تَرَحَّلَ مِنْ وَادِي الأَرَاكَةِ بِالْوَجْدِ | |
|
| فَبَاتَ سَقِيماً لا يُعِيدُ وَلا يُبْدِي |
|
سَقِيماً تَظَلُّ الْعَائِدَاتُ حَوَانِياً | |
|
| عَلَيْهِ بِإِشْفَاقٍ وَإِنْ كَانَ لا يُجْدِي |
|
يَخَلْنَ بِهِ مَسَّاً أَصَابَ فُؤَادَهُ | |
|
| وَلَيْسَ بِهِ مَسٌّ سِوَى حُرَقِ الْوَجْدِ |
|
بِهِ عِلَّةٌ إِنْ لَمْ تُصِبْهَا سَلامَةٌ | |
|
| مِنَ اللهِ كَادَتْ نَفْس حَامِلِهَا تُرْدِي |
|
وَمِنْ عَجَبِ الأَيَّامِ أَنِّي مُولَعٌ | |
|
| بِمَنْ لَيْسَ يَعْنِيهِ بُكَائِي وَلا سُهْدِي |
|
أَبِيتُ عَلِيلاً في سَرَنْدِيبَ سَاهِرَاً | |
|
| أُعَالِجُ مَا أَلْقَاهُ مِنْ لَوْعَتِي وَحْدِي |
|
أَدُورُ بِعَيْنِي لا أَرَى وَجْهَ صَاحِبٍ | |
|
| يَرِيعُ لِصَوْتِي أَوْ يَرِقُّ لِمَا أُبْدِي |
|
وَمِمَّا شَجَانِي بَارِقٌ طَارَ مَوْهِناً | |
|
| كَمَا طَارَ مُنْبَثُّ الشَّرَارِ مِنَ الزَّنْدِ |
|
يُمَزِّقُ أَسْتَارَ الدُّجُنَّةِ ضَوْؤُهُ | |
|
| فَيَنْسِلُهَا مَا بَيْنَ غَورٍ إِلَى نَجْدِ |
|
أَرِقْتُ لَهُ وَالشُّهْبُ حَيْرَى كَلِيلَةٌ | |
|
| مِنَ السَّيْرِ وَالآفَاقُ حَالِكَةُ الْبُرْدِ |
|
فَبِتُّ كَأَنِّي بَيْنَ أَنْيَابِ حَيَّةٍ | |
|
| مِنَ الرُّقْطِ أَوْ في بُرْثُنَيْ أَسَدٍ وَرْدِ |
|
أُقَلِّبُ طَرْفِي وَالنُّجُومُ كَأَنَّها | |
|
| قَتِيرٌ مِنَ الْيَاقُوتِ يَلْمَعُ فِي سَرْدِ |
|
وَلا صَاحِبٌ غَيْرُ الْحُسامِ مَنُوطَةٌ | |
|
| حَمَائِلُهُ مِنِّي عَلَى عَاتِقٍ صَلْدِ |
|
إِذَا حَرَّكَتْهُ رَاحَتي لِمُلِمَّةٍ | |
|
| تَطَلَّعَ نَحْوِي يَشْرَئِبُّ مِنَ الْغِمْدِ |
|
أَشَدُّ مَضَاءً مِنْ فُؤَادِي عَلَى الْعِدا | |
|
| وَأَبْطَأُ نَصْرِي عَلَى الشَّوْقِ مِنْ فِنْدِ |
|
أَقُولُ لَهُ وَالْجَفْنُ يَكْسُو نِجَادَهُ | |
|
| دُمُوعاً كَمُرْفَضِّ الْجُمَانِ مِنَ الْعِقْدِ |
|
لَقَدْ كُنْتَ لِي عَوْنَاً عَلَى الدَّهْرِ مَرَّةً | |
|
| فَمَا لِي أَرَاكَ الْيَوْمَ مُنْثَلِمَ الْحَدِّ |
|
فَقَالَ إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ سَوْرَةَ الْهَوَى | |
|
| وَأَنْتَ جَلِيدُ الْقَوْمِ مَا أَنَا بِالْجَلْدِ |
|
وَهَلْ أَنَا إِلَّا شِقَّةٌ مِنْ حَدِيدَةٍ | |
|
| أَلَحَّ عَلَيْهَا الْقَيْنُ بِالطَّرْقِ وَالْحَدِّ |
|
فَمَا كُنْتُ لَوْلا إِنَّنِي وَاهِنُ الْقُوَى | |
|
| أُعَلَّقُ فِي خَيْطٍ وَأُحْبَسُ في جِلْدِ |
|
فَدُونَكَ غَيْرِي فَاسْتَعِنْهُ عَلَى الجَوَى | |
|
| وَدَعْنِي مِنَ الشَّكْوَى فَدَاءُ الْهَوَى يُعْدِي |
|
خَلِيلَيَّ هَذَا الشَوْقُ لا شَكَّ قَاتِلِي | |
|
| فَمِيلا إِلَى الْمِقْيَاسِ إِنْ خِفْتُمَا فَقْدِي |
|
فَفِي ذَلِكَ الْوَادِي الَّذِي أَنْبَتَ الْهَوَى | |
|
| شِفَائِي مِنْ سُقْمِي وَبُرْئِيَ مِنْ وَجْدِي |
|
مَلاعِبُ لَهْوٍ طَالَمَا سِرْتُ بَيْنَهَا | |
|
| عَلَى أَثَرِ اللَّذَّاتِ فِي عِيشَةٍ رَغْدِ |
|
إِذَا ذَكَرَتْهَا النَّفْسُ سَالَتْ مِنَ الأَسَى | |
|
| مَعَ الدَّمْعِ حَتَّى لا تُنَهْنَهُ بِالرَّدِّ |
|
فَيَا مَنْزِلاً زَقْرَقْتُ ماءَ شَبيبَتِي | |
|
| بِأَفْنَائِهِ بَيْنَ الأَرَاكَةِ والرَّنْدِ |
|
سَرَتْ سَحَراً فَاسْتَقْبَلَتْكَ يَدُ الصَّبَا | |
|
| بِأَنْفَاسِهَا وَانْشَقَّ فَجْرُكَ بِالْحَمْدِ |
|
وَزَرَّ عَلَيْكَ الأُفْقُ طَوْقَ غَمَامَةٍ | |
|
| خَضِيبَةِ كَفِّ الْبَرْقِ حَنَّانَةِ الرَّعْدِ |
|
فَلَسْتُ بِنَاسٍ لَيْلَةً سَلَفَتْ لَنَا | |
|
| بِوَادِيهِ والدُّنْيَا تَغُرُّ بِمَا تُسْدِي |
|
إِذِ الْعَيْشُ رَيَّانُ الأَمَالِيدِ وَالْهَوَى | |
|
| جَدِيدٌ وَإِذْ لَمْيَاءُ صَافِيَةُ الْوُدِّ |
|
مُنَعَّمَةٌ لِلْبَدْرِ مَا فِي قِنَاعِهَا | |
|
| وَلِلْغُصْنِ ما دَارَتْ بِهِ عُقْدَةُ الْبَنْدِ |
|
سَبَتْنِي بِعَيْنَيْهَا وَقَالَتْ لِتِرْبِهَا | |
|
| أَلا مَا لِهَذا الْغِرِّ يَتْبَعُنِي قَصْدِي |
|
وَلَمْ تَدْرِ ذَاتُ الخَالِ وَالْحُبُّ فَاضِحٌ | |
|
| بِأَنَّ الَّذِي أُخْفِيهِ غَيْرُ الَّذِي أُبْدِي |
|
حَنَانَيْكِ إِنَّ الرَّأْيَ حَارَ دَلِيلُهُ | |
|
| فَضَلَّ وَعادَ الْهَزْلُ فِيكِ إِلَى الْجِدِّ |
|
فَلا تَسْأَلِي مِنِّي الزِّيَادَةَ في الْهَوَى | |
|
| رُوَيْداً فَهَذَا الْوَجْدُ آخِرُ مَا عِنْدِي |
|
وَهَأَنَا مُنْقَادٌ كَمَا حَكَمَ الْهَوَى | |
|
| لأَمْرِكِ فَاخْشَيْ حُرْمَةَ اللهِ وَالْمَجْدِ |
|
فَلَوْ قُلْتِ قُمْ فَاصْعَدْ إِلَى رَأْس شَاهِقٍ | |
|
| وَأَلْقِ إِذَا أَشْرَفْتَ نَفْسَكَ لِلْوَهْدِ |
|
لأَلْقَيْتُهَا طَوْعاً لَعَلَّكِ بَعْدَها | |
|
| تَقُولِينَ حَيَّا اللهُ عَهْدَكَ مِنْ عَهْدِ |
|
سَجِيَّةُ نَفْسٍ لا تَخُونُ خَلِيلَهَا | |
|
| وَلا تَرْكَبُ الأَهْوَالَ إِلَّا عَلَى عَمْدِ |
|
وَإِنِّي لَمِقْدَامٌ عَلَى الْهَوْلِ وَالرَّدَى | |
|
| بِنَفْسِي وَفِي الإِقْدَامِ بِالنَّفْسِ مَا يُرْدِي |
|
وَإِنِّي لَقَوَّالٌ إِذَا الْتَبَسَ الْهُدَى | |
|
| وَجَارَتْ حُلُومُ الْقَوْمِ عَنْ سَنَنِ الْقَصْدِ |
|
فَإِنْ صُلْتُ فَدَّانِي الْكَمِيُّ بِنَفْسِهِ | |
|
| وَإِنْ قُلْتُ لَبَّانِي الْوَلِيدُ مِنَ الْمَهْدِ |
|
وَلِي كُلُّ مَلْسَاءِ الْمُتُونِ غَرِيبَةٍ | |
|
| إِذَا أُنْشِدَتْ أَفْضَتْ لِذِكْرِ بَنِي سَعْدِ |
|
أَخَفُّ عَلَى الأَسْمَاعِ مِنْ نَغَمِ الْحُدَا | |
|
| وَأَلْطَفُ عِنْدَ الْنَّفْسِ مِنْ زَمَنِ الْوَرْدِ |
|
مُخَدَّرَةٌ تَمْحُو بِأَذْيَالِ حُسْنِهَا | |
|
| أَسَاطِيرَ مَنْ قَبْلِي وَتُعْجِزُ مَنْ بَعْدِي |
|
كَذَلِكَ إِنِّي قَائِلٌ ثُمَّ فَاعِلٌ | |
|
| فِعَالِي وَغَيرِي قَدْ يُنِيرُ وَلا يُسْدِي |
|