تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ سَمِيرَةَ زَائِرٌ | |
|
| وَمَا الطَّيْفُ إِلَّا مَا تُريهِ الْخَوَاطِرُ |
|
طَوَى سُدْفَةَ الظَّلْمَاءِ وَاللَّيْلُ ضَارِبٌ | |
|
| بِأَرْوَاقِهِ وَالنَّجْمُ بِالأُفْقِ حَائِرُ |
|
فَيَا لَكَ مِنْ طَيْفٍ أَلَمَّ وَدُونَهُ | |
|
| مُحِيطٌ مِنَ الْبَحْرِ الْجَنُوبِيِّ زَاخِرُ |
|
تَخَطَّى إِليَّ الأَرْضَ وَجْدَاً وَمَا لَهُ | |
|
| سِوَى نَزَواتِ الشَّوقِ حَادٍ وَزَاجِرُ |
|
أَلَمَّ وَلَمْ يَلْبَثْ وَسَارَ وَلَيْتَهُ | |
|
| أَقَامَ وَلَوْ طَالَتْ عَلَيَّ الدَّيَاجِرُ |
|
تَحَمَّلَ أَهْوَالَ الظَّلامِ مُخَاطِراً | |
|
| وَعَهْدِي بِمَنْ جَادَتْ بِهِ لا تُخَاطِرُ |
|
خُمَاسِيَّةٌ لَمْ تَدْرِ مَا اللَّيْلُ وَالسُّرَى | |
|
| وَلَمْ تَنْحَسِرْ عَنْ صَفْحَتَيْهَا السَّتَائِرُ |
|
عَقِيلَةُ أَتْرَابٍ تَوَالَيْنَ حَوْلَهَا | |
|
| كَمَا دَارَ بِالْبَدْرِ النُّجُومُ الزَّواهِرُ |
|
غَوَافِلُ لا يَعْرِفْنَ بُؤْسَ مَعِيشَةٍ | |
|
| وَلا هُنَّ بِالْخَطْبِ الْمُلِمِّ شَواعِرُ |
|
تَعَوَّدْنَ خَفْضَ الْعَيْشِ فِي ظِلِّ وَالِدٍ | |
|
| رَحِيمٍ وَبَيْتٍ شَيَّدَتْهُ الْعَنَاصِرُ |
|
فَهُنَّ كَعُنْقُودِ الثُّرَيَّا تَأَلَّقَتْ | |
|
| كَواكِبُهُ فِي الأُفْقِ فَهْيَ سَوَافِرُ |
|
تُمَثِّلُهَا الذِّكْرَى لِعَيْنِي كَأَنَّنِي | |
|
| إِلَيْهَا عَلَى بُعْدٍ مِنَ الأَرْضِ نَاظِرُ |
|
فَطَوْرَاً أَخَالُ الظَّنَّ حَقَّاً وَتَارَةً | |
|
| أَهِيمُ فَتَغْشَى مُقْلَتَيَّ السَّمَادِرُ |
|
فَيَا بُعْدَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّتِي | |
|
| وَيَا قُرْبَ ما الْتَفَّتْ عَلَيهِ الضَّمائِرُ |
|
وَلَوْلا أَمَانِي النَّفْسِ وَهْيَ حَياتُهَا | |
|
| لَمَا طَارَ لِي فَوْقَ الْبَسِيطَةِ طَائِرُ |
|
فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ فَرَّقْنَ بَيْنَنَا | |
|
| فَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَاً إِلَى اللَّهِ صَائِرُ |
|
هِيَ الدَّارُ مَا الأَنْفَاسُ إِلَّا نَهَائِبٌ | |
|
| لَدَيْهَا وما الأَجْسَامُ إِلَّا عَقَائِرُ |
|
إِذَا أَحْسَنَتْ يَوْماً أَسَاءَتْ ضُحَى غَدٍ | |
|
| فَإِحْسَانُهَا سَيْفٌ عَلَى النَّاسِ جَائِرُ |
|
تَرُبُّ الْفَتَى حَتَّى إِذَا تَمَّ أَمْرُهُ | |
|
| دَهَتْهُ كَمَا رَبَّ الْبَهِيمَة جَازرُ |
|
لَهَا تَرَةٌ فِي كُلِّ حَيٍّ وَما لَهَا | |
|
| عَلَى طُولِ مَا تَجْنِي عَلَى الْخَلْقِ وَاتِرُ |
|
كَثِيرَةُ أَلْوَانِ الْوِدَادِ مَلِيَّةٌ | |
|
| بِأَنْ يَتَوَقَّاهَا الْقَرِينُ الْمُعَاشِرُ |
|
فَمَنْ نَظَرَ الدُّنْيَا بِحِكْمَةِ نَاقِدٍ | |
|
| دَرَى أَنَّهَا بَيْنَ الأَنَامِ تُقَامِرُ |
|
صَبَرْتُ عَلَى كُرْهٍ لِمَا قَدْ أَصَابَنِي | |
|
| وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْدُوحَةً فَهْوَ صَابِرُ |
|
وَما الْحِلْمُ عِنْدَ الْخَطْبِ وَالْمَرْءُ عَاجِزٌ | |
|
| بِمُسْتَحْسَنٍ كَالْحِلْمِ وَالْمَرْءُ قَادِرُ |
|
وَلَكِنْ إِذَا قَلَّ النَّصِيرُ وَأَعْوَزَتْ | |
|
| دَوَاعِي الْمُنى فَالصَّبْرُ فِيهِ الْمَعَاذِرُ |
|
فَلا يَشْمَتِ الأَعْدَاءُ بِي فَلَرُبَّمَا | |
|
| وَصَلْتُ لِمَا أَرْجُوهُ مِمَّا أُحَاذِرُ |
|
فَقَدْ يَسْتَقِيمُ الأَمْرُ بَعْدَ اعْوِجَاجِهِ | |
|
| وَتَنْهَضُ بِالْمَرْءِ الْجُدُوُد الْعَوَاثِرُ |
|
وَلِي أَملٌ فِي اللَّهِ تَحْيَا بِهِ الْمُنَى | |
|
| وَيُشْرِقُ وَجْهُ الظَّنِّ والْخَطْبُ كَاشِرُ |
|
وَطِيدٌ يَزِلُّ الْكَيْدُ عَنْهُ وَتَنْقَضِي | |
|
| مُجَاهَدَةُ الأَيَّامِ وَهْوَ مُثَابِرُ |
|
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَرْكَنْ إِلَى اللَّهِ فِي الَّذِي | |
|
| يُحَاذِرُهُ مِنْ دَهْرِهِ فَهْوَ خَاسِرُ |
|
وَإِنْ هُوَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى ما أَصَابَهُ | |
|
| فَلَيْسَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الْحَقِّ نَاصِرُ |
|
وَمَنْ لَمْ يَذُقْ حُلْوَ الزَّمَانِ وَمُرَّهُ | |
|
| فَمَا هُوَ إِلَّا طَائِشُ اللُّبِّ نَافِرُ |
|
وَلَوْلا تَكَالِيفُ السِّيَادَةِ لَمْ يَخِبْ | |
|
| جَبَانٌ وَلَمْ يَحْوِ الْفَضِيلَةَ ثَائِرُ |
|
تقلُّ دَوَاعِي النَّفْسِ وَهْيَ ضَعِيفَةٌ | |
|
| وَتَقْوَى هُمُومُ الْقَلْبِ وَهْوَ مُغَامِرُ |
|
وَكَيْفَ يَبِينُ الْفَضْلُ وَالنَّقْصُ فِي الْوَرَى | |
|
| إِذَا لَمْ تَكُنْ سَوْمَ الرِّجَالِ الْمَآثِرُ |
|
وَمَا حَمَلَ السَّيْفَ الْكَمِيُّ لِزِينَةٍ | |
|
| وَلَكِنْ لأَمْرٍ أَوْجَبَتْهُ الْمَفَاخِرُ |
|
إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْمَعِيشَةَ مَطْلَبٌ | |
|
| فَكُلُّ زَهِيدٍ يُمْسِكُ النَّفْسَ جَابِرُ |
|
فَلَوْلا الْعُلا مَا أَرْسَلَ السَّهْمَ نَازِعٌ | |
|
| وَلا شَهَرَ السَّيْفَ الْيَمَانِيَّ شَاهِرُ |
|
مِنَ الْعَارِ أَنْ يَرْضَى الدَّنِيَّةَ مَاجِدٌ | |
|
| وَيَقْبَلَ مَكْذُوبَ الْمُنَى وَهْوَ صَاغِرُ |
|
إِذَا كُنْتَ تَخْشَى كُلَّ شَيءٍ مِنَ الرَّدى | |
|
| فَكُلُّ الَّذِي في الْكَوْنِ لِلنَّفْسِ ضَائِرُ |
|
فَمِنْ صِحَّةِ الإِنْسَانِ ما فِيهِ سُقْمُهُ | |
|
| وَمِنْ أَمْنِهِ مَا فَاجَأَتْهُ الْمَخَاطِرُ |
|
عَلَيَّ طِلابُ الْعِزِّ مِنْ مُسْتَقَرِّهِ | |
|
| وَلا ذَنْبَ لِي إِنْ عَارَضَتْنِي الْمَقَادِرُ |
|
فَمَا كُلُّ مَحْلُولِ الْعَرِيكَةِ خَائِبٌ | |
|
| وَلا كُلُّ مَحْبُوكِ التَّرِيكَةِ ظَافِرُ |
|
فَمَاذَا عَسَى الأَعْدَاءُ أَنْ يَتَقَوَّلُوا | |
|
| عَليَّ وعِرْضِي نَاصِحُ الْجَيْبِ وَافِرُ |
|
فَلِي فِي مرَادِ الْفَضْلِ خَيْرُ مَغَبَّةٍ | |
|
| إِذَا شَانَ حَيَّاً بِالْخِيَانَةِ ذَاكِرُ |
|
مَلَكْتُ عُقَابَ المُلكِ وَهْيَ كَسِيرَةٌ | |
|
| وَغَادَرْتُهَا فِي وَكْرِهَا وَهْيَ طَائِرُ |
|
وَلَوْ رُمْتُ مَا رَام امْرُؤٌ بِخِيَانَةٍ | |
|
| لَصَبَّحنِي قِسْطٌ مِنَ الْمَالِ غَامِرُ |
|
وَلَكِنْ أَبَتْ نَفْسِي الْكَرِيمَةُ سَوْأَةً | |
|
| تُعَابُ بِهَا والدَّهْرُ فِيهِ الْمعايِرُ |
|
فَلا تَحْسَبَنَّ الْمَالَ يَنْفَعُ رَبَّهُ | |
|
| إِذَا هُوَ لَمْ تَحْمَدْ قِرَاهُ العَشَائِرُ |
|
فَقَدْ يَسْتَجِمُّ الْمَالُ وَالْمَجْدُ غَائِبٌ | |
|
| وَقَدْ لا يَكُونُ الْمَالُ والْمَجْدُ حاضِرُ |
|
وَلَوْ أَنَّ أَسْبَابَ السِّيَادَةِ بِالْغِنَى | |
|
| لَكَاثَرَ رَبَّ الْفَضْلِ بِالْمَالِ تَاجِرُ |
|
فَلا غَرْوَ أَنْ حُزْتُ الْمَكَارِمَ عَارِياً | |
|
| فَقَدْ يَشْهَدُ السَّيْفُ الْوَغَى وَهْوَ حَاسِرُ |
|
أَنَا الْمَرءُ لا يَثْنِيهِ عَنْ دَرَكِ الْعُلا | |
|
| نَعِيمٌ وَلا تَعْدُو عَلَيْهِ الْمَفَاقِرُ |
|
قَؤُولٌ وَأَحْلامُ الرِّجَالِ عَوَازِبٌ | |
|
| صَؤُولٌ وَأَفْوَاهُ الْمَنَايَا فَوَاغِرُ |
|
فَلا أَنَا إِنْ أَدْنَانِيَ الْوَجْدُ بَاسِمٌ | |
|
| وَلا أَنَا إِنْ أَقْصَانِيَ الْعُدْمُ بَاسِرُ |
|
فَمَا الْفَقْرُ إِنْ لَمْ يَدْنَسِ الْعِرْضُ فَاضِحٌ | |
|
| وَلا الْمَالُ إِنْ لَمْ يَشْرُفِ الْمَرْءُ سَاتِرُ |
|
إِذَا ما ذُبَابُ السَّيفِ لَمْ يَكُ مَاضِياً | |
|
| فَحِلْيَتُهُ وَصْمٌ لَدَى الْحَرْبِ ظَاهِرُ |
|
فَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَصْبَحْتُ فَلَّ رَزِيَّةٍ | |
|
| تَقَاسَمَهَا فِي الأَهْلِ بَادٍ وحَاضِرُ |
|
فَكَمْ بَطَلٍ فَلَّ الزَّمَانُ شَبَاتَهُ | |
|
| وَكَمْ سَيِّدٍ دَارتْ عَلَيْهِ الدَّوائِرُ |
|
وَأَيُّ حُسَامٍ لَمْ تُصِبْهُ كَلالَةٌ | |
|
| وَأَيُّ جَوَادٍ لَمْ تَخُنْهُ الْحَوافِرُ |
|
فَسَوْفَ يَبِينُ الحَقُّ يَوْماً لِنَاظِرٍ | |
|
| وَتَنْزُو بِعَوْرَاءِ الْحقُودِ السَّرائِرُ |
|
وَمَا هِيَ إِلَّا غَمْرَةٌ ثُمَّ تَنْجَلِي | |
|
| غَيَابَتُهَا وَاللَّهُ مَنْ شَاءَ نَاصِرُ |
|
فَقَدْ حَاطَني في ظُلْمَةِ الْحَبْسِ بَعْدَما | |
|
| تَرَامَتْ بِأَفْلاذِ الْقُلُوبِ الْحَنَاجِرُ |
|
فَمَهْلاً بَنِي الدُّنْيا عَلَيْنَا فَإِنَّنَا | |
|
| إِلَى غَايَةٍ تَنْفَتُّ فِيهَا الْمَرائِرُ |
|
تَطُولُ بِهَا الأَنْفَاسُ بُهْراً وَتَلْتَوِي | |
|
| عَلَى فَلْكَةِ السَّاقَيْنِ فِيهَا الْمآزِرُ |
|
هُنَالِكَ يَعْلُو الْحَقُّ وَالْحَقُّ وَاضِحٌ | |
|
| وَيَسْفُلُ كَعْبُ الزُّورِ وَالزُّورُ عَاثِرُ |
|
وَعَمَّا قَلِيلٍ يَنْتَهِي الأَمْرُ كُلُّهُ | |
|
| فَمَا أَوَّلٌ إِلَّا وَيَتْلُوهُ آخِرُ |
|