بِنَاظِرِكَ الْفَتَّانِ آمَنْتُ بِالسِّحْرِ | |
|
| وَهَلْ بَعْدَ إِيمَانِ الصَّبَابَةِ مِنْ كُفْرِ |
|
فَلا تَعْتَمِدْ بِالْهَجْرِ قَتْلَ مُتَيَّمٍ | |
|
| فَإِنَّ الْمَنَايَا لا تَزِيدُ عَنِ الْهَجْرِ |
|
فَلَوْلاكَ مَا حَلَّ الْهَوَى قَيْدَ مَدْمَعِي | |
|
| وَلا شَبَّ نِيرَانَ اللَّواعِجِ فِي صَدْرِي |
|
وَإِنِّي عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ لَصَابِرٌ | |
|
| لعِلْمِيَ أَنَّ الْفَوْزَ مِنْ ثَمَرِ الصَّبْرِ |
|
فَلَيْتَ الَّذي أَهْدَى الْمَلامَةَ فِي الْهَوى | |
|
| تَوَسَّمَ خَيْرَاً أَوْ تَكَلَّمَ عَنْ خُبْرِ |
|
رَأَى كَلَفِي لا يَسْتَفِيقُ فَظَنَّ بِي | |
|
| هَنَاتٍ وَسُوءُ الظَّنِّ دَاعِيَةُ الْوِزْرِ |
|
وَمَاذَا عَلَيْهِ وَهْوَ خَالٍ مِنَ الْجَوَى | |
|
| إِذَا هِمْتُ شَوْقَاً أَوْ تَرَنَّمْتُ بِالشِّعْرِ |
|
فَإِنْ أَكُ مَشْغُوفَاً فَذُوا الْحِلْمِ رُبَّمَا | |
|
| أَطَاعَ الْهَوَى وَالْحُبُّ مِنْ عُقَدِ السِّحْرِ |
|
وَأَيُّ امْرِئٍ يَقْوَى عَلى رَدِّ لَوْعَةٍ | |
|
| إِذَا الْتَهَبَتْ أَرْبَتْ عَلَى وَهَجِ الْجَمْرِ |
|
عَلَى أَنَّنِي لَمْ آتِ في الْحُبِّ زَلَّةً | |
|
| تَغُضّ بِذِكْرِي فِي الْمَحَافِلِ أَوْ تُزْرِي |
|
وَلَكِنَّنِي طَوَّفْتُ فِي عَالَمِ الصِّبَا | |
|
| وَعُدْتُ وَلَمْ تَعْلَقْ بِفَاضِحَةٍ أُزْرِي |
|
سَجِيَّةُ نَفْسٍ آثَرَتْ مَا يَسُرُّهَا | |
|
| وَلِلنَّاسِ أَخْلاقٌ عَلَى وَفْقِها تَجْرِي |
|
مَلَكْتُ يَدِي عَنْ كُلِّ سُوءٍ ومَنْطِقِي | |
|
| فَعِشْتُ بَرِيءَ النَّفْسِ مِنْ دَنَسِ الْعُذْرِ |
|
وَأَحْسَنْتُ ظَنِّي بِالصَّدِيقِ وَرُبَّمَا | |
|
| لَقِيتُ عَدُوِّي بِالطَّلاقَةِ والْبِشْرِ |
|
فَأَصْبَحْتُ مَأْثُورَ الْخِلالِ مُحَبَّبَاً | |
|
| إِلَى النَّاسِ مَرْضِيَّ السَّرِيرَةِ والْهَجْرِ |
|
فَمَا أَنَا مَطْلُوبٌ بِوَتْرٍ لِمَعْشَرٍ | |
|
| وَلا أَنَا مَلْهُوفُ الْجَنَانِ عَلى وَتْرِ |
|
رَضِيتُ مِنَ الدُّنْيَا وإِنْ كُنْتُ مثْرِياً | |
|
| بِعِفَّةِ نَفْسٍ لا تَمِيلُ إِلَى الْوَفْرِ |
|
وَأَخْلَصْتُ للِرَّحْمَنِ فِي مَا نَوَيْتُهُ | |
|
| فَعَامَلَنِي بِاللُّطْفِ مِنْ حَيْثُ لا أَدْرِي |
|
إِذَا مَا أَرادَ اللهُ خَيْرَاً بِعَبْدِهِ | |
|
| هَدَاهُ بِنُورِ الْيُسْرِ فِي ظُلْمَةِ الْعُسْرِ |
|
فَيا بْنَ أَبِي وَالنَّاسُ أَبْنَاءُ واحِدٍ | |
|
| تَقَلَّدْ وَصَاتِي فَهْيَ لُؤْلُؤَةُ الْفِكْرِ |
|
إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَعِيدَاً فَلا تَكُنْ | |
|
| لَدُوداً وَلا تَدْفَعْ يَدَ اللِّينِ بِالْقَسْرِ |
|
وَلا تَحْتَقِرْ ذَا فَاقَةٍ فَلَرُبَّمَا | |
|
| لَقِيتَ بِهِ شَهْمَاً يُبِرُّ عَلى الْمُثْرِي |
|
فَرُبَّ فَقِيرٍ يَمْلأُ القَلْبَ حِكْمَةً | |
|
| وَرُبَّ غَنِيٍّ لا يَرِيشُ وَلا يَبْرِي |
|
وَكُنْ وَسَطاً لا مُشْرَئبَّاً إِلى السُّهَا | |
|
| وَلا قَانِعَاً يَبْغِي التَّزَلُّفَ بِالصُّغْرِ |
|
فَأَحْمَدُ أَخْلاقِ الْفَتَى مَا تَكَافَأَتْ | |
|
| بِمَنْزِلَةٍ بَيْنَ التَّوَاضُعِ وَالْكِبْرِ |
|
وَلا تَعْتَرِفْ بِالذُّلِّ فِي طَلَبِ الْغِنَى | |
|
| فَإِنَّ الْغِنَى فِي الذُلِّ شَرٌّ مِنَ الْفَقْرِ |
|
وَإِيَّاكَ وَالتَّسْلِيمَ بِالْغَيبِ قَبْلَ أَنْ | |
|
| تَرَى حُجَّةً تَجْلُو بِهَا غَامِضَ الأَمْرِ |
|
ودارِ الَّذي تَرْجُو وَتَخْشَى وِدَادَهُ | |
|
| وَكُنْ مِنْ مَوَدَّاتِ الْقُلُوبِ عَلَى حِذْرِ |
|
فَقَدْ يَغْدرُ الْخِلُّ الْوَفِيُّ لِهَفْوَةٍ | |
|
| وَيَحْلُو الرِّضَا بَعْدَ الْعَدَاوَةِ والشَّرِّ |
|
وَفِي النَّاسِ مَنْ تَلْقَاهُ فِي زِيِّ عَابِدٍ | |
|
| وَلِلْغَدْرِ فِي أحْشَائِهِ عَقْرَبٌ تَسْرِي |
|
إِذَا أَمْكَنَتْهُ فُرْصَةٌ نَزَعَتْ بِهِ | |
|
| إِلَى الشَّرِّ أَخْلاقٌ نَبَتْنَ عَلى غِمْرِ |
|
وَلا تَحْسَبَنَّ الْحِلْمَ يَمْنَعُ أَهْلَهُ | |
|
| وُقُوع الأَذَى فَالْمَاءُ وَالنَّارُ مِنْ صَخْرِ |
|
فَهَذِي وَصَاتِي فَاحْتَفِظْها تَفُزْ بِما | |
|
| تَمَنَّيْتَ مِنْ نَيْلِ السَّعَادَةِ في الدَّهْرِ |
|
فَإِنِّي امْرُؤٌ جَرَّبْتُ دَهْرِي وَزَادَنِي | |
|
| بِهِ خِبْرَةً صَبْرِي عَلَى الْحُلْوِ وَالْمُرِّ |
|
بَلَغْتُ مَدَى خَمْسِينَ وَازْدَدْتُ سَبْعَةً | |
|
| جَعَلْتُ بِهَا أَمْشِي عَلى قَدَمِ الْخِضْرِ |
|
فَكَيْفَ تَرَانِي الْيَوْمَ أَخْشَى ضَلالَةً | |
|
| وَشَيْبِيَ مِصْباحٌ عَلَى نُورِهِ أَسْرِي |
|
أَقُولُ بِطَبْعٍ لَسْتُ أَحْتَاجُ بَعْدَهُ | |
|
| إِلى الْمَنْهَلِ الْمَطْرُوقِ وَالْمَنْهَجِ الْوَعْرِ |
|
وَلِي مِنْ جَنانِي إِنْ عَزَمْتُ وَمِقْوَلي | |
|
| سِرَاجٌ وَعَضْبٌ ذَا يُضيئُ وَذَا يَفْرِي |
|
إِذَا جَاشَ طَبْعِي فَاضَ بِالدُّرِّ مَنْطِقِي | |
|
| وَلا عَجَبٌ فَالدُّرُّ يَنْشَأُ فِي الْبَحْرِ |
|
تَدَبَّرْ مَقَالِي إِنْ جَهِلْتَ خَلِيفَتِي | |
|
| لِتَعْرِفَنِي فَالسَّيْفُ يُعْرَفُ بِالأَثْرِ |
|
وَلا تَعْجَبَنْ مِنْ مَنْطِقِي إِنْ تَأَرَّجَتْ | |
|
| بِهِ كُلُّ أَرْضٍ فَهْوَ رَيْحَانَةُ الْعَصْرِ |
|
سَيَذْكُرُنِي بِالشِّعْرِ مَنْ لَمْ يُلاقِنِي | |
|
| وَذِكْرُ الفَتَى بَعْدَ الْمَمَاتِ مِنَ الْعُمْرِ |
|