ابنوا المدارس واستقصوا بها الأملا |
حتى نُطاول في بنيانها زُحلا |
جودوا عليها بما دَرَّت مكاسِبُكم |
وقابلوا باحتقار كل من بَخِلا |
أن كان للجهل في أحوالنا عِلَل |
فالعلم كالطبّ يَشْفي تلكم العِللا |
سيروا إلى العلم فيها سَير معتَزِم |
ثم أركبوا الليل في تحصيله جَمَلا |
لا تجعلوا العلم فيها كل غايتكم |
بل علّموا النَشء علماً ُينتج العملا |
هذي مدارسكم شَروَى مزارعكم |
فأنبتوا في ثراها ما علا وغلا |
لا تتركوا الشَوك ينمو في مَنابتها |
أعني بذلكم الأهواء والنّحلا |
وأسّسوها على الأعمال قائمة |
مُمهِّدين إلى المَحْيا بها سُبُلا |
يلقى بها النشءُ للأعمال مختبراً |
وللطباع من الأدران مُغتسَلا |
وأمطروا روضها علما ومقدُرة |
حتى تُفتحّ من أزهارها الأملا |
فتُنبِت العالم الفنّان مخترعا |
وتنبت الفارس المِغوار والبطلا |
وتنبت الحارث الفلاّح مزدرعاً |
وتنبت المِدْرَه المِنطيق مرتجلا |
واسقوا المُتلمَذ فيها خمر مَكرُمة |
عن خمرة الكرم تُمسي عنده بدلا |
حتى إذا ما غدا خِرّيجها طَرِبا |
من عزّة النفس خيل الشارب الثَمِلا |
ربّوا البنين مع التعليم تربية |
يُمسي بها ناقص الأخلاق مُكتَمِلا |
وثقّفوهم بتدريب وتبصِرة |
ثقافة تجعل المُعوَجّ معتدلا |
وجنّبوهمِ على فعل معاقَبةً |
أن العقاب إذا كرّرته قتلا |
أن العقاب يزيد النفس شِرَّتها |
وليس يُنْكِر هذا غير مَن جهِلا |
بل أنشِئوا ناشىء الأحداث وهو على |
حبّ الفضيلة في مَحْياه قد جُبِلا |
بحيث يُمسي إذا شانته شائنة |
من فعله أحمرّ منها وجهه خجلا |
من يتركِ الشر خوفاً من معاقبة |
فليس يحسب ذا فضل وأن فضَلا |
فجّيِشوِا جيش علم من شبيبتنا |
عرمرماً تضرِب الدنيا به المثلا |
أن قام للحَرْث ردّ الأرض مُمرعة |
أو قام للحرب دكّ السهل والجبَلا |
وأن غزا مستظِلاً ظلّ رايته |
هزّ البلاد وأحيا الأعصُر الأُولا |
أنّا لمن أمة في عهد نهضتها |
بالعلم والسيف قبلاً أنشأت دولا |
هذا هو العلم لا ما تَدْأبون له |
مما تكون به عقباكم الفشلا |
ماذا تقولون في نقدي مناهجكم |
وقد كفَيْتكم التفضيل والجُمَلا |
وأيّ نفع لمن يأتي مدارسكم |
أن كان يخرج منها مثلما دخلا |
فأجمِعوا الرأيَ فيما تعلمون به |
ثم أعلموا بنشاط يُنكِر المللا |
ثم أنهجوا في بلاد العُرْب أجمعها |
نهجاً على وحدة التعليم مُشتملا |
حتى إذا ما انْتَدْبنا العرب قاطبة |
كنّا كأنّا انتدبنا واحداً رجلا |