عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > محمود سامي البارودي > تَرَحَّلَ مِنْ وَادِي الأَرَاكَةِ بِالْوَجْدِ

مصر

مشاهدة
4994

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

تَرَحَّلَ مِنْ وَادِي الأَرَاكَةِ بِالْوَجْدِ

تَرَحَّلَ مِنْ وَادِي الأَرَاكَةِ بِالْوَجْدِ
فَبَاتَ سَقِيماً لا يُعِيدُ وَلا يُبْدِي
سَقِيماً تَظَلُّ الْعَائِدَاتُ حَوَانِياً
عَلَيْهِ بِإِشْفَاقٍ وَإِنْ كَانَ لا يُجْدِي
يَخَلْنَ بِهِ مَسَّاً أَصَابَ فُؤَادَهُ
وَلَيْسَ بِهِ مَسٌّ سِوَى حُرَقِ الْوَجْدِ
بِهِ عِلَّةٌ إِنْ لَمْ تُصِبْهَا سَلامَةٌ
مِنَ اللهِ كَادَتْ نَفْس حَامِلِهَا تُرْدِي
وَمِنْ عَجَبِ الأَيَّامِ أَنِّي مُولَعٌ
بِمَنْ لَيْسَ يَعْنِيهِ بُكَائِي وَلا سُهْدِي
أَبِيتُ عَلِيلاً في سَرَنْدِيبَ سَاهِرَاً
أُعَالِجُ مَا أَلْقَاهُ مِنْ لَوْعَتِي وَحْدِي
أَدُورُ بِعَيْنِي لا أَرَى وَجْهَ صَاحِبٍ
يَرِيعُ لِصَوْتِي أَوْ يَرِقُّ لِمَا أُبْدِي
وَمِمَّا شَجَانِي بَارِقٌ طَارَ مَوْهِناً
كَمَا طَارَ مُنْبَثُّ الشَّرَارِ مِنَ الزَّنْدِ
يُمَزِّقُ أَسْتَارَ الدُّجُنَّةِ ضَوْؤُهُ
فَيَنْسِلُهَا مَا بَيْنَ غَورٍ إِلَى نَجْدِ
أَرِقْتُ لَهُ وَالشُّهْبُ حَيْرَى كَلِيلَةٌ
مِنَ السَّيْرِ وَالآفَاقُ حَالِكَةُ الْبُرْدِ
فَبِتُّ كَأَنِّي بَيْنَ أَنْيَابِ حَيَّةٍ
مِنَ الرُّقْطِ أَوْ في بُرْثُنَيْ أَسَدٍ وَرْدِ
أُقَلِّبُ طَرْفِي وَالنُّجُومُ كَأَنَّها
قَتِيرٌ مِنَ الْيَاقُوتِ يَلْمَعُ فِي سَرْدِ
وَلا صَاحِبٌ غَيْرُ الْحُسامِ مَنُوطَةٌ
حَمَائِلُهُ مِنِّي عَلَى عَاتِقٍ صَلْدِ
إِذَا حَرَّكَتْهُ رَاحَتي لِمُلِمَّةٍ
تَطَلَّعَ نَحْوِي يَشْرَئِبُّ مِنَ الْغِمْدِ
أَشَدُّ مَضَاءً مِنْ فُؤَادِي عَلَى الْعِدا
وَأَبْطَأُ نَصْرِي عَلَى الشَّوْقِ مِنْ فِنْدِ
أَقُولُ لَهُ وَالْجَفْنُ يَكْسُو نِجَادَهُ
دُمُوعاً كَمُرْفَضِّ الْجُمَانِ مِنَ الْعِقْدِ
لَقَدْ كُنْتَ لِي عَوْنَاً عَلَى الدَّهْرِ مَرَّةً
فَمَا لِي أَرَاكَ الْيَوْمَ مُنْثَلِمَ الْحَدِّ
فَقَالَ إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ سَوْرَةَ الْهَوَى
وَأَنْتَ جَلِيدُ الْقَوْمِ مَا أَنَا بِالْجَلْدِ
وَهَلْ أَنَا إِلَّا شِقَّةٌ مِنْ حَدِيدَةٍ
أَلَحَّ عَلَيْهَا الْقَيْنُ بِالطَّرْقِ وَالْحَدِّ
فَمَا كُنْتُ لَوْلا إِنَّنِي وَاهِنُ الْقُوَى
أُعَلَّقُ فِي خَيْطٍ وَأُحْبَسُ في جِلْدِ
فَدُونَكَ غَيْرِي فَاسْتَعِنْهُ عَلَى الجَوَى
وَدَعْنِي مِنَ الشَّكْوَى فَدَاءُ الْهَوَى يُعْدِي
خَلِيلَيَّ هَذَا الشَوْقُ لا شَكَّ قَاتِلِي
فَمِيلا إِلَى الْمِقْيَاسِ إِنْ خِفْتُمَا فَقْدِي
فَفِي ذَلِكَ الْوَادِي الَّذِي أَنْبَتَ الْهَوَى
شِفَائِي مِنْ سُقْمِي وَبُرْئِيَ مِنْ وَجْدِي
مَلاعِبُ لَهْوٍ طَالَمَا سِرْتُ بَيْنَهَا
عَلَى أَثَرِ اللَّذَّاتِ فِي عِيشَةٍ رَغْدِ
إِذَا ذَكَرَتْهَا النَّفْسُ سَالَتْ مِنَ الأَسَى
مَعَ الدَّمْعِ حَتَّى لا تُنَهْنَهُ بِالرَّدِّ
فَيَا مَنْزِلاً زَقْرَقْتُ ماءَ شَبيبَتِي
بِأَفْنَائِهِ بَيْنَ الأَرَاكَةِ والرَّنْدِ
سَرَتْ سَحَراً فَاسْتَقْبَلَتْكَ يَدُ الصَّبَا
بِأَنْفَاسِهَا وَانْشَقَّ فَجْرُكَ بِالْحَمْدِ
وَزَرَّ عَلَيْكَ الأُفْقُ طَوْقَ غَمَامَةٍ
خَضِيبَةِ كَفِّ الْبَرْقِ حَنَّانَةِ الرَّعْدِ
فَلَسْتُ بِنَاسٍ لَيْلَةً سَلَفَتْ لَنَا
بِوَادِيهِ والدُّنْيَا تَغُرُّ بِمَا تُسْدِي
إِذِ الْعَيْشُ رَيَّانُ الأَمَالِيدِ وَالْهَوَى
جَدِيدٌ وَإِذْ لَمْيَاءُ صَافِيَةُ الْوُدِّ
مُنَعَّمَةٌ لِلْبَدْرِ مَا فِي قِنَاعِهَا
وَلِلْغُصْنِ ما دَارَتْ بِهِ عُقْدَةُ الْبَنْدِ
سَبَتْنِي بِعَيْنَيْهَا وَقَالَتْ لِتِرْبِهَا
أَلا مَا لِهَذا الْغِرِّ يَتْبَعُنِي قَصْدِي
وَلَمْ تَدْرِ ذَاتُ الخَالِ وَالْحُبُّ فَاضِحٌ
بِأَنَّ الَّذِي أُخْفِيهِ غَيْرُ الَّذِي أُبْدِي
حَنَانَيْكِ إِنَّ الرَّأْيَ حَارَ دَلِيلُهُ
فَضَلَّ وَعادَ الْهَزْلُ فِيكِ إِلَى الْجِدِّ
فَلا تَسْأَلِي مِنِّي الزِّيَادَةَ في الْهَوَى
رُوَيْداً فَهَذَا الْوَجْدُ آخِرُ مَا عِنْدِي
وَهَأَنَا مُنْقَادٌ كَمَا حَكَمَ الْهَوَى
لأَمْرِكِ فَاخْشَيْ حُرْمَةَ اللهِ وَالْمَجْدِ
فَلَوْ قُلْتِ قُمْ فَاصْعَدْ إِلَى رَأْس شَاهِقٍ
وَأَلْقِ إِذَا أَشْرَفْتَ نَفْسَكَ لِلْوَهْدِ
لأَلْقَيْتُهَا طَوْعاً لَعَلَّكِ بَعْدَها
تَقُولِينَ حَيَّا اللهُ عَهْدَكَ مِنْ عَهْدِ
سَجِيَّةُ نَفْسٍ لا تَخُونُ خَلِيلَهَا
وَلا تَرْكَبُ الأَهْوَالَ إِلَّا عَلَى عَمْدِ
وَإِنِّي لَمِقْدَامٌ عَلَى الْهَوْلِ وَالرَّدَى
بِنَفْسِي وَفِي الإِقْدَامِ بِالنَّفْسِ مَا يُرْدِي
وَإِنِّي لَقَوَّالٌ إِذَا الْتَبَسَ الْهُدَى
وَجَارَتْ حُلُومُ الْقَوْمِ عَنْ سَنَنِ الْقَصْدِ
فَإِنْ صُلْتُ فَدَّانِي الْكَمِيُّ بِنَفْسِهِ
وَإِنْ قُلْتُ لَبَّانِي الْوَلِيدُ مِنَ الْمَهْدِ
وَلِي كُلُّ مَلْسَاءِ الْمُتُونِ غَرِيبَةٍ
إِذَا أُنْشِدَتْ أَفْضَتْ لِذِكْرِ بَنِي سَعْدِ
أَخَفُّ عَلَى الأَسْمَاعِ مِنْ نَغَمِ الْحُدَا
وَأَلْطَفُ عِنْدَ الْنَّفْسِ مِنْ زَمَنِ الْوَرْدِ
مُخَدَّرَةٌ تَمْحُو بِأَذْيَالِ حُسْنِهَا
أَسَاطِيرَ مَنْ قَبْلِي وَتُعْجِزُ مَنْ بَعْدِي
كَذَلِكَ إِنِّي قَائِلٌ ثُمَّ فَاعِلٌ
فِعَالِي وَغَيرِي قَدْ يُنِيرُ وَلا يُسْدِي
محمود سامي البارودي
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الأحد 2011/05/08 05:49:48 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com