قِفا وَاسْأَلا عَنْ دارِ سُعْدَى وَعَنْ سُعْدَى | |
|
| وَعَنْ أَعْصُرٍ كانتْ بِسُعْدَى لَنا سَعْدا |
|
قِفا فِي مَغانِيها الخَوالِي لَعَلَّنا | |
|
| نُجَدِّدُ مِنْ تَذْكارِ أَيامِها عَهْدَا |
|
نُسائِلُها وَجْداً وَكَيْفَ سُؤالُنا | |
|
| مَعالِمَ لَمْ تَسْطِعْ لِسائِلِها رَدّا |
|
وَمَنْ لِي بِقَلْبٍ فِي الهَوَى صارَ عِنْدَها | |
|
| رَهِيناً مَدَى أَيّامِهِ قَطُّ ما يُفْدَى |
|
مِنَ البَهْكَناتِ الخُرَّدِ البِيضِ زَيَّنَتْ | |
|
| مَحاسِنُها الخَلْخالَ وَالطَّوْقَ والعِقْدَا |
|
تُشابِهُ ظَبْيَ الرِّيمِ جِيداً وَمُقْلَةً | |
|
| وَتُخْجِلُ عُودَ البانِ فِي لِينِهِ قَدّا |
|
حَكَى اللُؤْلُؤَ المَنْظُومَ لُؤْلُؤُ كَشْرِها | |
|
| وَشابَهَ حُقُّ العاجِ مِنْ صَدْرِها النَّهْدا |
|
بَرَهْرَهَةٌ لَمْ يَدْرِ راشِفُ رِيقِها | |
|
| أَكانَ رُضاباً ما تَرَشَّفَ أَمْ شَهْدَا |
|
شَكَا ساقُها خَلْخالَها مِثْلَما شَكَتْ | |
|
| أَساوِرُها مِنْ حَيْثُ غَصَّتْ بِهِ الزَّنْدا |
|
أَرانِي أَرانِي كُلَّما ذُكِرَ اسْمُها | |
|
| تَصَعَّدْتُ أَنْفاساً وَهِمْتُ بِها وَجْدا |
|
وَما خَطَرَتْ مِنْها عَلَى القَلْبِ خَطْرَةٌ | |
|
| هُنالِكَ إِلاَّ ذابَ بالوَجْدِ وَانْقَدَّا |
|
بَرَى حُبُّها جِسْمِي وَلَمْ يُبْقِ حُبُّها | |
|
| مِنَ الجِسْمِ إِلاَّ العَظْمَ فِي الجِسْمِ وَالجِلْدَا |
|
وَيَوْمَ الْتَقَيْنا لِلوَداعِ وَقَدْ غَدَتْ | |
|
| غَداةَ النَّوَى أَظْعانُها لِلنَّوَى تُحْدَا |
|
ظَلَلْنا وُقُوفاً لِلْوَداعِ وَبَيْنَنا | |
|
| سَرائِرُ تُخْفَى فِي القُلُوبِ وَلا تُبْدَى |
|
نَحُومُ إِلَى التَّوْدِيعِ طَوْراً وَتارَةً | |
|
| نُدارِي رَقِيباً باتَ ما يَتَّقِي سَدّا |
|
نُحاوِلُ تَوْدِيعاً وَنَخْشَى مُراقِباً | |
|
| كَظَامٍ يَرَى نَهْلاً وَلَمْ يَسْتَطِعْ وِرْدَا |
|
تَرانا صُمُوتاً وَالنَّواظِرُ بَيْنَنا | |
|
| تَشاكَى غَراماً لا تُطِيقُ لَهُ جَحْدَا |
|
أَلا يا أُولِي الأَلْبابِ هَلْ رِقَّةٌ إِلَى | |
|
| وَحِيدٍ خُطُوبُ الدَّهْرِ أَضْحَتْ لَهُ وَفْدَا |
|
تَغَشَّمَنِي رَيْبُ الزَّمانِ وَحَكَّنِي | |
|
| فَهَذَّبَنِي حَكًّا وَأَخْلَصَنِي نَقْدَا |
|
وَفَرَّقَ ما بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّتِي | |
|
| فَبُعْداً لِما قَدْ جاءَ مِنْ حُكْمِهِ بُعْدَا |
|
فَيا لَيْتَ شِعْرِي إِذْ رَمانِي بِصَرْفِهِ | |
|
| أَكانَ خَطاءً مِنْهُ ذَلِكَ أَمْ عَمْدَا |
|
وَأَصْبَحْتُ فِي قَوْمٍ صِفاتُ مَحامِدِي | |
|
| تَراها لَدَيْهِمْ تُغْضِبُ الشِّيبَ وَالمُرْدا |
|
رَضِيتُ بِهِمْ لِلنَّفْسِ صَحْباً فَما رَضَوا | |
|
| وَلا غَرْوَ إِنْ لَمْ يَرْتَضِ الجُعَلُ الوَرْدا |
|
فَأَضْحَى قَرِيضِي شَمْسَ أُفْقٍ وَأَصْبَحَتْ | |
|
| بَصائِرُهُمْ مِنْ بَيْنِهِمْ أَعْيُناً رُمْدا |
|
وَإِنِّي وَإِنْ أَعْدَمْتُ يُسْراً وَثَرْوَةً | |
|
| لَرادِعُ نَفْسِي عَنْ مَطامِعِها زُهْدَا |
|
فَلا تَحْقِرَنْ يَوْماً فَتىً أَنْتَ جاهِلٌ | |
|
| بِهِ وامْتَحِنْ بِالضِّدِّ فِي طَبْعِهِ الضِّدَّا |
|
وَسَلْ عَنْ خَلاقِ المَرْءِ لا عَنْ لِباسِهِ | |
|
| إِذا جادَ نَصْلُ السَّيْفِ لا تَنْظُرْ الغِمْدَا |
|
فَكَمْ نَسْجِ صُوفٍ كانَ لِلَّيْثِ مَلْبَساً | |
|
| وَكَمْ خِلْعَةٍ رَقْراقَةٍ أُلْبِسَتْ قِرْدَا |
|
وَأَرْضٍ قَطَعْنا عَرْضَها بِرَواكِعٍ | |
|
| تَجُوبُ فَلاها بِالْمَراحِ وَبِالمَغْدَى |
|
إِذا اشْتاقَتْ الأَوْطانَ واشْتَدَّ وَجْدُها | |
|
| رَأَتْ بارِقاً أَهْدَى لأَكْبادِها بَرْدَا |
|
وَشامَتْ مِنَ المَلْكِ الهُمامِ مَخايِلاً | |
|
| مِنَ الجُودِ لَمْ يَخْلَبْنَ بَرْقاً وَلا رَعْدَا |
|
مَخايِلَ جُودٍ مِنْ فَلاحٍ تَفَرَّقَتْ | |
|
| شَآبِيبُها فِي كُلِّ ناحِيَةٍ رِفْدَا |
|
فَتىً أَكْذَبَ الإِيعادَ مِنْهُ تَكَرُّماً | |
|
| وَلكِنَّهُ فِي وَعْدِهِ أَصْدَقَ الوَعْدَا |
|
أَحاطَ أَقالِيمَ البِلادِ جَمِيعَها | |
|
| بِأَقْلامِهِ حَتَّى تَمَلَّكَها فَرْدَا |
|
وَهامَ بِأَبْكارِ المَكارِمِ وَالعُلا | |
|
| وَلَمْ يَهْوَ هِنْداً وَالرَّبابَ وَلا دَعْدَا |
|
وَكَمْ فِي سَبِيلِ المَجْدِ وَالحَمْدِ وَالثَّنا | |
|
| أَفادَ وَكَمْ أَعْطَى جَزِيلاً وَكَمْ أَسْدَى |
|
وَلَوْ أَنَّ صَرْفَ الدَّهْرِ فِي حَدَثانِهِ | |
|
| تَصَوَّرَ إِنْساناً لَكانَ لَهُ عَبْدَا |
|
تَهَنَّا أَبَيْتَ الْلَّعْنَ بِالدَّوْلَةِ التِي | |
|
| بَلَغْتَ بِها أَعْلَى نُجُومِ السَّما مَجْدَا |
|
بَعَثْتَ إِلَى أَعْداكَ كُلَّ عَرَمْرَمٍ | |
|
| بِهِ الجُرْدُ تَحْدُو تَحْتَ راياتِهِ الجُرْدَا |
|
جُيُوشاً لَو انَّ السَّدَّ يَوْماً رُمِي بِها | |
|
| إِذَنْ لأَذابَتْ مِنْ ضِرامَتِها السَّدّا |
|
فَلمَّا اسْتَحَقُّوا إِنَّما الأَمْرُ مُعْضِلٌ | |
|
| عَلَيْهِمْ وَطَوْدُ العَزْمِ مِنْهُمْ قَدْ انْهَدَّا |
|
وَإِنَّ أَتِيَّ السَّيْلِ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى | |
|
| لَدَيْهِمْ وَإِنَّ الهَزْلَ صارَ لَهُمْ جِدّا |
|
أَتَوْا يَطْلُبُونَ العَفْوَ مِنْكَ وَأَيْقَنُوا | |
|
| بِأَنَّهُم ضَلُّوا وَما سَلَكُوا الرُّشْدَا |
|
أَتَوْكَ يَقُودُونَ الرِّقابَ جَمِيعُهُمْ | |
|
| عَشِيَّةَ إِذْ مِنْ ذاكَ لَمْ يَجِدُوا بُدَّا |
|
وَجاؤُوا وَبَحْرُ المَوْتِ يُزْبِدُ حَوْلَهُمْ | |
|
| إِلَيْكَ يَخُوضُونَ العَساكِرَ وَالجُنْدَا |
|
لَدَى مَجْلِسٍ فِيهِ المُلُوكُ مُطِيعَةٌ | |
|
| لأَمْرِكَ حَيْثُ الضَّأْنُ لا تَرْهَبُ الأُسْدَا |
|
فَما أَبْصَرُوا إِلاَّ الجَلالَةَ أَشْرَقَتْ | |
|
| عَلَيْكَ وَإِلاَّ البَيْضَ وَالبِيضَ وَالمُلْدَا |
|
فَكُنْتَ لِما نالُوا مِنَ الذَّنْبِ غافِراً | |
|
| فَقَلَّدْتَهُمْ مَنًّا كَسَبْتَ بِهِ حَمْدَا |
|
وَكُنْتَ مَحَوْتَ الحِقْدَ إِذْ كُنْتَ قادِراً | |
|
| عَلَيْهِمْ وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ قَدْ مَحا الحِقْدَا |
|
وَكُنْتَ بِأَنْواعِ السُّرُورِ مُظَفَّراً | |
|
| مِنَ الفَخْرِ وَالإِجْلالِ مُكْتَسِياً بُرْدَا |
|
وَعِشْ مُنْعَماً فِي حِصْنِ بُهْلَى مُتَوَّجاً | |
|
| بِتاجِ العُلا تَعْلُو نُجُومَ السَّما مَجْدا |
|