّرة |
أخلصن لله فيك السرّ والعّلّنا |
إذا دهتك من الأيام داهية |
فلا رعى الله عيناً تألف الوَسَنا |
وإن فتنت بإحدى المزعجات نُرِق |
منّا الدماء إلى أن نُخمد الفِتَنا |
فقرّ عيناً وطِب نفساً وعش أبداً |
وفُز بما شئت من حمد وطيب ثنا |
ورب مستصحب لي قال يُخبرني |
إن العدوّ إلى أرض العراق دنا |
فقلت دع عنك هذا إنه خبرٌ |
سواه يَبعث في أحشائي الشَجَنا |
إن صحّ أن العدوّ اليوم مقترب |
إلى العراق فقد أكدى وقد أفنا |
إن العراق لعمر الله مسبعة |
تَواثبُ الأسد فيه من هنا وهنا |
دون الوصول إليه كلّ مُشعِلَة |
شعواء تترك وجه الشمس مَكتمنا |
فإن فيه رجالاً من بني مضر |
إذا تحارب لا تستشفع الهُدَنا |
قوم لَقاح أبَوْا أن يخضعُوا أبداً |
إلى الملوك وإن أعطَوهم المُؤَنا |
تحمَّلوا كل عبءٍ في حياتهم |
إلا الصَغار وإلا الضيم والمِننا |
لو أن أُمّاتهم مَنّت على أحد |
منهم بألبانها لم يشربوا اللبنا |
هم المغاوير إن صالوا بمَلحَمة |
فلا يرون لهم غير المَنون مُنى |
بَنْوا فأعلَوْا بناء المجد فارتفعوا |
به على كل مَن قد شاده وبنى |
فكيف تقعد عن حرب العدى فئة |
أبت سوى العز مأوىً والعلا وُكَنا |