كفى بالعلم في الظلمات نورا |
يُبيّن في الحياة لنا الأمورا |
فكم وجد الذليل به اعتزازاً |
وكم لبِس الحزين به سرورا |
تزيد به العقول هدىً ورشداً |
وتَستعلي النفوس به شعورا |
إذا ما عَقّ موطنَهم أناسٌ |
ولم يَبنوا به للعلم دورا |
فإن ثيابهم أكفان موتى |
وليس بُيوتهم إلاّ قبورا |
وحُقَّ لمثلهم في العيش ضنك |
وأن يدعوا بدنياهم ثُبورا |
أرى لبّ العلا أدباً وعلماً |
بغيرهما العلا أمست قشورا |
أأبناء المدارس أنّ نفسي |
تؤمّل فيكم الأمل الكبيرا |
فسَقياً للمدارس من رياض |
لنا قد أنبتت منكم زهورا |
ستكتسب البلاد بكم عُلُوّاً |
إذا وجدت لها منكم نصيرا |
فإن دجت الخطوب بجانبيها |
طلعتم في دُجُنَّتها بدورا |
وأصبحتم بها للعزّ حِصناً |
وكنتم حولها للمجد سورا |
إذا أرتوت البلاد بفيض علم |
فعاجز أهلها يُمسى قديرا |
ويَقوَى من يكون بها ضعيفاً |
ويَغنَى من يعيش بها فقيرا |
ولكن ليس مُنتَفِعاً بعلم |
فتىً لم يُحرز الخُلُق النضيرا |
فإن عماد بيت المجد خُلْق |
حكى في أنف ناشفه العبيرا |
فلا تَستنفِعوا التعليِم إلاّ |
إذا هذّبتم الطبع الشَرِيرا |
إذا ما العلم لابس حُسنَ خُلْق |
فَرَجِّ لأهله خيراً كثيرا |
وما أن فاز أغزرنا علوماً |
ولكن فاز أسلمنا ضميرا |
أأبناء المدارس هل مصيخٌ |
إلى من تسألون به خبيرا |
ألا هل تسمعون فإن عندي |
حديثاً عن مواطنكم خطيرا |
ورأياً في تعاوُنكم صواباً |
وقلباً من تخاذُلكم كسيرا |
قد انقلب الزمان بنا فأمست |
بُغاث القوم تحتقر النُسورا |
وساء تقلُّب الأيام حتى |
حمِدنا من زعازعها الدَبورا |
وكم من فأرة عمياء أمست |
تسمّى عندنا أسداً هَضورا |
فكيف نروم في الأوطان عزّاً |
وقد ساءت بساكنها مصيرا |
ولم يك بعضنا فيها لبعض |
على ما ناب من خطب ظهيرا |
ألسنا الناظمين عقود مجد |
نزين من العصور بها النحورا |
إذا لُجَجُ الخطوب طمت بنينا |
عليها من عزائمنا جسورا |
لِنَبْتَدر العبور إلى المعالي |
بحيث نطاول الشِعر العَبورا |
ألا يا ابن العراق إليك أشكو |
وفيك أُمارس الدهر المَكورا |
تنفَّض من غُبار الجهل وأهرع |
إلى تلك المدارس مستجيرا |
فهنّ أمان من خشيَ الليالي |
وهنّ ضمان مَن طلب الظهورا |