عندي حديث عن دمشق فأنصتوا |
فلقد رأيت اليوم طيف خيالها |
شاهدتها والغُلّ ناهز قُرطها |
والقيد مشدود على خَلخالها |
إذ ترسل النظرات في أطرافها |
حيث ابن هند قائم بحيالها |
وأبو عبيدة واقف بيمينها |
وابن الوليد تجاهه بشمالها |
وسيوفهم بأكُفّهم مسلولة |
والنار تلهب من شِفار نصالها |
في ساحة بثّ الأعادي حولها |
زُمَراً تموج بخيلها ورجالها |
شاهدتها والحزن فوق جبينها |
يحكي سواداً فوقه من خالها |
ترنو وقد عقد المُصاب لسانها |
فشكت مصيبتها بمنطق حالها |
جَور العدى أزرى بغضّ جمالها |
فذوى وما أزرى بعزّ جلالها |
ولقد سمعت أبا يزيد هاتفاً |
بمقالة دُهش العدى بمآلها |
صُبُّوا لَظاكم في طَريّ جمالها |
إني افتديت جلالها بجمالها |
هي حرّة تأبى المَذَلّة نفسُها |
والدهر أجمعُ عَيّ عن إذلالها |
ثم انتحى بالسيف أرضاً حولها |
جَلَداً فخطّ بها خطوط مثالها |
وغدا به ضرباً على أغلالها |
وعلى قيود الرجل من تمثالها |
فَعَلت بقامتها وفك أسارها |
وانبتّ منقطعاً وثيق عقالها |
فمشَوا ثلاْثتهم بها وسيوفهم |
شُبِّكْنَ كالاكليل فوق قَذالها |
فكأنما هي قَيْلة قد أبررت |
تحت اللوامع من ظُبى أقيالها |
هذي هي الرؤيا وهل تعبيرها |
إلاّ دمشق تفوز باستقلالها |
فليعلم اللؤماء من أعدائنا |
أن البلاد عزيزة برجالها |
فرجالها أسمى الورى وطنية |
وأشدهم صبراً بيوم نضالها |
فإذا دعتهم للوغى أوطانهم |
كانوا الكُماة الشُوس من أبطالها |
أرجال كتلتها هنيئاً للعلا |
في الدهر أنكم بُغاة وصالها |
أولى البرية بالسيادة أمة |
تسمو بوحدتها على أمثالها |
ومَن افتدت أوطانها بدمائها |
وبآخر الرَبَوات من أموالها |
وإذا التفرُّق دبّ بين صفوفها |
باتت مَهدَّدة العلا بزوالها |
يا قوم فَلْنَكُ أمةً كجدودنا |
أفعالها تُربي على أقوالها |