مَشارِبُ كَأْسِ الحُبِّ أَحْلى المَشارِبِ | |
|
| وَأَعْذَبُ دَهْرِ المَرْءِ دَهْرُ الشَّبائِبِ |
|
وَأَهْدَى ضِياءً لِلنَّواظِرِ إِنْ رَنَتْ | |
|
| ضِياءُ شُمُوسٍ فِي الخُدُورِ غَوارِبِ |
|
وَقَصْدِي بِسَهْمٍ كُلُّ سَهْمٍ رَمَتْ بِهِ | |
|
| عُيُونُ الغَوانِي عَنْ قِسِيِّ الحَواجِبِ |
|
دَعانِي الهَوَى شَرْخَ الشَّبابِ فَقادَنِي | |
|
| إِلَى البَهْكَناتِ النَّاعِماتِ الكَواعِبِ |
|
فَكُنْتُ مُجِيباً إِذْ دَعانِي وَلَمْ أَزَلْ | |
|
| لِمَذْهَبِهِ أَخْتَصُّ دُونَ المَذاهِبِ |
|
وَلا زِلْتُ أُصْغِي مِسْمَعِي لِدُعائِهِ | |
|
| كَما اسْتَمَعَ المَأدوبُ دَعْوَةَ آدِبِ |
|
وَكَمْ مِنْ عَزِيزِ النَّفْسِ ذَلَّ لِحُكْمِهِ | |
|
| وَصارَ لِنَعْلِ الحُبِّ صَهْوَةَ لاحِبِ |
|
وَقَدْ يَرِدُ المَرْءُ الهَوَى غَيْرَ عامِدٍ | |
|
| وَيَرْغَبُ فِي تَعْذِيبِهِ غَيْرَ راغِبِ |
|
وَيَكْرَعُ لَذَّاتِ الهَوَى كُلُّ آمِنٍ | |
|
| غَفُولٍ لأَذْيالِ الشَّبِيبَةِ ساحِبِ |
|
أَلا هَلْ دَرَتْ سُعْدَى بِأَنِّي بِهَجْرِها | |
|
| ظَلَلْتُ أَسِيراً فِي قُيُودِ المَعاطِبِ |
|
وَهَلْ داخَلَتْها رِقَّةٌ لِمُتَيَّمٍ | |
|
| يَخِفُّ لِما أَوْلَتْهُ بِالهَجْرِ شاحِبِ |
|
فَيا حَبَّها يَوْمَ العِتابِ وَقَدْ أَتَتْ | |
|
| بِنُطْقٍ لَها يَشْفِي غَلِيلَ المُعاتِبِ |
|
غَدَيَّةَ إِذْ لايُكْتَمُ السِّرُّ بَيْنَنا | |
|
| وَلَمْ يَكُ فِيما بَيْنَنا مِنْ مُراقِبِ |
|
وَقَدْ سَفَرَتْ وَالدَّمْعُ تَمْحِي خُطُوطَهُ | |
|
| عَلَى وَرْدِ خَدَّيْها خُطُوطُ الرَّواجِبِ |
|
شَمُوعٌ كَأَنَّ الخَيْزُرَانَةَ قَدُّها | |
|
| إِذا خَطَرَتْ فِي خَطْوِها المُتَقارِبِ |
|
وَلَو وُشِّحَتْ يَوْماً بِخَلْخالِ ساقِها | |
|
| لَجالَ بِأَعْلَى رِدْفِها المُتَجاذِبِ |
|
فَفِي كَبِدِي لَسْعٌ قَضَتْهُ بسِحْرِها | |
|
| عَقارِبُ صُدْغَيْها كَلَسْعِ العَقاربِ |
|
أَتُوبُ عَنْ السُّلْوانِ عَنْها وَلا أَنا | |
|
| وَإِنْ طالَتْ الأَيَّامُ عَنْها بِتائِبِ |
|
وَيَشْغَلُ صَحْبِي فِي هَواها تَغَزُّلِي | |
|
| فَهُمْ فِيهِ أَضْحَوا بَيْنَ قارٍ وَكاتِبِ |
|
أَسُعْدَى صِلِي حَبْلِي وَلا تَتَمَنَّعِي | |
|
| فَهَجْرُكِ لِي مِنْ مُوجِعاتِ المَصائِبِ |
|
فَأَسْهُمُ عَيْنَيْكِ المِراضِ بِمُهْجَتِي | |
|
| أَشَدُّ مَضاءً مِنْ حُدُودِ القَواضِبِ |
|
فَإِنْ يَكُ لِي حُكْمُ الهَوَى حُكْمَ عادِلٍ | |
|
| فَكَمْ أَرْشِ دامٍ لِي عَلَيْكِ وَجالِبِ |
|
........................... | |
|
| رسُولُ عَذابٍ مِنْ صُدُودِكِ واصِبِ |
|
فَلَوْلاكِ ما عَلَّلْتُ نَفْسِي بِضارِجٍ | |
|
| وَلا زُرْتُ رَسْماً دارِساً بِالمَذانِبِ |
|
وَلا صِرْتُ مِنْ بَعْدِ الأَحِبَّةِ نادِباً | |
|
| مَنازِلَ لا تَقْضِي لُبانَةَ نادِبِ |
|
مَنازِلُ عُجْمٌ بِالإِشارَةِ لَمْ تَزَلْ | |
|
| فِصاحاً وَإِنْ نادَيْتُها لَمْ تُجاوِبِ |
|
فَلا لاغِياً فِي سُوحِها غَيْرُ أَسْحَمٍ | |
|
| مَشُومٍ بِتَفْرِيقِ الأَحِبَّةِ ناعِبِ |
|
فَأَمْسَتْ كَجَوْفِ العَيْرِ أَوْحَشَ مَنْزِلٍ | |
|
| وَكانَتْ بِأَهْلِيها كَجَنَّةِ مارِبِ |
|
أَرَى الدَّهْرَ يَجرِي فِي تَقَلُّبِ حُكْمِهِ | |
|
| لِعَيْنِي مَدَى أَوْقاتِهِ بالعَجائِبِ |
|
عَرَفْتُ بِهِ مِنْ بَعْدِ ما كُنْتُ جاهِلاً | |
|
| وَصِرْتُ بِهِ عَلاَّمَةً بِالمُناسِبِ |
|
صَحا لِيَ عَنْ غَيْمِ الغَياهِبِ جَوُّهُ | |
|
| فأَوْضَحَ لِي ما كانَ تَحْتَ الغَياهِبِ |
|
فَكَدَّرَ عَيْشِي كَشْفُهُ لِي وَصِدْقُهُ | |
|
| لِعِلميَ أنَّ العَيْشَ كِسْوةُ سالِبِ |
|
وَقَدْ كانَ عَيْشِي صافياً حَيْثُ إِنَّنِي | |
|
| أُعَلِّلُ نَفْسِي بالظُّنُونِ الكَواذِبِ |
|
حَنانَيْكَ يا دَهْرٌ إِلَى كَمْ تَنُوبُنِي | |
|
| وَتَقْرَعُنِي بالحادِثاتِ النَّوائِبِ |
|
فَما أَنا خَلْقٌ مِنْ حَدِيدٍ مُصَوَّرٌ | |
|
| وَإِنِّيَ مِنْ طِينٍ مِنَ الأَرْضِ لازِبِ |
|
رأَيْتُكَ إِنْ عَوَّضْتَنِي الخَيْرَ غالِطاً | |
|
| إِلَى الهَيْضِ أَعْدَى مِنْ سُلَيْكِ المُقارِبِ |
|
ولِي فِيكَ مِمّا أَصْطَفِيهِ مَآرِبٌ | |
|
| فَدَعْنِيَ حَتَّى مِنْكَ أَقْضِي مَآرِبي |
|
فآلَيْتُ لا أَنْفَكُّ فِي النَّاسِ طالِباً | |
|
| صَدِيقاً بِهِ يُقْضَى نَجاحُ المَطالِبِ |
|
وَإِنْ خانَنِي فِي مُدَّةِ الدَّهْرِ صاحِبٌ | |
|
| تَعَوَّضْتُ مِنْهُ فِي زَمانِي بِصاحِبِ |
|
فإِنِّي رَأَيْتُ الزَّاخِرَ البَحْرِ لَمْ يَجُزْ | |
|
| بِهِ فُلْكُهُ المَشْحُونُ إِلا بِقارِبِ |
|
صَدِيقِي صَدِيقِي لاصَدِيقُ أَوائِلِي | |
|
| وَمالِيَ مالِي لَيْسَ مالَ الأَقارِبِ |
|
وَمُبْتَسِمٍ فِي الجَوِّ يَضْحَكُ باكِياً | |
|
| أَحَمِّ الحَواشِي بالبُكا مُتَجاوِبِ |
|
إِذا افْتَرَّ مِنْ تَحْتِ السَّما باسِماً بَكَى | |
|
| بِدَمْعٍ عَلَى وَجْهِ البَسِيطَةِ ساكِبِ |
|
جَرَى دَمْعُهُ مُسْتَوْكِفاً مِنْ شُؤُونِهِ | |
|
| فَغَصَّتْ بِجارِيهِ بُطُونُ السَّباسِبِ |
|
وَأَلْقَى عَلَى الأَطْوادِ ثَوْباً كأَنَّما | |
|
| يُجَلْبِبُها مِنْ نَسْجِهِ بِجَلابِبِ |
|
يَسُلُّ حُساماً راقِصاً فِي عِراصِهِ | |
|
| رَقِيصَ سَفِيهٍ فِي عِراصِ المَلاعِبِ |
|
يَشُقُّ صُدُورَ الْمُزْنِ شَقًّا كأَنَّهُ | |
|
| حُسامُ فَلاحٍ فِي صُدُورِ الكَتائِبِ |
|
فَتىً تَهْرُبُ الأَبْطالُ خَوْفَ نِزالِهِ | |
|
| كَما يَهْرُبُ الشَّيْطانُ خَوْفَ الكَواكِبِ |
|
مَتَى تَنْتَصِرْ يَوْماً بِهِ أَنْتَ تَنْتَصِرْ | |
|
| بِأَغْلَبَ قِرْنٍ فِي التَّغالُبِ غالِبِ |
|
وإنْ تَسْتَمِحْهُ فِي السَّماحَةِ تَستمِحْ | |
|
| أَبَرَّ جوادٍ للمَواهِبِ واهِبِ |
|
فَلا نَيْلُهُ وَعْدٌ وَلا وَعْدُهُ غَداً | |
|
| وَلا بَحْرُهُ لِلْمُعْتَفِينَ بِناضِبِ |
|
يُفكِّرُ فِي أَمْرِ العَواقِبِ ناظِراً | |
|
| بِعَينِ الحِجا وَالفِكْرِ ما فِي العَواقِبِ |
|
وَيَرْسُبُ مِنْهُ الحِلْمُ وَالطَّيْشُ رِيحُهُ | |
|
| يَطِيشُ بِها فِي عَصْفِها كُلُّ راسِبِ |
|
أَمَدَّ ظِلالَ العَدْلِ فِي مُلْكِهِ عَلَى | |
|
| مَشارِقِ أَقْصَى مُلْكِهِ وَالمَغارِبِ |
|
وَلا يَوْمَ إِلا وَهوَ فِي أَهْلِ عَصْرِهِ | |
|
| شَبِيهٌ بِنُعْماهُ بِيَوْمِ السَّباسِبِ |
|
تُقَبِّلُ نَعْلَيْهِ المُلُوكُ تَعَظُّماً | |
|
| بِأَطْرافِ أَفْواهٍ لَهُمْ وَأَرانِبِ |
|
أَأَفْضَلَ حافٍ فِي العِبادِ وَناعِلٍ | |
|
| وأفخَرَ ماشٍ فِي البِلادِ وَراكِبِ |
|
مَنَحْتَ عِبادَ اللهِ فِي الأَرْضِ كُلِّها | |
|
| أَماناً فَأَضْحَوْا رُتَّعاً فِي المَناكِبِ |
|
فَأَضْحَتْ نِقادُ الضَّأْنُ فِي كُلِّ مَرْتَعٍ | |
|
| تَسُومُ بِذُؤبانِ الفَلاةِ الكَواسِبِ |
|
أَقَمْتَ حُدُودَ الحَقِّ فِي المُلْكِ عادِلاً | |
|
| وَقارَعْتَ عَنْهُ بالقَنا وَالقَواضِبِ |
|
وَكَمْ مَعْشَرٍ لِلبَغْيِ زُرْتَ دِيارَهُمْ | |
|
| لِبُعْدِ المَدَى بالصَّاهِلاتِ الشَّوازِبِ |
|
فَما شَعَرُوا إِلاَّ وَكانَتْ عَلَى القَضا | |
|
| أَحاطَتْ بِهِمْ بِالأُسْدِ مِنْ كُلِّ جانِبِ |
|
أَحاطَ بِهِمْ بَحْرٌ مِنَ الخَيْلِ زاخِرٌ | |
|
| مِنَ البَرِّ مَبْعُوثٌ كَثِيرُ الغَوارِبِ |
|
وَجاءَتْهُمُ رِيحُ المَنايا مُغِيرَةً | |
|
| تَغُورُ بِحُسْبانٍ عَلَيْهِمْ وَحاصِبِ |
|
فَلا مَلْجَأٌ فِي الأَرْضِ يَوْماً لِمُلْتَجٍ | |
|
| وَلا مَهْرَبٌ فِي الأَرْضِ يَوْماً لِهارِبِ |
|
وَتَسْمَعُ فِيهِمْ مِنْ وَراءِ فَراسِخٍ | |
|
| صَلِيلَ المَواضِي وَاصْطِراخَ النَّوادِبِ |
|
وَلَمْ يَبْقَ فِيهِمْ غَيْرُ ثاوٍ وَشارِدٍ | |
|
| أَمامَ هِزَبْرٍ بِالمُهَنَّدِ ضارِبِ |
|
وَلا نَعْلُ مُهرٍ مِنْ ثَرَى الأَرْضِ لاثِماً | |
|
| تُراباً سِوَى هاماتِهِم وَالتَّرائِبِ |
|
سَقَيْتَهُمُ كأْسَ الرَّدَى فأرَحْتَهُمْ | |
|
| وَلا راحَةً فِي المَوْتِ يَوْماً لِشارِبِ |
|
فَجُدْتَ عَلَى الدُّنْيا بِكَوْنِ زَوالِهِم | |
|
| وَجُدْتَ عَلَى طُلْسِ الفَلا بالمَآدِبِ |
|
فَهذا جَزاءُ البَغْيِ وَاللهُ ناصِرٌ | |
|
| لكُلِّ مُوالٍ فِي الإِلهِ مُغاضِبِ |
|
إِذا ضَرَبَتْ فِي الرَّمْلِ مِنْهُمْ ضَوارِبٌ | |
|
| نَسَخْتَ بِحُكْمِ السَّيْفِ حُكْمَ الضَّوارِبِ |
|
وَإِنْ رامَ خَصْمٌ بَعْضَ غَيْظِكَ مُعْلِناً | |
|
| أَحَسَّ بِهِ فِي جِسْمِهِ مَسَّ صالِبِ |
|
مَدَحْتُكَ حَتَّى لَسْتُ عَنْكَ مُقَصِّراً | |
|
| وَلا عَنْ صِراطِ المَدْحِ فِيكَ بِناكِبِ |
|
وَأَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ مُدْرِكَ غايَةٍ | |
|
| لِمَدْحِكَ يا ابْنَ الأَكْرَمِينَ الأَطايِبِ |
|
وَلكِنَّنِي بِالشُّكْرِ أَصْبَحْتُ مُعْلِناً | |
|
| لِما كُنْتَ قَدْ أَوْلَيْتَنِي مِنْ رَغائِبِ |
|
عَشَوْتُ لِنِيرانِ القِرَى مِنْكَ قاصِداً | |
|
| وَعُجْتُ بِرَحْلِي دُونَ نارِ الحُباحِبِ |
|
وَدُونَكَ يا شَمْسَ الزَّمانِ غَرِيبَةً | |
|
| أَتَتْ بِقَوافِيها الفِصاحِ الغَرائِبِ |
|
فَلا رَضِيَتْ يَوْماً سِواكَ بِناكِحٍ | |
|
| وَلا أَذِنَتْ يَوْماً سِواكَ لِخاطِبِ |
|
أَلَم تَرَها تُشْدَى وَإِنْ أَكُ غائِباً | |
|
| لَدَى مَجْلِسٍ مِنْكُمْ فَلَسْتُ بِغائِبِ |
|
تُحاكِي ابْنَ ذُبْيانَ الفَصِيحَ كَقَوْلِهِ | |
|
| كِلِينِي لِهَمٍّ يا أُمَيْمَةَ ناصِبِ |
|